﴿ وقالت لأخته قصيه فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
وَقَالَتِ أم موسى لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ أي: اذهبي [فقصي الأثر عن أخيك وابحثي عنه من غير أن يحس بك أحد أو يشعروا بمقصودك فذهبت تقصه] فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ أي: أبصرته على وجه، كأنها مارة لا قصد لها فيه.وهذا من تمام الحزم والحذر، فإنها لو أبصرته، وجاءت إليهم قاصدة، لظنوا بها أنها هي التي ألقته، فربما عزموا على ذبحه، عقوبة لأهله.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم بين- سبحانه- ما فعلته أم موسى بعد ذلك فقال: وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ.. أى لم تسكت أم موسى بعد أن علمت بالتقاط آل فرعون له، بل قالت لأخت موسى قُصِّيهِ أى تتبعى أثره وخبره وما آل إليه أمره. يقال: قص فلان أثر فلان فهو يقصه، إذا تتبعه، ومنه القصص للأخبار المتتبعة.والفاء في قوله- سبحانه-: فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ هي الفصيحة. والجنب:الجانب.أى: فقصت أخت موسى أثره، فأبصرته عن جانب منها، وكأنها لا تريد أن تطلع أحدا على أنها تبحث عن أخيها. وتتبع أثره والجار والمجرور حال من الفاعل، أى: بصرت به مستخفية كائنة عن جنب.قال الآلوسى: عَنْ جُنُبٍ أى عن بعد، وقيل عن شوق إليه.. وقال الكرماني جُنُبٍ صفة لموصوف محذوف، أى عن مكان جنب بعيد وكأنه من الأضداد، فإنه يكون بمعنى القريب- أيضا- كالجار الجنب. وقيل على جانب.. وقيل: النظر عن جنب، أن تنظر الشيء كأنك لا تريده .والتعبير بقوله- تعالى- فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ يشعر بأن أخت موسى أبصرت أخاها إبصارا فيه مخادعة لآل فرعون، حتى لا تجعلهم يشعرون بأنها تبحث عنه.ويشهد لذلك قوله- تعالى-: وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ أى: وهم- أى آل فرعون- لا يشعرون أنها أخته تبحث عنه وتتبع أخباره.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( وقالت لأخته ) أي : لمريم أخت موسى : ( قصيه ) اتبعي أثره حتى تعلمي خبره ، ( فبصرت به عن جنب ) أي : عن بعد ، وفي القصة أنها كانت تمشي جانبا وتنظر اختلاسا لترى أنها لا تنظره ، ( وهم لا يشعرون ) أنها أخته وأنها ترقبه . قال ابن عباس : إن امرأة فرعون كان همها من الدنيا أن تجد له مرضعة ، فكلما أتوا بمرضعة لم يأخذ ثديها فذلك قوله - عز وجل - : ( وحرمنا عليه المراضع )