﴿ وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ أي: وحده الذي أنعم عليكم بسائر النعم ودفع عنكم جميع النقم. قَالُوا جحدا وكفرا وَمَا الرَّحْمَنُ بزعمهم الفاسد أنهم لا يعرفون الرحمن، وجعلوا من جملة قوادحهم في الرسول أن قالوا: ينهانا عن اتخاذ آلهة مع الله وهو يدعو معه إلها آخر يقول: " يا رحمن " ونحو ذلك كما قال تعالى: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فأسماؤه تعالى كثيرة لكثرة أوصافه وتعدد كماله، فكل واحد منها دل على صفة كمال. أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا أي: لمجرد أمرك إيانا. وهذا مبني منهم على التكذيب بالرسول واستكبارهم عن طاعته، وَزَادَهُمْ دعوتهم إلى السجود للرحمن نُفُورًا هربا من الحق إلى الباطل وزيادة كفر وشقاء.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم أخبر- سبحانه- عن جهالات المشركين وسخافاتهم فقال: وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ، قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَزادَهُمْ نُفُوراً.أى: وإذا قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنون معه لهؤلاء المشركين: اجعلوا سجودكم وخضوعكم للرحمن وحده، قالُوا على سبيل التجاهل وسوء الأدب والجحود: وَمَا الرَّحْمنُ. أى: وما الرحمن الذي تأمروننا بالسجود له أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا أى: أنسجد لما تأمرنا بالسجود له من غير أن نعرفه، ومن غير أن نؤمن به.وَزادَهُمْ نُفُوراً أى: وزادهم الأمر بالسجود نفورا عن الإيمان وعن السجود لله الواحد القهار.فالآية الكريمة تحكى ما جبل عليه أولئك المشركون من استهتار وتطاول وسوء أدب، عند ما يدعوهم الرسول صلّى الله عليه وسلّم إلى إخلاص العبادة لله- عز وجل، وإلى السجود للرحمن الذي تعاظمت رحماته، وتكاثرت آلاؤه.ولقد بلغ من تطاول بعضهم أنهم كانوا يقولون: ما نعرف الرحمن إلا ذاك الذي باليمامة، يعنون به مسيلمة الكذاب.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن ) ما نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة ، يعنون مسيلمة الكذاب ، كانوا يسمونه رحمن اليمامة . ) ( أنسجد لما تأمرنا ) قرأ حمزة والكسائي " يأمرنا " بالياء ، أي : لما يأمرنا محمد بالسجود له ، وقرأ الآخرون بالتاء ، أي : لما تأمرنا أنت يا محمد ، ) ( وزادهم ) يعني : زادهم قول القائل لهم : " اسجدوا للرحمن " ( نفورا ) عن الدين والإيمان .