هل ينتظر الذين أعرضوا وصدوا عن سبيل الله إلا أن يأتيهم ملك الموت وأعوانه لقبض أرواحهم، أو يأتي ربك -أيها الرسول- للفصل بين عباده يوم القيامة، أو يأتي بعض أشراط الساعة وعلاماتها الدالة على مجيئها، وهي طلوع الشمس من مغربها؟ فحين يكون ذلك لا ينفع نفسا إيمانها، إن لم تكن آمنت من قبل، ولا يُقبل منها إن كانت مؤمنة كسب عمل صالح إن لم تكن عاملة به قبل ذلك. قل لهم -أيها الرسول-: انتظروا مجيء ذلك؛ لتعلموا المحق من المبطل، والمسيء من المحسن، إنا منتظرون ذلك.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«هل ينظرون» ما ينتظر المكذبون «إلا أن تأتيهم» بالتاء والياء «الملائكة» لقبض أرواحهم «أو يأتي ربُّك» أي أمره بمعنى عذابه «أو يأتي بعض آيات ربِّك» أي علاماته الدالة على الساعة «يوم يأتي بعض آيات ربَّك» وهي طلوع الشمس من مغربها كما في حديث الصحيحين «لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل» الجملة صفة النفس «أو» نفسا لم تكن «كسبت في إيمانها خيرا» طاعة أي لا تنفعها توبتها كما في الحديث «قل انتظروا» أحد هذه الأشياء «إنا منتظرون» ذلك.
﴿ تفسير السعدي ﴾
يقول تعالى: هل ينظر هؤلاء الذين استمر ظلمهم وعنادهم، إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ مقدمات العذاب، ومقدمات الآخرة بأن تأتيهم الْمَلَائِكَةِ لقبض أرواحهم، فإنهم إذا وصلوا إلى تلك الحال، لم ينفعهم الإيمان ولا صالح الأعمال. أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ لفصل القضاء بين العباد، ومجازاة المحسنين والمسيئين. أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ الدالة على قرب الساعة. يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ الخارقة للعادة، التي يعلم بها أن الساعة قد دنت، وأن القيامة قد اقتربت. لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا أي: إذا وجد بعض آيات الله لم ينفع الكافر إيمانه أن آمن، ولا المؤمنَ المقصر أن يزداد خيرُه بعد ذلك، بل ينفعه ما كان معه من الإيمان قبل ذلك، وما كان له من الخير المرجوِّ قبل أن يأتي بعض الآيات. والحكمة في هذا ظاهرة، فإنه إنما كان الإيمان ينفع إذا كان إيمانا بالغيب، وكان اختيارا من العبد، فأما إذا وجدت الآيات صار الأمر شهادة، ولم يبق للإيمان فائدة، لأنه يشبه الإيمان الضروري، كإيمان الغريق والحريق ونحوهما، ممن إذا رأى الموت، أقلع عما هو فيه كما قال تعالى: فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وقد تكاثرت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المراد ببعض آيات الله، طلوع الشمس من مغربها، وأن الناس إذا رأوها، آمنوا، فلم ينفعهم إيمانهم، ويُغلق حينئذ بابُ التوبة. ولما كان هذا وعيدا للمكذبين بالرسول صلى الله عليه وسلم، منتظرا، وهم ينتظرون بالنبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه قوارع الدهر ومصائب الأمور، قال: قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ فستعلمون أينا أحق بالأمن. وفي هذه الآية دليل لمذهب أهل السنة والجماعة في إثبات الأفعال الاختيارية لله تعالى، كالاستواء والنزول، والإتيان لله تبارك وتعالى، من غير تشبيه له بصفات المخلوقين. وفي الكتاب والسنة من هذا شيء كثير، وفيه أن من جملة أشراط الساعة طلوع الشمس من مغربها. وأن الله تعالى حكيم قد جرت عادته وسنته، أن الإيمان إنما ينفع إذا كان اختياريا لا اضطراريا، كما تقدم. وأن الإنسان يكتسب الخير بإيمانه. فالطاعة والبر والتقوى إنما تنفع وتنمو إذا كان مع العبد الإيمان. فإذا خلا القلب من الإيمان لم ينفعه شيء من ذلك.
﴿ تفسير البغوي ﴾
قوله تعالى : ( هل ينظرون ) أي : هل ينتظرون بعد تكذيبهم الرسل وإنكارهم القرآن ، ( إلا أن تأتيهم الملائكة ) لقبض أرواحهم ، وقيل : بالعذاب ، قرأ حمزة والكسائي " يأتيهم " بالياء هاهنا وفي النحل ، والباقون بالتاء ، ( أو يأتي ربك ) بلا كيف ، لفصل القضاء بين خلقه في موقف القيامة ، ( أو يأتي بعض آيات ربك ) يعني طلوع الشمس من مغربها ، عليه أكثر المفسرين ورواه أبو سعيد الخدري مرفوعا . ( يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل ) أي : لا ينفعهم الإيمان عند ظهور الآية التي تضطرهم إلى الإيمان ، ( أو كسبت في إيمانها خيرا ) يريد : لا يقبل إيمان كافر ولا توبة فاسق ( قل انتظروا ) يا أهل مكة ، ( إنا منتظرون ) بكم العذاب .أخبرنا أبو علي حسان بن سعيد المنيعي ثنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي ثنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان ثنا أحمد بن يوسف السلمي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن همام بن منبه ثنا أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعين ، وذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا " .أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري أنا حاجب بن أحمد الطوسي أنا محمد بن حماد ثنا أبو معاوية الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبيدة عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يدا الله بسطان لمسيء الليل ليتوب بالنهار ، ولمسيء النهار ليتوب بالليل ، حتى تطلع الشمس من مغربها " .أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ثنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني أنا حميد بن زنجويه أنا النضر بن شميل أنا هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه " .أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أبو منصور السمعاني أنا أبو جعفر الرياني أنا حميد بن زنجويه أنا أحمد بن عبد الله أنا حماد بن زيد أنا عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قال : أتيت صفوان بن عسال المرادي فذكر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أن الله - عز وجل - جعل بالمغرب بابا مسيرة عرضه سبعون عاما للتوبة لا يغلق ما لم تطلع الشمس من قبله " ، وذلك قول الله تعالى : " يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل " .وروى أبو حازم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا : الدجال ، والدابة ، وطلوع الشمس من مغربها " .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
أى: ما ينتظر مشركو مكة وغيرهم من المكذبين بعد إعراضهم عن آيات الله إلا أن تأتيهم الملائكة لقبض أرواحهم من أجسادهم.والجملة الكريمة مستأنفة لبيان أنهم لا يتأتى منهم الإيمان بإنزال ما ذكر من البينات والهدى.قال البيضاوي: وهم ما كانوا منتظرين لذلك، ولكن لما كان يلحقهم لحوق المنتظر شبهوا بالمنتظرين.وقوله: أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أى: إتيانا يناسب ذاته الكريمة بدون كيف أو تشبيه للقضاء بين الخلق يوم القيامة، وقيل المراد بإتيان الرب، إتيان ما وعد به من النصر للمؤمنين والعذاب للكافرين.وقوله: أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ أى: بعض علامات قيام الساعة، وذلك قبل يوم القيامة، وفسر في الحديث بطلوع الشمس من مغربها.فقد روى البخاري عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها. فإذا رآها الناس آمن من عليها. فذاك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل» .وفي رواية لمسلم والترمذي عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض» .ثم بين- سبحانه- أنه عند مجيء علامات الساعة لا ينفع الإيمان فقال:يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً.أى: عند مجيء بعض أشراط الساعة، يذهب التكليف، فلا ينفع الإيمان حينئذ نفسا كافرة لم تكن آمنت قبل ظهورها، ولا ينفع العمل الصالح نفسا مؤمنة تعمله عند ظهور هذه الأشراط، لأن العمل أو الإيمان عند ظهور هذه العلامات لا قيمة له لبطلان التكليف في هذا الوقت.قال الطبري: معنى الآية لا ينفع كافرا لم يكن آمن قبل الطلوع- أى طلوع الشمس من مغربها- إيمان بعد الطلوع. ولا ينفع مؤمنا لم يكن عمل صالحا قبل الطلوع، بعد الطلوع. لأن حكم الإيمان والعمل الصالح حينئذ. حكم من آمن أو عمل عند الغرغرة، وذلك لا يفيد شيئا. كما قال- تعالى- فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا وكما ثبت في الحديث الصحيح: إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر» .وقال ابن كثير: إذا أنشأ الكافر إيمانا يومئذ لم يقبل منه، فأما من كان مؤمنا قبل ذلك فإن كان مصلحا في عمله فهو بخير عظيم، وإن لم يكن مصلحا فأحدث توبة حينئذ لم تقبل منه توبته، كما دلت عليه الأحاديث، وعليه يحمل قوله- تعالى-: أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً أى: لا يقبل منها كسب عمل صالح إذا لم يكن عاملا به قبل ذلك» .وقوله: قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ تهديد لهم. أى: قل يا محمد لهؤلاء الكافرين: انتظروا ما تنتظرونه من إتيان أحد الأمور الثلاثة لتروا أى شيء تنتظرون، فإنا منتظرون معكم لنشاهد ما يحل بكم من سوء العاقبة.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
يقول تعالى متوعدا للكافرين به ، والمخالفين رسله والمكذبين بآياته ، والصادين عن سبيله : ( هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك ) وذلك كائن يوم القيامة . ( أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك ) الآية ، وذلك قبل يوم القيامة كائن من أمارات الساعة وأشراطها كما قال البخاري في تفسير هذه الآية :حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا عبد الواحد ، حدثنا عمارة ، حدثنا أبو زرعة ، حدثنا أبو هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا رآها الناس آمن من عليها . فذلك حين ( لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل ) .حدثنا إسحاق ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن همام بن منبه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون ، وذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها " ثم قرأ هذه الآية .هكذا روي هذا الحديث من هذين الوجهين . ومن الوجه الأول أخرجه بقية الجماعة في كتبهم إلا الترمذي ، من طرق ، عن عمارة بن القعقاع بن شبرمة ، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير ، عن أبي هريرة ، به .وأما الطريق الثاني : فرواه عن إسحاق غير منسوب ، فقيل : هو ابن منصور الكوسج ، وقيل : إسحاق بن نصر والله أعلم .وقد رواه مسلم عن محمد بن رافع النيسابوري ، كلاهما عن عبد الرزاق ، به .وقد ورد هذا الحديث من طرق أخر عن أبي هريرة ، كما انفرد مسلم بروايته من حديث العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرقة ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، به .وقال ابن جرير : حدثنا أبو كريب ، حدثنا ابن فضيل ، عن أبيه ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثلاث إذا خرجن ( لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ) طلوع الشمس من مغربها ، والدجال ، ودابة الأرض "ورواه أحمد ، عن وكيع ، عن فضيل بن غزوان ، عن أبي حازم سلمان ، عن أبي هريرة به ، وعنده : " والدخان "ورواه مسلم ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، وزهير بن حرب ، عن وكيع .ورواه هو أيضا والترمذي ، من غير وجه ، عن فضيل بن غزوان ، به .ورواه إسحاق بن عبد الله الفروي ، عن مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة . ولكن لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب من هذا الوجه ، لضعف الفروي ، والله أعلم .وقال ابن جرير : حدثنا الربيع بن سليمان ، حدثنا شعيب بن الليث ، عن أبيه ، عن جعفر بن ربيعة ، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت آمن الناس كلهم ، وذلك حين ( لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل ) الآية .ورواه ابن لهيعة ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، به . ورواه وكيع ، عن فضيل بن غزوان ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، به .أخرج هذه الطرق كلها الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره .وقال ابن جرير : حدثنا الحسن بن يحيى ، أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن أيوب ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها ، قبل منه "لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة .حديث آخر عن أبي ذر الغفاري : في الصحيحين وغيرهما ، من طرق ، عن إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي ، عن أبيه ، عن أبي ذر جندب بن جنادة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تدري أين تذهب الشمس إذا غربت؟ " قلت : لا أدري ، قال : " إنها تنتهي دون العرش ، ثم تخر ساجدة ، ثم تقوم حتى يقال لها : ارجعي فيوشك يا أبا ذر أن يقال لها : ارجعي من حيث جئت ، وذلك حين : ( لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل ) .حديث آخر عن حذيفة بن أسيد أبي سريحة الغفاري ، رضي الله عنه :قال الإمام أحمد بن حنبل : حدثنا سفيان ، عن فرات ، عن أبي الطفيل ، عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : أشرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من غرفة ، ونحن نتذاكر الساعة ، فقال : " لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات : طلوع الشمس من مغربها ، والدخان ، والدابة ، وخروج يأجوج ومأجوج ، وخروج عيسى ابن مريم ، والدجال ، وثلاثة خسوف : خسف بالمغرب ، وخسف بالمشرق ، وخسف بجزيرة العرب ، ونار تخرج من قعر عدن تسوق - أو : تحشر - الناس ، تبيت معهم حيث باتوا ، وتقيل معهم حيث قالوا "وهكذا رواه مسلم وأهل السنن الأربعة من حديث فرات القزاز ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ، عن حذيفة بن أسيد ، به . وقال الترمذي : حسن صحيح .حديث آخر عن حذيفة بن اليمان ، رضي الله عنه :قال الثوري ، عن منصور ، عن ربعي ، عن حذيفة قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ، ما آية طلوع الشمس من مغربها؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " تطول تلك الليلة حتى تكون قدر ليلتين ، فبينما الذين كانوا يصلون فيها ، يعملون كما كانوا يعملون قبلها والنجوم لا تسري ، قد قامت مكانها ، ثم يرقدون ، ثم يقومون فيصلون ، ثم يرقدون ، ثم يقومون فيطل عليهم جنوبهم حتى يتطاول عليهم الليل ، فيفزع الناس ولا يصبحون ، فبينما هم ينتظرون طلوع الشمس من مشرقها إذ طلعت من مغربها ، فإذا رآها الناس آمنوا ، ولا ينفعهم إيمانهم " .رواه ابن مردويه ، وليس في الكتب الستة من هذا الوجه والله أعلم .حديث آخر عن أبي سعيد الخدري - واسمه : سعد بن مالك بن سنان - رضي الله عنه وأرضاه :قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا ابن أبي ليلى ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها ) قال : " طلوع الشمس من مغربها " .ورواه الترمذي ، عن سفيان بن وكيع ، عن أبيه ، به . وقال : غريب ، ورواه بعضهم ولم يرفعه .وفي حديث طالوت بن عباد ، عن فضال بن جبير ، عن أبي أمامة صدي بن عجلان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أول الآيات طلوع الشمس من مغربها "وفي حديث عاصم بن أبي النجود ، عن زر بن حبيش ، عن صفوان بن عسال قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله فتح بابا قبل المغرب عرضه سبعون عاما للتوبة " ، قال : " لا يغلق حتى تطلع الشمس منه " رواه الترمذي وصححه النسائي ، وابن ماجه في حديث طويل .حديث آخر عن عبد الله بن أبي أوفى :قال ابن مردويه : حدثنا محمد بن علي بن دحيم ، حدثنا أحمد بن حازم ، حدثنا ضرار بن صرد ، حدثنا ابن فضيل ، عن سليمان بن زيد ، عن عبد الله بن أبي أوفى قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ليأتين على الناس ليلة تعدل ثلاث ليال من لياليكم هذه ، فإذا كان ذلك يعرفها المتنفلون ، يقوم أحدهم فيقرأ حزبه ، ثم ينام ، ثم يقوم فيقرأ حزبه ، ثم ينام . فبينما هم كذلك إذ صاح الناس بعضهم في بعض فقالوا : ما هذا؟ فيفزعون إلى المساجد ، فإذا هم بالشمس قد طلعت من مغربها ، فضج الناس ضجة واحدة ، حتى إذا صارت في وسط السماء رجعت وطلعت من مطلعها " قال : " حينئذ لا ينفع نفسا إيمانها "هذا حديث غريب من هذا الوجه وليس هو في شيء من الكتب الستة .حديث آخر عن عبد الله بن عمرو .قال الإمام أحمد : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، حدثنا أبو حيان ، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير قال : جلس ثلاثة نفر من المسلمين إلى مروان بالمدينة فسمعوه يقول - وهو يحدث في الآيات - : إن أولها خروج الدجال . قال : فانصرف النفر إلى عبد الله بن عمرو ، فحدثوه بالذي سمعوه من مروان في الآيات ، فقال لم يقل مروان شيئا قد حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل ذلك حديثا لم أنسه بعد ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن أول الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة ضحى ، فأيتهما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على أثرها " ثم قال عبد الله - وكان يقرأ الكتب - : وأظن أولها خروجا طلوع الشمس من مغربها ، وذلك أنها كلما غربت أتت تحت العرش فسجدت واستأذنت في الرجوع فأذن لها في الرجوع ، حتى إذا بدا الله أن تطلع من مغربها فعلت كما كانت تفعل : أتت تحت العرش فسجدت واستأذنت في الرجوع ، فلم يرد عليها شيء ، ثم تستأذن في الرجوع فلا يرد عليها شيء ، ثم تستأذن فلا يرد عليها شيء ، حتى إذا ذهب من الليل ما شاء الله أن يذهب ، وعرفت أنه إذا أذن لها في الرجوع لم تدرك المشرق ، قالت : ربي ، ما أبعد المشرق . من لي بالناس . حتى إذا صار الأفق كأنه طوق استأذنت في الرجوع ، فيقال لها : من مكانك فاطلعي . فطلعت على الناس من مغربها " ، ثم تلا عبد الله هذه الآية : ( لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ) الآية .وأخرجه مسلم في صحيحه ، وأبو داود وابن ماجه ، في سننيهما ، من حديث أبي حيان التيمي - واسمه يحيى بن سعيد بن حيان - عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير ، به .حديث آخر عنه :قال الطبراني : حدثنا أحمد بن يحيى بن خالد بن حبان الرقي ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم - بن زبريق الحمصي - حدثنا عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار ، حدثنا ابن لهيعة ، عن حيي بن عبد الله ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا طلعت الشمس من مغربها خر إبليس ساجدا ينادي ويجهر : إلهي ، مرني أن أسجد لمن شئت " قال : " فيجتمع إليه زبانيته فيقولون : يا سيدهم ، ما هذا التضرع؟ فيقول : إنما سألت ربي أن ينظر إلى الوقت المعلوم ، وهذا الوقت المعلوم " قال " ثم تخرج دابة الأرض من صدع في الصفا " قال : " فأول خطوة تضعها بأنطاكية فتأتي إبليس فتخطمه .هذا حديث غريب جدا وسنده ضعيف ولعله من الزاملتين اللتين أصابهما عبد الله بن عمرو يوم اليرموك ، فأما رفعه فمنكر ، والله أعلم .