﴿ إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان لن يضروا الله شيئا ولهم عذاب أليم ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على الخلق، مجتهدا في هدايتهم، وكان يحزن إذا لم يهتدوا، قال الله تعالى: ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من شدة رغبتهم فيه، وحرصهم عليه إنهم لن يضروا الله شيئا فالله ناصر دينه، ومؤيد رسوله، ومنفذ أمره من دونهم، فلا تبالهم ولا تحفل بهم، إنما يضرون ويسعون في ضرر أنفسهم، بفوات الإيمان في الدنيا، وحصول العذاب الأليم في الأخرى، من هوانهم على الله وسقوطهم من عينه، وإرادته أن لا يجعل لهم نصيبا في الآخرة من ثوابه. خذلهم فلم يوفقهم لما وفق له أولياءه ومن أراد به خيرا، عدلا منه وحكمة، لعلمه بأنهم غير زاكين على الهدى، ولا قابلين للرشاد، لفساد أخلاقهم وسوء قصدهم. ثم أخبر أن الذين اختاروا الكفر على الإيمان، ورغبوا فيه رغبة من بذل ما يحب من المال، في شراء ما يحب من السلع لن يضروا الله شيئا بل ضرر فعلهم يعود على أنفسهم، ولهذا قال: ولهم عذاب أليم وكيف يضرون الله شيئا، وهم قد زهدوا أشد الزهد في الإيمان، ورغبوا كل الرغبة بالكفر بالرحمن؟! فالله غني عنهم، وقد قيض لدينه من عباده الأبرار الأزكياء سواهم، وأعد له -ممن ارتضاه لنصرته- أهل البصائر والعقول، وذوي الألباب من الرجال الفحول، قال الله تعالى: قل آمنوا به أو لا تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا الآيات.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم أكد سبحانه هذا الحكم وقرره فقال: إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً، وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ.والاشتراء في الآية الكريمة بمعنى الاستبدال على سبيل الاستعارة التمثيلية فقد شبه- سبحانه- الكافر الذي يترك الحق الواضح الذي قامت الأدلة على صحته ويختار بدله الضلال الذي قامت الأدلة على بطلانه، بمن يكون في يده سلعة ثمينة جيدة فيتركها ويأخذ في مقابلها سلعة رديئة فاسدة.والمعنى أن الذين استبدلوا الكفر بالإيمان، لن يضروا دين الله ولا رسوله ولا أولياءه بشيء من الضرر، وإنما يضرون بفعلهم هذا أنفسهم ضررا بليغا ولهم في الآخرة عذاب مؤلم شديد الإيلام، بسبب إيثارهم الغي على الرشد، والكفر على الإيمان، والشر على الخير.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( إن الذين اشتروا ) استبدلوا ( الكفر بالإيمان لن يضروا الله شيئا ) وإنما يضرون أنفسهم ، ( ولهم عذاب أليم )