﴿ ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ ْ دخل في ذلك سائر الأعمال القلبية والبدنية، ودخل أيضا كل عامل من إنس أو جن، صغير أو كبير، ذكر أو أنثى. ولهذا قال: مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ ْ وهذا شرط لجميع الأعمال، لا تكون صالحة ولا تقبل ولا يترتب عليها الثواب ولا يندفع بها العقاب إلا بالإيمان. فالأعمال بدون الإيمان كأغصان شجرة قطع أصلها وكبناء بني على موج الماء، فالإيمان هو الأصل والأساس والقاعدة التي يبنى عليه كل شيء، وهذا القيد ينبغي التفطن له في كل عمل أطلق، فإنه مقيد به. فَأُولَئِكَ ْ أي: الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ْ المشتملة على ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ْ أي: لا قليلا ولا كثيرا مما عملوه من الخير، بل يجدونه كاملا موفرا، مضاعفا أضعافا كثيرة.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم بين- سبحانه- حسن عاقبة المؤمنين فقال: وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً.أى: ومن يعمل من الأعمال الصالحات سواء أكان العامل ذكرا أم أنثى ما دام متحليا بصفة الإيمان، فأولئك العاملون بالأعمال الصالحة يدخلون الجنة جزاء عملهم ولا ينقصون شيئا من ثواب أعمالهم، ولو كان هذا الشيء نقيرا وهو النقطة التي تكون في ظهر النواة ويضرب بها المثل في القلة والحقارة.ومَنْ في قوله مِنَ الصَّالِحاتِ للتبعيض أى: بعض الأعمال الصالحات لأن الإنسان لا يستطيع أن يعمل جميع الأعمال الصالحة، وإنما كل إنسان يعمل على قدر طاقته وقدرته ولا يكلف نفسا إلا وسعها.ومَنْ في قوله مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى للبيان. أى بيان أن الأحكام الشرعية وما يترتب عليها من ثواب يشترك فيه الرجال والنساء إلا إذا قام دليل على أن أحد الصنفين مختص بحكم معين لا يشاركه فيه الصنف الآخر.وفي ذلك إنصاف للمرأة من الظلم الذي كان واقعا عليها قبل شريعة الإسلام العادلة.والجملة الكريمة في موضع نصب على الحال من ضمير يَعْمَلْ.وقوله وَهُوَ مُؤْمِنٌ قيد لإخراج غير المؤمن لأن الكافر مهما قدم من أعمال صالحة في الدنيا فإنها لن تنفعه في الآخرة بسبب كفره بالدين الحق.واسم الإشارة وهو قوله فَأُولئِكَ يعود إلى من في قوله وَمَنْ يَعْمَلْ باعتبار معناها.وقوله وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً بيان لفضل الله- تعالى- وعد له، وأنه- سبحانه- إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً.
﴿ تفسير البغوي ﴾
قوله تعالى : ( ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا ) أي : مقدار النقير ، وهو النقرة التي تكون في ظهر النواة ، قرأ ابن كثير وأبو جعفر وأهل البصرة وأبو بكر ( يدخلون ) بضم الياء وفتح الخاء هاهنا وفي سورة مريم وحم المؤمن ، زاد أبو عمرو : " يدخلونها " في سورة فاطر ، وقرأ الآخرون بفتح الياء وضم الخاء .روى الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق قال : لما نزلت ( ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ) قال أهل الكتاب : نحن وأنتم سواء ، فنزلت هذه الآية : ( ومن يعمل من الصالحات ) الآية ، ونزلت أيضا :