﴿ والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
الآيات السابقات في ذكر عقد الموالاة بين المؤمنين من المهاجرين والأنصار. وهذه الآيات في بيان مدحهم وثوابهم، فقال: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ أي: المؤمنون من المهاجرين والأنصار هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لأنهم صدقوا إيمانهم بما قاموا به من الهجرة والنصرة والموالاة بعضهم لبعض، وجهادهم لأعدائهم من الكفار والمنافقين. لَهُمْ مَغْفِرَةٌ من اللّه تمحى بها سيئاتهم، وتضمحل بها زلاتهم، و لهم رِزْقٌ كَرِيمٌ أي: خير كثير من الرب الكريم في جنات النعيم. وربما حصل لهم من الثواب المعجل ما تقر به أعينهم، وتطمئن به قلوبهم ،
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله- تعالى- وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا، أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا.. كلام مسوق للثناء على القسمين الأولين من الأقسام الثلاثة للمؤمنين وهم المهاجرون والأنصار.إذ أن الآية الأولى من هذه الآيات الكريمة قد ساقها الله- تعالى- لإيجاب التواصل بينهم، أما هذه الآية فقد ساقها سبحانه- للثناء عليهم والشهادة لهم بأنهم هم المؤمنون حق الإيمان وأكمله، بخلاف من أقام من المؤمنين بدار الشرك، مع الحاجة إلى هجرته وجهاده.قال الفخر الرازي: أثنى الله- تعالى- على المهاجرين والأنصار من ثلاثة أوجه:أولها- قوله: أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا فإن هذه الجملة تفيد المبالغة في مدحهم، حيث وصفهم بكونهم محقين في طريق الدين.وقد كانوا كذلك، لأن من لم يكن محقا في دينه لم يتحمل ترك الأديان السالفة، ولم يفارق الأهل والوطن، ولم يبذل النفس والمال.وثانيها- قوله: لَهُمْ مَغْفِرَةٌ والتنكير يدل على الكمال، أى: مغفرة تامة كاملة.وثالثها- قوله: وَرِزْقٌ كَرِيمٌ والمراد منه الثواب الرفيع.والحاصل: أنه- سبحانه- شرح أحوالهم في الدنيا والآخرة. أما في الدنيا فقد وصفهم بقوله: أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا.وأما في الآخرة فالمقصود إما دفع العقاب، وإما جلب الثواب.أما دفع العقاب فهو المراد بقوله لَهُمْ مَغْفِرَةٌ ... وأما جلب الثواب فهو المراد بقوله وَرِزْقٌ كَرِيمٌ.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا ) لا مرية ولا ريب في إيمانهم . قيل : حققوا إيمانهم بالهجرة والجهاد وبذل المال في الدين ، ( لهم مغفرة ورزق كريم ) في الجنة . فإن قيل : أي معنى في تكرار هذه الآية؟ قيل : المهاجرون كانوا على طبقات : فكان بعضهم أهل الهجرة الأولى ، وهم الذين هاجروا قبل الحديبية ، وبعضهم أهل الهجرة الثانية ، وهم الذين هاجروا بعد صلح الحديبية قبل فتح مكة ، وكان بعضهم ذا هجرتين هجرة الحبشة والهجرة إلى المدينة ، فالمراد من الآية الأولى الهجرة الأولى ، ومن الثانية الهجرة الثانية .