﴿ ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
والعَالِمُون هم أهل العلم الذين يفهمون العبر ويتدبرون الآيات. والآيات في ذلك كثيرة: فمن آيات خلق السماوات والأرض وما فيهما، أن ذلك دال على عظمة سلطان اللّه وكمال اقتداره الذي أوجد هذه المخلوقات العظيمة، وكمال حكمته لما فيها من الإتقان وسعة علمه، لأن الخالق لا بد أن يعلم ما خلقه أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وعموم رحمته وفضله لما في ذلك من المنافع الجليلة، وأنه المريد الذي يختار ما يشاء لما فيها من التخصيصات والمزايا، وأنه وحده الذي يستحق أن يعبد ويوحد لأنه المنفرد بالخلق فيجب أن يفرد بالعبادة، فكل هذه أدلة عقلية نبه اللّه العقول إليها وأمرها بالتفكر واستخراج العبرة منها. و كذلك في اخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ على كثرتكم وتباينكم مع أن الأصل واحد ومخارج الحروف واحدة، ومع ذلك لا تجد صوتين متفقين من كل وجه ولا لونين متشابهين من كل وجه إلا وتجد من الفرق بين ذلك ما به يحصل التمييز. وهذا دال على كمال قدرته، ونفوذ مشيئته.و [من] عنايته بعباده ورحمته بهم أن قدر ذلك الاختلاف لئلا يقع التشابه فيحصل الاضطراب ويفوت كثير من المقاصد والمطالب.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم ذكر- سبحانه- آية ثالثة فقال: وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أى: ومن آياته الدالة على قدرته التامة على كل شيء، خلقه للسموات والأرض بتلك الصورة البديعة وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ أى: واختلاف لغاتكم فهذا يتكلم بالعربية، وآخر بالفارسية وثالث بالرومية.. إلى غير ذلك مما لا يعلم عدده من اللغات، بل إن الأمة الواحدة تجد فيها عشرات اللغات التي يتكلم بها أفرادها، ومئات اللهجات وَأَلْوانِكُمْ أى: ومن آياته كذلك، اختلاف ألوانكم، فهذا أبيض، وهذا أسود، وهذا أصفر، وهذا أشقر.. مع أن الجميع من أب واحد وأم واحدة وهما آدم وحواء. بل إنك لا تجد شخصين يتطابقان تطابقا تاما في خلقتهما وشكلهما.قال صاحب الكشاف: الألسنة: اللغات. او أجناس النطق واشكاله. خالف- عز وجل- بين هذه الأشياء حتى لا تكاد تسمع منطقين متفقين في همس واحد، ولا جهارة، ولا حدة، ولا رخاوة، ولا فصاحة.. ولا غير ذلك من صفات النطق وأحواله، وكذلك الصور وتخطيطها، والألوان وتنويعها، ولاختلاف ذلك وقع التعارف، ولو اتفقت وتشاكلت، وكانت ضربا واحدا، لوقع التجاهل والالتباس، ولتعطلت مصالح كثيرة ... وهم على الكثرة التي لا يعلمها إلا الله مختلفون متفاوتون .إِنَّ فِي ذلِكَ الذي وضحناه لكم لَآياتٍ بينات لِلْعالِمِينَ- بفتح اللام- وهي قراءة الجمهور، أى: إن في ذلك لآيات لجميع أصناف العالم من بار وفاجر، ومؤمن وكافر.وقرأ حفص- بكسر اللام- أى: إن في ذلك لآيات لأولى العلم والفهم من الناس.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم ) يعني : اختلاف اللغات من العربية والعجمية وغيرهما ) ( وألوانكم ) أبيض وأسود وأحمر ، وأنتم ولد رجل واحد وامرأة واحدة ( إن في ذلك لآيات للعالمين ) قرأ حفص : ) ( للعالمين ) بكسر اللام .