القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

الآية 26 من سورة الفتح - إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنـزل الله سكينته

سورة الفتح الآية رقم 26 : قراءة و استماع

قراءة و استماع الآية 26 من سورة الفتح مكتوبة - عدد الآيات 29 - Al-Fath - الصفحة 514 - الجزء 26.

سورة الفتح الآية رقم 26

﴿ إِذۡ جَعَلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلۡحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَأَلۡزَمَهُمۡ كَلِمَةَ ٱلتَّقۡوَىٰ وَكَانُوٓاْ أَحَقَّ بِهَا وَأَهۡلَهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٗا ﴾
[ الفتح: 26]


﴿ إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنـزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء عليما ﴾


﴿ تفسير السعدي ﴾

يقول تعالى: إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ حيث أنفوا من كتابة بسم الله الرحمن الرحيم وأنفوا من دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين إليهم في تلك السنة، لئلا يقول الناس: دخلوا مكة قاهرين لقريش وهذه الأمور ونحوها من أمور الجاهلية، لم تزل في قلوبهم حتى أوجبت لهم ما أوجبت من كثير من المعاصي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ فلم يحملهم الغضب على مقابلة المشركين بما قابلوهم به، بل صبروا لحكم الله، والتزموا الشروط التي فيها تعظيم حرمات الله ولو كانت ما كانت، ولم يبالوا بقول القائلين، ولا لوم اللائمين.
وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وهي لا إله إلا الله وحقوقها، ألزمهم القيام بها، فالتزموها وقاموا بها، وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا من غيرهم و كانوا أهلها الذين استأهلوها لما يعلم الله عندهم وفي قلوبهم من الخير، ولهذا قال: وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا

﴿ تفسير الوسيط ﴾

ثم بين- سبحانه- ما كان عليه المشركون من جهالات وحماقات استولت على نفوسهم فقال: إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ.
والظرف إِذْ منصوب بفعل مقدر.
والحمية: الأنفة والتكبر والغرور والتعالي بغير حق.
يقال: حمى أنفه من الشيء- كرضى- إذا غضب منه، وأعرض عنه.
أى: واذكر- أيها العاقل- وقت أن تمسك الكافرون وقيدوا أنفسهم بالحمية الباطلة، التي هي حمية الملّة الجاهلية، حيث منعوا المسلمين من دخول مكة، ومن الطواف بالمسجد الحرام، وحيث منعوا الهدى من أن يبلغ محله، وحيث أبوا أن يكتب في الصحيفة التي عقدت بينهم وبين المسلمين، بسم الله الرّحمن الرّحيم، أو محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم .
.
.
فهذا كله من حميتهم الجاهلية التي لا أساس لها من علم أو خلق أو دين.
.
.
.
وقوله: فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى.
.
معطوف على ما قبله، للمقابلة بين حال الفريقين، مقابلة تتجلى فيها رعايته- سبحانه- للمؤمنين، وغضبه على الكافرين.
أى: هذا هو حال الكافرين، رسخت الجهالات في قلوبهم حتى صرفتهم عن سبيل الرشد، أما حال المؤمنين فإنهم قابلوا تصرفات هؤلاء الكافرين بالاحتقار والازدراء ومبايعة رسولهم صلّى الله عليه وسلّم على الموت إذا لزم الأمر ذلك.
فأنزل الله- تعالى- طمأنينته وسكينته على قلب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعلى قلوب أصحابه، حيث لم يجعلهم يقابلون سفاهات المشركين بسفاهات مثلها .
.
.
وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى أى: وجعلهم ملتزمين بما تقتضيه كلمة التقوى، وهي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، من أناة وسكون وثبات ووقار وخلق كريم وإخلاص في الجهاد من أجل إعلاء كلمة الله.
وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها أى: وكان المؤمنون أحق بهذه الكلمة من الكفار، وكانوا أهلا لها دون الكفار، لأن المؤمنين استجابوا للحق.
أما الكافرون فقد أنفوا منه، وتطاولوا عليه، بمقتضى حميتهم الجاهلية .
.
.
وَكانَ- سبحانه- وما زال بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً لا يخفى عليه أمر، ولا يغيب عن علمه شيء، والمتأمل في هذه الآية الكريمة يرى ألوانا من المقابلات التي تدل على مدح الله- تعالى- للمؤمنين، وعلى احتقاره للكافرين.
فقد عبر- سبحانه- في جانب الكافرين بكلمة جعل التي تشعر بأن الكافرين كأنهم قد ألقوا هذه الحمية الجاهلية في قلوبهم إلقاء بدون تعقل أو تدبر، بينما عبر في جانب المؤمنين بكلمة أنزل التي تشعر كأن السكينة كانت في خزائنه- تعالى- ثم أنزلها بعد ذلك على قلب رسوله صلّى الله عليه وسلّم وعلى قلوب المؤمنين، ليزدادوا إيمانا على إيمانهم.
.
ونرى الفاعل لجعل هو الذين كفروا، بينما الفاعل لأنزل هو الله- عز وجل-.
ونرى المفعول لجعل هو الحمية، وهي كلمة مشتعلة منفرة، وقد كررها- سبحانه- ليزداد العقلاء نفورا منها.
.
ونرى المفعول لأنزل هو السكينة وهي كلمة فيها ما فيها من الوقار والسكون والثبات والطمأنينة.
ونرى الحمية قد أضيفت إلى الجاهلية، بينما السكينة أضيفت إلى الله- تعالى-.
ونرى أن الله- تعالى- قد أضاف كل ذلك مدحا عظيما لعباده المؤمنين حيث ألزمهم كلمة التقوى، وجعلهم أحق بها وأهلا لها دون أعدائهم الذين آثروا الغي على الرشد، والباطل على الحق .
.
.
وفي ذلك ما فيه من الثناء على المؤمنين والتحقير للكافرين.
ثم أكد الله- تعالى- صدق ما شاهده النبي صلّى الله عليه وسلّم في رؤياه، وبين الحكمة التي من أجلها أرسله إلى الناس كافة فقال- تعالى-:

﴿ تفسير البغوي ﴾

( إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية ) حين صدوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه عن البيت ، ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم ، وأنكروا محمدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، والحمية : الأنفة ، يقال : فلان ذو حمية إذا كان ذا غضب وأنفة .
قال مقاتل : قال أهل مكة : قد قتلوا أبناءنا وإخواننا ثم يدخلون علينا ، [ فتتحدث العرب أنهم دخلوا علينا ] على رغم أنفنا ، واللات والعزى لا يدخلونها علينا ، فهذه " حمية الجاهلية " ، التي دخلت قلوبهم .
( فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين ) حتى لم يدخلهم ما دخلهم من الحمية فيعصوا الله في قتالهم ( وألزمهم كلمة التقوى ) قال ابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك ، وقتادة ، وعكرمة ، والسدي ، وابن زيد ، وأكثر المفسرين : كلمة التقوى " لا إله إلا الله " .
وروي عن أبي بن كعب مرفوعا .
وقال علي وابن عمر : " كلمة التقوى " لا إله إلا الله والله أكبر .
وقال عطاء بن أبي رباح : هي لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير .
وقال عطاء الخراساني : هي لا إله إلا الله محمد رسول الله .
وقال الزهري : هي بسم الله الرحمن الرحيم .
( وكانوا أحق بها ) من كفار مكة ( وأهلها ) أي وكانوا أهلها في علم الله ، لأن الله تعالى اختار لدينه وصحبة نبيه أهل الخير ( وكان الله بكل شيء عليما ) .

قراءة سورة الفتح

المصدر : إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنـزل الله سكينته