القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

الآية 101 من سورة البقرة - ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من

سورة البقرة الآية رقم 101 : قراءة و استماع

قراءة و استماع الآية 101 من سورة البقرة مكتوبة - عدد الآيات 286 - Al-Baqarah - الصفحة 15 - الجزء 1.

سورة البقرة الآية رقم 101

﴿ وَلَمَّا جَآءَهُمۡ رَسُولٞ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٞ لِّمَا مَعَهُمۡ نَبَذَ فَرِيقٞ مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ كِتَٰبَ ٱللَّهِ وَرَآءَ ظُهُورِهِمۡ كَأَنَّهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ ﴾
[ البقرة: 101]


﴿ ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون ﴾


﴿ تفسير السعدي ﴾

أي: ولما جاءهم هذا الرسول الكريم بالكتاب العظيم بالحق الموافق لما معهم، وكانوا يزعمون أنهم متمسكون بكتابهم, فلما كفروا بهذا الرسول وبما جاء به، نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ الذي أنزل إليهم أي: طرحوه رغبة عنه وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وهذا أبلغ في الإعراض كأنهم في فعلهم هذا من الجاهلين وهم يعلمون صدقه، وحقيّة ما جاء به.
تبين بهذا أن هذا الفريق من أهل الكتاب لم يبق في أيديهم شيء حيث لم يؤمنوا بهذا الرسول, فصار كفرهم به كفرا بكتابهم من حيث لا يشعرون.

﴿ تفسير الوسيط ﴾

ثم تحدث القرآن بعد ذلك عن نبذ اليهود لكتاب الله ، واتباعهم للسحر والأوهام ، فقال - تعالى - :( وَلَمَّآ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ الله مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ .
.
.
)والمعنى: وحين جاء اليهود وأحبارهم رسول من عند الله، وهو محمد صلّى الله عليه وسلّم الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة، طرح فريق كبير منهم تعاليم التوراة التي تشهد بصدقه، وراء ظهورهم، حتى لكأنهم يجهلون أنها من عند الله، واتبعوا ما قصته واختلقته الشياطين من السحر والأوهام والمفتريات على عهد سليمان- عليه السلام- ومن هذه المفتريات والأكاذيب زعمهم أن سليمان- عليه السلام- كان ساحرا، وما تم له ملكه العريض، ولا ظهرت على يديه المعجزات الباهرة من تسخير الجن والريح إلا بهذا.
وقد أكذبهم الله- تعالى- في هذا الزعم بقوله: وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ أى: بتعلم السحر والعمل به، كما يزعم هؤلاء «ولكن الشياطين» هم الذين «كفروا» بتعلم السحر وتعليمه للناس، وتعليمهم- أيضا- ضربا آخر منه وهو ما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ من وصف السحر وماهيته وكيفية الاحتيال به، ولقد كان الملكان لا يعلمان أحدا من الناس السحر حتى ينصحاه بقولهما: إن السحر الذي نعلمك إياه.
القصد منه التمييز بين المطيع والعاصي، وبين السحر والمعجزة، فحذار أن تستعمله فيما نهيت عنه فتكون من الكافرين، بخلاف الشياطين فإنهم تعلموه وعلموه لغيرهم لاستعماله في الشرور والآثام، ولإحداث التفرقة بين الزوجين، ولكن هذا السحر الذي يتعاطاه الشياطين وأتباعهم لن يضر أحدا بذاته، وإنما ضرره يتأتى إذا أراد الله تعالى- ذلك وشاءه، ولقد علم أولئك النابذون لكتاب الله المؤثرون عليه اتباع السحر، أن من استبدل السحر بكتاب الله، فليس له نصيب من نعيم الجنة، وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ علما نافعا.
وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا بالله ورسوله محمد صلّى الله عليه وسلّم كما أرشدتهم إليه التوراة، وَاتَّقَوْا المعاصي والآثام لأثيبوا مثوبة من عند الله هي خير لهم مما آثروه واختاروه على كتاب الله لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ.
وقوله تعالى: وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللَّهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ.
.
إلخ الآية.
بيان لما صدر عن اليهود من تكذيب للرسول صلّى الله عليه وسلّم وطرح لتعاليم كتابهم التي أمرتهم باتباعه.
أخرج ابن جرير عن السدى قال في قوله تعالى: وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ: كِتابَ اللَّهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ.
أى لما جاءهم محمد صلّى الله عليه وسلّم عارضوه بالتوراة فخاصموه بها.
فاتفقت التوراة والقرآن، فنبذوا التوراة والقرآن وأخذوا بكتاب آصف وسحر هاروت، فذلك قول الله كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ أى كأن هؤلاء الذين نبذوا كتاب الله من علماء اليهود، فنقضوا عهد الله، لا يعلمون ما في التوراة من الأمر باتباع محمد صلّى الله عليه وسلّم وتصديقه .
وفي وصف الرسول بأنه آت من عند الله تعظيم له، ومبالغة في انكار عدم إيمانهم به، وإغراء للناس جميعا بالدخول في دعوته، لأنه ليس رسولا من تلقاء نفسه، وإنما هو رسول من عند الله- تعالى-:والمراد «بما معهم» التوراة.
وتصديق الرسول صلّى الله عليه وسلّم لها، معناه أن ما جاء به من تعاليم موافق لها في أصول الدين، وأن ما جاءت به من صفات للرسول المنتظر بعد عيسى- عليه السلام- لا تنطبق إلا عليه صلّى الله عليه وسلّم.
وعبر- سبحانه- عن تركهم العمل بالكتاب الذي نزل لهدايتهم بالنبذ، مبالغة في عدم اعتدادهم، وتناسيهم إياه، لأن أصل النبذ طرح وإلقاء ما لا يعتد به.
وفي إسناد النبذ إلى فريق من الذين أوتوا الكتاب، سخرية بهم، واستجهال لهم، لأن الذين أوتوه هم الذين نبذوه، ولو كان النابذون من المشركين لكان لهم بعض العذر لجهلهم، ولكن أن يكون التاركون للنور هم الذين أوتوه وأكرموا به، فذلك هو الضلال المبين.
والمراد من كِتابَ اللَّهِ الذي نبذوه لما جاءهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم التوراة، لأنهم لو كانوا مؤمنين بها حقا، لاتبعوا الرسول صلّى الله عليه وسلّم الذي ذكرت صفاته فيها، والذي وجب عليهم بمقتضى كتابهم التوراة الإيمان به، فهم بجحودهم لنبوته، يكونون جاحدين لتوراتهم التي شهدت له بالصدق.
وقيل المراد بكتاب الله الذي نبذوه القرآن، لأنهم لم يؤمنوا به، بل تركوه بعد سماعه، وتناسوا ما اشتمل عليه من هداية وإرشاد، مع أنه كان من المتحتم عليهم أن يتلقوه بالقبول.
والذي نراه أن الرأى الأول أرجح، لأن النبذ يقتضى سابقة الأخذ، في الجملة.
وهو متحقق بالنسبة للتوراة، بخلاف القرآن الكريم فإنهم لم يسبق لهم أن تمسكوا به، ولأن مذمتهم تكون أشد وجحودهم أكثر، إذا كان المراد بالكتاب الذي نبذوه، هو عين الكتاب الذي نزل لهدايتهم وآمنوا به وهو التوراة.
وقوله تعالى: وَراءَ ظُهُورِهِمْ كناية عن إعراضهم الشديد عنه، وتوليهم عن تعاليمه.
تقول العرب: جعل هذا الأمر وراء ظهره، أى تولى عنه معرضا، لأن ما يجعل وراء الظهر لا ينظر إليه، ففي هذه الجملة الكريمة تصوير صادق لإعراضهم عن كتاب الله- تعالى- حيث شبه- سبحانه- تركهم لكتابه، بحالة شيء يرمى به وراء الظهر استهانة به.
وفي إضافة الوراء إلى الظهر، تأكيد لنبذ ما ترك بحيث لا يؤخذ بعد ذلك.
قال الأستاذ الإمام: ليس المراد بنبذ الكتاب وراء ظهورهم أنهم طرحوه برمته، وتركوا التصديق به في جملته وتفصيله.
وإنما المراد أنهم طرحوا أجزاء منه وهو ما يبشر بالنبي صلّى الله عليه وسلّم ويبين صفاته ويأمرهم بالإيمان به واتباعه.
فهو تشبيه لتركهم إياه وإنكاره، بمن يلقى الشيء وراء ظهره حتى لا يراه فيتذكره، وترك الجزء منه كتركه كله، لأن ترك البعض يذهب بحرمة الوحى من النفس، ويجزئ على ترك الباقي «1» .
.
.
وقوله تعالى: كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ جملة حالية، أى طرحوه وراء ظهورهم مشبهين بحال من لا يعلم منه شيئا، ومن لا يعرف أنه كتاب الله.
وشبههم بمن لا يعلمون مع أنهم في الواقع يعلمون أنه من عند الله- حق العلم- لأنهم نبذوه مكابرة وعنادا، ولأنهم لم يعملوا بمقتضى علمهم ومن كان هذا شأنه فهو والجاهل سواء، في جحود الحق والانغماس في الآثام.
وقال- سبحانه-: كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ بنفي الحال والاستقبال للإشعار بأنهم قوم لا أمل في توبتهم وإنابتهم، بل هم تمر بهم الأيام، وتتوالى عليهم العظات، ومع ذلك لا يتوبون ولا يرجعون إلى الحق، فهم مستمرون على طرح كتاب الله في كل وقت وآن، ومصممون على ذلك.

﴿ تفسير البغوي ﴾

ولما جاءهم رسول من عند الله يعني محمداً.
مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم يعني التوراة، وقيل: التوراة وقيل: القرآن.
كأنهم لا يعلمون قال الشعبي: "كانوا يقرؤون التوراة ولا يعملون بها"، وقال سفيان بن عينية: "أدرجوها في الحرير والديباج وحلوها بالذهب والفضة ولم يعملوا بها فذلك نبذهم لها".

قراءة سورة البقرة

المصدر : ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من