﴿ الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
لَهْوًا وَلَعِبًا أي: لهت قلوبهم وأعرضت عنه، ولعبوا واتخذوه سخريا، أو أنهم جعلوا بدل دينهم اللهو واللعب، واستعاضوا بذلك عن الدين القيم. وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا بزينتها وزخرفها وكثرة دعاتها، فاطمأنوا إليها ورضوا بها وفرحوا، وأعرضوا عن الآخرة ونسوها. فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ أي: نتركهم في العذاب كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا فكأنهم لم يخلقوا إلا للدنيا، وليس أمامهم عرض ولا جزاء. وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ والحال أن جحودهم هذا، لا عن قصور في آيات اللّه وبيناته.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وهنا يرد عليهم أهل الجنة بما يقطع آمالهم بسبب أعمالهم فيقولون لهم: إن الله منع كلا منهما على الكافرين، الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا، أى الذين اتخذوا دينهم- الذي أمرهم الله باتباع أوامره واجتناب نواهيه- مادة للسخرية والتلهي، وصرف الوقت فيما لا يفيد، فأصبح الدين- في زعمهم- صورة ورسوما لا تزكى نفسا، ولا تطهر قلبا، ولا تهذب خلقا وهم فوق ذلك قد غرتهم الحياة الدنيا- أى شغلتهم بمتعها ولذائذها وزينتها عن كل ما يقربهم إلى الله، ويهديهم إلى طريقه القويم.وقوله- تعالى-: فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا معناه فاليوم نفعل بهم فعل الناسي بالمنسى من عدم الاعتناء بهم وتركهم في النار تركا كليا بسبب تركهم الاستعداد لهذا اليوم، وبسبب جحودهم لآياتنا التي جاءتهم بها أنبياؤهم.فالنسيان في حق الله- تعالى- مستعمل في لازمه، بمعنى أن الله لا يجيب دعاءهم، ولا يرحم ضعفهم وذلهم، بل يتركهم في النار كما تركوا الإيمان والعمل الصالح في الدنيا.وهكذا تسوق لنا السورة الكريمة مشاهد متنوعة لأهوال يوم القيامة، فتحكى لنا أحوال الكافرين، كما تصور لنا ما أعده الله للمؤمنين. كما تسوق لنا ما يدور بين الفريقين من محاورات ومناقشات فيها العبر والعظات «لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد» .ثم بين- سبحانه- منزلة القرآن الكريم في إثباته للرسالة المحمدية عن طريق الإخبار بأحوال الأمم السابقة وبيان سوء عاقبة من كذب به، فقال:
﴿ تفسير البغوي ﴾
( الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا ) وهو ما زين لهم الشيطان من تحريم البحيرة وأخواتها ، والمكاء والتصدية حول البيت ، وسائر الخصال الذميمة ، التي كانوا يفعلونها في الجاهلية . وقيل : دينهم أي عيدهم ، ( وغرتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم ) نتركهم في النار ، ( كما نسوا لقاء يومهم هذا ) أي : كما تركوا العمل للقاء يومهم هذا ، ( وما كانوا بآياتنا يجحدون )