القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

الآية 117 من سورة آل عمران - مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت

سورة آل عمران الآية رقم 117 : قراءة و استماع

قراءة و استماع الآية 117 من سورة آل عمران مكتوبة - عدد الآيات 200 - al-‘Imran - الصفحة 65 - الجزء 4.

سورة آل عمران الآية رقم 117

﴿ مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هَٰذِهِ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا كَمَثَلِ رِيحٖ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتۡ حَرۡثَ قَوۡمٖ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ فَأَهۡلَكَتۡهُۚ وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ وَلَٰكِنۡ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ ﴾
[ آل عمران: 117]


﴿ مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون ﴾


﴿ تفسير السعدي ﴾

ثم ضرب مثلا لما ينفقه الكفار من أموالهم التي يصدون بها عن سبيل الله ويستعينون بها على إطفاء نور الله، بأنها تبطل وتضمحل، كمن زرع زرعا يرجو نتيجته ويؤمل إدراك ريعه، فبينما هو كذلك إذ أصابته ريح فيها صر، أي: برد شديد محرق، فأهلكت زرعه، ولم يحصل له إلا التعب والعناء وزيادة الأسف، فكذلك هؤلاء الكفار الذين قال الله فيهم: إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون وما ظلمهم الله بإبطال أعمالهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون حيث كفروا بآيات الله وكذبوا رسوله وحرصوا على إطفاء نور الله، هذه الأمور هي التي أحبطت أعمالهم وذهبت بأموالهم

﴿ تفسير الوسيط ﴾

ثم ضرب- سبحانه- مثلا لبطلان ما كان ينفقه هؤلاء الكافرون من أموال في الدنيا فقال: مثل ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْياأى من أموال في وجوه الخير المختلفة، كمواساة البائسين، ودفع حاجة المحتاجين.
وا موصولة، والعائد محذوف، والتقدير، مثل ما ينفقونه.
َثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّأى كمثل ريح فيها برد شديد قاتل للنبات.
وقيل: الصر.
الحر الشديد، وقيل الصر: صوت لهيب النار التي تحرق الثمار.
وذكر- سبحانه- الصر على أنه في الريح، وأنها مشتملة عليه، وهي له ظرف وهو مظروف، للاشعار بأنها ريح لا تحمل عوامل النماء للزرع، وإنما هي تحمل معها ما يهلكه.
وقوله: صابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُأى أصابت زرع قوم ظلموا أنفسهم بالكفر وارتكاب المعاصي فدمرته وأهلكت ما فيه من ثمار وهم أحوج ما يكونون إلى هذا الزرع وتلك الثمار.
والحرث هنا مصدر بمعنى المحروث، وأصل كلمة حرث: فلح الأرض وإلقاء البذر فيها، ثم أطلقت على ما هو نتيجة لذلك وهو الزرع.
وفي التعبير بقوله: لَمُوا أَنْفُسَهُمْتذكير للسامعين، وبعث لهم على ترك الظلم، حتى لا يصابوا بمثل ما أصيب به أولئك الذين ظلموا أنفسهم من عقوبات رادعة، وأضرار فادحة.
ثم ختم- سبحانه- الآية بقوله: ما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَأى أن الله- تعالى- ما ظلمهم حين لم يقبل نفقاتهم، ولكنهم هم الذين ظلموا أنفسهم بإيثارهم الكفر على الإيمان، ومن كان كذلك فلن يقبل الله منه شيئا لأن الله تعالى، إنما يتقبل من المتقين.
والضمائر في هذه الجملة الكريمة تعود على أولئك الكافرين الذين ينفقون أموالهم مقرونة بالوجوه المانعة من قبولها.
وفي هذه الآية الكريمة تشبيه بليغ، فقد شبه- سبحانه- حال ما ينفقه الكفار في الدنيا- على سبيل القربة أو المفاخرة- شبه ذلك في ضياعه وذهابه وقت الحاجة إليه في الآخرة من غير أن يعود عليهم بفائدة، بحال زرع لقوم ظالمين، أصابته ريح مهلكة فاستأصلته، ولم ينتفع أصحابه منه بشيء، وهم أحوج ما يكونون إليه.
قال صاحب الانتصاف: أصل الكلام- والله أعلم- مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا، كمثل حرث قوم ظلموا أنفسهم، فأصابته ريح فيها صر فأهلكته.
ولكن خولف هذا النظم في المثل المذكور لفائدة جليلة.
وهي تقديم ما هو أهم لأن الريح التي هي مثل العذاب، ذكرها في سياق الوعيد والتهديد أهم من ذكر الحرث.
فقدمت عناية بذكرها، واعتمادا على أن الأفهام الصحيحة تستخرج المطابقة برد الكلام إلى أصله على أيسر وجه ومثل هذا في تحويل النظم لمثل هذه الفائدة قوله- تعالى-: فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما ومثله- أيضا- أعددت هذه الخشبة أن يميل الحائط فأدعمه.
والأصل أن تذكر إحداهما الأخرى إن ضلت.
وأن أدعم بها الحائط إذا مال، وأمثال ذلك كثيرة» .
وبعد أن بين- سبحانه- سوء عاقبة الكافرين أكمل بيان وأحكمه، حذر المؤمنين من أهل الكتاب ومن على شاكلتهم ممن لا يريدون للإسلام إلا الشرور والمضار فقال- تعالى-:

﴿ تفسير البغوي ﴾

( مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا ) قيل : أراد نفقات أبي سفيان وأصحابه ببدر وأحد على عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال مقاتل : نفقة اليهود على علمائهم ، قال مجاهد : يعني جميع نفقات الكفار [ في الدنيا ] وصدقاتهم وقيل : أراد إنفاق المرائي الذي لا يبتغي به وجه الله تعالى ، ( كمثل ريح فيها صر ) [ حكي عن ابن عباس رضي الله عنهما : أنها السموم الحارة التي تقتل وقيل : ] فيها صر أي : صوت ، وأكثر المفسرين قالوا : فيها برد شديد ، ( أصابت حرث قوم ) زرع قوم ، ( ظلموا أنفسهم ) بالكفر والمعصية ومنع حق الله تعالى ، ( فأهلكته )فمعنى الآية : مثل نفقات الكفار في ذهابها وقت الحاجة إليها كمثل زرع أصابته ريح باردة فأهلكته أو نار فأحرقته فلم ينتفع أصحابه منه بشيء ، ( وما ظلمهم الله ) بذلك ، ( ولكن أنفسهم يظلمون ) بالكفر والمعصية .

قراءة سورة آل عمران

المصدر : مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت