القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 145 سورة الأعراف - وكتبنا له في الألواح من كل شيء

سورة الأعراف الآية رقم 145 : سبع تفاسير معتمدة

سورة وكتبنا له في الألواح من كل شيء - عدد الآيات 206 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 145 من سورة الأعراف عدة تفاسير - سورة الأعراف : عدد الآيات 206 - - الصفحة 168 - الجزء 9.

سورة الأعراف الآية رقم 145


﴿ وَكَتَبۡنَا لَهُۥ فِي ٱلۡأَلۡوَاحِ مِن كُلِّ شَيۡءٖ مَّوۡعِظَةٗ وَتَفۡصِيلٗا لِّكُلِّ شَيۡءٖ فَخُذۡهَا بِقُوَّةٖ وَأۡمُرۡ قَوۡمَكَ يَأۡخُذُواْ بِأَحۡسَنِهَاۚ سَأُوْرِيكُمۡ دَارَ ٱلۡفَٰسِقِينَ ﴾
[ الأعراف: 145]

﴿ التفسير الميسر ﴾

وكتبنا لموسى في التوراة من كل ما يحتاج إليه في دينه من الأحكام، موعظة للازدجار والاعتبار وتفصيلا لتكاليف الحلال والحرام والأمر والنهي والقصص والعقائد والأخبار والمغيبات، قال الله له: فخذها بقوة، أي: خذ التوراة بجد واجتهاد، وأمر قومك يعملوا بما شرع الله فيها؛ فإن مَن أشرك منهم ومِن غيرهم فإني سأريه في الآخرة دار الفاسقين، وهي نار الله التي أعدَّها لأعدائه الخارجين عن طاعته.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

«وكتبا له في الألواح» أي ألواح التوراة وكانت من سدر الجنة أو زبرجد أو زمرد سبعة أو عشرة «من كل شيء» يحتاج إليه في الدين «موعظة وتفصيلا» تبينا «لكل شيء» بدل من الجار والمجرور قبله «فخذها» قبله قلنا مقدرا «بقوة» بجد واجتهاد «وأمر قومك يأخذوا بأحسنها سأريكم دار الفاسقين» فرعون وأتباعه وهي مصر لتعتبروا بهم.

﴿ تفسير السعدي ﴾

وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الألْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يحتاج إليه العباد مَوْعِظَةً ترغب النفوس في أفعال الخير، وترهبهم من أفعال الشر، وَتَفْصِيلا لِكُلِّ شَيْءٍ من الأحكام الشرعية، والعقائد والأخلاق والآداب فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ أي: بجد واجتهاد على إقامتها، وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا وهي الأوامر الواجبة والمستحبة، فإنها أحسنها، وفي هذا دليل على أن أوامر اللّه - في كل شريعة - كاملة عادلة حسنة.
سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ بعد ما أهلكهم اللّه، وأبقى ديارهم عبرة بعدهم، يعتبر بها المؤمنون الموفقون المتواضعون.


﴿ تفسير البغوي ﴾

قوله - عز وجل - : ( وكتبنا له ) يعني لموسى ، ( في الألواح ) قال ابن عباس : يريد ألواح التوراة ، وفي الحديث : " كانت من سدر الجنة طول اللوح اثنا عشر ذراعا " .
وجاء في أحاديث خلق الله آدم بيده : " وكتب التوراة بيده وغرس شجرة طوبى بيده " .
وقال الحسن : كانت الألواح من خشب .
قال الكلبي كانت من زبرجدة خضراء .
وقال سعيد بن جبير : كانت من ياقوت أحمر ، وقال الربيع بن أنس : كانت الألواح من برد .
قال ابن جريج : كانت من زمرد ، أمر الله جبريل حتى جاء بها من عدن ، وكتبها بالقلم الذي كتب به الذكر واستمد من نهر النور وقال وهب : أمره الله بقطع الألواح من صخرة صماء لينها الله له فقطعها بيده ثم شققها بأصبعه ، وسمع موسى صرير القلم بالكلمات العشرة وكان ذلك في أول يوم من ذي القعدة ، وكانت الألواح عشرة أذرع على طول موسى .
.
وقال مقاتل ووهب : ( وكتبنا له في الألواح ) كنقش الخاتم وقال الربيع بن أنس : نزلت التوراة وهي سبعون وقر بعير ، يقرأ الجزء منه في سنة ، لم يقرأه إلا أربعة نفر : موسى ، ويوشع ، وعزير ، وعيسى .
وقال الحسن : هذه الآية في التوراة ألف آية يعني " وكتبنا له في الألواح ( من كل شيء ) مما أمروا به ونهوا عنه ، ( موعظة ) نهيا عن الجهل ، وحقيقة الموعظة : التذكرة والتحذير بما يخاف عاقبته ، ( وتفصيلا لكل شيء ) أي : تبيينا لكل شيء من الأمر والنهي ، والحلال والحرام ، والحدود والأحكام .
( فخذها بقوة ) أي : بجد واجتهاد ، وقيل : بقوة القلب وصحة العزيمة ، لأنه إذا أخذه بضعف النية أداه إلى الفتور ، ( وأمر قومك يأخذوا بأحسنها ) قال عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما : يحلوا حلالها ، ويحرموا حرامها ، ويتدبروا أمثالها ، ويعملوا بمحكمها ، ويقفوا عند متشابهها وكان موسى عليه السلام أشد عبادة من قومه ، فأمر بما لم يؤمروا به .
قال قطرب : بأحسنها أي بحسنها ، وكلها حسن .
وقيل : أحسنها الفرائض والنوافل ، وهي ما يستحق عليها الثواب ، وما دونها المباح ، لأنه لا يستحق عليه الثواب .
وقيل : بأحسنها بأحسن الأمرين في كل شيء كالعفو أحسن من القصاص ، والصبر أحسن من الانتصار .
( سأريكم دار الفاسقين ) قال مجاهد : مصيرها في الآخرة .
قال الحسن وعطاء : يعني جهنم ، يحذركم أن تكونوا مثلهم .
وقال قتادة وغيره : سأدخلكم الشأم فأريكم منازل القرون الماضية الذين خالفوا أمر الله لتعتبروا بها .
قال عطية العوفي : أراد دار فرعون وقومه وهي مصر ، يدل عليه قراءة قسامة بن زهير : " سأورثكم دار الفاسقين " ، وقال السدي : دار الفاسقين مصارع الكفار .
وقال الكلبي : ما مروا عليه إذا سافروا من منازل عاد وثمود والقرون الذين أهلكوا .

﴿ تفسير الوسيط ﴾

ثم فصل- سبحانه- بعض النعم التي منحها لنبيه موسى وقال: وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ.
والمراد بالألواح كما قال ابن عباس- ألواح التوراة، واختلف في عددها فقيل: سبعة ألواح وقيل عشرة ألواح وقيل أكثر من ذلك.
كما اختلف في شأنها فقيل كانت من سدر الجنة، وقيل كانت من زبرجد أو زمرد .
.
.
إلخ.
والذي نراه تفويض معرفة ذلك إلى الله- تعالى- لأنه لم يرد نص صحيح عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في عددها أو كيفيتها.
والمعنى: وكتبنا لموسى- عليه السلام- في ألواح التوراة من كل شيء يحتاجون إليه من الحلال والحرام، والمحاسن والقبائح.
ليكون ذلك موعظة لهم من شأنها أن تؤثر في قلوبهم ترغيبا وترهيبا، كما كتبنا له في تلك الألواح تفصيل كل شيء يتعلق بأمر هذه الرسالة الموسوية.
وإسناد الكتابة إليه- تعالى- إما على معنى أن ذلك كان بقدرته- تعالى- وصنعه ولا كسب لأحد فيه، وإما على معنى أنها كتبها بأمره ووحيه سواء كان الكاتب لها موسى أو ملك من ملائكته- عز وجل-.
قال صاحب المنار: قال بعض المفسرين: إن الألواح كانت مشتملة على التوراة: وقال بعضهم بل كانت قبل التوراة.
والراجح أنها كانت أول ما أوتيه من وحى التشريع فكانت أصل التوراة الإجمالى، وكانت سائر الأحكام من العبادات والمعاملات الحربية والمدنية والعقوبات تنزل يخاطبه بها الله- تعالى- في أوقات الحاجة إليها» .
وقوله مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ بدل من قوله مِنْ كُلِّ شَيْءٍ باعتبار محله وهو النصب لأن من مزيدة كما يرى كثير من النحاة.
أى: كتبنا له فيها كل شيء من المواعظ وتفصيل الأحكام.
والضمير في قوله- تعالى- فَخُذْها بِقُوَّةٍ يعود إلى الألواح.
والفاء عاطفة لمحذوف على كتبنا، والمحذوف هو لفظ قلنا وقوله بِقُوَّةٍ حال من فاعل خذها أى: كتبنا له في الألواح من كل شيء، وقلنا له خذها بقوة أى بجد وحزم، وصبر وجلد، لأنه- عليه السلام- قد أرسل إلى قوم طال عليهم الأمد وهم في الذل والاستعباد، فإذا لم يكن المتولى لإرشادهم وإلى ما فيه هدايتهم ذا قوة وصبر ويقين، فإنه قد يعجز عن تربيتهم.
ويفشل في تنفيذ أمر الله فيهم.
قال الجمل: وقوله- تعالى- وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها أى التوراة ومعنى بأحسنها بحسنها إذ كل ما فيها حسن، أو أمروا فيها بالخير ونهوا عن الشر، وفعل الخير أحسن من ترك الشر، وذلك لأن الكلمة المحتملة لمعنيين أو لمعان تحمل على أشبه محتملاتها بالحق وأقربها إلى الصواب.
أو أن فيها حسنا وأحسن كالقود والعفو، والانتصار والصبر، والمأمور به والمباح فأمروا بأن يأخذوا بما هو أكثر ثوابا .
وقوله- تعالى- سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ توكيد لأمر القوم بالأخذ بالأحسن وبعث عليه على نهج الوعيد والتهديد.
أى: سأريكم عاقبة من خالف أمرى، وخرج عن طاعتي، كيف يصير إلى الهلاك والدمار، فتلك سنتي التي لا تتغير ولا تتبدل.
قال ابن كثير: وإنما قال سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ كما يقول القائل لمن يخاطبه: سأريك غدا ما يصير إليه حال من خالفني على وجه التهديد والوعيد لمن عصاه وخالف أمره «2» وقيل المراد بدار الفاسقين دار فرعون وقومه وهي مصر، كيف أقفرت منهم ودمروا لفسقهم لتعتبروا فلا تفسقوا مثل فسقهم فيصيبكم ما أصابهم.
وقيل المراد بها منازل عاد وثمود والأقوام الذين هلكوا بسبب كفرهم.
وقيل المراد بها أرض الشام التي كان يسكنها الجبارون.
فإنهم لم يدخلوها إلا بعد أربعين سنة من خروجهم من مصر على يد يوشع بن نون.
والذي نراه أن الرأى الأول أرجح، لأن الآية الكريمة تحكى سنة من سنن الله في خلقه، وهذه السنة تتمثل في أن كل دار تفسق عن أمر ربها تكون عاقبتها الذل والدمار، ولأنه لم يرد حديث صحيح يعين المراد بدار الفاسقين.
فالآية الكريمة قد اشتملت على جانب من مظاهر نعم الله على نبيه موسى- عليه السلام- كما اشتملت على الأمر الصريح منه- سبحانه- له بأن يهيئ نفسه لحمل تكاليف الرسالة بعزم وصبر، وأن يأمر قومه بأن يأخذوا بأكملها وأعلاها بدون ترخيص أو تحايل، لأنهم قوم كانت طبيعتهم رخوة وعزيمتهم ضعيفة، ونفوسهم منحرفة.
كما اشتملت على التحذير الشديد لكل من يخرج عن طاعة الله وينتهك حرماته.
ثم بين- سبحانه- عاقبة من يتكبرون في الأرض بغير الحق فقال- تعالى-:

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

ثم أخبر تعالى أنه كتب له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء ، قيل : كانت الألواح من جوهر ، وأن الله تعالى كتب له فيها مواعظ وأحكاما مفصلة مبينة للحلال والحرام ، وكانت هذه الألواح مشتملة على التوراة التي قال الله تعالى فيها : ( ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للناس ) [ القصص : 43 ]وقيل : الألواح أعطيها موسى قبل التوراة ، فالله أعلم . وعلى كل تقدير كانت كالتعويض له عما سأل من الرؤية ومنع منه ، والله أعلم .وقوله : ( فخذها بقوة ) أي : بعزم على الطاعة ( وأمر قومك يأخذوا بأحسنها ) قال سفيان بن عيينة : حدثنا أبو سعد عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : أمر موسى - عليه السلام - أن يأخذ بأشد ما أمر قومه .وقوله : ( سأريكم دار الفاسقين ) أي : سترون عاقبة من خالف أمري ، وخرج عن طاعتي ، كيف يصير إلى الهلاك والدمار والتباب ؟قال ابن جرير : وإنما قال : ( سأريكم دار الفاسقين ) كما يقول القائل لمن يخاطبه : " سأريك غدا إلام يصير إليه حال من خالف أمري " ، على وجه التهديد والوعيد لمن عصاه وخالف أمره .ثم نقل معنى ذلك عن مجاهد ، والحسن البصري .وقيل : معناه ( سأريكم دار الفاسقين ) أي : من أهل الشام ، وأعطيكم إياها . وقيل : منازل قوم فرعون ، والأول أولى ، والله أعلم ; لأن هذا كان بعد انفصال موسى وقومه عن بلاد مصر ، وهو خطاب لبني إسرائيل قبل دخولهم التيه ، والله أعلم .

﴿ تفسير القرطبي ﴾

قوله تعالى وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها سأريكم دار الفاسقينقوله تعالى وكتبنا له في الألواح من كل شيء يريد التوراة .
وروي في الخبر أنه قبض عليه جبريل عليه السلام بجناحه فمر به في العلا حتى أدناه حتى سمع صريف القلم حين كتب الله له الألواح ; ذكره الترمذي الحكيم .
وقال مجاهد : كانت الألواح من زمردة خضراء .
ابن جبير : من ياقوتة حمراء .
أبو العالية : من زبرجد .
الحسن : من خشب ; نزلت من السماء .
وقيل : من صخرة صماء ، لينها الله لموسى عليه السلام فقطعها بيده ثم شقها بأصابعه ; فأطاعته كالحديد لداود .
قال مقاتل : أي كتبنا له في الألواح كنقش الخاتم .
ربيع بن أنس : نزلت التوراة وهي سبعون وقر بعير .
وأضاف الكتابة إلى نفسه على جهة التشريف ; إذ هي مكتوبة بأمره كتبها جبريل بالقلم الذي كتب به الذكر .
واستمد من نهر النور .
وقيل : هي كتابة أظهرها الله وخلقها في الألواح .
وأصل اللوح : لوح " بفتح اللام " ; قال الله تعالى : بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ .
فكأن اللوح تلوح فيه المعاني .
ويروى أنها لوحان ، وجاء بالجمع لأن الاثنين جمع .
ويقال : رجل عظيم الألواح إذا كان كبير عظم اليدين والرجلين .
ابن عباس : وتكسرت الألواح حين ألقاها فرفعت إلا سدسها .
وقيل : بقي سبعها ورفعت ستة أسباعها .
فكان في الذي رفع تفصيل كل شيء ، وفي الذي بقي الهدى والرحمة .
وأسند أبو نعيم الحافظ عن عمرو بن دينار قال : بلغني أن موسى بن عمران نبي الله صلى الله عليه وسلم صام أربعين ليلة ; فلما ألقى الألواح تكسرت فصام مثلها فردت إليه .
ومعنى من كل شيء مما يحتاج إليه في دينه من الأحكام وتبيين الحلال والحرام ; عن الثوري وغيره .
وقيل : هو لفظ يذكر تفخيما ولا يراد به التعميم ; تقول : دخلت السوق فاشتريت كل شيء .
وعند فلان كل شيء .
و تدمر كل شيء .
وأوتيت من كل شيء .
وقد تقدم .
موعظة وتفصيلا لكل شيء أي لكل شيء أمروا به من الأحكام ; فإنه لم يكن عندهم اجتهاد ، وإنما خص بذلك أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
فخذها بقوة في الكلام حذف ، أي فقلنا له : خذها بقوة ; أي بجد ونشاط .
نظيره خذوا ما آتيناكم بقوة وقد تقدم .
وأمر قومك يأخذوا بأحسنها أي يعملوا بالأوامر ويتركوا النواهي ، ويتدبروا الأمثال والمواعظ .
نظيره واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم .
وقال : فيتبعون أحسنه .
والعفو أحسن من الاقتصاص .
والصبر أحسن من الانتصار .
وقيل : أحسنها الفرائض والنوافل ، وأدونها المباح .
سأريكم دار الفاسقين قال الكلبي : دار الفاسقين ما مروا عليه إذا سافروا من منازل عاد وثمود ، والقرون التي أهلكوا .
وقيل : هي جهنم ; عن الحسن ومجاهد .
أي فلتكن منكم على ذكر ، فاحذروا أن تكونوا منها .
وقيل : أراد بها مصر ; أي سأريكم ديار القبط ومساكن فرعون خالية عنهم ; عن ابن جبير .
قتادة : المعنى سأريكم منازل الكفار التي سكنوها قبلكم من الجبابرة والعمالقة لتعتبروا بها ; يعني الشأم .
وهذان القولان يدل عليهما وأورثنا القوم الآية .
ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض الآية ، وقد تقدم .
وقرأ ابن عباس وقسامة بن زهير ( سأورثكم ) من ورث .
وهذا ظاهر .
وقيل : الدار الهلاك ، وجمعه أدوار .
وذلك أن الله تعالى لما أغرق فرعون أوحى إلى البحر أن اقذف بأجسادهم إلى الساحل ، قال : ففعل ; فنظر إليهم بنو إسرائيل فأراهم هلاك الفاسقين .

﴿ تفسير الطبري ﴾

القول في تأويل قوله : وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلا لِكُلِّ شَيْءٍقال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وكتبنا لموسى في ألواحه.
* * *وأدخلت الألف واللام في " الألواح " بدلا من الإضافة, كما قال الشاعر: (4)والأحْلامُ غَيْرُ عَوَازِب (5)وكما قال جل ثناؤه: فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ، [سورة النازعات: 41]، يعني: هي مأواه.
(6)* * *وقوله: " من كل شيء "، يقول: من التذكير والتنبيه على عظمة الله وعز سلطانه= " موعظة "، لقومه ومن أمر بالعمل بما كتب في الألواح (7) = " وتفصيلا لكل شيء "، يقول: وتبيينًا لكل شيء من أمر الله ونهيه.
(8)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:15106- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد =: أو سعيد بن جبير، وهو في أصل كتابي: عن سعيد بن جبير= في قول الله: " وتفصيلا لكل شيء "، قال: ما أمروا به ونهوا عنه.
15107- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، بنحوه.
15108- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلاً لكل شيء " ، من الحلال والحرام.
15109- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد قال، سمعت مجاهدا يقول في قوله: " وتفصيلاً لكل شيء " ، قال: ما أمروا به ونهوا عنه.
15110- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: " وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء "، قال عطية: (9) أخبرني ابن عباس: أن موسى صلى الله عليه وسلم انْصَلتَ لما كربه الموت، (10) قال: هذا من أجل آدم! قد كان الله جعلنا في دار مثوًى لا نموت, فخطأ آدم أنزلنا هاهنا! فقال الله لموسى: أبعث إليك آدم فتخاصمه؟ قال: نعم! فلما بعث الله آدم, سأله موسى, فقال أبونا آدم عليهما السلام: يا موسى، سألت الله أن يبعثني لك! قال موسى: لولا أنت لم نكن هاهنا! قال له آدم: أليس قد أتاك الله من كل شيء موعظة وتفصيلا أفلست تعلم أنه ما أصاب في الأرض من مصيبة ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن يبرأها؟ (11) قال موسى: بلى! فخصَمه آدم صلى الله عليهما.
(12)15111- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن عبد الصمد بن معقل: أنه سمع وهبًا يقول في قوله: " وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء "، قال: كتب له: لا تشرك بي شيئًا من أهل السماء ولا من أهل الأرض، فإن كل ذلك خلقي.
لا تحلف باسمي كاذبًا, فإن من حلف باسمي كاذبًا فلا أزكِّيه, ووقِّر والديك.
* * *القول في تأويل قوله : فَخُذْهَا بِقُوَّةٍقال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وقلنا لموسى إذ كتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء: خذ الألواح بقوة.
* * *وأخرج الخبر عن " الألواح "، والمراد ما فيها.
* * *واختلف أهل التأويل في معنى " القوة "، في هذا الموضع.
فقال بعضهم: معناها بجدٍّ.
* ذكر من قال ذلك:15112- حدثني عبد الكريم قال، حدثنا إبراهيم بن بشار قال، حدثنا ابن عيينة قال، قال أبو سعد, عن عكرمة, عن ابن عباس: " فخذها بقوة "، قال: بجدّ.
10113- حدثني موسى قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " فخذها بقوّة "، قال: بجد واجتهاد.
* * *وقال آخرون: معنى ذلك، فخذها بالطاعة لله.
* ذكر من قال ذلك:15114- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن سعد قال، أخبرنا أبو جعفر, عن الربيع بن أنس في قوله: " فخذها بقوة "، قال: بالطاعة.
* * *وقد بينا معنى ذلك بشواهده، واختلاف أهل التأويل فيه، في " سورة البقرة " عند قوله: خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ [سورة البقرة: 63] فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع.
(13)* * *القول في تأويل قوله : وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَاقال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قلنا لموسى: " وأمر قومك "، بني إسرائيل = " يأخذوا بأحسنها "، يقول: يعملوا بأحسن ما يجدون فيها، كما:-15115- حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " وأمر قومك يأخذوا بأحسنها "، بأحسن ما يجدون فيها.
15116- حدثني عبد الكريم قال، حدثنا إبراهيم قال، حدثنا سفيان قال، حدثنا أبو سعد, عن عكرمة, عن ابن عباس: " وأمر قومك يأخذوا بأحسنها "، قال: أمر موسى أن يأخذها بأشدّ مما أمر به قومه.
* * *فإن قال قائل: وما معنى قوله: " وأمر قومك يأخذوا بأحسنها "، أكان من خصالهم ترك بعض ما فيها من الحسن؟.
قيل: لا ولكن كان فيها أمرٌ ونهيٌ, فأمرهم الله أن يعملوا بما أمرهم بعمله، ويتركوا ما نهاهم عنه, فالعمل بالمأمور به، أحسنُ من العمل بالمنهي عنه.
* * *القول في تأويل قوله : سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ (145)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لموسى، إذ كتب في الألواح من كل شيء: خذها بجدّ في العمل بما فيها واجتهاد, وأمر قومك يأخذوا بأحسن ما فيها, وانههم عن تضييعها وتضييع العمل بما فيها والشرك بي, فإن من أشرك بي منهم ومن غيرهم, فإني سأريه في الآخرة عند مصيره إليّ، " دارَ الفاسقين ", وهي نار الله التي أعدها لأعدائه.
(14)* * *وإنما قال: " سأريكم دار الفاسقين "، كما يقول القائل لمن يخاطبه: " سأريك غدًا إلامَ يصير إليه حال من خالف أمري!"، على وجه التهدُّد والوعيد لمن عصاهُ وخالف أمره.
(15)* * *وقد اختلف أهل التأويل في معنى ذلك.
فقال بعضهم بنحو ما قلنا في ذلك.
* ذكر من قال ذلك:15117- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: " سأريكم دار الفاسقين "، قال: مصيرهم في الآخرة.
15118- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
15119- حدثني المثنى قال، حدثنا مسلم قال، حدثنا مبارك, عن الحسن, في قوله: " سأريكم دار الفاسقين "، قال: جهنم.
* * *وقال آخرون: معنى ذلك: سأدخلكم أرض الشام, فأريكم منازل الكافرين الذين هم سكانها من الجبابرة والعمالقة.
* ذكر من قال ذلك:15120- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: " سأريكم دار الفاسقين "، منازلهم.
15121- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: " دار الفاسقين "، قال: منازلهم.
* * *وقال آخرون: معنى ذلك: سأريكم دار قوم فرعون, وهي مصر.
* ذكر من قال ذلك:.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
(16)* * *قال أبو جعفر: وإنما اخترنا القول الذي اخترناه في تأويل ذلك, لأن الذي قبل قوله جل ثناؤه: " سأريكم دار الفاسقين "، أمرٌ من الله لموسى وقومه بالعمل بما في التوراة.
فأولى الأمور بحكمة الله تعالى أن يختم ذلك بالوعيد على من ضيّعه وفرَّط في العمل لله، وحاد عن سبيله, دون الخبر عما قد انقطع الخبر عنه، أو عما لم يجر له ذكر.
-----------------الهوامش :(4) (1) هو النابغة الذبيانى .
(5) (2) مضى البيت وتخريجه وشرحه فيما سلف 5 : 160 ، تعليق: 3 ، ولم يذكر هناك موضعه هناك ، فليقيد ، والبيت ، بروايته آنفاً :لَهُمْ شِيمَةٌ لم يُعْطِها الدَّهْرُ غَيْرَهُمْمن الناسِ ، فَالأحْلامُ غَيْرُ عَوَازِبِ(6) (3) انظر ما سلف 5 : 160 ، 161 .
(7) (4) انظر تفسير (( الموعظة )) فيما سلف من فهارس اللغة ( وعظ ).
(8) (5) انظر تفسير (( التفصيل )) فيما سلف ص : 68 ، تعليق : 5 ، والمراجع هناك .
(9) (1) هو (( عطية العوفي )) ، وهو جد (( محمد بن سعد )) الأعلى .
انظر تفسير هذا الإسناد في رقم : 305 .
(10) (2) في المطبوعة ، والدر المنثور 3 : 21 : (( أن موسى صلى الله عليه وسلم لما كربه الموت )) .
أسقط الذي كتبت : (( انصلت )) ، وهي في المخطوطة هكذا : (( الطيب )) غير منقوطة ، ولم أجد لها لفظاً يطابق رسمها ، ويجرى في معناها أقرب من (( انصلت )) .
يقال : (( انصلت في الأمر )) ، إذا انجرد وأسرع .
يقال : (( انصلت يعدو )) إذا أسرع ، و (( المنصلت )) : المسرع من كل شيء .
وقد روى البخاري في صحيحة ، عن أبي هريرة قال : أرسل ملك الموت إلى موسى عليه السلام .
فلما جاءه صكه فرجع إلى ربه عز وجل فقال : أرسلتني إلى عبد لا يريد أن يموت ، الحديث .
فكأن هذا كان منه لما كره الموت وأبغضه ، فأسرع لما رآه يقول ما قال .
هذا ما رأيت ، وفوق كل ذي علم عليم .
وانظر أخبار وفاة موسى عليه السلام في البداية والنهاية 1 : 316 - 319 .
(11) (1) هذا تضمين آية (( سورة الحديد )) : 22 .
(12) (2) الأثر : 15110 - هذا خبر ضعيف الإسناد جداً ، كما سلف في شرح إسناده رقم : 305 .
واحتجاج آدم وموسى عليهما السلام ، روى خبره البخاري ومسلم ، وسائر كتب السنن ، وانظر فصلا جيداً جمعه ابن كثير في البداية والنهاية 1 : 81 - 85 .
ويقال : (( خاصمه ، فخصمه )) أي غلبه في الخصام .
وهو الاحتجاج .
(13) (1) انظر ما سلف 2 : 160 ، 161 .
(14) (1) انظر تفسير (( الفسق )) فيما سلف .
ص : 11 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
(15) (2) في المطبوعة (( على وجه التهديد )) وأثبت ما في المخطوطة ، وهو محض الصواب .
(16) (1) هكذا بياض بالمخطوطة قدره خمسة أسطر ، وبهامش المخطوطة بالمداد الأحمر : (( نقص ، كذا الأصل )) .

﴿ وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها سأريكم دار الفاسقين ﴾

قراءة سورة الأعراف

المصدر : تفسير : وكتبنا له في الألواح من كل شيء