القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

الآية 139 من سورة البقرة - قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن

سورة البقرة الآية رقم 139 : قراءة و استماع

قراءة و استماع الآية 139 من سورة البقرة مكتوبة - عدد الآيات 286 - Al-Baqarah - الصفحة 21 - الجزء 1.

سورة البقرة الآية رقم 139

﴿ قُلۡ أَتُحَآجُّونَنَا فِي ٱللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمۡ وَلَنَآ أَعۡمَٰلُنَا وَلَكُمۡ أَعۡمَٰلُكُمۡ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُخۡلِصُونَ ﴾
[ البقرة: 139]


﴿ قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون ﴾


﴿ تفسير السعدي ﴾

المحاجة هي: المجادلة بين اثنين فأكثر, تتعلق بالمسائل الخلافية, حتى يكون كل من الخصمين يريد نصرة قوله, وإبطال قول خصمه، فكل واحد منهما, يجتهد في إقامة الحجة على ذلك، والمطلوب منها, أن تكون بالتي هي أحسن, بأقرب طريق يرد الضال إلى الحق, ويقيم الحجة على المعاند, ويوضح الحق, ويبين الباطل، فإن خرجت عن هذه الأمور, كانت مماراة, ومخاصمة لا خير فيها, وأحدثت من الشر ما أحدثت، فكان أهل الكتاب, يزعمون أنهم أولى بالله من المسلمين, وهذا مجرد دعوى, تفتقر إلى برهان ودليل.
فإذا كان رب الجميع واحدا, ليس ربا لكم دوننا, وكل منا ومنكم له عمله, فاستوينا نحن وإياكم بذلك.
فهذا لا يوجب أن يكون أحد الفريقين أولى بالله من غيره؛ لأن التفريق مع الاشتراك في الشيء, من غير فرق مؤثر, دعوى باطلة, وتفريق بين متماثلين, ومكابرة ظاهرة.
وإنما يحصل التفضيل, بإخلاص الأعمال الصالحة لله وحده، وهذه الحالة, وصف المؤمنين وحدهم, فتعين أنهم أولى بالله من غيرهم؛ لأن الإخلاص, هو الطريق إلى الخلاص، فهذا هو الفرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان, بالأوصاف الحقيقية التي يسلمها أهل العقول, ولا ينازع فيها إلا كل مكابر جهول، ففي هذه الآية, إرشاد لطيف لطريق المحاجة, وأن الأمور مبنية على الجمع بين المتماثلين, والفرق بين المختلفين.

﴿ تفسير الوسيط ﴾

ثم أمر الله- تعالى- نبيه صلّى الله عليه وسلّم أن يزيد في تذكيرهم ودحض حجتهم فقال تعالى: قُلْ أَتُحَاجُّونَنا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ وَلَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ.
أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطَ كانُوا هُوداً أَوْ نَصارى، قُلْ.
أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ؟ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ.
تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ.
ومعنى الآية الكريمة: قل يا محمد لأهل الكتاب الذين قالوا لك ولأصحابك كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا وزعموا أن دينهم هو المعتبر عند الله دون دينك، قل لهم: أتجادلوننا في دين الله وهو ملة الإسلام التي بعثني بها للعالمين هدى ورحمة، وتزعمون أن الهداية فيما أنتم عليه من اليهودية والنصرانية، وتستبعدون عليه- تعالى- أن ينزل وحيه على من ليس منكم، بدعوى أنكم أقرب إلى الله منا، وأنكم أبناء الله وأحباؤه، والحال أنه- سبحانه- هو رَبُّنا وَرَبُّكُمْ أى خالقنا وخالقكم ورازقنا ورازقكم ومحاسبنا ومحاسبكم على ما يصدر منا ومنكم من أعمال.
وقوله تعالى: وَلَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ معناه: لكل منا ومنكم أعمال يترتب عليها الثواب والعقاب، فكما أننا نتساوى معكم في أن الله ربنا وربكم فكذلك نتساوى معكم في استحقاق الجزاء على الأعمال التي نعملها، فانظروا إلى أعمالنا وأعمالكم تجدوا أعمالنا خيرا من أعمالكم، لأننا نزيد عليكم الإخلاص لله في تلك الأعمال فلا تستبعدوا أن يؤهل أهل إخلاصه بإكرامهم بالنبوة.
فقوله تعالى: وَهُوَ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ، وَلَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ حجتان مبطلتان لدعوى أهل الكتاب أنهم أحق لأن تكون النبوة فيهم لأن نسبة العباد إلى الله- تعالى- واحدة هو ربهم وهم عباده، والتفاضل في المنازل لديه إنما يكون بالأعمال الصالحة والإخلاص لله فيها، وهو أعلم حيث يجعل رسالته، ويختص بوحيه من يراه أهلا لذلك، وقد شاء- سبحانه- أن ينزل وحيه على محمد صلّى الله عليه وسلّم النبي الأمى العربي، بدين عام خالد فيه الهداية والنور والفلاح في الدنيا والآخرة.
وقوله تعالى: وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ بيان لسبب أحقية المسلمين بالهداية والكرامة، والمعنى، ونحن- يا معشر المسلمين- لربنا موحدون، نخلص لله العبادة والعمل، ولا نشرك معه آلهة أخرى، أما أنتم فقد أشركتم وضللتم فقال بعضكم: «عزير ابن الله» وقال بعضكم الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ فنحن أهدى منكم سبيلا، وأقوم قيلا.
ولم يصف المسلمون أعمالهم بالحسن، ولا أعمال المخاطبين بالسوء تجنبا لنفور المخاطبين من سماع خطابهم، بل أوردوا كلامهم مورد قوله تعالى لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ كما أنهم لم يقولوا:ونحن مخلصون وأنتم مخطئون، بل اقتصروا على نسبة الإخلاص لأنفسهم، وفي ذلك تعريض لطيف بأن المخاطبين غير مخلصين لله، فإن إخبار الإنسان باشتراكه مع جماعة في أمر أو أمور، وإفراد نفسه بعد ذلك بأمر، يومئ إلى أن هذا الأمر الذي أثبته لنفسه خاصة معدوم في أولئك الجماعة.
فمعنى الجملة: ونحن مخلصون في أعمالنا لله وحده، ولم نخلطها بشيء من الشرك كما فعل غيرنا.

﴿ تفسير البغوي ﴾

قل يا محمد لليهود والنصارى.
أتحاجوننا في الله أي في دين الله، والمحاجة: المجادلة في الله لإظهار الحجة، وذلك بأنهم قالوا إن الأنبياء كانوا منا وعلى ديننا، وديننا أقوم فنحن أولى بالله منكم فقال الله تعالى: قل أتحاجوننا في الله.
وهو ربنا وربكم أي نحن وأنتم سواء في الله فإنه ربنا وربكم.
ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم أي لكل واحد جزاء عمله، فكيف تدعون أنكم أولى بالله.
ونحن له مخلصون وأنتم به مشركون.
قال سعيد بن جبير : "الإخلاص أن يخلص العبد دينه وعمله لله فلا يشرك به في دينه ولا يرائي بعمله"، قال الفضيل: "ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، و الإخلاص أن يعافيك الله منهما".

قراءة سورة البقرة

المصدر : قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن