﴿ أمن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
أي: هل الأصنام والأوثان الناقصة من كل وجه التي لا فعل منها ولا رزق ولا نفع خير؟ أم الله الذي جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا ْ يستقر عليها العباد ويتمكنون من السكنى والحرث والبناء والذهاب والإياب. وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا أي: جعل في خلال الأرض أنهارا ينتفع بها العباد في زروعهم وأشجارهم، وشربهم وشرب مواشيهم. وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ أي: جبالا ترسيها وتثبتها لئلا تميد وتكون أوتادا لها لئلا تضطرب. وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ البحر المالح والبحر العذب حَاجِزًا يمنع من اختلاطهما فتفوت المنفعة المقصودة من كل منهما بل جعل بينهما حاجزا من الأرض، جعل مجرى الأنهار في الأرض مبعدة عن البحار فيحصل منها مقاصدها ومصالحها، أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ ْ فعل ذلك حتى يعدل به الله ويشرك به معه. بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ْ فيشركون بالله تقليدا لرؤسائهم وإلا فلو علموا حق العلم لم يشركوا به شيئا.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم انتقلت السورة الكريمة إلى لفت أنظارهم إلى حقائق كونية أخرى يشاهدونها بأعينهم، ويحسونها بحواسهم. فقال- تعالى-: أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً والقرار: المكان الذي يستقر فيه الإنسان، ويصلح لبناء حياته عليه.أى: بل قولوا لنا- أيها المشركون: من الذي جعل هذه الأرض التي تعيشون عليها، مكانا صالحا لاستقراركم، ولحرثكم، ولتبادل المنافع فيما بينكم، ومن الذي دحاها وسواها وجعلها بهذه الطريقة البديعة.ومن الذي جَعَلَ خِلالَها أى: جعل فيما بينها أَنْهاراً تجرى بين أجزائها، لتنتفعوا بمياه هذه الأنهار في شربكم، وفي غير ذلك من شئون حياتكم. ومن الذي جَعَلَ لَها رَواسِيَ أى: جعل لصلاح حالها جبالا ثوابت، تحفظها من أن تضطرب بكم.ومن الذي: جَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ أى: جعل بين البحر العذب والبحر الملح حاجِزاً يجعلهما لا يختلطان ولا يمتزجان.ثم يأتى الاستفهام الإنكارى أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ؟ أى: أإله مع الله- تعالى- هو الذي فعل ذلك؟ كلا، ليس مع الله- تعالى- آلهة أخرى فعلت ذلك.بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ أى: بل أكثر هؤلاء المشركين، لا يعلمون الأمور على وجهها الصحيح، لجهلهم، وعكوفهم على ما ورثوه عن آبائهم بدون تفكير أو تدبر.وعبر بأكثرهم، لأن هناك قلة منهم تعلم الحق، لكنها تنكره جحودا وعنادا.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( أمن جعل الأرض قرارا ) لا تميد بأهلها ، ( وجعل خلالها ) وسطها ( أنهارا ) تطرد بالمياه ، ( وجعل لها رواسي ) جبالا ثوابت ، ( وجعل بين البحرين ) العذب والمالح ، ( حاجزا ) مانعا لئلا يختلط أحدهما بالآخر ، ( أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون ) توحيد ربه وسلطانه .