القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

الآية 10 من سورة الحشر - والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان

سورة الحشر الآية رقم 10 : قراءة و استماع

قراءة و استماع الآية 10 من سورة الحشر مكتوبة - عدد الآيات 24 - Al-hashr - الصفحة 547 - الجزء 28.

سورة الحشر الآية رقم 10

﴿ وَٱلَّذِينَ جَآءُو مِنۢ بَعۡدِهِمۡ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ وَلَا تَجۡعَلۡ فِي قُلُوبِنَا غِلّٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٞ رَّحِيمٌ ﴾
[ الحشر: 10]


﴿ والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم ﴾


﴿ تفسير السعدي ﴾

وحسب من بعدهم من الفضل أن يسير خلفهم، ويأتم بهداهم، ولهذا ذكر الله من اللاحقين، من هو مؤتم بهم وسائر خلفهم فقال: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ أي: من بعد المهاجرين والأنصار يَقُولُونَ على وجه النصح لأنفسهم ولسائر المؤمنين: رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وهذا دعاء شامل لجميع المؤمنين، السابقين من الصحابة، ومن قبلهم ومن بعدهم، وهذا من فضائل الإيمان أن المؤمنين ينتفع بعضهم ببعض، ويدعو بعضهم لبعض، بسبب المشاركة في الإيمان المقتضي لعقد الأخوة بين المؤمنين التي من فروعها أن يدعو بعضهم لبعض، وأن يحب بعضهم بعضا.
ولهذا ذكر الله في الدعاء نفي الغل عن القلب، الشامل لقليل الغل وكثيره الذي إذا انتفى ثبت ضده، وهو المحبة بين المؤمنين والموالاة والنصح، ونحو ذلك مما هو من حقوق المؤمنين.
فوصف الله من بعد الصحابة بالإيمان، لأن قولهم: سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ دليل على المشاركة في الإيمان وأنهم تابعون للصحابة في عقائد الإيمان وأصوله، وهم أهل السنة والجماعة، الذين لا يصدق هذا الوصف التام إلا عليهم، ووصفهم بالإقرار بالذنوب والاستغفار منها، واستغفار بعضهم لبعض، واجتهادهم في إزالة الغل والحقد عن قلوبهم لإخوانهم المؤمنين، لأن دعاءهم بذلك مستلزم لما ذكرنا، ومتضمن لمحبة بعضهم بعضا، وأن يحب أحدهم لأخيه ما يحب لنفسه وأن ينصح له حاضرا وغائبا، حيا وميتا، ودلت الآية الكريمة [على] أن هذا من جملة حقوق المؤمنين بعضهم لبعض، ثم ختموا دعاءهم باسمين كريمين، دالين على كمال رحمة الله وشدة رأفته وإحسانه بهم، الذي من جملته، بل من أجله، توفيقهم للقيام بحقوق الله وحقوق عباده.
فهؤلاء الأصناف الثلاثة هم أصناف هذه الأمة، وهم المستحقون للفيء الذي مصرفه راجع إلى مصالح الإسلام.
وهؤلاء أهله الذين هم أهله، جعلنا الله منهم، بمنه وكرمه.

﴿ تفسير الوسيط ﴾

ثم مدح- سبحانه- كل من سار على نهج المهاجرين والأنصار في قوة الإيمان، وفي طهارة القلب، وسماحة النفس فقال- تعالى-: وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا.
.
.
.
قال الآلوسى: قوله: وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ .
.
.
عطف عند الأكثرين أيضا على المهاجرين، والمراد بهؤلاء: قيل: الذين هاجروا حين قوى الإسلام، فالمجىء حسى، وهو مجيئهم إلى المدينة، وضمير من بعدهم، للمهاجرين الأولين.
وقيل هم المؤمنون بعد الفريقين إلى يوم القيامة، فالمجىء إما إلى الوجود أو إلى الإيمان وضمير مِنْ بَعْدِهِمْ للفريقين: المهاجرين والأنصار.
وهذا هو الذي يدل عليه كلام عمر- رضى الله عنه- وكلام كثير من السلف كالصريح فيه، فالآية قد استوعبت جميع المؤمنين.
.
.
ويبدو لنا أن هذا الرأى الثاني، وهو كون الذين جاءوا من بعدهم يشمل المؤمنين الصادقين جميعا، أقرب إلى الصواب، لأنهم هم التابعون بإحسان للمهاجرين والأنصار إلى يوم القيامة، كما قال- تعالى-: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ، وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ .
.
.
.
وعليه يكون المعنى: والذين جاءوا من بعد المهاجرين والأنصار، واتبعوهم بإحسان إلى يوم القيامة يَقُولُونَ على سبيل الدعاء لأنفسهم ولإخوانهم في العقيدة، رَبَّنَا اغْفِرْ لَناأى: يا ربنا اغفر لنا ذنوبنا، واغفر، لإخواننا في الدين الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ فهم أسبق منا إلى الخير والفضل.
.
وَلا تَجْعَلْ يا ربنا فِي قُلُوبِنا غِلًّا أى: حسدا وحقدا لِلَّذِينَ آمَنُوا أى: يا ربنا لا تجعل في قلوبنا أى غل أو حسد لإخواننا المؤمنين جميعا.
رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ أى: يا ربنا إنك شديد الرأفة بعبادك واسع الرحمة بهم.
وقد أخذ العلماء من هذه الآية الكريمة، أن من حق الصحابة- رضى الله عنهم- على من جاءوا بعدهم، أن يدعوا لهم، وأن ينزلوهم في قلوبهم منزلة الاحترام والتبجيل والتكريم.
.
ورحم الله الإمام القرطبي فقد أفاض في بيان هذا المعنى، فقال ما ملخصه: قوله- تعالى-: وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ .
.
.
يعنى التابعين، ومن دخل في الإسلام إلى يوم القيامة.
قال ابن أبى ليلى: الناس على ثلاثة منازل: المهاجرون، والذين تبوأوا الدار والإيمان، والذين جاءوا من بعدهم، فاجتهد ألا تخرج من هذه المنازل.
وهذه الآية دليل على وجوب محبة الصحابة.
.
وقال الإمام الرازي: واعلم أن هذه الآيات قد استوعبت جميع المؤمنين لأنهم إما المهاجرون، أو الأنصار، أو الذين جاءوا من بعدهم، وبين أن من شأن من جاء من بعد المهاجرين والأنصار، أن يذكر السابقين، وهم المهاجرون والأنصار بالدعاء والرحمة، فمن لم يكن كذلك، بل ذكرهم بسوء كان خارجا من جملة أقسام المؤمنين، بحسب نص هذه الآية.
.
.
وبعد أن رسمت السورة الكريمة، تلك الصورة الوضيئة للمهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان.
.
بعد كل ذلك أخذت في رسم صورة أخرى، متباينة تمام المباينة مع صورة هؤلاء الصادقين، ألا وهي صورة المنافقين، الذين انضموا إلى كل مناوئ للدعوة الإسلامية، فقال- تعالى-:

﴿ تفسير البغوي ﴾

قوله - عز وجل - : ( والذين جاءوا من بعدهم ) يعني التابعين وهم الذين يجيئون بعد المهاجرين والأنصار إلى يوم القيامة ثم ذكر أنهم يدعون لأنفسهم ولمن سبقهم بالإيمان والمغفرة فقال : ( يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا ) غشا وحسدا وبغضا ( للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم ) من كان في قلبه غل على أحد من الصحابة ولم يترحم على جميعهم فإنه ليس ممن عناه الله بهذه الآية لأن الله تعالى رتب المؤمنين على ثلاثة منازل : المهاجرين والأنصار والتابعين الموصوفين بما ذكر الله فمن لم يكن من التابعين بهذه الصفة كان خارجا من أقسام المؤمنين .
قال ابن أبي ليلى : الناس على ثلاثة منازل : الفقراء المهاجرين والذين تبوءوا الدار والإيمان والذين جاءوا من بعدهم فاجتهد أن لا تكون خارجا من هذه المنازل .
أخبرنا أبو سعيد الشريحي أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي أخبرنا عبد الله بن حامد أخبرنا أحمد بن عبد الله بن سليمان حدثنا ابن نمير حدثنا أبي عن إسماعيل بن إبراهيم عن عبد الملك بن عمير عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت : أمرتم بالاستغفار لأصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - فسببتموهم سمعت نبيكم - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لا تذهب هذه الأمة حتى يلعن آخرها أولها " .
وقال مالك بن مغول : قال عامر بن شراحيل الشعبي : يا مالك تفاضلت اليهود والنصارى على الرافضة [ بخصلة ] سئلت اليهود : من خير أهل ملتكم فقالت : أصحاب موسى عليه السلام .
وسئلت النصارى : من خير أهل ملتكم فقالوا : حواري عيسى عليه السلام .
وسئلت الرافضة : من شر أهل ملتكم فقالوا : أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - أمروا بالاستغفار لهم فسبوهم فالسيف عليهم مسلول إلى يوم القيامة لا تقوم لهم راية ولا يثبت لهم قدم ولا تجتمع لهم كلمة كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله بسفك دمائهم وتفريق شملهم وإدحاض حجتهم أعاذنا الله وإياكم من الأهواء المضلة .
قال مالك بن أنس : من يبغض أحدا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو كان في قلبه عليهم غل فليس له حق في فيء المسلمين ثم تلا " ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى " حتى أتى على هذه الآية : " للفقراء المهاجرين والذين تبوءوا الدار والإيمان والذين جاءوا من بعدهم " إلى قوله : رءوف رحيم " .

قراءة سورة الحشر

المصدر : والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان