القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

الآية 69 من سورة النحل - ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها

سورة النحل الآية رقم 69 : قراءة و استماع

قراءة و استماع الآية 69 من سورة النحل مكتوبة - عدد الآيات 128 - An-Nahl - الصفحة 274 - الجزء 14.

سورة النحل الآية رقم 69

﴿ ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ فَٱسۡلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلٗاۚ يَخۡرُجُ مِنۢ بُطُونِهَا شَرَابٞ مُّخۡتَلِفٌ أَلۡوَٰنُهُۥ فِيهِ شِفَآءٞ لِّلنَّاسِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ ﴾
[ النحل: 69]


﴿ ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون ﴾


﴿ تفسير السعدي ﴾

تفسير الآيتين 68 و69 :في خلق هذه النحلة الصغيرة، التي هداها الله هذه الهداية العجيبة، ويسر لها المراعي، ثم الرجوع إلى بيوتها التي أصلحتها بتعليم الله لها، وهدايته لها ثم يخرج من بطونها هذا العسل اللذيذ مختلف الألوان بحسب اختلاف أرضها ومراعيها، فيه شفاء للناس من أمراض عديدة.
فهذا دليل على كمال عناية الله تعالى، وتمام لطفه بعباده، وأنه الذي لا ينبغي أن يحب غيره ويدعي سواه.

﴿ تفسير الوسيط ﴾

وقوله: ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا.
.
بيان للون آخر من الإلهامات التي ألهمها الله- تعالى- إياها.
والسبل: جمع سبيل.
والمراد بها الطرق التي تسلكها النحلة في خروجها من بيتها وفي رجوعها إليه وأضاف- سبحانه- السبل إليه، لأنه هو خالقها وموجدها.
وذللا: جمع ذلول وهو الشيء الممهد المنقاد، وهو حال من السبل، أى: فاسلكي سبل ربك حال كونها ممهدة لك، لا عسر في سلوكها عليك، وإن كانت صعبة بالنسبة لغيرك.
قالوا: ربما أجدب عليها ما حولها، فتنتجع الأماكن البعيدة للمرعى، ثم تعود إلى بيوتها دون أن تضل عنها.
وقيل إن «ذللا» حال من النحلة أى: ثم كلى من كل الثمرات، فاسلكي سبل ربك، حالة كونك منقادة لما يراد منك، مطيعة لما سخرك الله له من أمور تدل على قدرته وحكمته- سبحانه-.
وقوله- تعالى-: يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ كلام مستأنف، عدل به من خطاب النحلة الى خطاب الناس، تعديدا للنعم، وتعجيبا لكل سامع، وتنبيها على مواطن العظات والعبر الدالة على وحدانية الله- تعالى- وقدرته وعجيب صنعه في خلقه.
أى: يخرج من بطون النحل- بعد أكلها من كل الثمرات وبعد اتخاذها بيوتها- شراب هو العسل، مختلف ألوانه ما بين أبيض وأصفر وغير ذلك من ألوان العسل، على حسب اختلاف مراعيها ومآكلها وسنها، وغير ذلك بما اقتضته حكمته- سبحانه-.
والضمير في قوله- تعالى-: فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ يعود على الشراب المستخرج من بطونها وهو العسل.
أى: في العسل شفاء عظيم للناس من أمراض كثيرة تعرض لهم.
وقيل: الضمير يعود إلى القرآن الكريم، والتقدير: فيما قصصنا عليكم في هذا القرآن الشفاء للناس.
وهذا القيل وإن كان صحيحا في ذاته، إلا أن السياق لا يدل عليه، لأن الآية تتحدث عما يخرج من بطون النحل وهو العسل، ولا وجه للعدول عن الظاهر، ومخالفة المرجع الواضح.
قال الإمام ابن كثير: والدليل على أن المراد بقوله فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ هو العسل، الحديث الذي رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبى سعيد الخدري- رضى الله عنه-، أن رجلا جاء إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: إن أخى استطلق بطنه فقال: «اسقه عسلا» ، فذهب فسقاه عسلا ثم جاء فقال: يا رسول الله، سقيته عسلا فما زاده إلا استطلاقا.
قال:«اذهب فاسقه عسلا» .
فذهب فسقاه عسلا ثم جاء فقال يا رسول الله، سقيته عسلا فما زاده إلا استطلاقا.
فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «صدق الله وكذب بطن أخيك.
اذهب فاسقه عسلا» فذهب فسقاه عسلا فبرئ.
ثم ساق الإمام ابن كثير بعد ذلك جملة من الأحاديث في هذا المعنى منها ما رواه البخاري عن ابن عباس قال: الشفاء في ثلاثة: في شرطة محجم أو شربة عسل أوكية بنار، وأنهى أمتى عن الكي» .
وروى البخاري- أيضا- عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن كان في شيء من أدويتكم- أو يكون في شيء من أدويتكم- خير: ففي شرطة محجم، أو شربة عسل، أو لذعة بنار، توافق الداء، وما أحب أن أكتوى».
وقال صاحب فتح البيان: وقد اختلف أهل العلم هل هذا الشفاء الذي جعله الله في العسل عام لكل داء، أو خاص ببعض الأمراض.
فقال طائفة: هو على العموم في كل حال ولكل أحد.
وقالت طائفة: أخرى: إن ذلك خاص ببعض الأمراض، ولا يقتضى العموم في كل علة وفي كل إنسان، وليس هذا بأول لفظ خصص في القرآن فالقرآن مملوء منه، ولغة العربي يأتى فيها العام كثيرا بمعنى الخاص، والخاص بمعنى العام.
ومما يدل على هذا، أن العسل نكرة في سياق الإثبات فلا يكون عاما باتفاق أهل اللسان.
ومحققي أهل الأصول.
وتنكيره إن أريد به التعظيم لا يدل إلا على أن فيه شفاء عظيما لمرض، أو أمراض، لا لكل مرض، فإن تنكير التعظيم لا يفيد العموم.
ثم قال: قلت: وحديث البخاري: أن أخى استطلق بطنه.
.
أوضح دليل على ما ذهبت إليه طائفة من تعميم الشفاء، لأن قوله صلى الله عليه وسلم «صدق الله» أى: أنه شفاء فلو كان لبعض دون بعض لم يكرر الأمر بالسقيا».
والذي نراه، أن من الواجب علينا أن نؤمن إيمانا جازما بأن العسل المذكور فيه شفاء للناس، كما صرح بذلك القرآن الكريم، وكما أرشد إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
وعلينا بعد ذلك أن نفوض أمر هذا الشفاء وعموميته وخصوصيته لعلم الله- تعالى- وقدرته وحكمته ويكفينا يقينا في هذا المجال، إصرار النبي صلى الله عليه وسلم على أن يقول للرجل الذي استطلق بطن أخيه أكثر من مرة، «اذهب فاسقه عسلا» .
وقد تولى كثير من الأطباء شرح هذه الآية الكريمة شرحا علميا وافيا، وبينوا ما اشتمل عليه عسل النحل من فوائد.
ثم ختم- سبحانه-: الآية الكريمة بقوله: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ.
أى: إن في ذلك الذي ذكرناه لكم من أمر النحل من إلهامها اتخاذ البيوت العجيبة، ومن إدارتها لشئون حياتها بدقة متناهية، ومن سلوكها الطرق التي جعلها الله مذللة في ذهابها وإيابها للحصول على قوام حياتها، ومن خروج العسل من بطونها .
.
.
إن في ذلك وغيره، لآية باهرة، وعبرة ظاهرة، ودلالة جلية، على وحدانية الله- تعالى- وقدرته، وحكمته، لقوم يحسنون التفكير فيما أخبرهم الله- تعالى- عنه، ويوقنون بأن لهذا الكون ربا واحدا لا إله الا هو تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ.
وإلى هنا تكون الآيات الكريمة قد ساقت لنا ألوانا من عجائب صنع الله في خلقه، كاستخراج اللبن من بين فرث ودم، وكاتخاذ السكر والرزق الحسن من ثمرات النخيل والأعناب، وكاستخراج العسل الذي فيه شفاء للناس من بطون النحل.
فهذه الأشربة قد أخرجها الله- تعالى- من أجساد مخالفة لها في شكلها، وقد ساقها- سبحانه- في آيات جمع بينها التناسق الباهر في عرض هذه النعم، مما يدل على أن هذا القرآن من عند الله،.
.
وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً.
وبعد هذا الحديث المتنوع عن عجائب خلق الله- تعالى- في الأنعام والأشجار والنحل.
.
ساقت السورة الكريمة ألوانا أخرى من مظاهر قدرته- تعالى- في خلق الإنسان، وفي التفاضل في الأرزاق، ومن نعمه على عباده في إيجاد الأزواج والبنين والحفدة.
.
فقال- تعالى-:

﴿ تفسير البغوي ﴾

( ثم كلي من كل الثمرات ) ليس معنى الكل العموم ، وهو كقوله تعالى : " وأوتيت من كل شيء " ( النمل - 23 ) .
( فاسلكي سبل ربك ذللا ) قيل : هي نعت الطرق ، يقول : هي مذللة للنحل سهلة المسالك .
قال مجاهد : لا يتوعر عليها مكان سلكته .
وقال آخرون : الذلل نعت النحل ، أي : مطيعة منقادة بالتسخير .
يقال : إن أربابها ينقلونها من مكان إلى مكان ولها يعسوب إذا وقف وقفت وإذا سار سارت .
( يخرج من بطونها شراب ) يعني العسل ( مختلف ألوانه ) أبيض وأحمر وأصفر .
( فيه شفاء للناس ) أي : في العسل .
وقال مجاهد : أي في القرآن ، والأول أولى .
أنبأنا إسماعيل بن عبد القاهر ، حدثنا عبد الغافر بن محمد ، حدثنا محمد بن عيسى الجلودي ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا محمد بن المثنى ، أخبرنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن أبي المتوكل ، عن أبي سعيد الخدري قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن أخي استطلق بطنه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اسقه عسلا فسقاه ثم جاء فقال : إني سقيته فلم يزده إلا استطلاقا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم له ثلاث مرات ، ثم جاء الرابعة فقال : اسقه عسلا قال : قد سقيته فلم يزده إلا استطلاقا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صدق الله وكذب بطن أخيك " فسقاه فبرأ .
قال عبد الله بن مسعود : العسل شفاء من كل داء ، والقرآن شفاء لما في الصدور .
وروي عنه أنه قال عليكم بالشفاءين القرآن والعسل .
( إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون ) فيعتبرون .

قراءة سورة النحل

المصدر : ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها