﴿ وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
يقول تعالى - محذرا لهؤلاء الظالمين، المكذبين للرسول، بما فعل بالأمم المكذبة لغيره من الرسل - وَكَمْ قَصَمْنَا ْ أي: أهلكنا بعذاب مستأصل مِنْ قَرْيَةٍ ْ تلفت عن آخرها وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ ْ
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم بين- سبحانه- ما أنزله بالقوم الظالمين فقال: وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ.و «كم» هنا خبرية مفيدة للتكثير، وهي في محل نصب على أنها مفعول مقدم «لقصمنا» .وأصل القصم: كسر الشيء حتى ينقطع وينفصل عن غيره، يقال: قصم فلان ظهر فلان، إذا كسره حتى النهاية، بخلاف الفصم فهو صدع الشيء من غير قطع وانفصال.قال القرطبي: «والقصم: الكسر، يقال: قصمت ظهر فلان، وانقصمت سنه، إذا انكسرت.والمعنى ها هنا به الإهلاك. وأما الفصم- بالفاء- فهو الصدع في الشيء من غير بينونة» .أى: وكثيرا من القرى الظالمة التي تجاوز أهلها حدود الحق، ومردوا على الكفر والضلال، أبدناها مع أهلها، وعذبناها عذابا نكرا، بسبب ظلمهم وبغيهم، وأنشأنا من بعدهم قوما آخرين ليسوا مثلهم.وأوقع- سبحانه- فعل القصم على القرى، للإشعار بأن الهلاك قد أصابها وأصاب أهلها معها. فالكل قد دمره- سبحانه- تدميرا.أما عند الإنشاء فقد أوقع الفعل على القوم فقال: وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ للإيماء إلى أن هؤلاء القوم الآخرين، الذين لم يكونوا أمثال السابقين، هم الذين ينشئون القرى ويعمرونها.وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً .
﴿ تفسير البغوي ﴾
( وكم قصمنا ) أهلكنا ، والقصم : الكسر ، ( من قرية كانت ظالمة ) أي : كافرة ، يعني أهلها ، ( وأنشأنا بعدها ) أي : أحدثنا بعد هلاك أهلها ، ( قوما آخرين )