القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 14 سورة العنكبوت - ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم

سورة العنكبوت الآية رقم 14 : سبع تفاسير معتمدة

سورة ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم - عدد الآيات 69 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 14 من سورة العنكبوت عدة تفاسير - سورة العنكبوت : عدد الآيات 69 - - الصفحة 397 - الجزء 20.

سورة العنكبوت الآية رقم 14


﴿ وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ فَلَبِثَ فِيهِمۡ أَلۡفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمۡسِينَ عَامٗا فَأَخَذَهُمُ ٱلطُّوفَانُ وَهُمۡ ظَٰلِمُونَ ﴾
[ العنكبوت: 14]

﴿ التفسير الميسر ﴾

ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه فمكث فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا، يدعوهم إلى التوحيد وينهاهم عن الشرك، فلم يستجيبوا له، فأهلكهم الله بالطوفان، وهم ظالمون لأنفسهم بكفرهم وطغيانهم.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

«ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه» وعمره أربعون سنة أو أكثر «فلبس فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً» يدعوهم إلى توحيد الله فكذبوه «فأخذهم الطوفان» أي الماء الكثير طاف بهم وعلاهم فغرقوا «وهم ظالمون» مشركون.

﴿ تفسير السعدي ﴾

يخبر تعالى عن حكمه وحكمته في عقوبة الأمم المكذبة، وأن اللّه أرسل عبده ورسوله نوحا عليه الصلاة السلام إلى قومه، يدعوهم إلى التوحيد وإفراد اللّه بالعبادة، والنهي عن الأنداد والأصنام، فَلَبِثَ فِيهِمْ نبيا داعيا أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا وهو لا يَنِي بدعوتهم، ولا يفتر في نصحهم، يدعوهم ليلا ونهارا وسرا وجهارا، فلم يرشدوا ولم يهتدوا، بل استمروا على كفرهم وطغيانهم، حتى دعا عليهم نبيهم نوح عليه الصلاة والسلام، مع شدة صبره وحلمه واحتماله، فقال: رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ أي: الماء الذي نزل من السماء بكثرة، ونبع من الأرض بشدة وَهُمْ ظَالِمُونَ مستحقون للعذاب.


﴿ تفسير البغوي ﴾

قوله تعالى : ( ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان ) فغرقوا ) ( وهم ظالمون ) قال ابن عباس : مشركون .

﴿ تفسير الوسيط ﴾

قال الآلوسى: قوله: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ.
شروع في بيان افتتان الأنبياء- عليهم السلام- بأذية أممهم، إثر بيان افتتان المؤمنين بأذية الكفار تأكيدا للإنكار على الذين يحسبون أن يتركوا بمجرد الإيمان بلا ابتلاء، وحثا لهم على الصبر، فإن الأنبياء- عليهم السلام- حيث ابتلوا بما أصابهم من جهة أممهم من فنون المكاره وصبروا عليها، فلأن يصبر هؤلاء المؤمنون أولى وأحرى .
.
.
» .
و «نوح» - عليه السلام- ينتهى نسبه إلى شيث بن آدم، وقد ذكر نوح في القرآن في ثلاث وأربعين موضعا، وجاءت قصته مع قومه بصورة فيها شيء من التفصيل، في سور: هود والأعراف، والمؤمنون، ونوح.
وقوم الرجل: أقر باؤه الذين يجتمعون معه في جد واحد.
وقد يقيم الرجل بين الأجانب فيسميهم قومه مجازا للمجاورة.
كان قوم نوح يعبدون الأصنام، فأرسل الله- تعالى- إليهم نبيهم نوحا، ليدلهم على طريق الحق والرشاد.
والمعنى: ولقد أرسلنا نبينا نوحا- عليه السلام- إلى قومه، لكي يأمرهم بإخلاص العبادة لنا، وينهاهم عن عبادة غيرنا فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً يدعوهم إلى الدين الحق، ليلا ونهارا، وسرا وعلانية.
قالوا: بعث الله نوحا وهو في سن الأربعين من عمره، ولبث يدعو قومه إلى عبادة الله- تعالى- وحده، ألف سنة إلا خمسين عاما، وعاش بعد الطوفان ستين سنة، فيكون عمره كله ألف سنة وخمسين سنة.
قال صاحب الكشاف: فإن قلت: فلم جاء المميز أولا بالسنة، وثانيا بالعام؟ قلت: لأن تكرير اللفظ الواحد، حقيق بالاجتناب في البلاغة، إلا إذا وقع ذلك لأجل غرض يبتغيه المتكلم من تفخيم أو تهويل أو تنويه أو نحو ذلك» .
والمقصود بذكر هذه المدة الطويلة التي قضاها نوح- عليه السلام- مع قومه، تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم وتثبيته، فكأن الله- تعالى- يقول له: يا محمد لقد لبث أخوك نوح تلك المدة الطويلة، ومع ذلك لم يؤمن معه إلا قليل، فعليك أن تقتدى به في صبره، وفي مطاولته لقومه.
وقوله- سبحانه- فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ وَهُمْ ظالِمُونَ بيان لسوء عاقبة المكذبين لنوح- عليه السلام- بعد أن مكث فيهم تلك المدة الطويلة.
والطوفان: قد يطلق على كل ما يطوف بالشيء على كثرة وشدة من السيل والريح والظلام، وقد غلب إطلاقه على طوفان الماء، وهو المراد هنا.
أى مكث نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى إخلاص العبادة لله- تعالى- ولكنهم كذبوه، فأخذهم الطوفان، والحال أنهم كانوا مستمرين على الظلم والكفر، دون أن تؤثر فيهم مواعظ نبيهم ونذره.

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

هذه تسلية من الله تعالى لعبده ورسوله محمد صلوات الله وسلامه عليه ، يخبره عن نوح عليه السلام : أنه مكث في قومه هذه المدة يدعوهم إلى الله ليلا ونهارا ، وسرا ، وجهارا ، ومع هذا ما زادهم ذلك إلا فرارا عن الحق ، وإعراضا عنه وتكذيبا له ، وما آمن معه منهم إلا قليل ; ولهذا قال : ( فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون ) أي : بعد هذه المدة الطويلة ما نجع فيهم البلاغ والإنذار ، فأنت - يا محمد - لا تأسف على من كفر بك من قومك ، ولا تحزن عليهم ; فإن الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء ، وبيده الأمر وإليه ترجع الأمور ، ( إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون . ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم ) [ يونس : 96 ، 97 ] ، واعلم أن الله سيظهرك وينصرك ويؤيدك ، ويذل عدوك ، ويكبتهم ويجعلهم أسفل السافلين .قال حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن يوسف بن ماهك ، عن ابن عباس قال : بعث نوح وهو لأربعين سنة ، ولبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما ، وعاش بعد الطوفان ستين عاما ، حتى كثر الناس وفشوا .وقال قتادة : يقال إن عمره كله [ كان ] ألف سنة إلا خمسين عاما ، لبث فيهم قبل أن يدعوهم ثلثمائة سنة ، ودعاهم ثلثمائة ، ولبث بعد الطوفان ثلثمائة وخمسين سنة .وهذا قول غريب ، وظاهر السياق من الآية أنه مكث في قومه يدعوهم إلى الله ألف سنة إلا خمسين عاما .وقال عون بن أبي شداد : إن الله أرسل نوحا إلى قومه وهو ابن خمسين وثلثمائة سنة ، فدعاهم ألف سنة إلا خمسين عاما ، ثم عاش بعد ذلك ثلثمائة وخمسين سنة .وهذا أيضا غريب ، رواه ابن أبي حاتم ، وابن جرير ، وقول ابن عباس أقرب ، والله أعلم .وقال الثوري ، عن سلمة بن كهيل ، عن مجاهد قال : قال لي ابن عمر : كم لبث نوح في قومه ؟ قال : قلت ألف سنة إلا خمسين عاما . قال : فإن الناس لم يزالوا في نقصان من أعمارهم وأحلامهم وأخلاقهم إلى يومك هذا .

﴿ تفسير القرطبي ﴾

قوله تعالى : ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما ذكر قصة نوح تسلية لنبيه صلى الله عليه وسلم ; أي ابتلي النبيون قبلك بالكفار فصبروا وخص نوحا بالذكر ; لأنه أول رسول أرسل إلى الأرض وقد امتلأت كفرا على ما تقدم بيانه في ( هود ) وأنه لم يلق نبي من قومه ما لقي نوح على ما تقدم في ( هود ) عن الحسن وروي عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أول نبي أرسل نوح قال قتادة : وبعث من الجزيرة .
واختلف في مبلغ عمره .
فقيل : مبلغ عمره ما ذكره الله تعالى في كتابه .
قال قتادة : لبث فيهم قبل أن يدعوهم ثلاثمائة سنة ، ودعاهم لثلاثمائة سنة ، ولبث بعد الطوفان ثلاثمائة وخمسين سنة .
وقال ابن عباس : بعث نوح لأربعين سنة ، ولبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما ، وعاش بعد الغرق ستين سنة حتى كثر الناس وفشوا .
وعنه أيضا : أنه بعث وهو ابن مائتين وخمسين سنة ، ولبث فيهم ألف سنة إلا خمسين ، وعاش بعد الطوفان مائتي سنة .
وقال وهب : عمر نوح ألفا وأربعمائة سنة .
وقال كعب الأحبار : لبث نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما ، وعاش بعد الطوفان سبعين عاما ، فكان مبلغ عمره ألف سنة وعشرين عاما .
وقال عون بن أبي شداد : بعث نوح وهو ابن خمسين وثلاثمائة سنة ، ولبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما ، وعاش بعد الطوفان ثلاثمائة سنة وخمسين سنة ، فكان مبلغ عمره ألف سنة وستمائة سنة وخمسين سنة ونحوه .
عن الحسن قال : لما أتى ملك الموت نوحا ليقبض روحه قال : يا نوح كم عشت في الدنيا ؟ قال : ثلاثمائة قبل أن أبعث وألف سنة إلا خمسين عاما في قومي ، وثلاثمائة سنة وخمسين سنة بعد الطوفان .
قال ملك الموت : فكيف وجدت الدنيا ؟ قال نوح : مثل دار لها بابان دخلت من هذا وخرجت من هذا .
وروي من حديث أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما بعث الله نوحا إلى قومه بعثه وهو ابن خمسين ومائتي سنة فلبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما ، وبقي بعد الطوفان خمسين ومائتي سنة ، فلما أتاه ملك الموت قال يا نوح يا أكبر الأنبياء ويا طويل العمر ويا مجاب الدعوة كيف رأيت الدنيا .
قال : مثل رجل بني له بيت له بابان فدخل من واحد وخرج من الآخر وقد قيل : دخل من أحدهما وجلس هنيهة ثم خرج من الباب الآخر وقال ابن الوردي : بنى نوح بيتا من قصب فقيل له : لو بنيت غير هذا فقال : هذا كثير لمن يموت .
وقال أبو المهاجر : لبث نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما في بيت من شعر ، فقيل له : يا نبي الله ابن بيتا .
فقال : أموت اليوم أو أموت غدا .
وقال وهب بن منبه : مرت بنوح خمسمائة سنة لم يقرب النساء وجلا من الموت وقال مقاتل وجويبر : إن آدم عليه السلام حين كبر ورق عظمه قال : يا رب إلى متى أكد وأسعى ؟ قال يا آدم حتى يولد لك ولد مختون ، فولد له نوح بعد عشرة أبطن ، وهو يومئذ ابن ألف سنة إلا ستين عاما .
وقال بعضهم : إلا أربعين عاما والله أعلم فكان نوح بن لامك بن متوشلخ بن إدريس وهو أخنوخ بن يرد بن مهلاييل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم ، وكان اسم نوح السكن .
وإنما سمي السكن ; لأن الناس بعد آدم سكنوا إليه ، فهو أبوهم .
وولد له سام وحام ويافث ، فولد سام العرب وفارس والروم .
وفي كل هؤلاء خير وولد حام القبط والسودان والبربر .
وولد يافث الترك والصقالبة ويأجوج ومأجوج ، وليس في شيء من هؤلاء خير .
وقال ابن عباس : في ولد سام بياض وأدمة وفي ولد حام سواد وبياض قليل وفي ولد يافث - وهم الترك والصقالبة - الصفرة والحمرة وكان له ولد رابع وهو كنعان الذي غرق والعرب تسميه يام وسمي نوح نوحا ; لأنه ناح على قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى الله تعالى ، فإذا كفروا بكى وناح عليهم .
وذكر القشيري أبو القاسم عبد الكريم في كتاب التخبير له : يروى أن نوحا عليه السلام كان اسمه يشكر ، ولكن لكثرة بكائه على خطيئته ; أوحى الله إليه : يا نوح كم تنوح ، فسمي نوحا ; فقيل : يا رسول الله فأي شيء كانت خطيئته ؟ فقال : " إنه مر بكلب ، فقال في نفسه ما أقبحه ، فأوحى الله إليه اخلق أنت أحسن من هذا " .
وقال يزيد الرقاشي : إنما سمي نوحا لطول ما ناح على نفسه .
فإن قيل : فلم قال : ( ألف سنة إلا خمسين عاما ) ولم يقل : تسعمائة وخمسين عاما .
ففيه جوابان : أحدهما : أن المقصود به تكثير العدد فكان ذكره الألف أكثر في اللفظ وأكثر في العدد .
الثاني : ما روي أنه أعطي من العمر ألف سنة ، فوهب من عمره خمسين سنة لبعض ولده فلما حضرته الوفاة رجع في استكمال الألف ، فذكر الله تعالى ذلك تنبيها على أن النقيصة كانت من جهته .
فأخذهم الطوفان قال ابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة : المطر .
الضحاك : الغرق .
وقيل : الموت .
روته عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم ومنه قول الشاعر :أفناهم طوفان موت جارفقال النحاس : يقال لكل كثير مطيف بالجميع من مطر أو قتل أو موت : طوفان .
وهم ظالمون جملة في موضع الحال و ألف سنة منصوب على الظرف إلا خمسين عاما منصوب على الاستثناء من الموجب ، وهو عند سيبويه بمنزلة المفعول ; لأنه مستغنى عنه كالمفعول ، فأما المبرد أبو العباس محمد بن يزيد فهو عنده مفعول محض ; كأنك قلت استثنيت زيدا .
تنبيه : روى حسان بن غالب بن نجيح أبو القاسم المصري حدثنا مالك بن أنس عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كان جبريل يذاكرني فضل عمر فقلت يا جبريل ما بلغ فضل عمر قال لي : يا محمد لو لبثت معك ما لبث نوح في قومه ما بلغت لك فضل عمر ) ذكره الخطيب أبو بكر أحمد بن ثابت البغدادي وقال تفرد بروايته حسان بن غالب عن مالك وليس بثابت من حديثه .

﴿ تفسير الطبري ﴾

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (14)وهذا وعيد من الله تعالى ذكره هؤلاء المشركين من قريش، القائلين للذين آمنوا: اتبعوا سبيلَنا، ولنحمل خطاياكم، يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: لا يحزننك يا محمد ما تلقى من هؤلاء المشركين أنت وأصحابك من الأذى، فإني وإن أمليت لهم فأطلت إملاءهم، فإن مصير أمرهم إلى البوار، ومصير أمرك وأمر أصحابك إلى العلوّ والظفر بهم، والنجاة مما يحلّ بهم من العقاب، كفعلنا ذلك بنوح، إذ أرسلناه إلى قومه، فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى التوحيد، وفراق الآلهة والأوثان، فلم يزدهم ذلك من دعائه إياهم إلى الله من الإقبال إليه، وقبول ما أتاهم به من النصيحة من عند الله إلا فرارا.
وذُكر أنه أُرسل إلى قومه وهو ابن ثلاث مئة وخمسين سنة.
كما حدثنا نصر بن عليّ الْجَهْضَمِيّ، قال: ثنا نوح بن قيس، قال: ثنا عون بن أبي شداد، قال: إن الله أرسل نوحا إلى قومه وهو ابن خمسين وثلاث مئة سنة فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما، ثم عاش بعد ذلك خمسين وثلاث مئة سنة، فأخذهم الطوفان، يقول تعالى ذكره: فأهلكهم الماء الكثير، وكلّ ماء كثير فاش طامٌّ؛ فهو عند العرب طوفان، سيلا كان أو غيره، وكذلك الموت إذا كان فاشيا كثيرا، فهو أيضا عندهم طوفان؛ ومنه قول الراجز:أَفْنَاهُْم طُوفان مَوْتٍ جارِفِ (3)وبنحو قولنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله: ( فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ ) قال: هو الماء الذي أرسل عليهم.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول: الطوفان: الغرق.
وقوله: (وَهُمْ ظالِمُونَ) يقول: وهم ظالمون أنفسهم بكفرهم.
--------------------------الهوامش:(3) هذا بيت من مشطور الرجز، وهو من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن (الورقة 184 - أ) قال: الطوفان: مجازه كل ماء طام فاش، من سبيل كان أم من غيره وهو كذلك من الموت إذا كان جارفًا فاشيًا كثيرًا.
قال: "أفناهم الطوفان .
.
.
" البيت.
ونقله المؤلف بحروفه.
وفي (اللسان: طوف): والطوفان الماء الذي يغشى كل مكان.
وقيل: الطوفان من كل شيء: ما كان كثيرًا محيطًا مطيفًا بالجماعة كلها، كالغرق الذي يشتمل على المدن الكثيرة؛ والقتل الذريع والموت الجارف، يقال له: طوفان.
وبذك كله فسر قوله تعالى: (فأخذهم الطوفان وهم ظالمون)

﴿ ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون ﴾

قراءة سورة العنكبوت

المصدر : تفسير : ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم