﴿ وأصحاب مدين وكذب موسى فأمليت للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان نكير ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
تفسير الآيات من 42 و44 :يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وإن يكذبك هؤلاء المشركون فلست بأول رسول كذب، وليسوا بأول أمة كذبت رسولها فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ* وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ* وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ أي: قوم شعيب. وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ المكذبين، فلم أعاجلهم بالعقوبة، بل أمهلتهم، حتى استمروا في طغيانهم يعمهون، وفي كفرهم وشرهم يزدادون، ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ بالعذاب أخذ عزيز مقتدر فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ أي: إنكاري عليهم كفرهم، وتكذيبهم كيف حاله، كان أشد العقوبات، وأفظع المثلات، فمنهم من أغرقه، ومنهم من أخذته الصيحة، ومنهم من أهلك بالريح العقيم، ومنهم من خسف به الأرض، ومنهم من أرسل عليه عذاب يوم الظلة، فليعتبر بهم هؤلاء المكذبون، أن يصيبهم ما أصابهم، فإنهم ليسوا خيرا منهم، ولا كتب لهم براءة في الكتب المنزلة من الله، وكم من المعذبين المهلكين أمثال هؤلاء كثير
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقال- سبحانه-: وَأَصْحابُ مَدْيَنَ ولم يقل وقوم شعيب، لأنهم هم الأسبق في التكذيب له- عليه السلام- على أصحاب الأيكة، ولأنهم هم أهله أما أصحاب الأيكة فكانوا غرباء عنه.وقال- سبحانه-: وَكُذِّبَ مُوسى لأنه لم يكذّب من جميع قومه وهم بنو إسرائيل.وإنما كان المكذب له هو فرعون وملأه، وللإشارة إلى أن موسى- عليه السلام- قد جاء إلى الناس بآيات واضحات تدل على صدقه، ومع ذلك فقد قوبل بالتكذيب من فرعون وملئه.ثم بين- سبحانه- ما حل بهؤلاء من عقوبات فقال: فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ.والإملاء: الإمهال وفي الصحيحين عن أبى موسى الأشعرى أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«إن الله ليملى للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته» .والنكير: اسم مصدر بمعنى الإنكار، يقال: أنكرت على فلان فعله، إذا ردعته وزجرته عنه.أى: هؤلاء الأقوام الذين كذبوا أنبياءهم، لم أعاجلهم بالعقوبة، بل أمهلتهم وأمليت لهم، ثم أخذتهم أخذ عزيز مقتدر، فانظر- أيها العاقل- كيف كان إنكارى عليهم؟ لقد كان إنكارا مخيفا مهلكا فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً. وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا، وَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ، وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ .وقال- سبحانه- فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ بالإظهار دون الإضمار، لزيادة التشنيع عليهم والاستفهام في قوله- تعالى-: فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ للتهويل والتعجيب. أى: لقد كان إنكارا فظيعا حول حياتهم إلى موت، وعمرانهم إلى خراب، وغرورهم إلى ذلة وهوان.. فعلى مشركي قريش أن يعتبروا بذلك ويتعظوا.. وإلا فالعاقبة معروفة لهم.
﴿ تفسير البغوي ﴾
وأصحاب مدين وكذب موسى فأمليت للكافرين ) أي : أمهلتهم وأخرت عقوبتهم ، ( ثم أخذتهم ) [ عاقبتهم ] ( فكيف كان نكير ) أي : إنكاري ، أي : كيف أنكرت عليهم ما فعلوا من التكذيب بالعذاب والهلاك ، يخوف به من يخالف النبي صلى الله عليه وسلم ويكذبه .