وَكَانُوا من كثرة إنعام الله عليهم يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ من المخاوف مطمئنين في ديارهم، فلو شكروا النعمة وصدقوا نبيهم صالحا عليه السلام لأدرَّ الله عليهم الأرزاق، ولأكرمهم بأنواع من الثواب العاجل والآجل، ولكنهم -لما كذبوا وعقروا الناقة، وعتوا عن أمر ربهم وقالوا: يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم بين- سبحانه- بعض مظاهر حضارتهم وتحصنهم في بيوتهم المنحوتة في الجبال فقال- تعالى- وَكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ.وينحتون: من النحت وهو برى الحجر من وسطه أو جوانبه، لإعداده للبناء أو للسكن أى: وكانوا لقوتهم وغناهم يتخذون لأنفسهم بيوتا في بطون الجبال وهم آمنون مطمئنون، أو يقطعون الصخر منها ليتخذوه بيوتا لهم.وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى- وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ ، أى: حاذقين في نحتها. وقوله- تعالى- وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً .قال ابن كثير: ذكر- تعالى- أنهم كانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ أى: من غير خوف ولا احتياج إليها، بل بطرا وعبثا، كما هو المشاهد من صنيعهم في بيوتهم بوادي الحجر، الذي مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ذاهب إلى تبوك فقنع رأسه- أى غطاها بثوبه- وأسرع دابته، وقال لأصحابه: «لا تدخلوا بيوت القوم المعذبين، إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تبكوا فتباكوا خشية أن يصيبكم ما أصابهم» .ولكن ماذا كانت نتيجة هذه القوة الغاشمة، والثراء الذي ليس معه شكر لله- تعالى- والإصرار على الكفر والتكذيب لرسل الله- تعالى-، والإعراض عن الحق ... ؟
﴿ تفسير البغوي ﴾
( وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين ) من الخراب ووقوع الجبل عليهم .