القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

الآية 186 من سورة البقرة - وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا

سورة البقرة الآية رقم 186 : قراءة و استماع

قراءة و استماع الآية 186 من سورة البقرة مكتوبة - عدد الآيات 286 - Al-Baqarah - الصفحة 28 - الجزء 2.

سورة البقرة الآية رقم 186

﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌۖ أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ فَلۡيَسۡتَجِيبُواْ لِي وَلۡيُؤۡمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمۡ يَرۡشُدُونَ ﴾
[ البقرة: 186]


﴿ وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ﴾


﴿ تفسير السعدي ﴾

هذا جواب سؤال، سأل النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه فقالوا: يا رسول الله, أقريب ربنا فنناجيه, أم بعيد فنناديه؟ فنزل: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ لأنه تعالى, الرقيب الشهيد, المطلع على السر وأخفى, يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور, فهو قريب أيضا من داعيه, بالإجابة، ولهذا قال: أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ والدعاء نوعان: دعاء عبادة, ودعاء مسألة.
والقرب نوعان: قرب بعلمه من كل خلقه, وقرب من عابديه وداعيه بالإجابة والمعونة والتوفيق.
فمن دعا ربه بقلب حاضر, ودعاء مشروع, ولم يمنع مانع من إجابة الدعاء, كأكل الحرام ونحوه, فإن الله قد وعده بالإجابة، وخصوصا إذا أتى بأسباب إجابة الدعاء, وهي الاستجابة لله تعالى بالانقياد لأوامره ونواهيه القولية والفعلية, والإيمان به, الموجب للاستجابة، فلهذا قال: فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ أي: يحصل لهم الرشد الذي هو الهداية للإيمان والأعمال الصالحة, ويزول عنهم الغي المنافي للإيمان والأعمال الصالحة.
ولأن الإيمان بالله والاستجابة لأمره, سبب لحصول العلم كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا

﴿ تفسير الوسيط ﴾

ثم بين - سبحانه - أن العباد إذا حافظوا على فرائضه ، واستجابوا لأوامره ، وابتعدوا عن نواهيه ، فإنه - عز وجل - لا يرد لهم طلباً ولا يخيب لهم رجاء فقال :( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ .
.
.
)قال الإِمام البيضاوي في وجه اتصال هذه الآية بما قبلها من آيات الصيام : واعلم أنه - تعالى - لما أمرهم بصوم الشهر ومراعاة العدة وحثهم على القيام بوظائف التكبير والشكر عقبة بهذه الآية الدالة على أنه خبير بأحوالهم سميع لأقوالهم ، مجيب لدعائهم ، مجاز على أعماله تأكيداً له وحثاً عليه " .
وروى المفسرون في سبب نزول هذه الآية روايات منها ما أخرجه بن جرير وابن أبي حاتم أن أعرابياً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أقريب ربنا فنناجيه - أي : ندعوه سرا - أم بعيد فنناديه؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله هذه الآية .
ومنها ما رواه ابن مردويه - بسنده - عن الحسن قال : سأل بعض الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أين ربنا؟ فأنزل الله - تعالى - هذه الآية .
والمعنى : وإذا سألك عبادي يا محمد عن قربي وبعدي فقل لهم : إني قريب منهم بعلمي ورحمتي وقدرتي وإجابتي لسؤالهم .
قال - تعالى - : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوريد ) وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري أنه قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فجعل الناس يجهرون بالتكبير .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أيها الناس اربعوا على أنفسكم - أي أرفقوا بها - فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً ، إنكم تدعون سميعاً بصيراً وهو معكم ، والذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته " .
فقوله - تعالى - : ( فَإِنِّي قَرِيبٌ ) تمثيل لكمال علمه - تعالى - بأفعال عباده وأقوالهم ، واطلاعه على سائر أحوالهم بحال من قرب مكانه منهم إذ القرب المكاني محال على الله - تعالى - .
وفي الآية الكريمة التفات عن خطاب المؤمنين كافة بأحكام الصيام ، إلى خطاب النبي صلى الله عليه وسلم بأن يذكرهم ويعلمهم ما يجب عليهم مراعاته في سائر عبادتهم من الإِخلاص والأدب والتوجه إلى الله وحده بالسؤال .
ولم يصدر الجواب بقل أو فقل كما وقع في أجوبة مسائلهم الواردة في آيات أخرى ، نحو ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الجبال فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً ) بل تولى - سبحانه - جوابهم بنفسه إشعاراً بفرط قربه منهم ، وحضوره مع كل سائل بحيث لا تتوقف إجابته على وجود واسطة بينه وبين السائلين من ذوي الحاجات .
والمراد بالعباد الذين أضيفوا إلى ضمير الجلالة هم المؤمنون لأن الحديث عنهم ، ولأن سياق الآيات بيان أحكام الصوم وفضائله وهو خاص بالمؤمنين ، وقد أضيفوا إلى ضمير الجلالة لتشريفهم وتكريمهم .
وقوله - تعالى - : ( أُجِيبُ دَعْوَةَ الداع إِذَا دَعَانِ ) تقرير للقرب وتحقيق له ، ووعد للداعي بالإِجابة متى صدر الدعاء من قلب سليم ، ونفس صافية ، وجوارح خاشعة ، ولقد ساق لنا القرآن في آيات كثيرة أمثلة لعباد الله الذين توجهوا إليه بالسؤال ، فأجاب الله سؤالهم ، ومن ذلك قوله - تعالى - :( وَنُوحاً إِذْ نادى مِن قَبْلُ فاستجبنا لَهُ ) وقوله - تعالى - ( وَزَكَرِيَّآ إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الوارثين .
فاستجبنا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يحيى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ) وقوله - تعالى - : ( وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضر وَأَنتَ أَرْحَمُ الراحمين فاستجبنا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ) وورد في الحديث ما يدل على أن العبد إذا دعا الله - تعالى - بما فيه خير ، لم يخب عند الله دعاؤه ، ولكن لا يلزم أن يعطيه - سبحانه - نفس ما طلبه ، لأنه هو الأعلم بما يصلح عباده .
روى الإِمام أحمد عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من مسلم يدعو الله - عز وجل - بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث خصال : إما أن يعجل إليه دعوته ، وإما أن يدخرها له في الأخرى ، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها " .
وقوله - تعالى - ( فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) توجيه منه - سبحانه - إلى ما يجعل الدعاء مرجو القبول والإِجابة .
والاستجابة : هي الإِجابة بعناية واستعداد ، والسين والتاء للمبالغة .
والرشد : الاهتداء إلى الخير وحسن التصرف في الأمر من دين أو دنيا يقال : رشد ورشد يرشد ويرشد رشداً ، أي اهتدي .
والمعنى : لقد وعدتكم يا عبادي بأن أجيب دعاءكم إذا دعوتموني ، وعليكم أنتم أن تستجيبوا لأمري ، وأن تقفوا عند حدودي ، وأن تثبتوا على إيمانكم بي ، لعلكم بذلك تصلون إلى ما فيه رشدكم وسعادتكم في الحياتين العاجلة والآجلة .
وأمرهم - سبحانه - بالإِيمان بعد الأمر بالاستجابة ، لأنه أول مراتب الدعوة ، وأولى الطاعات بالاستجابة .
قال الحافظ ابن كثير : وفي ذكره - تعالى - هذه الآية الباعثة على الدعاء متخللة بين أحكام الصيام إرشاد إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال العدة بل وعند كل فطر ، كما روى أبو داود الطيالسي في مسنده عن عبد الله بن عمرو قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : للصائم عند إفطاره دعوة مستجابة فكان عبد الله بن عمرو إذا أفطر جمع أهله وولده ودعا .
وروى ابن ماجة عن بعد الله بن عمرو قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد " وكان عبد الله يقول إذا أفطر : اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي " وروي الإِمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة قال :" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة لا ترد دعوتهم : الإِمام العادل ، والصائم حتى يفطر ، ودعوة المظلوم ، يرفعها الله دون الغمام يوم القيامة وتفتح لها أبواب السماء ويقول : بعزتي لأنصرنك ولو بعد حين " .
هذا والحديث عن الدعاء وعن فضله وعن آدابه وشروطه وفوائده وجوامعه وغير ذلك مما يتعلق به قد بسطناه في غير هذا المكان فليرجع إليه من شاء .
.

﴿ تفسير البغوي ﴾

قوله تعالى : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب ) روى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال يهود أهل المدينة : يا محمد كيف يسمع ربنا دعاءنا وأنت تزعم أن بيننا وبين السماء مسيرة خمسمائة عام وإن غلظ كل سماء مثل ذلك فنزلت هذه الآية ، وقال الضحاك : سأل بعض الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه فأنزل الله تعالى : " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب " وفيه إضمار كأنه قال فقل لهم إني قريب منهم بالعلم لا يخفى علي شيء كما قال " ونحن أقرب إليه من حبل الوريد " ( 16 - ق ) .
أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف أخبرنا محمد بن إسماعيل أخبرنا عبد الواحد عن عاصم عن أبي عثمان عن أبي موسى الأشعري قال : لما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر أو قال لما توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر أشرف الناس على واد فرفعوا أصواتهم بالتكبير الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعوا على أنفسكم إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم " .
قوله تعالى : ( أجيب دعوة الداع إذا دعان ) قرأ أهل المدينة غير قالون وأبو عمرو بإثبات الياء فيهما في الوصل والباقون بحذفها وصلا ووقفا وكذلك اختلف القراء في إثبات الياءات المحذوفة من الخط وحذفها في التلاوة ويثبت يعقوب جميعها وصلا ووقفا واتفقوا على إثبات ما هو مثبت في الخط وصلا ووقفا ( فليستجيبوا ) قيل : الاستجابة بمعنى الإجابة أي فليجيبوا لي بالطاعة والإجابة في اللغة الطاعة وإعطاء ما سئل فالإجابة من الله تعالى العطاء ومن العبد الطاعة ، وقيل فليستجيبوا لي أي ليستدعوا مني الإجابة وحقيقته فليطيعوني ( وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) لكي يهتدوا فإن قيل فما وجه قوله تعالى : ( أجيب دعوة الداع ) ( ادعوني أستجب لكم ) وقد يدعى كثيرا فلا يجيب قلنا اختلفوا في معنى الآيتين قيل معنى الدعاء هاهنا الطاعة ومعنى الإجابة الثواب وقيل معنى الآيتين خاص وإن كان لفظهما عاما تقديرهما : ( أجيب دعوة الداع ) إن شئت كما قال : " فيكشف ما تدعون إليه إن شاء " ( 41 - الأنعام ) أو أجيب دعوة الداعي إن وافق القضاء أو أجيبه إن كانت الإجابة خيرا له أو أجيبه إن لم يسأل محالاأخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني أخبرنا حميد بن زنجويه أخبرنا عبد الله بن صالح حدثني معاوية بن صالح أن ربيعة بن زيد حدثه عن أبي إدريس عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يستجيب الله لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم أو يستعجل قالوا وما الاستعجال يا رسول الله قال : يقول قد دعوتك يا رب قد دعوتك يا رب فلا أراك تستجيب لي فيستحسر عند ذلك فيدع الدعاء " .
وقيل هو عام ومعنى قوله ( أجيب ) أي أسمع ويقال ليس في الآية أكثر من إجابة الدعوة فأما إعطاء المنية فليس بمذكور فيها وقد يجيب السيد عبده والوالد ولده ثم لا يعطيه سؤله فالإجابة كائنة لا محالة عند حصول الدعوة وقيل معنى الآية أنه لا يخيب دعاءه فإن قدر له ما سأل أعطاه وإن لم يقدره له ادخر له الثواب في الآخرة أو كف عنه به سوءا والدليل عليه ما أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أبو منصور السمعاني أخبرنا أبو جعفر الرياني أخبرنا حميد بن زنجويه أخبرنا محمد بن يوسف أخبرنا ابن ثوبان وهو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن جبير بن نفير عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه حدثهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما على الأرض رجل مسلم يدعو الله تعالى بدعوة إلا آتاه الله إياها أو كف عنه من السوء مثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم " وقيل إن الله تعالى يجيب دعاء المؤمن في الوقت ويؤخر إعطاء مراده ليدعوه فيسمع صوته ويعجل إعطاء من لا يحبه لأنه يبغض صوته وقيل إن للدعاء آدابا وشرائط وهي أسباب الإجابة فمن استكملها كان من أهل الإجابة ومن أخل بها فهو من أهل الاعتداء في الدعاء فلا يستحق الإجابة
قراءة سورة البقرة

المصدر : وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا