﴿ والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ بل يعبدونه وحده مخلصين له الدين حنفاء مقبلين عليه معرضين عما سواه. وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ وهي نفس المسلم والكافر المعاهد، إِلَّا بِالْحَقِّ كقتل النفس بالنفس وقتل الزاني المحصن والكافر الذي يحل قتله. وَلَا يَزْنُونَ بل يحفظون فروجهم إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ أي: الشرك بالله أو قتل النفس التي حرم الله بغير حق أو الزنا فسوف يَلْقَ أَثَامًا
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وبعد أن بين- سبحانه- ما هم عليه من طاعات، أتبع ذلك ببيان اجتنابهم للمعاصي والسيئات فقال: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ أى: لا يشركون مع الله- تعالى- إلها آخر لا في عبادتهم ولا في عقائدهم. وإنما يخلصون وجوههم لله- تعالى- وحده.وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ أى: ولا يقتلون النفس التي حرم الله- تعالى- قتلها لأى سبب من الأسباب، إلا بسبب الحق المزيل والمهدر لعصمتها وحرمتها، ككفر بعد إيمان، وزنا بعد إحصان، أو قتل نفس بغير ذنب يوجب قتلها.وَلا يَزْنُونَ أى: ولا يرتكبون فاحشة الزنا، بأن يستحلوا فرجا حرمه الله- تعالى- عليهم.روى الشيخان وغيرهما عن عبد الله بن مسعود قال: سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أى الذنب أكبر؟ قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك، قلت: ثم أى: قال: «أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قلت: ثم أى؟ قال: أن تزانى حليلة جارك..» .وقوله- تعالى-: وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً ... بيان لسوء عاقبة من يرتكب شيئا من تلك الفواحش السابقة.أى: ومن يفعل ذلك الذي نهينا عنه من الإشراك والقتل والزنا، يلق عقابا شديدا لا يقادر قدره.
﴿ تفسير البغوي ﴾
قوله - عز وجل - : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ) الآية . أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا إبراهيم بن موسى ، أخبرنا هشام بن يوسف بن جريج أخبرهم قال : قال يعلى وهو يعلى بن مسلم ، أن سعيد بن جبير ، أخبره عن ابن عباس أن ناسا من أهل الشرك كانوا قد قتلوا فأكثروا وزنوا فأكثروا فأتوا محمدا - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملناه كفارة ، فنزلت : والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ( ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ) ونزل : قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ( الزمر - 53 ) .أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا جرير عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن عمرو بن شرحبيل قال : قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رجل : يا رسول الله أي الذنب أكبر عند الله ؟ قال : " أن تدعو لله ندا وهو خلقك " قال " ثم أي ؟ قال : " أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك " ، قال : ثم أي ؟ قال : " أن تزاني حليلة جارك " ، فأنزل الله تصديقها : والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما قوله - عز وجل - : ( ومن يفعل ذلك ) أي : شيئا من هذه الأفعال ) ( يلق أثاما ) قال ابن عباس رضي الله عنهما : إنما يريد جزاء الإثم . وقال أبو عبيدة : " الآثام " : العقوبة . وقال مجاهد : " الآثام " : واد في جهنم ، يروى ذلك عن عبد الله بن عمرو بن العاص ويروى في الحديث : " الغي والآثام بئران يسيل فيهما صديد أهل النار " .