القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

الآية 120 من سورة التوبة - ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول

سورة التوبة الآية رقم 120 : قراءة و استماع

قراءة و استماع الآية 120 من سورة التوبة مكتوبة - عدد الآيات 129 - At-Taubah - الصفحة 206 - الجزء 11.

سورة التوبة الآية رقم 120

﴿ مَا كَانَ لِأَهۡلِ ٱلۡمَدِينَةِ وَمَنۡ حَوۡلَهُم مِّنَ ٱلۡأَعۡرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ ٱللَّهِ وَلَا يَرۡغَبُواْ بِأَنفُسِهِمۡ عَن نَّفۡسِهِۦۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ لَا يُصِيبُهُمۡ ظَمَأٞ وَلَا نَصَبٞ وَلَا مَخۡمَصَةٞ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا يَطَـُٔونَ مَوۡطِئٗا يَغِيظُ ٱلۡكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنۡ عَدُوّٖ نَّيۡلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِۦ عَمَلٞ صَٰلِحٌۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ ﴾
[ التوبة: 120]


﴿ ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين ﴾


﴿ تفسير السعدي ﴾

يقول تعالى حاثا لأهل المدينة المنورة من المهاجرين، والأنصار، ومن حولهم من الأعراب، الذين أسلموا فحسن إسلامهم ‏:‏ ‏‏مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ‏‏ أي‏:‏ ما ينبغي لهم ذلك، ولا يليق بأحوالهم‏.
‏‏‏وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ‏‏ في بقائها وراحتها، وسكونه ‏‏عَنْ نَفْسِهِ‏‏ الكريمة الزكية، بل النبي صلى الله عليه وسلم أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فعلى كل مسلم أن يفدي النبي صلى الله عليه وسلم ، بنفسه ويقدمه عليها، فعلامة تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم ومحبته والإيمان التام به، أن لا يتخلفوا عنه، ثم ذكر الثواب الحامل على الخروج فقال‏:‏ ‏‏ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ‏‏ أي‏:‏ المجاهدين في سبيل اللّه ‏‏لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ‏‏ أي‏:‏ تعب ومشقة ‏‏وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ‏‏ أي‏:‏ مجاعة‏.
‏‏‏وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّار‏‏ من الخوض لديارهم، والاستيلاء على أوطانهم، ‏‏وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا‏‏ كالظفر بجيش أو سرية أو الغنيمة لمال ‏‏إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ‏‏ لأن هذه آثار ناشئة عن أعمالهم‏.
‏‏‏إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ‏‏ الذين أحسنوا في مبادرتهم إلى أمر الله، وقيامهم بما عليهم من حقه وحق خلقه، فهذه الأعمال آثار من آثار عملهم‏.

﴿ تفسير الوسيط ﴾

ثم أوجب- سبحانه- على المؤمنين مصاحبة رسولهم صلى الله عليه وسلم في غزواته فقال:ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ.
.
.
.
والمراد بالنفي هنا النهى.
أى: ليس لأهل المدينة أو لغيرهم من الأعراب سكان البادية الذين يسكنون في ضواحي المدينة، كقبائل مزينة وجهينة وأشجع وغفار.
ليس لهؤلاء جميعا أن يتخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ما خرج للجهاد، كما فعل بعضهم في غزوة تبوك، لأن هذا التخلف يتنافى مع الإيمان بالله ورسوله.
وليس لهم كذلك «أن يرغبوا بأنفسهم عن نفسه» أى ليس لهم أن يؤثروا أنفسهم بالراحة على نفسه، بأن يتركوه يتعرض للآلام والأخطار.
دون أن يشاركوه في ذلك، بل من الواجب عليهم أن يكونوا من حوله في البأساء والضراء، والعسر واليسر والمنشط والمكره.
ورحم الله صاحب الكشاف فقد قال عند تفسيره لهذه الجملة الكريمة: أمروا بأن يصحبوه على البأساء والضراء، وأن يكابدوا معه الأهوال برغبة ونشاط واغتباط، وأن يلقوا أنفسهم من الشدائد ما تلقاه نفسه، علما بأنها أعز نفس على الله وأكرمها، فإذا تعرضت- مع كرامتها وعزتها- للخوض في شدة وهول، وجب على سائر الأنفس أن تتهافت- أى تتساقط- فيما تعرضت له، ولا يكترث لها أصحابها، ولا يقيمون لها وزنا، وتكون أخف شيء عليهم وأهونه، فضلا عن أن يربئوا بأنفسهم عن متابعتها ومصاحبتها، ويضنوا بها على ما سمح بنفسه عليه.
وهذا نهى بليغ، مع تقبيح لأمرهم، وتوبيخ لهم عليه، وتهييج لمتابعته بأنفة وحمية» .
واسم الإشارة في قوله: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
.
يعود على ما دل عليه الكلام من وجوب مصاحبته وعدم التخلف عنه.
أى: ذلك الذي كلفناهم به من وجوب مصاحبته صلى الله عليه وسلم والنهى عن التخلف عنه، سببه أنهم لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ أى عطش وَلا نَصَبٌ أى: تعب ومشقة وَلا مَخْمَصَةٌ أى: مجاعة شديدة تجعل البطون خامصة ضامرة فِي سَبِيلِ اللَّهِ أى: في جهاد أعدائه وإعلاء كلمة الحق وَلا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ أى: ولا يدوسون مكانا من أمكنة الكفار بأرجلهم أو بحوافر خيولهم من أجل إغاظتهم وإزعاجهم.
.
وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا أى: ولا يصيبون من عدو من أعدائهم إصابة كقتل أو أسر أو غنيمة.
إنهم لا يفعلون شيئا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ أى: إلا كتب لهم بكل واحد مما ذكر عمل صالح، ينالون بسببه الثواب الجزيل من الله، لأنه- سبحانه- لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ وإنما يكافئهم على إحسانهم بالأجر العظيم.

﴿ تفسير البغوي ﴾

قوله تعالى : ( ما كان لأهل المدينة ) ظاهره خبر ، ومعناه نهي ، كقوله تعالى : " وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله " ( الأحزاب - 53 ( ومن حولهم من الأعراب ) سكان البوادي : مزينة ، وجهينة ، وأشجع ، وأسلم ، وغفار .
( أن يتخلفوا عن رسول الله ) إذا غزا .
( ولا يرغبوا ) أي : ولا أن يرغبوا ، ( بأنفسهم عن نفسه ) في مصاحبته ومعاونته والجهاد معه .
قال الحسن : لا يرغبوا بأنفسهم أن يصيبهم من الشدائد فيختاروا الخفض والدعة ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في مشقة السفر ومقاساة التعب .
( ذلك بأنهم لا يصيبهم ) في سفرهم ، ( ظمأ ) عطش ، ( ولا نصب ) تعب ، ( ولا مخمصة ) مجاعة ، ( في سبيل الله ولا يطئون موطئا ) أرضا ، ( يغيظ الكفار ) وطؤهم إياه ( ولا ينالون من عدو نيلا ) أي : لا يصيبون من عدوهم قتلا أو أسرا أو غنيمة أو هزيمة ، ( إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين ) .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا يزيد بن أبي مريم ، حدثنا عباية بن رفاعة قال : أدركني أبو عبس وأنا ذاهب إلى الجمعة فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمهما الله على النار " .
واختلفوا في حكم هذه الآية ، قال قتادة : هذه خاصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذا غزا بنفسه لم يكن لأحد أن يتخلف عنه إلا بعذر ، فأما غيره من الأئمة والولاة فيجوز لمن شاء من المسلمين أن يتخلف عنه إذا لم يكن بالمسلمين إليه ضرورة .
وقال الوليد بن مسلم : سمعت الأوزاعي ، وابن المبارك ، وابن جابر ، وعمر بن عبد العزيز يقولون في هذه الآية : إنها لأول هذه الأمة وآخرها .
وقال ابن زيد : هذا حين كان أهل الإسلام قليلا فلما كثروا نسخها الله تعالى وأباح التخلف لمن يشاء ، فقال : ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة ) .

قراءة سورة التوبة

المصدر : ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول