القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 11 سورة يونس - ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير

سورة يونس الآية رقم 11 : سبع تفاسير معتمدة

سورة ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير - عدد الآيات 109 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 11 من سورة يونس عدة تفاسير - سورة يونس : عدد الآيات 109 - - الصفحة 209 - الجزء 11.

سورة يونس الآية رقم 11


﴿ ۞ وَلَوۡ يُعَجِّلُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ ٱلشَّرَّ ٱسۡتِعۡجَالَهُم بِٱلۡخَيۡرِ لَقُضِيَ إِلَيۡهِمۡ أَجَلُهُمۡۖ فَنَذَرُ ٱلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ لِقَآءَنَا فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعۡمَهُونَ ﴾
[ يونس: 11]

﴿ التفسير الميسر ﴾

ولو يعجِّل الله للناس إجابة دعائهم في الشر كاستعجاله لهم في الخير بالإجابة لهلكوا، فنترك الذين لا يخافون عقابنا، ولا يوقنون بالبعث والنشور في تمرُّدهم وعتوِّهم، يترددون حائرين.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

«ولو يُعَجِل الله للناس الشر استعجالهم» أي كاستعجالهم «بالخير لقضي» بالبناء للمفعول وللفاعل «إليهم أجلُهم» بالرفع والنصب، بأن يهلكهم ولكن يمهلهم «فَنَذَرُ» نترك «الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون» يترددون متحيرين.

﴿ تفسير السعدي ﴾

وهذا من لطفه وإحسانه بعباده، أنه لو عجل لهم الشر إذا أتوا بأسبابه، وبادرهم بالعقوبة على ذلك، كما يعجل لهم الخير إذا أتوا بأسبابه ‏‏لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ‏‏ أي‏:‏ لمحقتهم العقوبة، ولكنه تعالى يمهلهم ولا يهملهم، ويعفو عن كثير من حقوقه، فلو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك على ظهرها من دابة‏.
‏ويدخل في هذا، أن العبد إذا غضب على أولاده أو أهله أو ماله، ربما دعا عليهم دعوة لو قبلت منه لهلكوا، ولأضره ذلك غاية الضرر، ولكنه تعالى حليم حكيم‏.
‏وقوله‏:‏ ‏‏فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا‏‏ أي‏:‏ لا يؤمنون بالآخرة، فلذلك لا يستعدون لها، ولا يعلمون ما ينجيهم من عذاب الله، ‏‏فِي طُغْيَانِهِمْ‏‏ أي‏:‏ باطلهم، الذي جاوزوا به الحق والحد‏.
‏‏‏يَعْمَهُونَ‏‏ يترددون حائرين، لا يهتدون السبيل، ولا يوفقون لأقوم دليل، وذلك عقوبة لهم على ظلمهم، وكفرهم بآيات الله‏.


﴿ تفسير البغوي ﴾

قوله عز وجل : ( ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير ) قال ابن عباس : هذا في قول الرجل عند الغضب لأهله وولده : لعنكم الله ، ولا بارك فيكم .
قال قتادة : هو دعاء الرجل على نفسه وأهله وماله بما يكره أن يستجاب .
معناه : لو يعجل الله الناس إجابة دعائهم في الشر والمكروه استعجالهم بالخير ، أي : كما يحبون استعجالهم بالخير ، ( لقضي إليهم أجلهم ) قرأ ابن عامر ويعقوب : " لقضى " بفتح القاف والضاد ، ( أجلهم ) نصب ، أي : لأهلك من دعا عليه وأماته .
وقال الآخرون : " لقضي " بضم القاف وكسر الضاد " أجلهم " رفع ، أي : لفرغ من هلاكهم وماتوا جميعا .
وقيل : إنها نزلت في النضر بن الحارث حين قال : " اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء " الآية ( الأنفال - 32 ) يدل عليه قوله عز وجل : ( فنذر الذين لا يرجون لقاءنا ) لا يخافون البعث والحساب ، ( في طغيانهم يعمهون ) .
أخبرنا أحمد بن عبد الله الصلاحي ، أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران ، حدثنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار ، أنبأنا أحمد بن منصور الزيادي ، حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر ، عن همام بن منبه ، أنه سمع أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم إني اتخذت عندك عهدا لن تخلفنيه ، فإنما أنا بشر فيصدر مني ما يصدر من البشر ، فأي المؤمنين آذيته ، أو شتمته ، أو جلدته ، أو لعنته فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة ، تقربه بها إليك يوم القيامة " .

﴿ تفسير الوسيط ﴾

قال صاحب المنار: «هاتان الآيتان في بيان شأن من شئون البشر وغرائزهم فيما يعرض لهم في حياتهم الدنيا من خير وشر، ونفع وضر، وشعورهم بالحاجة إلى الله- تعالى- واللجوء إلى دعائه لأنفسهم وعليها، واستعجالهم الأمور قبل أوانها وهو تعريض بالمشركين، وحجة على ما يأتون من شرك وما ينكرون من أمر البعث، متمم لما قبله، ولذلك عطف عليه .
وقوله: يُعَجِّلُ من التعجيل بمعنى طلب الشيء قبل وقته المحدد له والاستعجال:طلب التعجيل بالشيء.
والأجل: الوقت المحدد لانقضاء المدة.
وأجل الإنسان هو الوقت المضروب لانتهاء عمره.
والمراد بالناس هنا- عند عدد من المفسرين-: المشركون الذي وصفهم الله- تعالى- قبل ذلك بأنهم لا يرجون لقاءه ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها.
ولقد حكى القرآن في كثير من آياته، أن المشركين قد استعجلوا الرسول صلى الله عليه وسلم في نزول العذاب، ومن ذلك قوله- تعالى- وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ، وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ، وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ.
يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ ، وقوله- تعالى-: وَإِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ .
والمعنى: ولو يعجل الله- تعالى- لهؤلاء المشركين العقوبة التي طلبوها، تعجيلا مثل استعجالهم الحصول على الخير لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ أى: لأميتوا وأهلكوا جميعا، ولكن الله- تعالى- الرحيم بخلقه، الحكيم في أفعاله، لا يعجل لهم العقوبة التي طلبوها كما يعجل لهم طلب الخير لحكمة هو يعلمها فقد يكون من بين هؤلاء المتعجلين للعقوبة من يدخل في الإسلام، ويتبع الرسول صلى الله عليه وسلم.
قال الإمام الرازي: «فقد بين- سبحانه- في هذه الآية: أنهم لا مصلحة لهم في تعجيل إيصال الشر إليهم، لأنه- تعالى- لو أوصل ذلك العقاب إليهم لماتوا وهلكوا، ولا صلاح في إماتتهم، فربما آمنوا بعد ذلك، وربما خرج من أصلابهم من كان مؤمنا، وذلك يقتضى أن لا يعاجلهم بإيصال ذلك الشر» .
ومن العلماء من يرى أن المراد بالناس هنا ما يشمل المشركين وغيرهم، وأن الآية الكريمة تحكى لونا من ألوان لطف الله بعباده ورحمته بهم.
ومن المفسرين الذين اقتصروا على هذا الاتجاه في تفسيرهم الإمام ابن كثير، فقد قال عند تفسيره لهذه الآية: يخبر- تعالى- عن حلمه ولطفه بعباده أنه لا يستجيب لهم إذا دعوا على أنفسهم، أو أموالهم أو أولادهم بالشر في حال ضجرهم وغضبهم، وأنه يعلم منهم عدم القصد إلى إرادة ذلك، فلهذا لا يستجيب لهم والحالة هذه لطفا ورحمة، كما يستجيب لهم إذا دعوا لأنفسهم أو لأموالهم أو لأولادهم بالخير والبركة والسخاء، ولهذا قال: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ.
.
أى لو استجاب لهم جميع ما دعوه به في ذلك لأهلكهم.
ثم قال: ولكن لا ينبغي الإكثار من ذلك، كما جاء في الحديث الذي رواه الحافظ أبو بكر البزار في مسنده عن جابر قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «لا تدعوا على أنفسكم، لا تدعوا على أولادكم، لا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة فيها إجابة فيستجيب لكم» .
وقال مجاهد في تفسير هذه الآية: هو قول الإنسان لولده أو ماله إذا غضب عليه: اللهم لا تبارك فيه والعنه، فلو يعجل لهم الاستجابة في ذلك كما يستجاب لهم في الخير لأهلكهم .
أما الإمام الآلوسى فقد حكى هذين الوجهين، ورجح الأول منهما فقال: «قوله: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ .
.
.
وهم الذين لا يرجون لقاء الله- تعالى- المذكورون في قوله:إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا .
.
.
والمراد لو يعجل الله لهم الشر الذي كانوا يستعجلون به تكذيبا واستهزاء .
.
.
» ، وأخرج ابن جرير عن قتادة: أنه قال: «هو دعاء الرجل على نفسه وماله بما يكره أن يستجاب له، وفيه حمل الناس على العموم، والمختار الأول، ويؤيده ما قيل: من أن الآية نزلت في النضر بن الحارث حين قال: «اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم» «2» .
والذي يبدو لنا أن كون لفظ الناس للجنس أولى، ويدخل فيه المشركون دخولا أوليا، لأنه لا توجد قرينة تمنع من إرادة ذلك، وحتى لو صح ما قيل من أن الآية نزلت في النضر بن الحارث، فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
وقوله اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ منصوب على المصدرية، والأصل: ولو يعجل الله للناس الشر تعجيلا مثل استعجالهم بالخير، فحذف تعجيلا وصفته المضافة، وأقيم المضاف إليه مقامها.
ثم بين- سبحانه- ما يشير إلى الحكمة في عدم تعجيل العقوبة فقال: فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ.
والطغيان: مجاوزة الحد في كل شيء، ومنه طغى الماء إذا ارتفع وتجاوز حده.
ويعمهون: من العمه، يقال: عمه- كفرح ومنع- عمها، إذا تحير وتردد فهو عمه وعامه.
أى: لا نعجل للناس ما طلبوه من عقوبات، وإنما نترك الذين لا يرجون لقاءنا إلى يوم القيامة، على سبيل الإمهال والاستدراج في الدنيا في طغيانهم يتحيرون ويترددون، بحيث تلتبس عليهم الأمور فلا يعرفون الخير من الشر.

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

يخبر تعالى عن حلمه ولطفه بعباده : أنه لا يستجيب لهم إذا دعوا على أنفسهم أو أموالهم أو أولادهم في حال ضجرهم وغضبهم ، وأنه يعلم منهم عدم القصد إلى إرادة ذلك ، فلهذا لا يستجيب لهم - والحالة هذه - لطفا ورحمة ، كما يستجيب لهم إذا دعوا لأنفسهم أو لأموالهم وأولادهم بالخير والبركة والنماء ؛ ولهذا قال : ( ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم ) أي : لو استجاب لهم كل ما دعوه به في ذلك ، لأهلكهم ، ولكن لا ينبغي الإكثار من ذلك ، كما جاء في الحديث الذي رواه الحافظ أبو بكر البزار في مسنده :حدثنا محمد بن معمر ، حدثنا يعقوب بن محمد ، حدثنا حاتم بن إسماعيل ، حدثنا يعقوب بن مجاهد أبو حزرة عن عبادة بن الوليد ، حدثنا جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تدعوا على أنفسكم ، لا تدعوا على أولادكم ، لا تدعوا على أموالكم ، لا توافقوا من الله ساعة فيها إجابة فيستجيب لكم " .ورواه أبو داود ، من حديث حاتم بن إسماعيل ، به .وقال البزار : [ و ] تفرد به عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت الأنصاري ، لم يشاركه أحد فيه ، وهذا كقوله تعالى : ( ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا ) [ الإسراء : 11 ] .وقال مجاهد في تفسير هذه الآية : ( ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير ) هو قول الإنسان لولده وماله إذا غضب عليه : " اللهم لا تبارك فيه والعنه " . فلو يعجل لهم الاستجابة في ذلك ، كما يستجاب لهم في الخير لأهلكهم .

﴿ تفسير القرطبي ﴾

قوله تعالى ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم فيه ثلاث مسائل :الأولى : قوله تعالى ولو يعجل الله للناس الشر قيل : معناه ولو عجل الله للناس العقوبة كما يستعجلون الثواب والخير لماتوا ؛ لأنهم خلقوا في الدنيا خلقا ضعيفا ، وليس هم كذا يوم القيامة ; لأنهم يوم القيامة يخلقون للبقاء .
وقيل : المعنى لو فعل الله مع الناس في إجابته إلى المكروه مثل ما يريدون فعله معهم في إجابته إلى الخير لأهلكهم ; وهو معنى لقضي إليهم أجلهم .
وقيل : إنه خاص بالكافر ; أي ولو يعجل الله للكافر العذاب على كفره كما عجل له خير الدنيا من المال والولد لعجل له قضاء أجله ليتعجل عذاب الآخرة ; قال ابن إسحاق .
مقاتل : هو قول النضر بن الحارث : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء ; فلو عجل لهم هذا لهلكوا .
وقال مجاهد : نزلت في الرجل يدعو على نفسه أو ماله أو ولده إذا غضب : اللهم أهلكه ، اللهم لا تبارك له فيه والعنه ، أو نحو هذا ; فلو استجيب ذلك منه كما يستجاب الخير لقضي إليهم أجلهم .
فالآية نزلت ذامة لخلق ذميم هو في بعض الناس يدعون في الخير فيريدون تعجيل الإجابة ثم يحملهم أحيانا سوء الخلق على الدعاء في الشر ; فلو عجل لهم لهلكوا .
الثانية : واختلف في إجابة هذا الدعاء ; فروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إني سألت الله عز وجل ألا يستجيب دعاء حبيب على حبيبه .
وقال شهر بن حوشب : قرأت في بعض الكتب أن الله تعالى يقول للملائكة الموكلين بالعبد : لا تكتبوا على عبدي في حال ضجره شيئا ; لطفا من الله تعالى عليه .
قال بعضهم : وقد يستجاب ذلك الدعاء ، واحتج بحديث جابر الذي رواه مسلم في صحيحه آخر الكتاب ، قال جابر : سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بطن بواط وهو يطلب المجدي بن عمرو الجهني وكان الناضح يعتقبه منا الخمسة والستة والسبعة ، فدارت عقبة رجل من الأنصار على ناضح له فأناخه فركب ، ثم بعثه فتلدن عليه بعض التلدن ; فقال له : شأ ; لعنك الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من هذا اللاعن بعيره ؟ قال : أنا يا رسول الله ; قال : انزل عنه فلا تصحبنا بملعون لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم .
في غير كتاب مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر فلعن رجل ناقته فقال : أين الذي لعن ناقته ؟ فقال الرجل : أنا هذا يا رسول الله ; فقال : أخرها عنك فقد أجبت فيها ذكره الحليمي في منهاج الدين .
" شأ " يروى بالسين والشين ، وهو زجر للبعير بمعنى سر .
الثالثة : قوله تعالى : ولو يعجل الله قال العلماء : التعجيل من الله ، والاستعجال من العبد .
وقال أبو علي : هما من الله ; وفي الكلام حذف ; أي ولو يعجل الله للناس الشر تعجيلا مثل استعجالهم بالخير ، ثم حذف تعجيلا وأقام صفته مقامه ، ثم حذف صفته وأقام المضاف إليه مقامه ; هذا مذهب الخليل وسيبويه .
وعلى قول الأخفش والفراء كاستعجالهم ، ثم حذف الكاف ونصب .
قال الفراء : كما تقول ضربت زيدا ضربك ، أي كضربك .
وقرأ ابن عامر لقضى إليهم أجلهم .
وهي قراءة حسنة ; لأنه متصل بقوله : ولو يعجل الله للناس الشر .
فنذر الذين لا يرجون لقاءنا أي لا يعجل لهم الشر فربما يتوب منهم تائب ، أو يخرج من أصلابهم مؤمن .
في طغيانهم يعمهون أي يتحيرون .
والطغيان : العلو والارتفاع ; وقد تقدم في " البقرة " .
وقد قيل : إن المراد بهذه الآية أهل مكة ، وإنها نزلت حين قالوا : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك الآية ، على ما تقدم والله أعلم .

﴿ تفسير الطبري ﴾

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (11)قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: ولو يعجل الله للناس إجابةَ دعائهم في الشرّ ، وذلك فيما عليهم مضرّة في نفس أو مال ، (استعجالهم بالخير) ، يقول: كاستعجاله لهم في الخير بالإجابة إذا دعوه به ، (لقضي إليهم أجلهم)، يقول: لهلكوا ، وعُجِّل لهم الموت، وهو الأجل.
(21)* * *وعني بقوله: (لقضي) ، لفرغ إليهم من أجلهم ، (22) ونُبذ إليهم، (23) كما قال أبو ذؤيب:وَعَلَيْهِمَا مَسْرُودَتَانِ قَضَاهُمَادَاوُدُ , أَوْ صَنَعُ السَّوَابِغِ تُبَّعُ (24)* * *، (فنذر الذين لا يرجون لقاءنا)، يقول:فندع الذين لا يخافون عقابنا ، ولا يوقنون بالبعث ولا بالنشور، (25) ، (في طغيانهم) ، يقول: في تمرّدهم وعتوّهم، (26) (يعمهون) يعني: يترددون.
(27)وإنما أخبر جل ثناؤه عن هؤلاء الكفرة بالبعث بما أخبر به عنهم ، من طغيانهم وترددهم فيه عند تعجيله إجابة دعائهم في الشرّ لو استجاب لهم ، أن ذلك كان يدعوهم إلى التقرُّب إلى الوثن الذي يشرك به أحدهم، أو يضيف ذلك إلى أنه من فعله.
* * *وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:17572- حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير) ، قال: قولُ الإنسان إذا غضب لولده وماله: " لا باركَ الله فيه ولعنه "!17573- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير) ، قال: قولُ الإنسان لولده وماله إذا غضب عليه: " اللهم لا تبارك فيه والعنه "! فلو يعجّل الله الاستجابة لهم في ذلك، كما يستجاب في الخير لأهلكهم.
17574- حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير) ، قال: قول الإنسان لولده وماله إذا غضب عليه: " اللهم لا تبارك فيه والعنه " ، (لقضي إليهم أجلهم) قال: لأهلك من دعا عليه ولأماته.
17575- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله: (ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير) ، قال: قول الرجل لولده إذا غضب عليه أو ماله: " اللهم لا تبارك فيه والعنه "! قال الله: (لقضي إليهم أجلهم) ، قال: لأهلك من دعا عليه ولأماته.
قال: (فنذر الذين لا يرجون لقاءنا) ، قال يقول: لا نهلك أهل الشرك، ولكن نذرهم في طغيانهم يعمهون.
17576- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة قوله: (ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير) ، قال: هو دعاء الرجل على نفسه وماله بما يكره أن يستجاب له.
17577- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (لقضي إليهم أجلهم) ، قال: لأهلكناهم.
وقرأ: مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ ، [سورة فاطر: 45] .
قال: يهلكهم كلهم.
* * *ونصب قوله : (استعجالهم) ، بوقوع (يعجل) عليه، كقول القائل: " قمت اليوم قيامَك " بمعنى : قمت كقيامك، وليس بمصدّرٍ من (يعجل)، لأنه لو كان مصدّرًا لم يحسن دخول " الكاف " ، أعني كاف التشبيه ، فيه.
(28)* * *واختلفت القراء في قراءة قوله: (لقضي إليهم أجلهم) .
فقرأ ذلك عامة قراء الحجاز والعراق: ( لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ )، على وجه ما لم يسمَّ فاعله ، بضم القاف من " قضي"، ورفع " الأجل ".
* * *وقرأ عامة أهل الشأم: ( لَقَضَى إِلَيْهِمْ أَجَلَهُمْ ) ، بمعنى: لقضى الله إليهم أجلهم.
* * *قال أبو جعفر: وهما قراءتان متفقتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، غير أني أقرؤه على وجه ما لم يسمَّ فاعله، لأن عليه أكثر القراء.
---------------------الهوامش :(21) انظر تفسير " الأجل " فيما سلف 13 : 290 ، تعليق : 6 ، والمراجع هناك .
(22) انظر تفسير " قضى " فيما سلف 13 : 290 ، تعليق : 6 ، والمراجع هناك .
(23) في المطبوعة : " وتبدى لهم " ، غير ما في المخطوطة إذ لم يحسن قراءته .
(24) سلف البيت وتخريجه وشرحه 2 : 542 .
(25) انظر تفسير " يذر " فيما سلف من فهارس اللغة ( وذر ) .
، وتفسير " الرجاء " فيما سلف ص : 26 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك .
(26) انظر تفسير " الطغيان " فيما سلف 13 : 291 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .
(27) انظر تفسير " العمه " فيما سلف 13 : 291 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .
(28) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 458 .

﴿ ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم فنذر الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون ﴾

قراءة سورة يونس

المصدر : تفسير : ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير