القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

الآية 191 من سورة آل عمران - الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض

سورة آل عمران الآية رقم 191 : قراءة و استماع

قراءة و استماع الآية 191 من سورة آل عمران مكتوبة - عدد الآيات 200 - al-‘Imran - الصفحة 75 - الجزء 4.

سورة آل عمران الآية رقم 191

﴿ ٱلَّذِينَ يَذۡكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَٰمٗا وَقُعُودٗا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمۡ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلۡقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ رَبَّنَا مَا خَلَقۡتَ هَٰذَا بَٰطِلٗا سُبۡحَٰنَكَ فَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ ﴾
[ آل عمران: 191]


﴿ الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ﴾


﴿ تفسير السعدي ﴾

ثم وصف أولي الألباب بأنهم يذكرون الله في جميع أحوالهم: قياما وقعودا وعلى جنوبهم وهذا يشمل جميع أنواع الذكر بالقول والقلب، ويدخل في ذلك الصلاة قائما، فإن لم يستطع فقاعدا، فإن لم يستطع فعلى جنب، وأنهم يتفكرون في خلق السماوات والأرض أي: ليستدلوا بها على المقصود منها، ودل هذا على أن التفكر عبادة من صفات أولياء الله العارفين، فإذا تفكروا بها، عرفوا أن الله لم يخلقها عبثا، فيقولون: ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك عن كل ما لا يليق بجلالك، بل خلقتها بالحق وللحق، مشتملة على الحق.
فقنا عذاب النار بأن تعصمنا من السيئات، وتوفقنا للأعمال الصالحات، لننال بذلك النجاة من النار.
ويتضمن ذلك سؤال الجنة، لأنهم إذا وقاهم الله عذاب النار حصلت لهم الجنة، ولكن لما قام الخوف بقلوبهم، دعوا الله بأهم الأمور عندهم،

﴿ تفسير الوسيط ﴾

ثم وصف- سبحانه- أولى الألباب بصفات كريمة فقال: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ.
فقوله الَّذِينَ يَذْكُرُونَ إلخ.
في موضع جر على أنه نعت لأولى الألباب.
ويجوز أن يكون في موضع رفع أو نصب على المدح.
أى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لآيات واضحات على وحدانية الله وقدرته، لأصحاب العقول السليمة، الذين من صفاتهم أنهم يَذْكُرُونَ اللَّهَ أى يستحضرون عظمته في قلوبهم، ويكثرون من تسبيحه وتمجيده بألسنتهم، ويداومون على ذلك في جميع أحوالهم.
فهم يذكرونه قائمين، ويذكرونه قاعدين.
ويذكرونه وهم على جنوبهم فالمراد بقوله قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ أن ذكرهم لله- تعالى- بقلوبهم وألسنتهم يستغرق عامة أحوالهم» .
وقوله قِياماً وَقُعُوداً منصوبان على الحالية من ضمير الفاعلي في قوله: يَذْكُرُونَ.
وقوله وَعَلى جُنُوبِهِمْ متعلق بمحذوف معطوف على الحال أى: وكائنين على جنوبهم أى مضطجعين.
ثم وصفهم سبحانه وتعالى بوصف آخر فقال: وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ.
أى أن من صفات هؤلاء العباد أصحاب العقول السليمة أنهم يكثرون من ذكر الله- تعالى-، ولا يكتفون بذلك، بل يضيفون إلى هذا الذكر التدبر والتفكر في هذا الكون وما فيه من جمال الصنعة، وبديع المخلوقات، ليصلوا من وراء ذلك إلى الإيمان العميق، والإذعان التام، والاعتراف الكامل بوحدانية الله.
وعظيم قدرته .
.
.
فإن من شأن الأخيار من الناس أنهم يتفكرون في مخلوقات الله وما فيها من عجائب المصنوعات، وغرائب المبتدعات، ليدلهم ذلك على كمال قدرة الصانع- سبحانه-، فيعلموا أن لهذا الكون قادرا مدبرا حكيما، لأن عظم آثاره وأفعاله، تدل على عظم خالقها.
ولقد ذكر العلماء كثيرا من الأقوال التي تحض على التفكير السليم، وعلى التدبر في عجائب صنع الله، ومن ذلك قول سليمان الداراني: «إنى أخرج من بيتي فما يقع بصرى على شيء إلا رأيت لله على فيه نعمة، ولى فيه عبرة» ، وقال الحسن البصري: «تفكر ساعة خير من قيام ليلة» .
وقال الفخر الرازي: دلائل التوحيد محصورة في قسمين: دلائل الآفاق، ودلائل الأنفس.
ولا شك أن دلائل الآفاق أجل وأعظم، كما قال- تعالى-: لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ.
ولما كان الأمر كذلك لا جرم أنه أمر في هذه الآية بالفكر في خلق السموات والأرض، لأن دلالتها أعجب.
وشواهدها أعظم» .
وقد وبخ- سبحانه- الذين يرون العبر فلا يعتبرون، وتمر أمامهم العظات فلا يتعظون ولا يتفكرون فقال- تعالى-: وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ.
وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ.
ثم حكى- سبحانه- ثمرات ذكرهم لله وتفكرهم في خلقه فقال: رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ.
أى أنهم بعد أن أذعنت قلوبهم للحق، ونطقت ألسنتهم بالقول الحسن، وتفكرت عقولهم في بدائع صنع الله تفكيرا سليما، استشعروا عظمة الله استشعارا ملك عليهم جوارحهم، فرفعوا أكف الضراعة إلى الله بقولهم:يا ربنا إنك ما خلقت هذا الخلق البديع العظيم الشأن عبثا، أو عاريا عن الحكمة.
أو خاليا من المصلحة، سُبْحانَكَ أى ننزهك تنزيها تاما عن كل مالا يليق بك فَقِنا عَذابَ النَّارِ أى فوفقنا للعمل بما يرضيك، وأبعدنا عن عذاب النار.
وقوله رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا إلخ جملة واقعة موقع الحال على تقدير قوله أى يتفكرون قائلين ربنا.
لأن هذا الكلام أريد به حكاية قولهم بدليل ما بعده من الدعاء.
وقوله: باطلا صفة لمصدر محذوف أى خلقا باطلا، أو حال من المفعول والمعنى يا ربنا ما خلقت هذا المخلوق العظيم الشأن عاريا عن الحكمة، خاليا من المصلحة، بل خلقته مشتملا على حكم جليلة، منتظما لمصالح عظيمة.
وكان نداؤهم لخالقهم- عز وجل- بلفظ رَبَّنا اعترافا منهم بأنه هو مربيهم وخالقهم فمن حقه عليهم أن يفردوه بالعبادة والخضوع.
وسبحان اسم مصدر بمعنى التسبيح أى التنزيه، وهو مفعول بفعل مضمر لا يكاد يستعمل معه أى، تنزهت ذاتك وتقدست عن كل ما لا يليق، وجيء بفاء التعقيب في حكاية قولهم فَقِنا عَذابَ النَّارِ لأنه ترتب على اعتقادهم بأنه سبحانه- لم يخلق هذا عبثا- أن هناك ثوابا وعقابا، فسألوا الله- تعالى- أن يجعلهم من أهل الجنة لا من أهل النار.

﴿ تفسير البغوي ﴾

( الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ) قال علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهم والنخعي وقتادة : هذا في الصلاة يصلي قائما فإن لم يستطع فقاعدا فإن لم يستطع فعلى جنب .
أخبرنا أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الضبي ، أخبرنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد الجراحي ، أنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي ، أخبرنا أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي ، أنا هناد أنا وكيع عن إبراهيم بن طهمان ، عن حسين المعلم ، عن عبد الله بن بريدة ، عن عمران بن حصين قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة المريض فقال : " صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب " .
.
وقال سائر المفسرين أراد به المداومة على الذكر في عموم الأحوال لأن الإنسان قل ما يخلو من إحدى هذه الحالات الثلاث ، نظيره في سورة النساء " فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم ( النساء - 103 ) ، ( ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ) وما أبدع فيهما ليدلهم ذلك على قدرة الله ويعرفوا أن لها صانعا قادرا مدبرا حكيما قال ابن عون : الفكرة تذهب الغفلة وتحدث للقلب الخشية كما يحدث الماء للزرع النبات ، وما جليت القلوب بمثل الأحزان ولا استنارت بمثل الفكرة ، ( ربنا ) أي : ويقولون ربنا ( ما خلقت هذا ) رده إلى الخلق فلذلك لم يقل هذه ، ( باطلا ) أي : عبثا وهزلا بل خلقته لأمر عظيم وانتصب الباطل بنزع الخافض ، أي : بالباطل ، ( سبحانك فقنا عذاب النار )
قراءة سورة آل عمران

المصدر : الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض