القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 13 سورة الإسراء - وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج

سورة الإسراء الآية رقم 13 : سبع تفاسير معتمدة

سورة وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج - عدد الآيات 111 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 13 من سورة الإسراء عدة تفاسير - سورة الإسراء : عدد الآيات 111 - - الصفحة 283 - الجزء 15.

سورة الإسراء الآية رقم 13


﴿ وَكُلَّ إِنسَٰنٍ أَلۡزَمۡنَٰهُ طَٰٓئِرَهُۥ فِي عُنُقِهِۦۖ وَنُخۡرِجُ لَهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ كِتَٰبٗا يَلۡقَىٰهُ مَنشُورًا ﴾
[ الإسراء: 13]

﴿ التفسير الميسر ﴾

وكل إنسان يجعل الله ما عمله مِن خير أو شر ملازمًا له، فلا يحاسَب بعمل غيره، ولا يحاسَب غيره بعمله، ويخرج الله له يوم القيامة كتابًا قد سُجِّلت فيه أعماله يراه مفتوحًا.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

«وكل إنسان ألزمناه طائره» عمله يحمله «في عنقه» خص بالذكر لأن اللزوم فيه أشد وقال مجاهد: ما من مولد يولد إلا وفي عنقه ورقة مكتوب فيها شقي أو سعيد «ونخرج له يوم القيامة كتابا» مكتوبا فيه عمله «يلقاه منشورا» صفتان لكتابا.

﴿ تفسير السعدي ﴾

وهذا إخبار عن كمال عدله أن كل إنسان يلزمه طائره في عنقه، أي: ما عمل من خير وشر يجعله الله ملازما له لا يتعداه إلى غيره، فلا يحاسب بعمل غيره ولا يحاسب غيره بعمله.
وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا فيه ما عمله من الخير والشر حاضرا صغيره وكبيره

﴿ تفسير البغوي ﴾

قوله عز وجل ( وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ) قال ابن عباس : عمله وما قدر عليه فهو ملازمه أينما كان .
وقال الكلبي ومقاتل : خيره وشره معه لا يفارقه حتى يحاسبه به .
وقال الحسن : يمنه وشؤمه .
وعن مجاهد : ما من مولود إلا في عنقه ورقة مكتوب فيها شقي أو سعيد .
وقال أهل المعاني : أراد بالطائر ما قضى الله عليه أنه عامله وما هو صائر إليه من سعادة أو شقاوة سمي " طائرا " على عادة العرب فيما كانت تتفاءل وتتشاءم به من سوانح الطير وبوارحها .
وقال أبو عبيدة والقتيبي : أراد بالطائر حظه من الخير والشر من قولهم : طار سهم فلان بكذا وخص العنق من بين سائر الأعضاء لأنه موضع القلائد والأطواق وغيرهما مما يزين أو يشين فجرى كلام العرب بتشبيه الأشياء اللازمة إلى الأعناق .
( ونخرج له ( يقول الله تعالى : ونحن نخرج ( يوم القيامة كتابا ( وقرأ الحسن ومجاهد ويعقوب : " ويخرج له " بفتح الياء وضم الراء معناه : ويخرج له الطائر يوم القيامة كتابا .
وقرأ أبو جعفر " يخرج " بالياء وضمها وفتح الراء .
( يلقاه ( قرأ ابن عامر وأبو جعفر " يلقاه " بضم الياء وفتح اللام وتشديد القاف يعني : يلقى الإنسان ذلك الكتاب أي : يؤتاه وقرأ الباقون بفتح الياء خفيفة أي يراه ( منشورا ( وفي الآثار : إن الله تعالى يأمر الملك بطي الصحيفة إذا تم عمر العبد فلا تنشر إلى يوم القيامة .

﴿ تفسير الوسيط ﴾

ثم ساق- سبحانه- صورة من صور هذا التفصيل المحكم في كل شيء فقال- تعالى-: وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ.
والمراد بطائره: عمله الصادر عنه باختياره وكسبه، حسبما قدره الله- تعالى- عليه من خير وشر.
أى: وألزمنا كل إنسان مكلف عمله الناتج عنه، إلزاما لا فكاك له منه، ولا قدرة له على مفارقته.
وعبر- سبحانه- عن عمل الإنسان بطائره، لأن العرب كانوا- كما يقول الآلوسى- يتفاءلون بالطير، فإذا سافروا ومر بهم الطير زجروه، فإن مر بهم سانحا- أى من جهة الشمال إلى اليمين- تيمنوا وتفاءلوا، وإن مر بارحا، أى: من جهة اليمين الى الشمال تشاءموا، فلما نسبوا الخير والشر إلى الطائر، استعير استعارة تصريحية، لما يشبههما من قدر الله- تعالى- وعمل العبد، لأنه سبب للخير والشر .
وقوله- سبحانه-: فِي عُنُقِهِ تصوير لشدة اللزوم وكمال الارتباط بين الإنسان وعمله.
وخص- سبحانه- العنق بالذكر من بين سائر الأعضاء، لأن اللزوم فيه أشد، ولأنه العضو الذي تارة يكون عليه ما يزينه كالقلادة وما يشبهها، وتارة يكون فيه ما يشينه كالغل والقيد وما يشبههما.
قال الامام ابن كثير: وطائره: هو ما طار عنه من عمله كما قال ابن عباس ومجاهد، وغير واحد- من خير أو شر، يلزم به ويجازى عليه: كما قال- تعالى-: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ.
وكما قال- تعالى-: إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ.
والمقصود أن عمل ابن آدم محفوظ عليه، قليله وكثيره: ويكتب عليه ليلا ونهارا، صباحا ومساء .
وقوله- سبحانه-: وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً بيان لحاله في الآخرة بعد بيان حاله في الدنيا.
والمراد بالكتاب هنا صحائف أعماله التي سجلت عليه في الدنيا.
أى: ألزمنا كل إنسان مكلف عمله الصادر عنه في الدنيا، وجعلناه مسئولا عنه دون غيره.
أما في الآخرة فسنخرج له ما عمله من خير أو شر «في كتاب يلقاه منشورا» أى:مفتوحا بحيث يستطيع قراءته، ومكشوفا بحيث لا يملك إخفاء شيء منه، أو تجاهله، أو المغالطة فيه.
كتاب ظهرت فيه الخبايا والأسرار ظهورا يغنى عن الشهود والجدال.
كتاب مشتمل على كل صغيرة وكبيرة من أعمال الإنسان، كما قال- تعالى-: وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً، وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها، وَكَفى بِنا حاسِبِينَ .

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

يقول تعالى بعد ذكر الزمان وذكر ما يقع فيه من أعمال بني آدم : ( وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ) وطائره : هو ما طار عنه من عمله ، كما قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد : من خير وشر ، يلزم به ويجازى عليه ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) [ الزلزلة : 5 ، 6 ] ، وقال تعالى : ( عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) [ ق : 17 ، 18 ] ، وقال تعالى : ( وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم ) [ الانفطار : 10 - 14 ] ، قال : ( إنما تجزون ما كنتم تعملون ) [ الطور : 16 ] وقال : ( من يعمل سوءا يجز به ) [ النساء : 123 ] .والمقصود أن عمل ابن آدم محفوظ عليه ، قليله وكثيره ، ويكتب عليه ليلا ونهارا ، صباحا ومساء .وقال الإمام أحمد : حدثنا قتيبة ، حدثنا ابن لهيعة ، عن أبى الزبير ، عن جابر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لطائر كل إنسان في عنقه " . قال ابن لهيعة : يعني الطيرة .وهذا القول من ابن لهيعة في تفسير هذا الحديث ، غريب جدا ، والله أعلم .وقوله [ تعالى ] ( ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا ) أي : نجمع له عمله كله في كتاب يعطاه يوم القيامة ، إما بيمينه إن كان سعيدا ، أو بشماله إن كان شقيا ) منشورا ) أي : مفتوحا يقرؤه هو وغيره ، فيه جميع عمله من أول عمره إلى آخره ( ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره ) [ القيامة : 13 - 15 ]

﴿ تفسير القرطبي ﴾

قوله تعالى : وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشوراقوله تعالى : وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه قال الزجاج : ذكر العنق عبارة عن اللزوم كلزوم القلادة للعنق .
وقال ابن عباس : طائره عمله وما قدر عليه من خير وشر ، وهو ملازمه أينما كان .
وقال مقاتل والكلبي : خيره وشره معه لا يفارقه حتى يحاسب به .
وقال مجاهد : عمله ورزقه ، وعنه : ما من مولود يولد إلا وفي عنقه ورقة فيها مكتوب شقي أو سعيد .
وقال الحسن : ألزمناه طائره أي شقاوته وسعادته وما كتب له من خير وشر وما طار له من التقدير ، أي صار له عند القسمة في الأزل .
وقيل : أراد به التكليف ، أي قدرناه إلزام الشرع ، وهو بحيث لو أراد أن يفعل ما أمر به وينزجر عما زجر به أمكنه ذلك .
ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا يعني كتاب طائره الذي في عنقه .
وقرأ الحسن وأبو رجاء ومجاهد : " طيره " بغير ألف ; ومنه ما روي في الخبر اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا رب غيرك .
وقرأ ابن عباس والحسن ومجاهد وابن محيصن وأبو جعفر ويعقوب " ويخرج " بفتح الياء وضم الراء ، على معنى ويخرج له الطائر كتابا ; ف كتابا منصوب على الحال .
ويحتمل أن يكون المعنى : ويخرج الطائر فيصير كتابا .
وقرأ يحيى بن وثاب " ويخرج " بضم الياء وكسر الراء ; وروي عن مجاهد ; أي يخرج الله .
وقرأ شيبة ومحمد بن السميقع ، وروي أيضا عن أبي جعفر : " ويخرج " بضم الياء وفتح الراء على الفعل المجهول ، ومعناه : ويخرج له الطائر كتابا .
الباقون ونخرج بنون مضمومة وكسر الراء ; أي ونحن نخرج .
احتج أبو عمرو في هذه القراءة بقوله ألزمناه .
وقرأ أبو جعفر والحسن وابن عامر " يلقاه " بضم الياء وفتح اللام وتشديد القاف ، بمعنى يؤتاه .
الباقون بفتح الياء خفيفة ، أي يراه منشورا .
وقال منشورا تعجيلا للبشرى بالحسنة والتوبيخ بالسيئة .
وقال أبو السوار العدوي وقرأ هذه الآية وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه قال : هما نشرتان وطية ; أما ما حييت يا ابن آدم فصحيفتك المنشورة فأمل فيها ما شئت ; فإذا مت طويت حتى إذا بعثت نشرت .

﴿ تفسير الطبري ﴾

يقول تعالى ذكره: وكلّ إنسان ألزمناه ما قضى له أنه عامله، وهو صائر إليه من شقاء أو سعادة بعمله في عنقه لا يفارقه، وإنما قوله (ألْزَمْناهُ طائِرَهُ) مثل لما كانت العرب تتفاءل به أو تتشاءم من سوانح الطير وبوارحها، فأعلمهم جلّ ثناؤه أن كلّ إنسان منهم قد ألزمه ربه طائره في عنقه نحسا كان ذلك الذي ألزمه من الطائر، وشقاء يورده سعيرا، أو كان سعدا يورده جنات عدن.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن بشار ، قال: ثنا معاذ بن هشام، قال: ثني أبي، عن قتادة، عن جابر بن عبد الله أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا عَدْوَى وَلا طِيَرةَ وكُلَّ إنْسانٍ ألْزَمْناهُ طائِرَه فِي عُنُقِهِ".
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ) قال: الطائر: عمله، قال: والطائر في أشياء كثيرة، فمنه التشاؤم الذي يتشاءم به الناس بعضهم من بعض.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج ، عن ابن جريج، قال: أخبرني عطاء الخراساني عن ابن عباس، قوله ( وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ) قال: عمله وما قدر عليه، فهو ملازمه أينما كان، فزائل معه أينما زال.
قال ابن جريج: وقال : طائره: عمله، قال: ابن جريج: وأخبرني عبد الله بن كثير، عن مجاهد، قال: عمله وما كتب الله له.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحرث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: طائره: عمله.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان؛ وحدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عمرو جميعا عن منصور، عن مجاهد ( وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ) قال: عمله.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، مثله.
حدثني واصل بن عبد الأعلى ، قال: ثنا ابن فضيل، عن الحسن بن عمرو الفقيمي، عن الحكم، عن مجاهد، في قوله ( وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ) قال: ما من مولود يولد إلا وفي عنقه ورقة مكتوب فيها شقيّ أو سعيد.
قال: وسمعته يقول: أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب، قال: هو ما سبق.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ) : إي والله بسعادته وشقائه بعمله.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: طائره: عمله.
فإن قال قائل: وكيف قال: ألزمناه طائره في عنقه إن كان الأمر على ما وصفت، ولم يقل: ألزمناه في يديه ورجليه أو غير ذلك من أعضاء الجسد؟ قيل: لأن العنق هو موضع السمات، وموضع القلائد والأطوقة، وغير ذلك مما يزين أو يشين، فجرى كلام العرب بنسبة الأشياء اللازمة بني آدم وغيرهم من ذلك إلى أعناقهم وكثر استعمالهم ذلك حتى أضافوا الأشياء اللازمة سائر الأبدان إلى الأعناق، كما أضافوا جنايات أعضاء الأبدان إلى اليد، فقالوا: ذلك بما كسبت يداه، وإن كان الذي جرّ عليه لسانه أو فرجه، فكذلك قوله ( أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ).
واختلفت القرّاء في قراءة قوله ( وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا ) فقرأه بعض أهل المدينة ومكة، وهو نافع وابن كثير وعامة قرّاء العراق (ونُخْرِجُ) بالنون ( لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا ) بفتح الياء من يَلْقاه وتخفيف القاف منه، بمعنى: ونخرج له نحن يوم القيامة ردّا على قوله (ألْزَمْناهُ)، ونحن نخرج له يوم القيامة كتاب عمله منشورا، وكان بعض قرّاء أهل الشام يوافق هؤلاء على قراءة قوله (ونُخْرِجُ) ويخالفهم في قوله (يَلْقاهُ) فيقرؤه (ويُلَقَّاهُ) بضم الياء وتشديد القاف، بمعنى: ونخرج له نحن يوم القيامة كتابا يلقاه، ثم يردّه إلى ما لم يسمّ فاعله، فيقول: يلقى الإنسان ذلك الكتاب منشورا.
وذُكر عن مجاهد ما حدثنا أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا يزيد، عن جرير بن حازم عن حميد، عن مجاهد أنه قرأها(وَيخْرَجُ لَهُ يَوْمَ القِيامَةِ كِتابا) قال: يزيد: يعني يخرج الطائر كتابا، هكذا أحسبه قرأها بفتح الياء، وهي قراءة الحسن البصري وابن محيصن؛ وكأن من قرأ هذه القراءة وجَّه تأويل الكلام إلى: ويخرج له الطائر الذي ألزمناه عنق الإنسان يوم القيامة، فيصير كتابا يقرؤه منشورا.
وقرأ ذلك بعض أهل المدينة: (ويُخرَجُ لَهُ) بضم الياء على مذهب ما لم يسمّ فاعله، وكأنه وجَّه معنى الكلام إلى ويخرج له الطائر يوم القيامة كتابا، يريد: ويخرج الله ذلك الطائر قد صيره كتابا، إلا أنه نحاه نحو ما لم يسمّ فاعله.
وأولى القراءات في ذلك بالصواب، قراءة من قرأه (ونُخْرِجُ) بالنون وضمها( لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا ) بفتح الياء وتخفيف القاف، لأن الخبر جرى قبل ذلك عن الله تعالى أنه الذي ألزم خلقه ما ألزم من ذلك؛ فالصواب أن يكون الذي يليه خبرا عنه، أنه هو الذي يخرجه لهم يوم القيامة، أن يكون بالنون كما كان الخبر الذي قبله بالنون، وأما قوله (يَلقاهُ) فإنّ في إجماع الحجة من القرّاء على تصويب ما اخترنا من القراءة في ذلك، وشذوذ ما خالفه الحجة الكافية لنا على تقارب معنى القراءتين: أعني ضمّ الياء وفتحها في ذلك، وتشديد القاف وتخفيفها فيه؛ فإذا كان الصواب في القراءة هو ما اخترنا بالذي عليه دللنا، فتأويل الكلام: وكلّ إنسان منكم يا معشر بني آدم، ألزمناه نحسه وسعد، وشقاءه وسعادته، بما سبق له في علمنا أنه صائر إليه، وعامل من الخير والشرّ في عنقه، فلا يجاوز في شيء من أعماله ما قضينا عليه أنه عامله ، وما كتبنا له أنه صائر إليه، ونحن نخرج له إذا وافانا كتابا يصادفه منشورا بأعماله التي عملها في الدنيا، وبطائره الذي كتبنا له، وألزمناه إياه في عنقه، قد أحصى عليه ربه فيه كلّ ما سلف في الدنيا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، ( وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا ) قال: هو عمله الذي عمل أحصي عليه، فأخرج له يوم القيامة ما كتب عليه من العمل يلقاه منشورا.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا ) : أي عمله.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو سفيان، عن معمر ، عن قتادة ( أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ) قال: عمله (ونُخْرِجُ لَهُ) قال : نخرج ذلك العمل (كِتابا يَلقاهُ مَنْشُورًا) قال معمر: وتلا الحسن عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ يا ابن آدم بسطت لك صحيفتك، ووكل بك ملَكان كريمان، أحدهما عن يمينك، والآخر عن يسارك.
فأما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك، وأما الذي عن شمالك فيحفظ سيئاتك، فاعمل ما شئت، أقلل أو أكثر، حتى إذا متّ طُويت صحيفتك، فجعلت في عنقك معك في قبرك، حتى تخرج يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا قد عدل والله عليك من جعلك حسيب نفسك.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: طائره: عمله، ونخرج له بذلك العمل كتابا يلقاه منشورا.
وقد كان بعض أهل العربية يتأوّل قوله ( وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ): أي حظه من قولهم: طار سهم فلان بكذا: إذا خرج سهمه على نصيب من الأنصباء، وذلك وإن كان قولا له وجه، فإن تأويل أهل التأويل على ما قد بينت، وغير جائز أن يتجاوز في تأويل القرآن ما قالوه إلى غيره، على أن ما قاله هذا القائل، إن كان عنى بقوله حظه من العمل والشقاء والسعادة، فلم يبعد معنى قوله من معنى قولهم.

﴿ وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا ﴾

قراءة سورة الإسراء

المصدر : تفسير : وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج