يثني الله تعالى على كتابه العزيز " القرآن " ويبين كفايته التامة عن كل شيء، وأنه لا يستغنى عنه فقال: إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ أي: يتبلغون به في الوصول إلى ربهم، وإلى دار كرامته، فوصلهم إلى أجل المطالب، وأفضل الرغائب. وليس للعابدين، الذين هم أشرف الخلق، وراءه غاية، لأنه الكفيل بمعرفة ربهم، بأسمائه، وصفاته، وأفعاله، وبالإخبار بالغيوب الصادقة، وبالدعوة لحقائق الإيمان، وشواهد الإيقان، المبين للمأمورات كلها، والمنهيات جميعا، المعرف بعيوب النفس والعمل، والطرق التي ينبغي سلوكها في دقيق الدين وجليله، والتحذير من طرق الشيطان، وبيان مداخله على الإنسان، فمن لم يغنه القرآن، فلا أغناه الله، ومن لا يكفيه، فلا كفاه الله.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
واسم الإشارة في قوله- تعالى-: إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ يعود على القرآن الكريم الذي منه هذه السورة.والبلاغ: الشيء الذي يكفى الإنسان للوصول إلى غايته. يقال: في هذا الشيء بلاغ أى: كفاية أو سبب لبلوغ المقصد.أى: إن في هذا القرآن، وفيما ذكر في هذه السورة من آداب وهدايات، وعقائد وتشريعات، لبلاغا وكفاية في الوصول إلى الحق، لقوم عابدين.وخص العابدين بالذكر، لأنهم هم المنتفعون بتوجيهات القرآن الكريم، إذ العابد لله- تعالى- بإخلاص، يكون خاشع القلب، نقى النفس، مستعدا للتلقي والتدبر والانتفاع.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( إن في هذا ) أي في هذا القرآن ( لبلاغا ) وصولا إلى البغية أي من اتبع القرآن وعمل به وصل إلى ما يرجوه من الثواب وقيل بلاغا أي : كفاية يقال في هذا الشيء بلاغ و بلغة أي : كفاية والقرآن زاد الجنة كبلاغ المسافر ( لقوم عابدين ) أي المؤمنين الذين يعبدون الله وقال ابن عباس : عالمين وقال كعب الأحبار : هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم أهل الصلوات الخمس وشهر رمضان.