﴿ يابني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
لما أخرج اللّه بني آدم من الجنة، ابتلاهم بإرسال الرسل وإنزال الكتب عليهم يقصون عليهم آيات اللّه ويبينون لهم أحكامه، ثم ذكر فضل من استجاب لهم، وخسار من لم يستجب لهم فقال: فَمَنِ اتَّقَى ما حرم اللّه، من الشرك والكبائر والصغائر، وَأَصْلَحَ أعماله الظاهرة والباطنة فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ من الشر الذي قد يخافه غيرهم وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ على ما مضى، وإذا انتفى الخوف والحزن حصل الأمن التام، والسعادة، والفلاح الأبدي.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
والمعنى: يا بنى آدم إن يأتكم رسل من أبناء جنسكم، يتلون عليكم آياتي التي أنزلتها عليهم لهدايتكم فآمنوا بهم وعزروهم وانصروهم، فإن من آمن بهم واتقى ما نهاه عنه ربه، وأصلح نفسه وعمله، فأولئك لا خوف عليهم يوم القيامة، ولا هم يحزنون لمفارقتهم الدنيا، أما الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون.فالآيتان الكريمتان تخبران جميع بنى آدم أن رسل الله قد بلغوا الرسالة وأدوا الأمانة، فعلى المرسل إليهم أن يطيعوهم حتى يفوزوا برضاء خالقهم.قال الجمل: «وإنما قال رسل بلفظ الجمع وإن كان المراد به واحدا وهو النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه خاتم الأنبياء، وهو مرسل إلى كافة الخلق، فذكره بلفظ الجمع على سبيل التعظيم، فعلى هذا يكون الخطاب في قوله: يا بَنِي آدَمَ لأهل مكة ومن يلحق بهم. وقيل أراد جميع الرسل.وعلى هذا الخطاب في قوله: يا بَنِي آدَمَ عام لكل بنى آدم، وإنما قال منكم أى: من جنسكم ومثلكم من بنى آدم، لأن الرسول إذا كان من جنسهم كان أقطع لعذرهم وأثبت للحجة عليهم، لأنهم يعرفونه ويعرفون أحواله، فإذا أتاهم بما لا يليق بقدرته أو بقدرة أمثاله علم أن ذلك الذي أتى به معجزة له، وحجة على من خالفه».ثم تعرض السورة الكريمة بعد ذلك لمشاهد يوم القيامة في خمس عشرة آية فتصور لنا في أسلوبها البليغ المؤثر حال المشركين عند قبض أرواحهم، وحالهم عند ما يقفون أمام الله للحساب يوم الدين، وتحكى لنا ما يجرى بين رؤساء المشركين ومرءوسيهم من مجادلات وملاعنات، ثم تعقب على ذلك ببيان ما أعده الله للمؤمنين من أجر عظيم وثواب جزيل، ثم يختم هذه المشاهدة بالحديث عما يدور بين أصحاب الجنة وأصحاب النار من محاورات ونداءات. استمع إلى القرآن الكريم وهو يحكى كل ذلك بطريقته التصويرية المعجزة فيقول:
﴿ تفسير البغوي ﴾
قوله تعالى : ( يابني آدم إما يأتينكم رسل منكم ) أي : أن يأتيكم . قيل : أراد جميع الرسل . وقال مقاتل : أراد بقوله : ( يا بني آدم ) مشركي العرب وبالرسل محمدا - صلى الله عليه وسلم - وحده ، ( يقصون عليكم آياتي ) قال ابن عباس : فرائضي وأحكامي ، ( فمن اتقى وأصلح ) أي : اتقى الشرك وأصلح عمله . وقيل : أخلص ما بينه وبين ربه ( فلا خوف عليهم ) إذا خاف الناس ، ( ولا هم يحزنون ) أي : إذا حزنوا .