القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 15 سورة النساء - واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن

سورة النساء الآية رقم 15 : سبع تفاسير معتمدة

سورة واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن - عدد الآيات 176 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 15 من سورة النساء عدة تفاسير - سورة النساء : عدد الآيات 176 - - الصفحة 80 - الجزء 4.

سورة النساء الآية رقم 15


﴿ وَٱلَّٰتِي يَأۡتِينَ ٱلۡفَٰحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمۡ فَٱسۡتَشۡهِدُواْ عَلَيۡهِنَّ أَرۡبَعَةٗ مِّنكُمۡۖ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمۡسِكُوهُنَّ فِي ٱلۡبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّىٰهُنَّ ٱلۡمَوۡتُ أَوۡ يَجۡعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلٗا ﴾
[ النساء: 15]

﴿ التفسير الميسر ﴾

واللاتي يزنين من نسائكم، فاستشهدوا -أيها الولاة والقضاة- عليهن أربعة رجال عدول من المسلمين، فإن شهدوا عليهن بذلك فاحبسوهن في البيوت حتى تنتهي حياتهن بالموت، أو يجعل الله لهن طريقًا للخلاص من ذلك.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

(واللاتي يأتين الفاحشة) الزنا (من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) أي من رجالكم المسلمين (فإن شهدوا) عليهن بها (فأمسكوهن) احبسوهن (في البيوت) وامنعوهن من مخالطة الناس (حتى يتوفاهن الموت) أي ملائكته (أو) إلى أن (يجعل الله لهن سبيلا) طريقا إلى الخروج منها أمروا بذلك أول الإسلام ثم جعل لهن سبيلا بجلد البكر مائة وتغريبها عاما ورجم المحصنة، وفي الحديث لما بين الحد قال "" خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا "" رواه مسلم.

﴿ تفسير السعدي ﴾

أي: النساء اللاتي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ أي: الزنا، ووصفها بالفاحشة لشناعتها وقبحها.
فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ أي: من رجالكم المؤمنين العدول.
فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ أي: احبسوهن عن الخروج الموجب للريبة.
وأيضا فإن الحبس من جملة العقوبات حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أي: هذا منتهى الحبس.
أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا أي: طريقا غير الحبس في البيوت، وهذه الآية ليست منسوخة، وإنما هي مغياة إلى ذلك الوقت، فكان الأمر في أول الإسلام كذلك حتى جعل الله لهن سبيلا، وهو رجم المحصن وجلد غير المحصن.


﴿ تفسير البغوي ﴾

قوله عز وجل : ( واللاتي يأتين الفاحشة ) يعني : الزنا ، ( من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم ) يعني : من المسلمين ، وهذا خطاب للحكام ، أي : فاطلبوا عليهن أربعة من الشهود ، وفيه بيان أن الزنا لا يثبت إلا بأربعة من الشهود .
( فإن شهدوا فأمسكوهن ) فاحبسوهن ، ( في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا ) وهذا كان في أول الإسلام قبل نزول الحدود ، كانت المرأة إذا زنت حبست في البيت حتى تموت ، ثم نسخ ذلك في حق البكر بالجلد والتغريب ، وفي حق الثيب بالجلد والرجم .
أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب ، أخبرنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، أنا أبو العباس الأصم ، أنا الربيع ، أخبرنا الشافعي رضي الله عنه أخبرنا عبد الوهاب عن يونس عن الحسن عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " خذوا عني خذوا عني : قد جعل الله لهن سبيلا ، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام ، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم " ، قال الشافعي رضي الله عنه : وقد حدثني الثقة أن الحسن كان يدخل بينه وبين عبادة حطان الرقاشي ، ولا أدري أدخله عبد الوهاب بينهما فنزل عن كتابي أم لا .
قال شيخنا الإمام : الحديث صحيح رواه مسلم بن الحجاج عن محمد بن المثنى عن عبد الأعلى عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن حطان بن عبد الله عن عبادة ، ثم نسخ الجلد في حق الثيب وبقي الرجم عند أكثر أهل العلم .
وذهب طائفة إلى أنه يجمع بينهما .
روي عن علي رضي الله عنه : أنه جلد شراحة الهمدانية يوم الخميس مائة ثم رجمها يوم الجمعة ، وقال : " جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم " .
وعامة العلماء على أن الثيب لا يجلد مع الرجم لأن النبي صلى الله عليه وسلم رجم ماعزا والغامدية ولم يجلدهما .
وعند أبي حنيفة رضي الله عنه : التغريب أيضا منسوخ في حق البكر .
وأكثر أهل العلم على أنه ثابت ، روى نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب وغرب ، وأن أبا بكر رضي الله عنه ضرب وغرب ، وأن عمر رضي الله عنه ضرب وغرب .
واختلفوا في أن الإمساك في البيت كان حدا فنسخ أم كان حبسا ليظهر الحد؟ على قولين .

﴿ تفسير الوسيط ﴾

وقوله: وَاللَّاتِي جمع التي.
وهي تستعمل في جمع من يعقل.
أما إذا أريد جمع ما لا يعقل من المؤنث فإنه يقال: التي.
تقول: أكرمت النسوة اللاتي حضرن.
وتقول: نزعت الأثواب التي كنت ألبسها.
وهذا هو الرأى المختار.
وبعضهم يسوى بينهما فيقول في الجمع المؤنث لغير العاقل: اللاتي.
وقوله يَأْتِينَ من الإتيان ويطلق في الأصل على المجيء إلى شيء.
والمراد به هنا الفعل.
أى واللاتي يفعلن الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ.
والفاحشة: هي الفعلة القبيحة.
وهي مصدر كالعافية.
يقال فحش الرجل يفحش فحشا.
وأفحش: إذا جاء بالقبح من القول أو الفعل.
والمراد بها هنا: الزنا.
وقوله: مِنْ نِسائِكُمْ متعلق بمحذوف وقع حالا من فاعل يَأْتِينَ أى: يأتين الفاحشة حال كونهن من نسائكم.
والمراد بالنساء في قوله مِنْ نِسائِكُمْ: النساء اللاتي قد أحصن بالزواج سواء أكن ما زلن في عصمة أزواجهن أم لا.
وهذا رأى جمهور الفقهاء.
وبعضهم يرى أن المراد بالنساء هنا مطلق النساء سواء أكن متزوجات أم أبكارا.
والمعنى: أن الله- تعالى- يبين لعباده بعض الأحكام المتعلقة بالنساء فيقول:أخبركم- أيها المؤمنون- بأن اللاتي يأتين فاحشة الزنا من نسائكم، بأن فعلن هذه الفاحشة المنكرة وهن متزوجات أو سبق لهن الزواج.
فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ أى: فاطلبوا أن يشهد عليهن بأنهن أتين هذه الفاحشة المنكرة أربعة منكم أى من الرجال المسلمين الأحرار.
وقوله: فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أى فإن شهد هؤلاء الأربعة بأن هؤلاء النسوة قد أتين هذه الفاحشة، فعليكم في هذه الحالة أن تحبسوا هؤلاء النسوة في البيوت ولا تمكنوهن من الخروج عقوبة لهن، وصيانة لهن عن تكرار الوقوع في هذه الفاحشة المنكرة، وليستمر الأمر على ذلك «حتى يتوفاهن الموت» أى حتى يقبض أرواحهن الموت.
أو حتى يتوفاهن ملك الموت.
وقوله: أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا أى: أو يجعل الله لهن مخرجا من هذا الإمساك في البيوت، بأن يشرع لهن حكما آخر.
وقوله: وَاللَّاتِي في محل رفع مبتدأ.
وجملة فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ خبره.
وجاز دخول الفاء الزائدة في الخبر.
لأن المبتدأ أشبه الشرط في كونه موصولا عاما صلته فعل مستقبل.
وعبر- سبحانه- عن ارتكاب فاحشة الزنا بقوله: يَأْتِينَ لمزيد التقبيح والتشنيع على فاعلها: لأن مرتكبها كأنه ذهب إليها عن قصد حتى وصل إليها وباشرها.
واشترط- سبحانه- شهادة أربعة من الرجال المسلمين الأحرار لأن الرمي بالزنا من أفحش ما ترمى به المرأة والرجل، فكان من رحمة الله وعدله أن شدد في إثبات هذه الفاحشة أبلغ ما يكون التشديد، فقرر عدم ثبوت هذه الجريمة إلا بشهادة أربعة من الرجال بحيث لا تقبل في ذلك شهادة النساء.
قال: الزهري: مضت السنة من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم والخليفتين من بعده أن لا تقبل شهادة النساء في الحدود.
وقرر أن تكون الشهادة بالمعاينة لا بالسماع، ولذا قال فَإِنْ شَهِدُوا أى إن ذكروا أنهم عاينوا ارتكاب هذه الجريمة من مرتكبيها.
وشهدوا على ما عاينوه وأبصروه فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ.
وحتى في قوله.
حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ بمعنى إلى.
والفعل بعدها منصوب بإضمار أن.
وهي متعلقة بقوله فَأَمْسِكُوهُنَّ غاية له.
والمراد بالتوفي أصل معناه أى الاستيفاء وهو القبض تقول: توفيت مالي الذي على فلان واستوفيته إذا قبضته.
وإسناده إلى الموت باعتبار تشبيهه بشخص يفعل ذلك.
والكلام على حذف مضاف أى: حتى يقبض أرواحهن الموت.
أو حتى يتوفاهن ملائكة الموت و «أو» في قوله أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا، للعطف، فقد عطفت قوله يَجْعَلَ على قوله:يَتَوَفَّاهُنَّ فيكون الجعل غاية لإمساكهن أيضا.
فيكون المعنى.
أمسكوهن في البيوت إلى أن يتوفاهن الموت، أو إلى أن يجعل الله لهن سبيلا أى مخرجا من هذه العقوبة.
وقد جعل الله- تعالى- هذا المخرج بما شرعه بعد ذلك من حدود بأن جعل عقوبة الزاني البكر: الجلد.
وجعل عقوبة الزاني الثيب: الرجم وقد رجم النبي صلى الله عليه وسلم ماعز بن مالك الأسلمى، ورجم الغامدية، وكانا محصنين.
قال الإمام ابن كثير ما ملخصه: كان الحكم في ابتداء الإسلام أن المرأة إذا ثبت زناها بالبينة العادلة حبست في بيت فلا تمكن من الخروج منه إلى أن تموت، ولهذا قال- تعالى-:وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ الآية.
فالسبيل الذي جعله الله هو الناسخ لذلك- أى لإمساكهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت-.
قال ابن عباس: كان الحكم كذلك حتى أنزل الله سورة النور فنسخه بالجلد أو الرجم.
وكذلك روى عن عكرمة وسعيد بن جبير والحسن وعطاء وقتادة وزيد بن أسلم والضحاك أنها منسوخة.
وهو أمر متفق عليه.
روى الإمام أحمد عن عبادة بن الصامت قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحى أثر عليه وكرب لذلك وتغير وجهه فأنزل الله عليه ذات يوم فلما سرى عنه قال: خذوا عنى خذوا عنى قد جعل الله لهن سبيلا، الثيب بالثيب.
والبكر بالبكر.
الثيب جلد مائة ورجم بالحجارة.
والبكر جلد مائة ونفى سنة» .
وقد رواه مسلم وأصحاب السنن من طرق عبادة بن الصامت» .
هذا وما ذكره ابن كثير من أن هذا الحكم كان في ابتداء الإسلام، ثم نسخ بما جاء في سورة النور وبما جاء في حديث عبادة بن الصامت، هو مذهب جمهور العلماء.
وقال صاحب الكشاف: ويجوز أن تكون غير منسوخة بأن يترك ذكر الحد لكونه معلوما بالكتاب والسنة، ويوصى بإمساكهن في البيوت بعد أن يحددن صيانة لهن عن مثل ما جرى عليهن بسبب الخروج من البيوت والتعرض للرجال.
أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا هو النكاح الذي يستغنين به عن السفاح وقيل السبيل: الحد، لأنه لم يكن مشروعا في ذلك الوقت» .
وقال أبو سليمان الخطابي: هذه الآية ليست منسوخة، لأن قوله فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ ألخ، يدل على أن إمساكهن في البيوت ممتد إلى غاية أن يجعل الله لهن سبيلا، وذلك السبيل كان مجملا، فلما قال النبي صلى الله عليه وسلم خذوا عنى.
ألخ، صار هذا الحديث بيانا لتلك الآية لا ناسخا لها» .

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

كان الحكم في ابتداء الإسلام أن المرأة إذا زنت فثبت زناها بالبينة العادلة ، حبست في بيت فلا تمكن من الخروج منه إلى أن تموت; ولهذا قال : ( واللاتي يأتين الفاحشة ) يعني : الزنا ( من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا ) فالسبيل الذي جعله الله هو الناسخ لذلك .قال ابن عباس : كان الحكم كذلك ، حتى أنزل الله سورة النور فنسخها بالجلد ، أو الرجم .وكذا روي عن عكرمة ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، وعطاء الخراساني ، وأبي صالح ، وقتادة ، وزيد بن أسلم ، والضحاك : أنها منسوخة . وهو أمر متفق عليه .قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن حطان بن عبد الله الرقاشي ، عن عبادة بن الصامت قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي أثر عليه وكرب لذلك وتربد وجهه ، فأنزل الله عز وجل عليه ذات يوم ، فلما سري عنه قال : " خذوا عني ، قد جعل الله لهن سبيلا الثيب بالثيب ، والبكر بالبكر ، الثيب جلد مائة ، ورجم بالحجارة ، والبكر جلد مائة ثم نفي سنة " .وقد رواه مسلم وأصحاب السنن من طرق عن قتادة عن الحسن عن حطان عن عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولفظه : " خذوا عني ، خذوا عني ، قد جعل الله لهن سبيلا; البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام ، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم " . وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيحوهكذا رواه أبو داود الطيالسي ، عن مبارك بن فضالة ، عن الحسن ، عن حطان بن عبد الله الرقاشي ، عن عبادة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل عليه الوحي عرف ذلك في وجهه ، فلما أنزلت : ( أو يجعل الله لهن سبيلا ) [ و ] ارتفع الوحي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خذوا خذوا ، قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة ، والثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة " .وقد روى الإمام أحمد أيضا هذا الحديث عن وكيع بن الجراح ، حدثنا الفضل بن دلهم ، عن الحسن ، عن قبيصة بن حريث ، عن سلمة بن المحبق قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خذوا عني ، خذوا عني ، قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة ، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم " .وكذا رواه أبو داود مطولا من حديث الفضل بن دلهم ، ثم قال : وليس هو بالحافظ ، كان قصابا بواسط .حديث آخر : قال أبو بكر بن مردويه : حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم ، حدثنا عباس بن حمدان ، حدثنا أحمد بن داود ، حدثنا عمرو بن عبد الغفار ، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " البكران يجلدان وينفيان ، والثيبان يجلدان ويرجمان ، والشيخان يرجمان " . هذا حديث غريب من هذا الوجه .وروى الطبراني من طريق ابن لهيعة ، عن أخيه عيسى بن لهيعة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : لما نزلت سورة النساء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا حبس بعد سورة النساء " .وقد ذهب الإمام أحمد بن حنبل إلى القول بمقتضى هذا الحديث ، وهو الجمع بين الجلد والرجم في حق الثيب الزاني ، وذهب الجمهور إلى أن الثيب الزاني إنما يرجم فقط من غير جلد ، قالوا : لأن النبي صلى الله عليه وسلم رجم ماعزا والغامدية واليهوديين ، ولم يجلدهم قبل ذلك ، فدل على أن الجلد ليس بحتم ، بل هو منسوخ على قولهم ، والله أعلم .

﴿ تفسير القرطبي ﴾

قوله : واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلافيه ثمان مسائل :الأولى : لما ذكر الله تعالى في هذه السورة الإحسان إلى النساء وإيصال صدقاتهن إليهن ، وانجر الأمر إلى ذكر ميراثهن مع مواريث الرجال ، ذكر أيضا التغليظ عليهن فيما يأتين به من الفاحشة ، لئلا تتوهم المرأة أنه يسوغ لها ترك التعفف .
الثانية : قوله تعالى : " واللاتي " اللاتي جمع التي ، وهو اسم مبهم للمؤنث ، وهي معرفة ولا يجوز نزع الألف واللام منه للتنكير ، ولا يتم إلا بصلته ؛ وفيه ثلاث لغات كما تقدم .
ويجمع أيضا " اللات " بحذف الياء وإبقاء الكسرة ؛ و " اللائي " بالهمزة وإثبات الياء ، و " اللاء " بكسر الهمزة وحذف الياء ، و " اللا " بحذف الهمزة .
فإن جمعت الجمع قلت في اللاتي : اللواتي ، وفي اللاء : اللوائي .
وقد روي عنهم " اللوات " بحذف الياء وإبقاء الكسرة ؛ قاله ابن الشجري .
قال الجوهري : أنشد أبو عبيد :من اللواتي والتي واللاتي زعمن أن قد كبرت لداتواللوا بإسقاط التاء .
وتصغير التي اللتيا بالفتح والتشديد ؛ قال الراجز ( العجاج ) :بعد اللتيا واللتيا والتي إذا علتها نفس تودتوبعض الشعراء أدخل على " التي " حرف النداء ، وحروف النداء لا تدخل على ما فيه الألف واللام إلا في قولنا : يا الله وحده ؛ فكأنه شبهها به من حيث كانت الألف واللام غير مفارقتين لها .
وقال :من أجلك يالتي تيمت قلبي وأنت بخيلة بالود عنيويقال : وقع في اللتيا والتي ؛ وهما اسمان من أسماء الداهية .
الثالثة : قوله تعالى : يأتين الفاحشة الفاحشة في هذا الموضع الزنا ، والفاحشة الفعلة القبيحة ، وهي مصدر كالعاقبة والعافية .
وقرأ ابن مسعود " بالفاحشة " بباء الجر .
الرابعة : قوله تعالى : من نسائكم إضافة في معنى الإسلام وبيان حال المؤمنات ؛ كما قال واستشهدوا شهيدين من رجالكم لأن الكافرة قد تكون من نساء المسلمين بنسب ولا يلحقها هذا الحكم .
الخامسة : قوله تعالى : فاستشهدوا عليهن أربعة منكم أي من المسلمين ، فجعل الله الشهادة على الزنا خاصة أربعة تغليظا على المدعي وسترا على العباد .
وتعديل الشهود بالأربعة في الزنا حكم ثابت في التوراة والإنجيل والقرآن ؛ قال الله تعالى : والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة وقال هنا : فاستشهدوا عليهن أربعة منكم .
وروى أبو داود عن جابر بن عبد الله قال : جاءت اليهود برجل وامرأة منهم قد زنيا فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ائتوني بأعلم رجلين منكم فأتوه بابني صوريا فنشدهما : كيف تجدان أمر هذين في التوراة ؟ قالا : نجد في التوراة إذا شهد أربعة أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة رجما .
قال : فما يمنعكما أن ترجموهما ؛ قالا : ذهب سلطاننا فكرهنا القتل ؛ فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشهود ، فجاءوا فشهدوا أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة ؛ فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجمهما .
وقال قوم : إنما كان الشهود في الزنا أربعة ليترتب شاهدان على كل واحد من الزانيين كسائر الحقوق ؛ إذ هو حق يؤخذ من كل واحد منهما ؛ وهذا ضعيف ؛ فإن اليمين تدخل في الأموال واللوث في القسامة ولا مدخل لواحد منهما هنا .
السادسة : ولا بد أن يكون الشهود ذكورا ؛ لقوله : منكم ولا خلاف فيه بين الأمة .
وأن يكونوا عدولا ؛ لأن الله تعالى شرط العدالة في البيوع والرجعة ، وهذا أعظم ، وهو بذلك أولى .
وهذا من حمل المطلق على المقيد بالدليل ، على ما هو مذكور في أصول الفقه .
ولا يكونون ذمة ، وإن كان الحكم على ذمية ، وسيأتي ذلك في " المائدة " وتعلق أبو حنيفة بقوله : أربعة منكم في أن الزوج إذا كان أحد الشهود في القذف لم يلاعن .
وسيأتي بيانه في " النور " إن شاء الله تعالى .
السابعة : قوله تعالى : فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت هذه أول عقوبات الزناة ؛ وكان هذا في ابتداء الإسلام ؛ قاله عبادة بن الصامت والحسن ومجاهد حتى نسخ بالأذى الذي بعده ، ثم نسخ ذلك بآية " النور " وبالرجم في الثيب .
وقالت فرقة : بل كان الإيذاء هو الأول ثم نسخ بالإمساك ، ولكن التلاوة أخرت وقدمت ؛ ذكره ابن فورك ، وهذا الإمساك والحبس في البيوت كان في صدر الإسلام قبل أن يكثر الجناة ، فلما كثروا وخشي قوتهم اتخذ لهم سجن ؛ قاله ابن العربي .
الثامنة : واختلف العلماء هل كان هذا السجن حدا أو توعدا بالحد على قولين :أحدهما : أنه توعد بالحد ، والثاني : ( أنه حد ) ؛ قاله ابن عباس والحسن .
زاد ابن زيد : وأنهم منعوا من النكاح حتى يموتوا عقوبة لهم حين طلبوا النكاح من غير وجهه .
وهذا يدل على أنه كان حدا بل أشد ؛ غير أن ذلك الحكم كان ممدودا إلى غاية وهو الأذى في الآية الأخرى ، على اختلاف التأويلين في أيهما قبل ؛ وكلاهما ممدود إلى غاية وهي قوله عليه السلام في حديث عبادة بن الصامت : خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة والرجم .
وهذا نحو قوله تعالى : ثم أتموا الصيام إلى الليل فإذا جاء الليل ارتفع حكم الصيام لانتهاء غايته لا لنسخه .
هذا قول المحققين المتأخرين من الأصوليين ، فإن النسخ إنما يكون في القولين المتعارضين من كل وجه اللذين لا يمكن الجمع بينهما ، والجمع ممكن بين الحبس والتعيير والجلد والرجم ، وقد قال بعض العلماء : إن الأذى والتعيير باق مع الجلد ؛ لأنهما لا يتعارضان بل يحملان على شخص واحد .
وأما الحبس فمنسوخ بإجماع ، وإطلاق المتقدمين النسخ على مثل هذا تجوز .
والله أعلم .

﴿ تفسير الطبري ﴾

القول في تأويل قوله : وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا (15)قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: " واللاتي يأتين الفاحشة " والنساء اللاتي يأتين = (1) بالزنا، أي يزنين (2) =" من نسائكم "، وهن محصنات ذوات أزواج أو غير ذوات أزواج =" فاستشهدوا عليهن أربعة منكم "، يقول: فاستشهدوا عليهن بما أتين به من الفاحشة أربعة رجال من رجالكم، يعني: من المسلمين =" فإن شهدوا " عليهن =" فامسكوهن في البيوت "، يقول: فاحبسوهن في البيوت (3) =" حتى يتوفاهن الموت "، يقول: حتى يمتن (4) =" أو يجعل الله لهن سبيلا "، يعني: أو يجعل الله لهن مخرجًا وطريقًا إلى النجاة مما أتين به من الفاحشة.
(5)* * *وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:8795 - حدثنا أبو هشام الرفاعي محمد بن يزيد قال، حدثنا يحيى بن أبي زائدة، عن ابن جريج، عن مجاهد: " واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت "، أمر بحبسهن في البيوت حتى يمتن =" أو يجعل الله لهن سبيلا "، قال: الحد.
(6)8796 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم "، قال: الزنا، كان أمر بحبسهن حين يشهد عليهن أربعة حتى يمتن =" أو يجعل الله لهنّ سبيلا "، والسبيل الحد.
8797 - حدثنا المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم " إلى " أو يجعل الله لهن سبيلا "، فكانت المرأة إذا زنت حبست في البيت حتى تموت، ثم أنزل الله تبارك وتعالى بعد ذلك: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ [سورة النور: 2]، فإن كانا محصنين رجُما.
فهذا سبيلهما الذي جعل الله لهما.
8798 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " أو يجعل الله لهن سبيلا "، فقد جعل الله لهنّ، وهو الجلد والرجم.
8799 - حدثني بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " واللاتي يأتين الفاحشة "، حتى بلغ: " أو يجعل الله لهن سبيلا "، كان هذا من قبل الحدود، فكانا يؤذّيان بالقول جميعًا، وبحبْس المرأة.
ثم جعل الله لهن سبيلا فكان سبيل من أحصن جلدُ مئة ثم رميٌ بالحجارة، وسبيل من لم يحصن جلد مئة ونفي سنة.
8800 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال: قال عطاء بن أبي رباح وعبد الله بن كثير: " الفاحشة "،" الزنا "،" والسبيل " الحدّ، الرجم والجلد.
(7)8801 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم " إلى: " أو يجعل الله لهن سبيلا "، هؤلاء اللاتي قد نكحن وأحصنّ.
إذا زنت المرأة فإنها كانت تحبس في البيت، ويأخذ زوجها مهرَها فهو له، فذلك قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ الزنا (8) وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [سورة النساء: 19]، حتى جاءت الحدود فنسختها، فجُلدت ورُجِمت، وكان مهرها ميراثًا، فكان " السبيل " هو الجلد.
8802 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد بن سلمان قال، سمعت الضحاك بن مزاحم يقول في قوله: " أو يجعل الله لهن سبيلا "، قال: الحدّ، نسخ الحدُّ هذه الآية.
8803 - حدثنا أبو هشام الرفاعي قال، حدثنا يحيى، عن إسرائيل، عن خصيف، عن مجاهد: " أو يجعل الله لهن سبيلا "، قال: جلد مئة، الفاعل والفاعلة.
8804 - حدثنا الرفاعي قال، حدثنا يحيى، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: الجلد.
8805 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا معاذ بن هشام قال، حدثنا أبي، عن قتادة، عن الحسن، عن حطان بن عبد الله الرقاشي، عن عبادة بن الصامت، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل عليه الوحي نكَّس رأسه، ونكَّس أصحابه رؤوسهم، فلما سُرِّي عنه رفع رأسه فقال: قد جعل الله لهنّ سبيلا الثيِّبُ بالثيب، والبكر بالبكر.
أما الثيب فتُجلد ثم ترجم، وأما البكر فتجلد ثم تُنفى .
(9)8806 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن حطان بن عبد الله، عن عبادة بن الصامت قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: " خُذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا الثيب بالثيب تجلد مئة وترجم بالحجارة، والبكر جلد مئة ونفي سنة ".
(10)8807 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة عن الحسن، عن حطان بن عبد الله أخي بني رَقاش، عن عبادة بن الصامت: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل عليه الوحي كُرِب لذلك وتربَّد له وجهه، (11) فأنزل الله عليه ذات يوم، فلقي ذلك.
فلما سُرِّي عنه قال: " خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا الثيب بالثيب، جلد مئة ثم رجم بالحجارة، والبكر بالبكر، جلد مئة ثم نفي سنة ".
(12)8808 - حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا "، قال يقول: لا تنكحوهن حتى يتوفّاهن الموت، ولم يخرجهن من الإسلام.
ثم نسخ هذا، وجُعِل السبيل أن يجعل لهن سبيلا (13) قال: فجعل لها السبيل إذا زنت وهي محصنة رجمت وأخرجت، وجعل السبيل للبكر جلد مائة.
8809 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال، أخبرنا يزيد قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك في قوله: " حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا " قال، الجلد والرجم.
(14)8810 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن الحسن، عن حطان بن عبد الله الرقاشيّ، عن عبادة بن الصامت قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خذوا عني قد جعل الله لهن سبيل، الثيب بالثيب والبكر بالبكر، الثيب تجلد وترجم، والبكر تجلد وتنفى " .
(15)8811 - حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي قال، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده، عن الأعمش، عن إسماعيل بن مسلم البصري، عن الحسن، عن عبادة بن الصامت قال، كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذِ احمرَّ وجهه، وكان يفعل ذلك إذا نزل عليه الوحي، فأخذه كهيئة الغَشْي لما يجد من ثِقَل ذلك، فلما أفاق قال: " خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا البكران يجلدان وينفيان سنة، والثيبان يجلدان ويرجمان ".
(16)* * *قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصحة في تأويل قوله: " أو يجعل الله لهن سبيلا "، قول من قال: السبيلُ التي جعلها الله جل ثناؤه للثيبين المحصَنَيْن، الرجم بالحجارة، وللبكرين جلد مئة ونفي سنة = لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رَجم ولم يجلد = وإجماعِ الحجة التي لا يجوز عليها فيما نقلته مجمعةً عليه، الخطأ والسهو والكذب = وصحةِ الخبر عنه أنه قضى في البكرين بجلد مئة ونفي سنة.
فكان في الذي صح عنه من تركه جلدَ من رُجم من الزناة في عصره، دليلٌ واضح على وهَاء الخبر الذي روي عن الحسن، (17) عن حطان، عن عبادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: السبيل للثيب المحصن الجلدَ والرجم.
* * *وقد ذكر أن هذه الآية في قراءة عبد الله: ( واللاتي يأتين بالفاحشة من نسائكم ) .
والعرب تقول: " أتيت أمرًا عظيمًا، وبأمر عظيم " = و " تكلمت بكلام قبيح، وكلامًا قبيحًا ".
(18)--------------------الهوامش :(1) قوله في تفسيره: "يأتين بالزنا" بإدخال الباء على خلاف ما في الآية سيظهر لك معناه في ص: 81 وتعليق: 1 وأن قراءة عبد الله: "واللاتي يأتين بالفاحشة" ، بالباء.
(2) انظر تفسير"الفاحشة" فيما سلف 3: 303 / 5 : 571 / 7: 218(3) انظر تفسير"الإمساك" فيما سلف 4: 546 .
(4) انظر تفسير"التوفي" فيما سلف 6: 455 ، 456 ، وما بعدها.
(5) انظر تفسير"السبيل" فيما سلف: 7: 490 بولاق تعليق: 2 ، والمراجع هناك.
(6) الأثر: 8795 -"أبو هشام الرفاعي ، محمد بن يزيد" مضت ترجمته برقم: 2739 ، وغيره من المواضع ، وكان في المطبوعة: "أبو هشام الرفاعي عن محمد بن يزيد" ، بزيادة"عن" وهو خطأ واضح ، وصوابه في المخطوطة.
(7) في المطبوعة: "والسبيل الرجم والجلد" ، حذف"الحد" ، وأثبتها من المخطوطة.
(8) في المطبوعة والمخطوطة: "فذلك قوله: ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ، وأحسبه سهوًا من الناسخ لا من أبي جعفر ، فإن صدر هذا الذي ساقه من آية أخرى في سورة البقرة: 229 : وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ والعجب للسيوطي ، فإنه خرجه في الدر المنثور 2: 129 ، ونسبه لابن جرير وحده ، وساقه كما هو في المخطوطة والمطبوعة ، ولم يتوقف عند هذه الآية المدمجة من آية أخرى!! فأثبت نص الآية التي هي موضوع استشهاده.
هذا ، وقد حذف الناشر بعد قوله: "بفاحشة مبينة" كلمة"الزنا" فأثبتها من المخطوطة ، والدر المنثور.
(9) الحديث: 8805 - هذا الحديث رواه الطبري هنا بخمسة أسانيد: 8805 - 8807 / 8810 ، 8811.
كلها صحيح متصل إلا الأخير منها ، كما سيأتي ، إن شاء الله.
وقد رواه مسلم 2: 33 ، عن محمد بن بشار - شيخ الطبري هنا - بهذا الإسناد.
ورواه هو وغيره بأسانيد أخر ، سنشير إليها.
وحطان بن عبد الله الرقاشي البصري: تابعي ثقة ثبت ، وكان مقرئًا.
مترجم في التهذيب ، والكبير للبخاري 2 / 1 / 109 ، وابن سعد 7 / 1 / 93 ، وابن أبي حاتم 1 / 2 / 303 - 304 ، وطبقات القراء 1: 253.
(10) الحديث: 8806 - سعيد: هو ابن أبي عروبة.
وقد سقط من الإسناد هنا ، في المخطوطة والمطبوعة ، [عن الحسن] ، بين قتادة وحطان.
وهو خطأ من الناسخين.
فإن الحديث رواه مسلم 2: 33 ، عن ابن بشار - شيخ الطبري هنا - وعن ابن المثنى - كلاهما عن عبد الأعلى ، بهذا الإسناد ، على الصواب.
فلذلك أثبتنا ما أسقطه الناسخون.
ثم كل الروايات التي رأينا"عن قتادة" فيها هذه الزيادة ، ومنها الإسناد الذي بعد هذا ، والإسناد: 8810.
وكذلك رواه أحمد في المسند 5: 318 (حلبي) عن محمد بن جعفر ، عن سعيد ، عن قتادة.
وكذلك رواه أبو داود: 4415 ، من طريق يحيى ، عن سعيد.
وكذلك رواه البيهقي 8: 210 ، من طريق عبد الوهاب بن عطاء ، عن سعيد.
وكذلك رواه أحمد 5: 317 ، عن طريق حماد ، عن قتادة وحميد - كلاهما عن الحسن.
(11) كان في المخطوطة"كرب لتلك" ، والصواب من روايات الحديث ، وصححته المطبوعة السالفة.
وقوله: "كرب" بالبناء للمجهول من"كربه الأمر يكربه" ، غمه واشتد عليه.
وقوله: "تربد وجهه"؛ تغير لونه إلى الغبرة.
وقوله بعد: "سرى عنه" بالبناء للمجهول ، تجلى عنه ، كربه ، من قولهم: "سرا الثوب" ، إذا نزعه ، والتشديد للمبالغة.
(12) الأثر: 8807 - انظر التعليق على الحديث 8805.
(13) كان في المطبوعة: "ثم نسخ هذا وجعل السبيل التي ذكر أن يجعل.
.
.
" زاد"التي ذكر" ولا خير في زيادتها ، والذي في المخطوطة كما أثبته ، مستقيم بعض الاستقامة ، إذا قرئت"جعل" بالبناء للمجهول ، فتركتها كذلك مخافة أن تكون صوابًا محضًا ، وإن كنت الآن في ريب منه.
(14) في المطبوعة: "حدثني يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا جويبر" ، أسقط من الإسناد"يزيد" ، وهو من المخطوطة ، وهو إسناد دائر في التفسير.
(15) الحديث: 8810 - [ابن] المثنى: هو"محمد بن المثنى" شيخ الطبري.
وكلمة [ابن] سقطت من المطبوعة خطأ.
وهي ثابتة في المخطوطة.
"محمد بن جعفر": هو غندر ، صاحب شعبة.
ووقع في المطبوعة"محمد بن أبي جعفر"! وهو خطأ ظاهر.
وثبت على الصواب في المخطوطة.
والحديث - من هذا الوجه - رواه أحمد في المسند 5: 320 ، عن محمد بن جعفر ، عن شعبة.
وكذلك رواه مسلم 2: 33 ، عن محمد بن المثنى -شيخ الطبري هنا - وعن ابن بشار = كلاهما عن شعبة.
ورواه أحمد أيضًا 5: 320 ، عن يحيى ، عن حجاج ، عن شعبة.
ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار 2: 79 ، من طريق أسد بن موسى ، عن شعبة.
وكذلك رواه حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن حطان ، عن عبادة - عند الدارمي في سننه 2: 181.
وأكثر الرواة الذين رووا هذا الحديث عن الحسن البصري ، ذكروا أنه"عن الحسن ، عن حطان الرقاشي ، عن عبادة بن الصامت".
وقليل منهم لم يذكروا في الإسناد"عن حطان" - كما سنذكر في الإسناد التالي لهذا.
فالظاهر أن الحسن سمعه من حطان عن عبادة ، وكذلك كان يرويه.
وأنه في بعض أحيانه كان يرسله عن عبادة ، فلا يذكر"عن حطان".
فمن رواه عنه موصولا ، بإثبات"حطان" في الإسناد: المبارك بن فضالة ، عند الطيالسي في مسنده: 584.
ومنصور بن زاذان ، عند أحمد في المسند 5: 313 ، وسنن الدارمي 2: 181 ، وصحيح مسلم 2: 33 ، وسنن أبي داود: 4416 ، والترمذي 2: 242 ، والمنتقى لابن الجارود ، ص: 371 -372 ، والطحاوي 2: 79 ، وابن النحاس في الناسخ والمنسوخ ، ص: 97 ، والبيهقي في السنن الكبرى 8: 221-222.
ولم ينفرد الحسن بروايته عن حطان ، بل رواه أيضًا يونس بن جبير.
فرواه ابن ماجه: 2550 ، من طريق سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن يونس بن جبير ، عن حطان بن عبد الله ، عن عبادة بن الصامت.
فكان لقتادة فيه شيخان الحسن ويونس.
(16) الحديث: 8811 - هذا هو الإسناد الخامس المنقطع ، كما أشرنا في الإسناد الأول: 8805.
يحيى بن إبراهيم المسعودي- شيخ الطبري: مضت ترجمته في رقم: 84 في الجزء الأول.
إسماعيل بن مسام البصري: مضت ترجمته في: 5417.
وهو قد روى هذا الحديث"عن الحسن ، عن عبادة" - منقطعًا.
لأن الحسن البصري لم يسمع من عبادة.
ولم ينفرد إسمعيل بروايته عن الحسن منقطعًا ، بل تابعه غيره على ذلك.
مما يدل على أن الحسن كان يصل الحديث مرة عن حطان ، ويرسله مرة عن عبادة.
فرواه الشافعي في الرسالة: 378 ، 636 - بشرحنا - وفي اختلاف الحديث (هامش الأم 7: 252) ، عن عبد الوهاب ، وهو ابن عبد المجيد الثقفي ، "عن يونس بن عبيد ، عن الحسن ، عن عبادة بن الصامت".
ثم قال في الرسالة: 379"أخبرنا الثقة من أهل العلم ، عن يونس بن عبيد ، عن الحسن ، عن حطان الرقاشي ، عن عبادة بن الصامت".
وقال في اختلاف الحديث - بعد روايته عن عبد الوهاب -: "وقد حدثني الثقة: أن الحسن كان يدخل بينه وبين عبادة: حطان الرقاشي.
ولا أدري: أدخله عبد الوهاب بينهما فزال من كتابي حين حولته من الأصل ، أم لا؟ والأصل - يوم كتبت هذا الكتاب - غائب عني".
وقد ذكره في الأم 6: 119 ، معلقًا ، جازمًا بالزيادة ، فقال: "ثم روى الحسن ، عن حطان الرقاشي ، عن عبادة".
فلا أدري: أجزم بأن عبد الوهاب"أدخله بينهما" - بعد ، أم أراد رواية ما حدثه به"الثقة"؟ ولم أجد رواية"يونس بن عبيد" في موضع آخر ، حتى أستطيع اليقين بأي ذلك كان.
ورواه أيضًا - منقطعًا - : "جرير بن حازم ، عن الحسن ، عن عبادة" - عند الطيالسي: 584 ، وأحمد في المسند 5: 327 (حلبي) ، والبيهقي في السنن 8: 210.
وكذلك رواه - منقطعًا -: "حميد ، عن الحسن ، عن عبادة" - عند أحمد في المسند 5: 317 (حلبي).
والحديث صحيح على كل حال.
وقد ظهر وصل الروايات المنقطعة بالروايات الموصولة.
وقد ذكره ابن كثير 2: 375 ، عن بعض روايات أحمد ، والطيالسي ، ومسلم ، وأصحاب السنن.
وذكره السيوطي 2: 129 ، وزاد نسبته لعبد الرزاق ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن حبان.
(17) في المطبوعة: "على وهي الخبر" ، وأثبت ما في المخطوطة لما سترى بعد.
وذلك أني صححتها في الجزء 4: 18 ، فجعلت العبارة"لوهي أسانيدها ، وأنها مع وهي أسانيدها" مصدر"وهى الشيء يهي وهيًا" ثم فعلت ذلك في الجزء نفسه ص: 155 ، وقلت في التعليق: 1 ، إني أخشى أن يكون ذلك من ناسخ التفسير ، لا من أبي جعفر ، ونقلت قول المطرزي في المغرب أن قول الفقهاء"وهاء" أنه خطأ ، ولا يعتد به ، ثم فعلت ذلك في الجزء الرابع نفسه ص: 361 ، تعليق: 3.
وكذلك فعلت في الجزء 6: 85 ، تعليق: 2.
بيد أني رأيت الآن أن أثبت ما في المخطوطة ، لأنه تكرر مرارًا كثيرة يمتنع معها ادعاء خطأ الناسخ في نسخه ، هذه واحدة.
وأخرى أنه قد وقعت لي أجزاء من كتاب أبي جعفر الطبري"تهذيب الآثار" وهما قطعتان بخطين مختلفين عتيقين ، فوجدت فيهما أنه يكتب"وهاء" ، لا"وهى" ، فرجحت أن أبا جعفر كذلك كان يكتبها ، وإن كان المطرزي يقول إنه خطأ ولا يعتد به.
(18) انظر معاني القرآن للفراء 1: 258.

﴿ واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا ﴾

قراءة سورة النساء

المصدر : تفسير : واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن