وكما ابتليناك -أيها الرسول- بأعدائك من المشركين ابتلينا جميع الأنبياء -عليهم السلام- بأعداء مِن مردة قومهم وأعداء من مردة الجن، يُلقي بعضهم إلى بعض القول الذي زيَّنوه بالباطل؛ ليغتر به سامعه، فيضل عن سبيل الله. ولو أراد ربك -جلَّ وعلا- لحال بينهم وبين تلك العداوة، ولكنه الابتلاء من الله، فدعهم وما يختلقون مِن كذب وزور.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا» كما جعلنا هؤلاء أعداءك ويبدل منه «شياطين» مردة «الإنس والجن يوحي» يوسوس «بعضهم إلى بعض زخرف القول» مموهه من الباطل «غرورا» أي ليغروهم «ولو شاء ربُّك ما فعلوه» أي الإيحاء المذكور «فذرْهم» دع الكفار «وما يفترون» من الكفر وغيره مما زين لهم وهذا قبل الأمر بالقتال.
﴿ تفسير السعدي ﴾
يقول تعالى -مسليا لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم- وكما جعلنا لك أعداء يردون دعوتك، ويحاربونك، ويحسدونك، فهذه سنتنا، أن نجعل لكل نبي نرسله إلى الخلق أعداء، من شياطين الإنس والجن، يقومون بضد ما جاءت به الرسل. يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا أي: يزين بعضهم لبعض الأمر الذي يدعون إليه من الباطل، ويزخرفون له العبارات حتى يجعلوه في أحسن صورة، ليغتر به السفهاء، وينقاد له الأغبياء، الذين لا يفهمون الحقائق، ولا يفقهون المعاني، بل تعجبهم الألفاظ المزخرفة، والعبارات المموهة، فيعتقدون الحق باطلا والباطل حقا
﴿ تفسير البغوي ﴾
( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا ) أي : أعداء ، فيه تعزية للنبي صلى الله عليه وسلم ، يعني كما ابتليناك بهؤلاء القوم ، فكذلك جعلنا لكل نبي قبلك أعداء ، ثم فسرهم فقال : ( ( شياطين الإنس والجن ) قال عكرمة والضحاك والسدي والكلبي : معناه شياطين الإنس التي مع الإنس ، وشياطين الجن التي مع الجن ، وليس للإنس شياطين ، وذلك أن إبليس جعل جنده فريقين فبعث فريقا منهم إلى الإنس وفريقا منهم إلى الجن ، وكلا الفريقين أعداء للنبي صلى الله عليه وسلم ولأوليائه ، وهم الذين يلتقون في كل حين ، فيقول [ شيطان ] الإنس [ لشيطان ] الجن : أضللت صاحبي بكذا فأضل صاحبك بمثله ، وتقول شياطين الجن لشياطين الإنس كذلك ، فذلك وحي بعضهم إلى بعض .قال قتادة ومجاهد والحسن : إن من الإنس شياطين كما أن من الجن شياطين ، والشيطان : العاتي المتمرد من كل شيء ، قالوا : إن الشيطان إذا أعياه المؤمن وعجز من إغوائه ذهب إلى متمرد من الإنس وهو شيطان الإنس فأغراه بالمؤمن ليفتنه ، يدل عليه ما روي عن أبي ذر قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هل تعوذت بالله من شياطين الجن والإنس " ؟ فقلت : يا رسول الله وهل للإنس من شياطين؟ قال : " نعم ، هم شر من شياطين الجن " .وقال مالك بن دينار : إن شياطين الإنس أشد علي من شياطين الجن ، وذلك أني إذا تعوذت بالله ذهب عني شيطان الجن ، وشيطان الإنس يجيئني فيجرني إلى المعاصي عيانا .قوله تعالى : ( يوحي بعضهم إلى بعض ) أي : يلقي ، ( زخرف القول ) وهو قول مموه مزين بالباطل لا معنى تحته ، ( غرورا ) يعني : لهؤلاء الشياطين يزينون الأعمال القبيحة لبني آدم ، يغرونهم غرورا ، والغرور : القول الباطل ، ( ولو شاء ربك ما فعلوه ) أي : ما ألقاه الشيطان من الوسوسة [ في القلوب ] ( فذرهم وما يفترون )
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم سلى الله- تعالى- نبيه عن تعنت المشركين وتماديهم في الباطل ببيان أن كل نبي كان له أعداء يسيئون إليه ويقفون عقبة في طريق دعوته فقال:وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ.والمعنى: ومثل ما جعلنا لك يا محمد أعداء يخالفونك ويعاندونك جعلنا لكل نبي من قبلك- أيضا- أعداء، فلا يحزنك ذلك، قال- تعالى- ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ.وقال- تعالى- وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفى بِرَبِّكَ هادِياً وَنَصِير .والمراد بشياطين الإنس والجن، والمردة من النوعين. والشيطان: كل عات متمرد من الإنس والجن.وجملة وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا إلخ مستأنفة لتسلية النبي صلى الله عليه وسلم عما يشاهده من عداوة قريش له، والكاف في محل نصب على أنها نعت لمصدر مؤكد لما بعده.وجعل ينصب مفعولين أولهما عَدُوًّا وثانيهما لِكُلِّ نَبِيٍّ وشَياطِينَ بدل من المفعول الأول، وبعضهم أعرب شَياطِينَ مفعولا أولا وعَدُوًّا مفعولا ثانيا، ولِكُلِّ نَبِيٍّ حالا من عَدُوًّا.وقوله: يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً.الوحى: الإعلام بالأشياء من طريق خفى دقيق سريع. زخرف القول: باطله الذي زين وموه بالكذب. وأصل الزخرف. الزينة المزوقة، ومنه قيل للذهب: زخرف، ولكل شيء حسن مموه: زخرف.والغرور: الخداع والأخذ على غرة وغفلة.والمعنى: يلقى بعضهم إلى بعض بطرق خفية دقيقة القول المزين المموه الذي حسن ظاهره وقبح باطنه لكي يخدعوا به الضعفاء ويصرفونهم عن الحق إلى الباطل.والجملة مستأنفة لبيان إحكام عداوتهم، أو حال من الشياطين وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أتباعه أن يستعيذوا بالله من شياطين الإنس والجن، فعن أبى ذر قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس. قد أطال فيه الجلوس فقال: «يا أبا ذر هل صليت؟ قلت: لا يا رسول الله. قال: قم فاركع ركعتين قال: ثم جئت فجلست إليه فقال: يا أبا ذر، هل تعوذت بالله من شياطين الجن والإنس؟ قال: قلت لا يا رسول الله، وهل للإنس من شياطين؟ قال: نعم، هم شر من شياطين الجن» .وقد ساق الإمام ابن كثير عدة روايات عن أبى ذر في هذا المعنى، ثم قال في نهايتها: فهذه طرق لهذا الحديث ومجموعها يفيد قوته وصحته» .وقوله: وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ.أى: ولو شاء ربك ألا يفعل هؤلاء الشياطين ما فعلوه من معاداة الأنبياء ومن الإيحاء بالقول الباطل لتم له ذلك، لأنه- سبحانه- هو صاحب المشيئة النافذة، والإرادة التامة ولكنه- سبحانه- لم يشأ أن يجبرهم على خلاف ما زينته لهم أهواؤهم باختيارهم، لكي يميز الله الخبيث من الطيب. فدعهم يا محمد وما يفترون من الكفر وغيره من ألوان الشرور، فسوف يعلمون سوء عاقبتهم.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
يقول تعالى : وكما جعلنا لك - يا محمد - أعداء يخالفونك ، ويعادونك جعلنا لكل نبي من قبلك أيضا أعداء فلا يهيدنك ذلك ، كما قال تعالى : ( فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك ) [ آل عمران : 184 ] ، وقال تعالى : ( ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ) [ الأنعام : 34 ] ، وقال تعالى : ( ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم ) [ فصلت : 43 ] ، وقال تعالى : ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا ) [ الفرقان : 43 ] . وقال ورقة بن نوفل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه لم يأت أحد بمثل ما جئت به إلا عودي .وقوله : ( شياطين الإنس والجن ) بدل من ) عدوا ) أي : لهم أعداء من شياطين الإنس والجن ، ومن هؤلاء وهؤلاء ، قبحهم الله ولعنهم .قال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله تعالى ( شياطين الإنس والجن ) قال : من الجن شياطين ، ومن الإنس شياطين ، يوحي بعضهم إلى بعض ، قال قتادة : وبلغني أن أبا ذر كان يوما يصلي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " تعوذ يا أبا ذر من شياطين الإنس والجن " فقال : أو إن من الإنس شياطين ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نعم " .وهذا منقطع بين قتادة وأبي ذر وقد روي من وجه آخر عن أبي ذر ، رضي الله عنه ، قال ابن جرير :حدثنا المثنى ، حدثنا أبو صالح ، حدثني معاوية بن صالح ، عن أبي عبد الله محمد بن أيوب وغيره من المشيخة ، عن ابن عائذ ، عن أبي ذر قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس قد أطال فيه الجلوس ، قال ، فقال : " يا أبا ذر ، هل صليت؟ " قال : لا يا رسول الله . قال : " قم فاركع ركعتين " قال : ثم جئت فجلست إليه ، فقال : " يا أبا ذر ، هل تعوذت بالله من شياطين الجن والإنس؟ " قال : قلت : لا يا رسول الله ، وهل للإنس من شياطين؟ قال : " نعم ، هم شر من شياطين الجن "وهذا أيضا فيه انقطاع وروي متصلا كما قال الإمام أحمد :حدثنا وكيع ، حدثنا المسعودي ، أنبأني أبو عمر الدمشقي ، عن عبيد بن الخشخاش ، عن أبي ذر قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد ، فجلست فقال : " يا أبا ذر هل صليت؟ " قلت : لا . قال : " قم فصل " قال : فقمت فصليت ، ثم جلست فقال : " يا أبا ذر ، تعوذ بالله من شر شياطين الإنس والجن " قال : قلت يا رسول الله ، وللإنس شياطين؟ قال : " نعم " . وذكر تمام الحديث بطوله .وكذا رواه الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره ، من حديث جعفر بن عون ، ويعلى بن عبيد ، وعبيد الله بن موسى ، ثلاثتهم عن المسعودي ، به .طريق أخرى عن أبي ذر : قال ابن جرير : حدثني المثنى ، حدثنا الحجاج ، حدثنا حماد ، عن حميد بن هلال ، حدثني رجل من أهل دمشق ، عن عوف بن مالك ، عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يا أبا ذر ، هل تعوذت بالله من شر شياطين الإنس والجن؟ " قال : قلت يا رسول الله ، هل للإنس من شياطين؟ قال : " نعم " .طريق أخرى للحديث : قال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عوف الحمصي ، حدثنا أبو المغيرة ، حدثنا معان بن رفاعة ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أبا ذر تعوذت من شياطين الجن والإنس؟ " قال : يا رسول الله ، وهل للإنس من شياطين؟ قال : " نعم ، شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا "فهذه طرق لهذا الحديث ، ومجموعها يفيد قوته وصحته ، والله أعلم .وقد روى ابن جرير : حدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبو نعيم ، عن شريك ، عن سعيد بن مسروق ، عن عكرمة : ( شياطين الإنس والجن ) قال : ليس من الإنس شياطين ، ولكن شياطين الجن يوحون إلى شياطين الإنس ، وشياطين الإنس يوحون إلى شياطين الجن .قال : وحدثنا الحارث ، حدثنا عبد العزيز ، حدثنا إسرائيل ، عن السدي ، عن عكرمة في قوله : ( يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ) قال : للإنسي شيطان ، وللجني شيطان فيلقى شيطان الإنس شيطان الجن ، فيوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا .وقال أسباط ، عن السدي ، عن عكرمة في قوله : ( يوحي بعضهم إلى بعض ) في تفسير هذه الآية : أما شياطين الإنس ، فالشياطين التي تضل الإنس ، وشياطين الجن الذين يضلون الجن ، يلتقيان ، فيقول كل واحد منهما لصاحبه : إني أضللت صاحبي بكذا وكذا ، فأضلل أنت صاحبك بكذا وكذا ، فيعلم بعضهم بعضا .ففهم ابن جرير من هذا; أن المراد بشياطين الإنس عند عكرمة والسدي : الشياطين من الجن الذين يضلون الناس ، لا أن المراد منه شياطين الإنس منهم . ولا شك أن هذا ظاهر من كلام عكرمة ، وأما كلام السدي فليس مثله في هذا المعنى ، وهو محتمل ، وقد روى ابن أبي حاتم نحو هذا ، عن ابن عباس من رواية الضحاك ، عنه ، قال : إن للجن شياطين يضلونهم - مثل شياطين الإنس يضلونهم ، قال : فيلتقي شياطين الإنس وشياطين الجن ، فيقول هذا لهذا : أضلله بكذا ، أضلله بكذا . فهو قوله : ( يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ) .وعلى كل حال فالصحيح ما تقدم من حديث أبي ذر : إن للإنس شياطين منهم ، وشيطان كل شيء مارده ، ولهذا جاء في صحيح مسلم ، عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الكلب الأسود شيطان " ومعناه - والله أعلم - : شيطان في الكلاب .وقال ابن جريج : قال مجاهد في تفسير هذه الآية : كفار الجن شياطين ، يوحون إلى شياطين الإنس ، كفار الإنس ، زخرف القول غرورا .وروى ابن أبي حاتم ، عن عكرمة قال : قدمت على المختار فأكرمني وأنزلني حتى كاد يتعاهد مبيتي بالليل ، قال : فقال لي : اخرج إلى الناس فحدث الناس . قال : فخرجت ، فجاء رجل فقال : ما تقول في الوحي؟ فقلت : الوحي وحيان ، قال الله تعالى : ( بما أوحينا إليك هذا القرآن ) [ يوسف : 3 ] ، وقال الله تعالى : ( شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ) قال : فهموا بي أن يأخذوني ، فقلت : ما لكم ذاك ، إني مفتيكم وضيفكم . فتركوني .وإنما عرض عكرمة بالمختار - وهو ابن أبي عبيد - قبحه الله ، وكان يزعم أنه يأتيه الوحي ، وقد كانت أخته صفية تحت عبد الله بن عمر وكانت من الصالحات ، ولما أخبر عبد الله بن عمر أن المختار يزعم أنه يوحى إليه قال : صدق ، قال الله تعالى : ( وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ) [ الأنعام : 121 ] ، وقوله تعالى : ( يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ) أي : يلقي بعضهم إلى بعض القول المزين المزخرف ، وهو المزوق الذي يغتر سامعه من الجهلة بأمره .( ولو شاء ربك ما فعلوه ) أي : وذلك كله بقدر الله وقضائه وإرادته ومشيئته أن يكون لكل نبي عدو من هؤلاء .( فذرهم ) أي : فدعهم ، ( وما يفترون ) أي : يكذبون ، أي : دع أذاهم وتوكل على الله في عداوتهم ، فإن الله كافيك وناصرك عليهم .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترونقوله تعالى وكذلك جعلنا لكل نبي يعزي نبيه ويسليه ، أي كما ابتليناك بهؤلاء القوم فكذلك جعلنا لكل نبي قبلك عدوا أي أعداء .شياطين الإنس والجن حكى سيبويه " جعل " بمعنى وصف . عدوا مفعول أول . لكل نبي في موضع المفعول الثاني . شياطين الإنس والجن بدل من عدو . ويجوز أن يكون " شياطين " مفعولا أول ، عدوا مفعولا ثانيا ; كأنه قيل : جعلنا شياطين الإنس والجن عدوا . وقرأ الأعمش : " شياطين الجن والإنس " بتقديم الجن . والمعنى واحد .يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا عبارة عما يوسوس به شياطين الجن إلى شياطين الإنس . وسمي وحيا لأنه إنما يكون خفية ، وجعل تمويههم زخرفا لتزيينهم إياه ; ومنه سمي الذهب زخرفا . وكل شيء حسن مموه فهو زخرف . والمزخرف المزين . وزخارف الماء طرائقه . و " غرورا " نصب على المصدر ، لأن معنى يوحي بعضهم إلى بعض يغرونهم بذلك غرورا . ويجوز أن يكون في موضع الحال . والغرور الباطل . قال النحاس : وروي عن ابن عباس بإسناد ضعيف أنه قال في قول الله عز وجل يوحي بعضهم إلى بعض قال : مع كل جني شيطان ، ومع كل إنسي شيطان ، فيلقى أحدهما الآخر فيقول : إني قد أضللت صاحبي بكذا فأضل صاحبك بمثله . ويقول الآخر مثل ذلك ; فهذا وحي بعضهم إلى بعض . وقاله عكرمة والضحاك والسدي والكلبي . قال النحاس : والقول الأول يدل عليه وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم ; فهذا يبين معنى ذلك .قلت : ويدل عليه من صحيح السنة قوله عليه السلام : ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن قيل : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : ولا أنا إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير . روي " فأسلم " برفع الميم ونصبها . فالرفع على معنى فأسلم من شره . والنصب على معنى فأسلم هو . فقال : ما منكم من أحد ولم يقل ولا من الشياطين ; إلا أنه يحتمل أن يكون نبه على أحد الجنسين بالآخر ; فيكون من باب سرابيل تقيكم الحر وفيه بعد ، والله أعلم . وروى عوف بن مالك عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا ذر هل تعوذت بالله من شر شياطين الإنس والجن ؟ قال قلت : يا رسول الله ، وهل للإنس من شياطين ؟ قال : نعم هم شر من شياطين الجن . وقال مالك بن دينار : إن شيطان الإنس أشد علي من شيطان الجن ، وذلك أني إذا تعوذت بالله ذهب عني شيطان الجن ، وشيطان الإنس يجيئني فيجرني إلى المعاصي عيانا . وسمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه امرأة تنشد :إن النساء رياحين خلقن لكم وكلكم يشتهي شم الرياحينفأجابها عمر رضي الله عنه :إن النساء شياطين خلقن لنا نعوذ بالله من شر الشياطينقوله تعالى : ولو شاء ربك ما فعلوه أي ما فعلوا إيحاء القول بالغرور .فذرهم أمر فيه معنى التهديد . قال سيبويه : ولا يقال وذر ولا ودع ، استغنوا عنهما بترك . قلت : هذا إنما خرج على الأكثر . وفي التنزيل : وذر الذين وذرهم ، و " ما ودعك " . وفي السنة لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات . وقوله : إذا فعلوا - يريد المعاصي - فقد تودع منهم . قال الزجاج : الواو ثقيلة ; فلما كان " ترك " ليس فيه واو بمعنى ما فيه الواو ترك ما فيه الواو . وهذا معنى قوله وليس بنصه .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله تعالى : وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًاقال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، مسلِّيَه بذلك عما لقي من كفرة قومه في ذات الله, وحاثًّا له على الصبر على ما نال فيه: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوًّا)، يقول: وكما ابتليناك، يا محمد، بأن جعلنا لك من مشركي قومك أعداء شياطينَ يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول، ليصدُّوهم بمجادلتهم إياك بذلك عن اتباعك والإيمان بك وبما جئتهم به من عند ربّك، كذلك ابتلينا من قبلك من الأنبياء والرسّل, بأن جعلنا لهم أعداءً من قومهم يؤذُونهم بالجدال والخصومات. يقول: فهذا الذي امتحنتك به، لم تخصص به من بينهم وحدك, بل قد عممتهم بذلك معك لأبتليهم وأختبرهم، مع قدرتي على منع من آذاهم من إيذائهم, فلم أفعل ذلك إلا لأعرف أولي العزم منهم من غيرهم. يقول: فاصبر أنتَ كما صبر أولو العزم من الرسل .* * *وأما " شياطين الإنس والجن "، فإنهم مَرَدتهم ، وقد بينا الفعل الذي منه بُنِي هذا الاسم، بما أغنى عن إعادته . (3)* * *ونصب " العدو " و " الشياطين " بقوله: (جعلنا) . (4)* * *وأما قوله: (يُوحِي بعضُهم إلى بعض زخرف القول غرورًا)، فإنه يعني أنّه يلقي الملقي منهم القولَ، الذي زيّنه وحسَّنه بالباطل إلى صاحبه, ليغترّ به من سمعه، فيضلّ عن سبيل الله . (5)* * *ثم اختلف أهل التأويل في معنى قوله: (شياطين الإنس والجن).فقال بعضهم: معناه: شياطين الإنس التي مع الإنس, وشياطين الجن التي مع الجنّ، وليس للإنس شياطين .* ذكر من قال ذلك:13765- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوًّا شياطين الإنس والجنّ يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورًا ولو شاء ربك ما فعلوه)، أما " شياطين الإنس "، فالشياطين التي تضلّ الإنس=" وشياطين الجن "، الذين يضلون الجنّ، يلتقيان، فيقول كل واحد منهما: " إني أضللت صاحبي بكذا وكذا, وأضللت أنت صاحبك بكذا وكذا ", فيعلم بعضُهم بعضًا .13766- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو نعيم, عن شريك, عن سعيد بن مسروق, عن عكرمة: (شياطين الإنس والجن)، قال: ليس في الإنس شياطين، ولكن شياطين الجن يوحون إلى شياطين الإنس, وشياطين الإنس يوحون إلى شياطين الجن . (6)13767- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا إسرائيل, عن السدي في قوله: (يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورًا)، قال: للإنسان شيطان, وللجنّي شيطان, فيلقَى شيطان الإنس شيطان الجن, فيوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورًا .* * *قال أبو جعفر: جعل عكرمة والسدي في تأويلهما هذا الذي ذكرت عنهما، عدوّ الأنبياء الذين ذكرهم الله في قوله: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوًّا)، أولادَ إبليس، دون أولاد آدم، ودون الجن= وجعل الموصوفين بأن بعضهم يوحي إلى بعض زخرف القول غرورًا, ولدَ إبليس, وأن مَنْ مع ابن آدم من ولد إبليس يوحي إلى مَنْ مع الجن من ولده زخرفَ القول غرورًا .وليس لهذا التأويل وجه مفهوم, لأن الله جعل إبليس وولده أعداءَ ابن آدم, فكل ولده لكل ولده عدوّ. وقد خصّ الله في هذه الآية الخبر عن الأنبياء أنه جعل لهم من الشياطين أعداءً. فلو كان معنيًّا بذلك الشياطين الذين ذكرهم السدي, الذين هم ولد إبليس, لم يكن لخصوص الأنبياء بالخبرِ عنهم أنه جعل لهم الشياطين أعداءً، وجهٌ . وقد جعل من ذلك لأعدى أعدائه، مثل الذي جعل لهم. ولكن ذلك كالذي قلنا، من أنه معنيٌّ به أنه جعل مردة الإنس والجن لكل نبي عدوًّا يوحي بعضهم إلى بعض من القول ما يؤذيهم به .* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك جاء الخبرُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .13768- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا حماد, عن حميد بن هلال قال، حدثني رجل من أهل دمشق, عن عوف بن مالك, عن أبي ذر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا أبا ذر, هل تعوَّذت بالله من شر شياطين الإنس والجنّ؟ قال: قلت: يا رسول الله, هل للإنس من شياطين؟ قال: نعم! (7)13769- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية بن صالح, عن علي بن أبي طلحة, عن أبي عبد الله محمد بن أيوب وغيره من المشيخة, عن ابن عائذ, عن أبي ذر, أنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس قد أطال فيه الجلوس, قال فقال: يا أبا ذر, هل صلَّيت؟ قال قلت: لا يا رسول الله. قال: قم فاركع ركعتين. قال: ثم جئت فجلستُ إليه فقال: يا أبا ذر، هل تعوَّذت بالله من شرِّ شياطين الإنس والجن؟ قال قلت: يا رسول الله، وهل للإنس من شياطين؟ قال: نعم, شرٌّ من شياطين الجن! (8)13770- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة قال: بلغني أن أبا ذر قام يومًا يُصلّي, فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: تعوَّذ يا أبا ذر، من شياطين الإنس والجن. فقال: يا رسول الله، أوَ إنّ من الإنس شياطين؟ قال: نعم! (9)* * *وقال آخرون في ذلك بنحو الذي قلنا: من أن ذلك إخبارٌ من الله أنّ شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض .* ذكر من قال ذلك:13771- حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: (شياطين الإنس والجن)، قال: من الجن شياطين, ومن الإنس شياطين، يوحي بعضهم إلى بعض = قال قتادة: بلغني أن أبا ذر كان يومًا يصلّي, فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: تعوَّذ يا أبا ذر من شياطين الإنس والجن. فقال: يا نبي الله, أوَ إن من الإنس شياطين؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم!13772- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوًّا شياطين الإنس والجن)، الآية, ذكر لنا أنّ أبا ذر قام ذات يوم يصلي, فقال له نبي الله: تعوّذ بالله من شياطين الجن والإنس. فقال: يا نبي الله، أوَ للإنس شياطين كشياطين الجن؟ قال: " نعم, أوَ كذَبْتُ عليه؟" (10)13773- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قال، قال مجاهد: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوَّا شياطين الإنس والجن)، فقال: كفار الجنّ شياطين، يوحون إلى شياطين الإنس، كفارِ الإنس، زخرفَ القول غرورًا .* * *وأما قوله: (زُخرف القول غرورًا)، فإنه المزيَّن بالباطل، كما وصفت قبل. يقال منه: " زخرف كلامه وشهادته "، إذا حسَّن ذلك بالباطل ووشّاه ، كما:-13774- حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبو نعيم, عن شريك, عن سعيد بن مسروق, عن عكرمة قوله: (زخرف القول غرورًا) قال: تزيين الباطل بالألسنة .13775- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: أما " الزخرف ", فزخرفوه، زيَّنوه .13776- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (زخرف القول غرورًا)، قال: تزيين الباطل بالألسنة .13777- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله .13778- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: (زخرف القول غرورًا)، يقول: حسَّن بعضهم لبعضٍ القول ليتّبعوهم في فتنتهم .13779- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (زخرف القول غرورًا) قال: " الزخرف "، المزيَّن, حيث زيَّن لهم هذا الغرور, كما زيَّن إبليس لآدم ما جاءه به وقاسمه إنه له لمن الناصحين . وقرأ: وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ ، [سورة فصلت: 25]. قال: ذلك الزخرف .* * *وأما " الغرور "، فإنه ما غرّ الإنسان فخدعه فصدَّه عن الصواب إلى الخطأ وعن الحق إلى الباطل (11) = وهو مصدر من قول القائل: " غررت فلانًا بكذا وكذا, فأنا أغرُّه غرورًا وغرًّا . كالذي:-13780- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: ( غرورًا ) قال: يغرّون به الناسَ والجنّ .* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولو شئت، يا محمد، أن يؤمن الذين كانوا لأنبيائي أعداءً من شياطين الإنس والجن فلا ينالهم مكرهم ويأمنوا غوائلهم وأذاهم, فعلتُ ذلك، ولكني لم أشأ ذلك، لأبتلي بعضهم ببعض، فيستحق كل فريق منهم ما سبق له في الكتاب السابق =(فذرهم)، يقول: فدعهم (12) = يعني الشياطين الذين يجادلونك بالباطل من مشركي قومك ويخاصمونك بما يوحي إليهم أولياؤهم من شياطين الإنس والجن=(وما يفترون)، يعني: وما يختلقون من إفك وزور. (13)يقول له صلى الله عليه وسلم: اصبر عليهم، فإني من وراء عقابهم على افترائهم على الله، واختلاقهم عليه الكذبَ والزور .---------------------الهوامش :(3) انظر تفسير (( الشيطان )) فيما سلف 1 : 111 ، 112 ، 296 .(4) انظر معاني القرآن 1 : 351 .(5) انظر تفسير (( الوحي )) فيما سلف من فهارس اللغة ( وحي ) .(6) الأثر : 13466 - (( سعيد بن مسروق الثوري )) ، مضى برقم : 7162 .(7) الأثر : 13768 - (( حميد بن هلال العدوي )) ، ثقة ، متكلم فيه . سمع من (( عوف ابن مالك )) ، ولكنه رواه بالوسطة ، عن مجهول : (( رجل من أهل دمشق )) . مترجم في التهذيب ، والكبير 1 / 2 / 344 ، وابن أبي حاتم 1 / 2 /230 .و (( عوف بن مالك بن نضلة الجشمي )) ، ثقة ، مضى برقم : 6172 ، 12825 ، 12826 لم يذكر أنه سمع من أبي ذر . وهذا الخبر فيه مجهول . ذكره ابن كثير في تفسيره 3 : 380(8) الأثر : 13769 - كان في إسناد هذا الخبر خطأ فاحش ، وقع شك من سهو الناسخ وعجلته ، فإنه كتب (( حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة ، عن أبي عن ابن عباس ، أبي عبد الله محمد بن أيوب )) ، ثم ضرب على (( ابن عباس )) . ولكنه ترك (( عن علي بن أبي طلحة )) ، وهو خطأ لا شك فيه كما سترى بعد . وسبب ذلك إسناد أبي جعفر المشهور وهو : (( حدثني المثنى ، قال حدثنا عبد الله صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس )) وهو إسناد دائر في التفسير ، آخره رقم : 13756 ، فجعل فكتب الإسناد المشهور ، ثم استدرك فضرب على (( ابن عباس )) ، والصواب أن يضرب أيضًا على (( علي بن أبي طلحة )) ، لأن هذا إسناد مختلف عن الأول كل الاختلاف ، ولذلك حذفت (( عن علي بن أبي طلحة )) ، مع ثبوته في المخطوطة والمطبوعة ، ولكن ابن كثير ذكره في التفسير على الصواب 3 : 379 ، كما أثبته .و (( أبو عبد الله محمد بن أيوب )) ، كأنه أيضًا خطأ من الناسخ ، وصوابه : (( أبو عبد الملك محمد بن أيوب )) لما سترى .(( محمد بن أيوب الأزدي )) ، (( أبو عبد الملك )) ، قال البخاري في الكبير 1 / 1 /29 ، 30 ( محمد بن أيوب أبو عبد الملك الأزدي ، عن ابن عائذ ، عن أبي ذر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : آدم نبي مكلم . قال لنا : عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن محمد بن أيوب ، حديثه في الشاميين . سمع منه معاوية بن صالح )) وترجمة ابن أبي حاتم 3 / 2 / 196 ، 197 ، فذكر مثله .و (( ابن عائذ )) هو (( عبد الرحمن بن عائذ الثمالي )) ، ويقال : الأزدي الكندي ، ويقال : اليحصبي . وروى له الأربعة ، مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 2 / 2 / 270 ، وكان ابن عائذ من حملة العلم ، يطلبه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وأصحاب أصحابه . روى عن عمر وعلي مرسلا . وفي التهذيب انه روى عنهما وعن أبي ذر ، وعن غيرهم من الصحابة ، ولم يذكر (( مرسلا )) .وذكر ابن كثير هذا الأثر والذي يليه في تفسيره 3 : 379 ثم قال : (( وهذا أيضًا فيه انقطاع )) ، وتبين من تفسيره إسناده أنه غير منقطع . ثم قال : (( وروى متصلا كما قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا المسعودي ، أنبأني أبو عمر الدمشقي ، عن عبيد بن الخشخاش ، عن أبي ذر قال : ... )) وذكر الحديث ، وهو بطوله في مسند أحمد 5 : 178 ، 179 .ثم ذكر ابن كثير طرقًا أخرى للحديث ثم قال : (( فهذه طرق لهذا الحديث ، ومجموعها يفيد قوته وصحته ، والله أعلم )) .(9) الأثر : 13770 - هذا أثر منقطع ، انظر التعليق على الخبر السالف ، وما قاله ابن كثير .(10) قوله : (( أو كذبت عليه )) ، استنكار من رسول الله صلى الله عليه وسلم سؤال أبي ذر ، فإن نص التنزيل دال على ذلك ، ورسول الله هو الصادق المصدق المبلغ عن ربه الحق الذي لا كذب فيه .(11) انظر تفسير (( الغرور )) فيما سلف 7 : 453 / 9 : 224 .(12) انظر تفسير (( ذر )) فيما سلف ص : 46 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .(13) انظر تفسير (( الافتراء )) فيما سلف : 11 : 533 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
﴿ وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون ﴾