القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 101 سورة الإسراء - ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات فاسأل

سورة الإسراء الآية رقم 101 : سبع تفاسير معتمدة

سورة ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات فاسأل - عدد الآيات 111 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 101 من سورة الإسراء عدة تفاسير - سورة الإسراء : عدد الآيات 111 - - الصفحة 292 - الجزء 15.

سورة الإسراء الآية رقم 101


﴿ وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَىٰ تِسۡعَ ءَايَٰتِۭ بَيِّنَٰتٖۖ فَسۡـَٔلۡ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ إِذۡ جَآءَهُمۡ فَقَالَ لَهُۥ فِرۡعَوۡنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَٰمُوسَىٰ مَسۡحُورٗا ﴾
[ الإسراء: 101]

﴿ التفسير الميسر ﴾

ولقد آتينا موسى تسع معجزات واضحات شاهدات على صِدْق نبوته وهي: العصا واليد والسنون ونقص الثمرات والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم، فاسأل -أيها الرسول- اليهود سؤال تقرير حين جاء موسى أسلافهم بمعجزاته الواضحات، فقال فرعون لموسى: إني لأظنك -يا موسى- ساحرا، مخدوعًا مغلوبًا على عقلك بما تأتيه من غرائب الأفعال.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

«ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات» وهي اليد والعصا والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم أو الطمس ونقص الثمرات «فاسأل» يا محمد «بني إسرائيل» عنه سؤال تقرير للمشركين على صدقك، أو فقلنا له: اسأل وفي قراءة بلفظ الماضي «إذ جاءهم فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحورا» مخدوعا مغلوبا على عقلك.

﴿ تفسير السعدي ﴾

أي: لست أيها الرسول المؤيد بالآيات، أول رسول كذبه الناس، فلقد أرسلنا قبلك موسى ابن عمران الكليم، إلى فرعون وقومه، وآتيناه تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ كل واحدة منها تكفي لمن قصده اتباع الحق، كالحية، والعصا، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والرجز، وفلق البحر.
فإن شككت في شيء من ذلك فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ مع هذه الآيات إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا

﴿ تفسير البغوي ﴾

قوله عز وجل : ( ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات ) أي : دلالات واضحات فهي الآيات التسع .
قال ابن عباس والضحاك : هي العصا واليد البيضاء والعقدة التي كانت بلسانه فحلها وفلق البحر والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم .
وقال عكرمة وقتادة ومجاهد وعطاء : هي الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والعصا واليد والسنون ونقص الثمرات .
وذكر محمد بن كعب القرظي : الطمس والبحر بدل السنين ونقص من الثمرات قال : فكان الرجل منهم مع أهله في فراشه وقد صار حجرين والمرأة منهم قائمة تخبز وقد صارت حجرا .
وقال بعضهم : هن آيات الكتاب .
أخبرنا أبو سعيد أحمد بن إبراهيم الشريحي أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أخبرني الحسن بن محمد الثقفي أخبرنا هارون بن محمد بن هارون العطار أنبأنا يوسف بن عبد الله بن ماهان حدثنا الوليد الطيالسي حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن مسلمة عن صفوان بن عسال المرادي أن يهوديا قال لصاحبه : تعال حتى نسأل هذا النبي فقال الآخر : لا تقل نبي فإنه لو سمع صارت أربعة أعين فأتياه فسألاه عن هذه الآية : ( ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات ) فقال لا تشركوا بالله شيئا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا تزنوا ولا تأكلوا الربا ولا تسحروا ولا تمشوا بالبريء إلى سلطان ليقتله ولا تسرقوا ولا تقذفوا المحصنة ولا تفروا من الزحف وعليكم خاصة اليهود أن لا تعدوا في السبت فقبلا يده وقالا : نشهد أنك نبي قال : فما يمنعكم أن تتبعوني؟ قالا : إن داود دعا ربه أن لا يزال في ذريته نبي وإنا نخاف إن تبعناك أن يقتلنا اليهود .
( فاسأل ) يا محمد ( بني إسرائيل إذ جاءهم ) موسى يجوز أن يكون الخطاب معه والمراد غيره ويجوز أن يكون خاطبه عليه السلام وأمره بالسؤال ليتبين كذبهم مع قومهم .
( فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحورا ) أي : مطبوبا سحروك .
قاله الكلبي .
وقال ابن عباس : مخدوعا .
وقيل مصروفا عن الحق .
وقال الفراء وأبو عبيدة : ساحرا فوضع المفعول موضع الفاعل .
وقال محمد بن جرير : معطى علم السحر فهذه العجائب التي تفعلها من سحرك .

﴿ تفسير الوسيط ﴾

والمراد بالآيات التسع في قوله- تعالى-: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ .
.
.
:العصا، واليد، والسنون، والبحر، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع والدم.
قال ذلك ابن عباس ومجاهد وقتادة وغيرهم.
وقد جاء الحديث عن هذه الآيات في مواضع أخرى من القرآن الكريم، منها قوله- تعالى-: فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ.
وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ .
وقوله- تعالى-: وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ .
.
.
.
وقوله- سبحانه-: فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ.
وقوله- عز وجل-: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ، آياتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ.
والمعنى: لا تظن- أيها الرسول الكريم- أن إيمان هؤلاء المشركين من قومك، متوقف على إجابة ما طلبوه منك.
وما اقترحوه عليك من أن تفجر لهم من الأرض ينبوعا، أو تكون لك جنة من نخيل وعنب.
.
إلخ.
لا تظن ذلك:فإن الخوارق مهما عظمت لا تنشئ الإيمان في القلوب الجاحدة الحاقدة، بدليل أننا قد أعطينا أخاك موسى تسع معجزات، واضحات الدلالة على صدقه في نبوته، ولكن هذه المعجزات لم تزد المعاندين من قومه إلا كفرا على كفرهم ورجسا على رجسهم.
فاصبر- أيها الرسول- على تعنت قومك وأذاهم، كما صبر أولو العزم من الرسل قبلك.
وتحديد الآيات بالتسع، لا ينفى أن هناك معجزات أخرى أعطاها الله- تعالى-لموسى- عليه السلام- إذ من المعروف عند علماء الأصول، أن تحديد العدد بالذكر، لا يدل على نفى الزائد عنه.
قال الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية: وهذا القول- المروي عن ابن عباس وغيره- ظاهر جلى حسن قوى.
.
فهذه الآيات التسع، التي ذكرها هؤلاء الأئمة، هي المرادة هنا .
.
.
وقد أوتى موسى- عليه السلام- آيات أخرى كثيرة منها: ضربه الحجر بالعصا، وخروج الماء منه.
.
وغير ذلك مما أوتوه بنو إسرائيل بعد خروجهم من مصر، ولكن ذكر هنا هذه الآيات التسع التي شاهدها فرعون وقومه من أهل مصر وكانت حجة عليهم فخالفوها وعاندوها كفرا وجحودا.
ثم قال: وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد، حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة، قال: سمعت عبد الله بن سلمة يحدث عن صفوان بن عسال المرادي قال: قال يهودي لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا النبي حتى نسأله عن هذه الآية: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ .
.
.
فسألاه: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا ولا تزنوا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا تسخروا، ولا تأكلوا الربا، ولا تمشوا ببريء إلى ذي سلطان ليقتله، ولا تقذفوا محصنة، ولا تفروا من الزحف» .
.
فقبّلا يديه ورجليه .
.
.
ثم قال: «أما هذا الحديث فهو حديث مشكل.
وعبد الله بن سلمة في حفظه شيء، وتكلموا فيه، ولعله اشتبه عليه التسع الآيات، بالعشر الكلمات، فإنها وصايا في التوراة، لا تعلق لها بقيام الحجة على فرعون .
.
.
».
والحق أن ما رجحه الإمام ابن كثير من أن المراد بالآيات التسع هنا: ما آتاه الله- تعالى- لنبيه موسى- عليه السلام- من العصا، واليد .
.
.
هو الذي تسكن إليه النفس، لأن قوله- تعالى- بعد ذلك قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ .
.
.
يؤيد أن المراد بها ما تقدم من العصا، واليد، والسنين.
.
ولأنها هي التي فيها الحجج، والبراهين والمعجزات الدالة على صدق موسى- عليه السلام-.
أما تلك الوصايا التي وردت في الحديث فلا علاقة لها بقيام الحجة على فرعون- كما قال الإمام ابن كثير.
هذا، والخطاب في قوله- تعالى-: فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ جاءَهُمْ يرى بعضهم أنه للنبي صلى الله عليه وسلم والمسئولون هم المؤمنون من بنى إسرائيل كعبد الله بن سلام وأصحابه.
وعلى هذا التفسير يكون قوله إِذْ جاءَهُمْ ظرف لقوله آتَيْنا وجملة فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ معترضة بين العامل والمعمول.
والمعنى: ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات، وقت أن أرسله الله- تعالى- إلى فرعون وقومه، فاسأل- أيها الرسول الكريم- المؤمنين من بنى إسرائيل عن ذلك، فستجد منهم الجواب عما جرى بين موسى وأعدائه عن طريق ما طالعوه في التوراة.
والمقصود بسؤالهم: الاستشهاد بهم حتى يزداد المؤمنون إيمانا على إيمانهم، لأن من شأن الأدلة إذا تضافرت وتعددت، أن تكون أقوى وأثبت في تأييد المدعى.
قال الآلوسى: والمعنى: فاسأل يا محمد مؤمنى أهل الكتاب عن ذلك، إما لأن تظاهر الأدلة أقوى- في التثبيت-، وإما من باب التهييج والإلهاب، وإما للدلالة على أنه أمر محقق عندهم ثابت في كتابهم.
وليس المقصود حقيقة السؤال.
بل كونهم- أعنى المسئولين- من أهل علمه، ولهذا يؤمر مثلك بسؤالهم».
ويرى آخرون أن الخطاب لموسى- عليه السلام-، وعليه يكون السؤال إما بمعناه المشهور أو بمعنى الطلب، ويكون قوله إِذْ جاءَهُمْ ظرفا لفعل مقدر.
والمعنى: ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات، فقلنا له حين مجيئه إلى بنى إسرائيل: اسألهم عن أحوالهم مع فرعون، أو اطلب منهم أن يؤمنوا بك ويصدقوك، ويخرجوا معك حين تطلب من فرعون ذلك.
والفاء في قوله: فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً هي الفصيحة.
إذ المعنى: فامتثل موسى أمرنا، وسأل بنى إسرائيل عن أحوالهم، وطلب من فرعون أن يرسلهم معه، بعد أن أظهر له من المعجزات ما يدل على صدقه، فقال فرعون لموسى على سبيل التعالي والتهوين من شأنه- عليه السلام-: يا موسى إنى لأظنك مسحورا.
أى: سحرت فخولط عقلك واختل، وصرت تتصرف تصرفا يتنافى مع العقل السليم، وتدعى دعاوى لا تدل على تفكير قويم.
فقوله مَسْحُوراً اسم مفعول.
يقال: سحر فلان فلانا يسحره سحرا فهو مسحور، إذا اختلط عقله.
ويجوز أن يكون قوله مَسْحُوراً بمعنى ساحر، فيكون المعنى: إنى لأطنك يا موسى ساحرا، عليما بفنون السحر فقد أتيت بأشياء عجيبة يشير بذلك إلى انقلاب العصا حية بعد أن ألقاها- عليه السلام-.
وهذا شأن الطغاة في كل زمان ومكان، عند ما يرون الحق قد أخذ يحاصرهم، ويكشف عن ضلالهم وكذبهم .
.
.
يرمون أهله- زورا وبهتانا- بكل نقيصة.

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

يخبر تعالى أنه بعث موسى بتسع آيات بينات ، وهي الدلائل القاطعة على صحة نبوته وصدقه فيما أخبر به عمن أرسله إلى فرعون ، وهي : العصا ، واليد ، والسنين ، والبحر ، والطوفان ، والجراد ، والقمل ، والضفادع ، والدم ، آيات مفصلات ؛ قاله ابن عباس .وقال محمد بن كعب : هي اليد ، والعصا ، والخمس في " الأعراف " ، والطمسة والحجر .وقال : ابن عباس أيضا ، ومجاهد ، وعكرمة والشعبي ، وقتادة : هي يده ، وعصاه ، والسنين ، ونقص الثمرات ، والطوفان ، والجراد ، والقمل ، والضفادع ، والدم .وهذا القول ظاهر جلي حسن قوي . وجعل الحسن البصري " السنين ونقص الثمرات " واحدة ، وعنده أن التاسعة هي : تلقف العصا ما يأفكون . ( فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين ) [ الأعراف : 133 ] أي : ومع هذه الآيات ومشاهدتهم لها ، كفروا بها وجحدوا بها ، واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا ، وما نجعت فيهم ، فكذلك لو أجبنا هؤلاء الذين سألوا منك ، سألوا وقالوا : ( لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا ) [ الإسراء : 90 ] إلى آخرها ، لما استجابوا ولا آمنوا إلا أن يشاء الله ، كما قال فرعون لموسى - وقد شاهد منه ما شاهد من هذه الآيات - : ( إني لأظنك ياموسى مسحورا ) قيل : بمعنى ساحر . والله تعالى أعلم .فهذه الآيات التسع التي ذكرها هؤلاء الأئمة هي المرادة هاهنا ، وهي المعنية في قوله تعالى : ( وألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء في تسع آيات إلى فرعون وقومه إنهم كانوا قوما فاسقين ) [ النمل : 10 - 12 ] . فذكر هاتين الآيتين : العصا واليد ، وبين الآيات الباقيات في " سورة الأعراف " وفصلها .وقد أوتي موسى ، عليه السلام ، آيات أخر كثيرة ، منها ضربه الحجر بالعصا ، وخروج الأنهار منه ، ومنها تظليلهم بالغمام ، وإنزال المن والسلوى ، وغير ذلك مما أوتوه بنو إسرائيل بعد مفارقتهم بلاد مصر ، ولكن ذكر هاهنا التسع الآيات التي شاهدها فرعون وقومه من أهل مصر ، وكانت حجة عليهم فخالفوها وعاندوها كفرا وجحودا . فأما الحديث الذي رواه الإمام [ أحمد ] :حدثنا يزيد ، حدثنا شعبة ، عن عمرو بن مرة قال : سمعت عبد الله بن سلمة يحدث ، عن صفوان بن عسال المرادي - رضي الله عنه - قال : قال يهودي لصاحبه : اذهب بنا إلى هذا النبي [ صلى الله عليه وسلم ] حتى نسأله عن هذه الآية : ( ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات ) فقال : لا تقل له : نبي ؛ فإنه لو سمعك لصارت له أربع أعين . فسألاه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تشركوا بالله شيئا ، ولا تسرقوا ، ولا تزنوا ، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ، ولا تسحروا ، ولا تأكلوا الربا ، ولا تمشوا ببريء إلى ذي سلطان ليقتله ، ولا تقذفوا محصنة - أو قال : لا تفروا من الزحف -شعبة الشاك - وأنتم يا يهود ، عليكم خاصة أن لا تعدوا في السبت " . فقبلا يديه ورجليه ، وقالا : نشهد أنك نبي . [ قال : " فما يمنعكما أن تتبعاني ؟ " قالا : لأن داود ، عليه السلام ، دعا ألا يزال من ذريته نبي ] ، وإنا نخشى إن أسلمنا أن تقتلنا يهود .فهذا الحديث رواه هكذا الترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، وابن جرير في تفسيره من طرق عن شعبة بن الحجاج به ، وقال الترمذي : حسن صحيح .وهو حديث مشكل ، وعبد الله بن سلمة في حفظه شيء ، وقد تكلموا فيه ، ولعله اشتبه عليه التسع الآيات بالعشر الكلمات ، فإنها وصايا في التوراة لا تعلق لها بقيام الحجة على فرعون ، والله أعلم .ولهذا قال موسى لفرعون :

﴿ تفسير القرطبي ﴾

قوله تعالى : ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات فاسأل بني إسرائيل إذ جاءهم فقال له فرعون إني لأظنك ياموسى مسحوراقوله تعالى : ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات اختلف في هذه الآيات ; فقيل : هي بمعنى آيات الكتاب ; كما روى الترمذي والنسائي عن صفوان بن عسال المرادي أن يهوديين قال أحدهما لصاحبه : اذهب بنا إلى هذا النبي نسأله ; فقال : لا تقل له نبي فإنه إن سمعنا كان له أربعة أعين ; فأتيا النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألاه عن قول الله - تعالى - : ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا تشركوا بالله شيئا ولا تزنوا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا تسرقوا ولا تسحروا ولا تمشوا ببريء إلى سلطان فيقتله ولا تأكلوا الربا ولا تقذفوا محصنة ولا تفروا من الزحف - شك شعبة - وعليكم يا معشر اليهود خاصة ألا تعدوا في السبت فقبلا يديه ورجليه وقالا : نشهد أنك نبي .
قال : فما يمنعكما أن تسلما قالا : إن داود دعا الله ألا يزال في ذريته نبي وإنا نخاف إن أسلمنا أن تقتلنا اليهود .
قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .
وقد مضى في البقرة .
وقيل : الآيات بمعنى المعجزات والدلالات .
قال ابن عباس والضحاك : الآيات التسع العصا واليد واللسان والبحر والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ; آيات مفصلات .
وقال الحسن والشعبي : الخمس المذكورة في البقرة ; يعنيان الطوفان وما عطف عليه ، واليد والعصا والسنين والنقص من الثمرات .
وروي نحوه عن الحسن ; إلا أنه يجعل السنين والنقص من الثمرات واحدة ، وجعل التاسعة تلقف العصا ما يأفكون .
وعن مالك كذلك ; إلا أنه جعل مكان السنين والنقص من الثمرات ; البحر والجبل .
وقال محمد بن كعب : هي الخمس التي في [ الأعراف ] والبحر والعصا والحجر والطمس على أموالهم .
وقد تقدم شرح هذه الآيات مستوفى والحمد لله .
فاسأل بني إسرائيل إذ جاءهم أي سلهم يا محمد إذ جاءهم موسى بهذه الآيات ، حسبما تقدم بيانه في [ يونس ] .
وهذا سؤال استفهام ليعرف اليهود صحة ما يقول محمد - صلى الله عليه وسلم - .
فقال له فرعون إني لأظنك ياموسى مسحورا أي ساحرا بغرائب أفعالك ; قاله الفراء وأبو عبيدة .
فوضع المفعول موضع الفاعل ; كما تقول : هذا مشئوم وميمون ، أي شائم ويامن .
وقيل مخدوعا .
وقيل مغلوبا ; قالهمقاتل .
وقيل غير هذا ; وقد تقدم .
وعن ابن عباس وأبي نهيك أنهما قرأا فسئل بني إسرائيل على الخبر ; أي سأل موسى فرعون أن يخلي بني إسرائيل ويطلق سبيلهم ويرسلهم معه .

﴿ تفسير الطبري ﴾

يقول تعالى ذكره: ولقد آتينا موسى بن عمران تسع آيات بيِّنات تُبَين لمن رآها أنها حجج لموسى شاهدة على صدقه وحقيقة نبوّته.
وقد اختلف أهل التأويل فيهنّ وما هنّ.
فقال بعضهم في ذلك ما حدثني به محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ) قال: التسع الآيات البينات: يده، وعصاه، ولسانه، والبحر، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم آيات مفصلات.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ) إلقاء العصا مرّتين عند فرعون، ونزع يده، والعقدة التي كانت بلسانه، وخمس آيات في الأعراف: الطوفان ، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم.
وقال آخرون: نحوا من هذا القول، غير أنهم جعلوا آيتين منهن: إحداهما الطمسة، والأخرى الحجر.
* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بريدة بن سفيان، عن محمد بن كعب القرظي ، قال: سألني عمر بن عبد العزيز، عن قوله ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ) فقلت له: هي الطوفان والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والبحر، وعصاه، والطمسة، والحجر، فقال: وما الطمسة؟ فقلت: دعا موسى وأمَّن هارون، فقال: قد أجيبت دعوتكما، وقال عمر: كيف يكون الفقه إلا هكذا.
فدعا عمر بن عبد العزيز بخريطة كانت لعبد العزيز بن مروان أصيبت بمصر، فإذا فيها الجوزة والبيضة والعدسة ما تنكر، مسخت حجارة كانت من أموال فرعون أصيبت بمصر.
وقال آخرون: نحوا من ذلك إلا أنهم جعلوا اثنتين منهنّ: إحداهما السنين، والأخرى النقص من الثمرات.
* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال : ثنا الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة ومطر الورّاق، في قوله ( تِسْعَ آياتٍ ) قالا الطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والعصا، واليد، والسنون، ونقص من الثمرات.
حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، عن مغيرة، عن الشعبيّ، في قوله ( تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ) قال: الطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والسنين، ونقص من الثمرات، وعصاه، ويده.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: سُئل عطاء بن أبي رباح عن قوله ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ) ما هي؟ قال: الطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، وعصى موسى، ويده.
قال: ابن جريج : وقال مجاهد مثل قول عطاء، وزاد أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ قال: هما التاسعتان، ويقولون: التاسعتان: السنين ، وذهاب عجمة لسان موسى.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، عن ابن عباس، في قوله ( تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ) وهي متتابعات، وهي في سورة الأعراف وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ قال: السنين في أهل البوادي، ونقص من الثمرات لأهل القرى، فهاتان آيتان، والطوافان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، هذه خمس، ويد موسى إذ أخرجها بيضاء للناظرين من غير سوء: البرص، وعصاه إذ ألقاها، فإذا هي ثعبان مبين.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد ، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن ابن عباس، قوله ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ) قال: يد موسى، وعصاه، والطوفان، والجراد ، والقمل، والضفادع، والدم والسنين، ونقص من الثمرات.
وقال آخرون نحوا من ذلك إلا أنهم جعلوا السنين، والنقص من الثمرات آية واحدة، وجعلوا التاسعة: تلقف العصا ما يأفكون.
* ذكر من قال ذلك:حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق ، قال: أخبرنا معمر، قال: قال الحسن، في قوله ( تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ) ، وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ قال: هذه آية واحدة، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، ويد موسى، وعصاه إذ ألقاها فإذا هي ثعبان مبين، وإذ ألقاها فإذا هي تلقف ما يأفكون.
وقال آخرون في ذلك ما حدثني محمد بن المثنى، قال: ثني محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن عمرو بن مرّة، قال: سمعت عبد الله بن سلمة يحدّث عن صفوان بن عسال، قال: قال يهوديّ لصاحبه: اذهب بنا إلى النبيّ حتى نسأله عن هذه الآية ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ) قال: لا تقل له نبيّ، فإنه إن سمعك صارت له أربعة أعين، قال: فسألا فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: لا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا ، وَلا تَسْرِقُوا ، وَلا تَزْنُوا ، وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ ، وَلا تَسْحَرُوا ، وَلا تَأْكُلُوا الرِّبَا ، وَلا تَمْشُوا بِبَرِيءٍ إِلَى ذِي سُلْطَانٍ لِيَقْتُلَهُ ، وَلا تَقْذِفُوا مُحْصَنَةً ،أو قال: لا تَفرُّوا مِنَ الزَّحْفِ" .
شعبة الشاكّ وأنْتُمْ يا يَهُودُ عليكم خَاصّ لا تَعْدُوا فِي السَّبْت ، فقبَّلا يده ورجله، وقالا نشهد أنك نبيّ، قال: فما يمنعكما أن تسلما؟ قالا إن داود دعا أن لا يزال من ذرّيته نبيّ، وإنا نخشى أن تقتلنا يهود ".
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا سهل بن يوسف وأبو داود وعبد الرحمن بن مهدي، عن سعيد، عن عمرو، قال: سمعت عبد الله بن سلمة يحدث عن صفوان بن عسال المرادي، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم بنحوه، إلا أن ابن مهديّ قال: " لا تمشوا إلى ذي سُلْطان " وقال ابن مهدي: أراه قال: " ببريء ".
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عبد الله بن إدريس وأبو أسامة بنحوه، عن شعبة بن الحجاج، عن عمرو بن مرّة، عن عبد الله بن سلمة ، عن صفوان بن عسال، قال: قال يهودي لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا النبيّ، فقال صاحبه: لا تقل نبيّ، إنه لو سمعك كان له أربع أعين، قال: فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، يسألانه عن تسع آيات بينات، فقال: " هنَّ : ولا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا ، وَلا تَسْرِقُوا ، وَلا تَزْنُوا ، وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ ، وَلا تَمْشُوا بِبَرِيءٍ إِلَى ذِي سُلْطَانٍ لِيَقْتُلَهُ ، وَلا تَسْحَرُوا ، وَلا تَأْكُلُوا الرِّبَا ، وَلا تَقْذِفُوا مُحْصَنَةً ، وَلا تَوَلَّوا يَوْمَ الزَّحْفِ ، وَعَلَيْكُمْ خَاصَّةً يَهُودُ: أنْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ ، قال: فقبَّلوا يديه ورجليه، وقالوا: نشهد أنك نبيّ، قال: فَمَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَتَّبِعُونِي؟ قالوا: إن داود دعا أن لا يزال من ذرّيته نبيّ، وإنا نخاف إن اتبعناك أن تقتلنا يهود ".
حدثنا مجاهد بن موسى، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا شعبة بن الحجاج، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، عن صفوان بن عسَّال، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم بنحوه.
وأما قوله ( فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ ) فإن عامّة قرّاء الإسلام على قراءته على وجه الأمر بمعنى: فاسأل يا محمد بني إسرائيل إذ جاءهم موسى.
ورُوي عن الحسن البصري في تأويله ما حدثني به الحارث، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا حجاج، عن هارون، عن إسماعيل، عن الحسن ( فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ) قال: سؤالك إياهم: نظرك في القرآن.
ورُوي عن ابن عباس أنه كان يقرأ ذلك: " فسأل " بمعنى: فسأل موسى فرعون بني إسرائيل أن يرسلهم معه على وجه الخبر.
* ذكر من قال ذلك:حدثنا أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا حجاج، عن هارون، عن حنظلة السَّدوسيّ، عن شهر بن حوشب، عن ابن عباس، أنه قرأ: " فَسأَلَ بَنِي إسْرَائِيلَ إذْ جاءهم " يعني أن موسى سأل فرعونَ بني إسرائيل أن يرسلهم معه.
والقراءة التي لا أستجيز أن يُقرأ بغيرها، هي القراءة التي عليها قرّاء الأمصار، لإجماع الحجة من القرّاء على تصويبها، ورغبتهم عما خالفها.
وقوله ( فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا ) يقول: فقال لموسى فرعون: إني لأظنك يا موسى تتعاطى علم السحر، فهذه العجائب التي تفعلها من سحرك، وقد يجوز أن يكون مرادا به إني لأظنك يا موسى ساحرا، فوضع مفعول موضع فاعل، كما قيل: إنك مشئوم علينا وميمون، وإنما هو شائم ويامن ، وقد تأوّل بعضهم حجابا مستورا، بمعنى: حجابا ساترا، والعرب قد تخرج فاعلا بلفظ مفعول كثيرا.

﴿ ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات فاسأل بني إسرائيل إذ جاءهم فقال له فرعون إني لأظنك ياموسى مسحورا ﴾

قراءة سورة الإسراء

المصدر : تفسير : ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات فاسأل