﴿ قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
فأجابه اللّه إلى سؤاله فقال: سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ أي: نعاونك به ونقويك.ثم أزال عنه محذور القتل، فقال: وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا أي: تسلطا، وتمكنا من الدعوة، بالحجة، والهيبة الإلهية من عدوهما لهما، فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا وذلك بسبب آياتنا، وما دلت عليه من الحق، وما أزعجت به من باشرها ونظر إليها، فهي التي بها حصل لكما السلطان، واندفع بها عنكم، كيد عدوكم وصارت لكم أبلغ من الجنود، أولي الْعَدَدِ والْعُدَدِ. أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ وهذا وعد لموسى في ذلك الوقت، وهو وحده فريد، وقد رجع إلى بلده، بعد ما كان شريدا، فلم تزل الأحوال تتطور، والأمور تنتقل، حتى أنجز الله له موعوده، ومكنه من العباد والبلاد، وصار له ولأتباعه، الغلبة والظهور.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم حكى القرآن بعد ذلك، أن الله- تعالى- قد أجاب لموسى رجاءه فقال: قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ.شد العضد: كناية عن التقوية له، لأن اليد تشتد وتقوى، بشدة العضد وقوته. وهو من المرفق إلى الكتف.أى قال- سبحانه- لقد استجبنا لرجائك يا موسى، وسنقويك ونعينك بأخيك وَنَجْعَلُ لَكُما بقدرتنا ومشيئتنا سُلْطاناً أى: حجة وبرهانا وقوة تمنع الظالمين فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بأذى ولا يتغلبان عليكما بحجة.وقوله بِآياتِنا متعلق بمحذوف. أى: فوضا أمركما إلى، واذهبا إلى فرعون وقومه بآياتنا الدالة على صدقكما.وقوله- تعالى-: أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ مؤكد لمضمون ما قبله. من تقوية قلب موسى، وتبشيره بالغلبة والنصر على أعدائه.أى: أجبنا طلبك يا موسى، وسنقويك بأخيك، فسيرا إلى فرعون وقومه، فسنجعل لكما الحجة عليهم. وستكونان أنتما ومن اتبعكما من المؤمنين أصحاب الغلبة والسلطان على فرعون وجنده.ونفذ موسى وهارون- عليهما السلام- أمر ربهما- عز وجل- فذهبا إلى فرعون ليبلغاه دعوة الحق، وليأمراه بإخلاص العبادة لله- تعالى-.وتحكى الآيات الكريمة بعد ذلك ما دار بين موسى وبين فرعون وقومه من محاورات ومجادلات، انتهت بانتصار الحق، وهلاك الباطل.. تحكى الآيات كل ذلك فتقول:
﴿ تفسير البغوي ﴾
( قال سنشد عضدك بأخيك ) أي : نقويك بأخيك ، وكان هارون يومئذ بمصر ، ( ونجعل لكما سلطانا ) حجة وبرهانا ، ( فلا يصلون إليكما بآياتنا ) أي : لا يصلون إليكما بقتل ولا سوء لمكان آياتنا ، وقيل : فيه تقديم وتأخير ، تقديره : ونجعل لكما سلطانا بآياتنا بما نعطيكما من المعجزات فلا يصلون إليكما ، ( أنتما ومن اتبعكما الغالبون ) أي : لكما ولأتباعكما الغلبة على فرعون وقومه .