﴿ فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوما عمين ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
فلم يفد فيهم، ولا نجح فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ أي: السفينة التي أمر اللّه نوحا عليه الصلاة والسلام بصنعتها، وأوحى إليه أن يحمل من كل صنف من الحيوانات، زوجين اثنين وأهله ومن آمن معه، فحملهم فيها ونجاهم اللّه بها. وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ عن الهدى، أبصروا الحق، وأراهم اللّه - على يد نوح - من الآيات البينات، ما بهم يؤمن أولوا الألباب، فسخروا منه، واستهزءوا به وكفروا.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
لقد صرحت السورة الكريمة بأن موقفهم كان قبيحا ، ولذا عوقبوا بما يناسب جرمهم قال - تعالى - : ( فَكَذَّبُوهُ ) أى : فكذب قوم نوح نبيهم ومرشدهم نوحا ، وأصروا على التكذيب مع أنه دعاهم إلى الهدى ليلا ونهاراً ، وسراً وجهاراً ، ومع أنه مكث فيهم " ألف سنة إلا خمسين عاما " كانت نتيجة ذلك - كما حكى القرآن :( فَأَنجَيْنَاهُ والذين مَعَهُ فِي الفلك ) أى : فأنجيناه من الغرق هو والذين آمنوا معه بأن حملناهم فى السفينة التى صنعها . والفاء فى ( فَأَنجَيْنَاهُ ) للسببية .قيل كان عدد الذين آمنوا معه أربعين رجلا وأربعين امرأة . وقيل غير ذلك . والقرآن قد صرح بأن المؤمنين به كانوا قلة ، فقال : ( وَمَآ آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ ) ( وَأَغْرَقْنَا الذين كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً عَمِينَ ) عمين : جمع عم صفة مشبهة ، يقال : هو عم - كفرح - لأعمى البصيرة .أى : وأغرقنا بالطوفان أولئك الذين كذبوا بآياتنا من قوم نوح لأنهم كانوا قوماً عمى البصائر عن الحق والإيمان لا تنفع فيهم المواعظ ولم يجد معهم التذكير .
﴿ تفسير البغوي ﴾
( فكذبوه ) يعني : كذبوا نوحا ، ( فأنجيناه ) من الطوفان ، ( والذين معه في الفلك ) في السفينة ، ( وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوما عمين ) أي : كفارا ، قال ابن عباس : عميت قلوبهم عن معرفة الله . قال الزجاج : عموا عن الحق والإيمان ، يقال : رجل عم عن الحق وأعمى في البصر . وقيل : العمي والأعمى كالخضر والأخضر . قال مقاتل : عموات عن نزول العذاب بهم وهو الغرق .