حديث آخر عن عبد الله بن عمرو ، وعبد الرحمن بن عوف ، ومعاوية بن أبي سفيان ، رضي الله عنهم أجمعين :قال الإمام أحمد : حدثنا الحكم بن نافع ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد يرده إلى مالك بن يخامر ، عن ابن السعدي ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تنقطع الهجرة ما دام العدو يقاتل " فقال معاوية ، وعبد الرحمن بن عوف ، وعبد الله بن عمرو بن العاص : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الهجرة خصلتان : إحداهما تهجر السيئات ، والأخرى تهاجر إلى الله ورسوله ، ولا تنقطع ما تقبلت التوبة ، ولا تزال التوبة مقبولة حتى تطلع الشمس من المغرب فإذا طلعت طبع على كل قلب بما فيه ، وكفي الناس العمل " هذا الحديث حسن الإسناد ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة ، والله أعلم .حديث آخر عن ابن مسعود ، رضي الله عنه :قال عوف الأعرابي ، عن محمد بن سيرين ، حدثني أبو عبيدة ، عن ابن مسعود ; أنه كان يقول : ما ذكر من الآيات فقد مضى غير أربع : طلوع الشمس من مغربها ، والدجال ، ودابة الأرض ، وخروج يأجوج ومأجوج . قال : وكان يقول : الآية التي تختم بها الأعمال طلوع الشمس من مغربها ، ألم تر أن الله يقول : ( يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها ) الآية كلها ، يعني طلوع الشمس من مغربها .حديث ابن عباس ، رضي الله عنهما :رواه الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره من حديث عبد المنعم بن إدريس ، عن أبيه ، عن وهب بن منبه ، عن ابن عباس رضي الله عنه مرفوعا - فذكر حديثا طويلا غريبا منكرا رفعه ، وفيه : " أن الشمس والقمر يطلعان يومئذ مقرونين وإذا نصفا السماء رجعا ثم عادا إلى ما كانا عليه " وهو حديث غريب جدا بل منكر ، بل موضوع ، والله أعلم إن ادعى أنه مرفوع ، فأما وقفه على ابن عباس أو وهب بن منبه - وهو الأشبه - فغير مدفوع والله أعلم .وقال سفيان ، عن منصور ، عن عامر ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : إذا خرج أول الآيات ، طرحت الأقلام ، وحبست الحفظة ، وشهدت الأجساد على الأعمال . رواه ابن جرير .فقوله عز وجل ( لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل ) أي : إذا أنشأ الكافر إيمانا يومئذ لا يقبل منه ، فأما من كان مؤمنا قبل ذلك ، فإن كان مصلحا في عمله فهو بخير عظيم ، وإن كان مخلطا فأحدث توبة حينئذ لم تقبل منه توبته ، كما دلت عليه الأحاديث المتقدمة ، وعليه يحمل قوله تعالى : ( أو كسبت في إيمانها خيرا ) أي : ولا يقبل منها كسب عمل صالح إذا لم يكن عاملا به قبل ذلك .وقوله : ( قل انتظروا إنا منتظرون ) تهديد شديد للكافرين ، ووعيد أكيد لمن سوف بإيمانه وتوبته إلى وقت لا ينفعه ذلك . وإنما كان الحكم هذا عند طلوع الشمس من مغربها ، لاقتراب وقت القيامة ، وظهور أشراطها كما قال : ( فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم ) [ محمد : 18 ] ، وقال تعالى : ( فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون ) [ غافر : 84 ، 85 ] .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا قل انتظروا إنا منتظرونقوله تعالى هل ينظرون معناه أقمت عليهم الحجة وأنزلت عليهم الكتاب فلم يؤمنوا ، فماذا ينتظرون .هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أي عند الموت لقبض أرواحهم .أو يأتي ربك قال ابن عباس والضحاك : أمر ربك فيهم بالقتل أو غيره ، وقد يذكر المضاف إليه والمراد به المضاف ; كقوله تعالى : واسأل القرية يعني أهل القرية . وقوله : وأشربوا في قلوبهم العجل أي حب العجل . كذلك هنا : يأتي أمر ربك أي عقوبة ربك وعذاب ربك . ويقال : هذا من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله . وقد تقدم القول في مثله في " البقرة " وغيرها .أو يأتي بعض آيات ربك قيل : هو طلوع الشمس من مغربها . بين بهذا أنهم يمهلون في الدنيا فإذا ظهرت الساعة فلا إمهال .وقيل : إتيان الله تعالى مجيئه لفصل القضاء بين خلقه في موقف القيامة ; كما قال تعالى : وجاء ربك والملك صفا صفا . وليس مجيئه تعالى حركة ولا انتقالا ولا زوالا ; لأن ذلك إنما يكون إذا كان الجائي جسما أو جوهرا . والذي عليه جمهور أئمة أهل السنة أنهم يقولون : يجيء وينزل ويأتي . ولا يكيفون ; لأنه ليس كمثله شيء وهو السميع البصيروفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا : طلوع الشمس من مغربها والدجال ودابة الأرض . وعن صفوان بن عسال المرادي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن بالمغرب بابا مفتوحا للتوبة مسيرة سبعين سنة لا يغلق حتى تطلع الشمس من نحوه . أخرجه الدارقطني والدارمي والترمذي وقال : هذا حديث حسن صحيح . وقال سفيان : قبل الشام ، خلقه الله يوم خلق السماوات والأرض . " مفتوحا " يعني للتوبة لا يغلق حتى تطلع الشمس منه . قال : حديث حسن صحيح .قلت : وكذب بهذا كله الخوارج والمعتزلة كما تقدم . وروى ابن عباس قال : سمعت عمر بن الخطاب فقال : أيها الناس ، إن الرجم حق فلا تخدعن عنه ، وإن آية ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رجم ، وأن أبا بكر قد رجم ، وأنا قد رجمنا بعدهما ، وسيكون قوم من هذه الأمة يكذبون بالرجم ، ويكذبون بالدجال ، ويكذبون بطلوع الشمس من مغربها ، ويكذبون بعذاب القبر ، ويكذبون بالشفاعة ، ويكذبون بقوم يخرجون من النار بعد ما امتحشوا . ذكره أبو عمر . وذكر الثعلبي في حديث فيه طول عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ما معناه : أن الشمس تحبس عن الناس - حين تكثر المعاصي في الأرض ويذهب المعروف فلا يأمر به أحد ، ويفشو المنكر فلا ينهى عنه - مقدار ليلة تحت العرش ، كلما سجدت واستأذنت ربها تعالى من أين تطلع لم يجئ لها جواب حتى يوافيها القمر فيسجد معها ، ويستأذن من أين يطلع فلا يجاء إليهما جواب حتى يحبسا مقدار ثلاث ليال للشمس وليلتين للقمر ; فلا يعرف طول تلك الليلة إلا المتهجدون في الأرض وهم يومئذ عصابة قليلة في كل بلدة من بلاد المسلمين فإذا تم لهما مقدار ثلاث ليال أرسل الله تعالى إليهما جبريل عليه السلام فيقول : إن الرب سبحانه وتعالى يأمركما أن ترجعا إلى مغاربكما فتطلعا منه ، وأنه لا ضوء لكما عندنا ولا نور . فيطلعان من مغاربهما أسودين ، لا ضوء للشمس ولا نور للقمر ، مثلهما في كسوفهما قبل ذلك . فذلك قوله تعالى : وجمع الشمس والقمر وقوله : إذا الشمس كورت فيرتفعان كذلك مثل البعيرين المقرونين ; فإذا ما بلغ الشمس والقمر سرة السماء وهي منتصفها جاءهما جبريل عليه السلام فأخذ بقرونهما وردهما إلى المغرب ، فلا يغربهما من مغاربهما ولكن يغربهما من باب التوبة ثم يرد المصراعين ، ثم يلتئم ما بينهما فيصير كأنه لم يكن بينهما صدع . فإذا أغلق باب التوبة لم تقبل لعبد بعد ذلك توبة ، ولم تنفعه بعد ذلك حسنة يعملها ; إلا من كان قبل ذلك محسنا فإنه يجري عليه ما كان عليه قبل ذلك اليوم ; فذلك قوله تعالى : يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا .ثم إن الشمس والقمر يكسيان بعد ذلك الضوء والنور ، ثم يطلعان على الناس ويغربان كما كانا قبل ذلك يطلعان ويغربان . قال العلماء : وإنما لا ينفع نفسا إيمانها عند طلوعها من مغربها ; لأنه خلص إلى قلوبهم من الفزع ما تخمد معه كل شهوة من شهوات النفس ، وتفتر كل قوة من قوى البدن ; فيصير الناس كلهم لإيقانهم بدنو القيامة في حال من حضره الموت في انقطاع الدواعي إلى أنواع المعاصي عنهم ، وبطلانها من أبدانهم ; فمن تاب في مثل هذه الحال لم تقبل توبته ، كما لا تقبل توبة من حضره الموت . قال صلى الله عليه وسلم : إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر أي تبلغ روحه رأس حلقه ، وذلك وقت المعاينة الذي يرى فيه مقعده من الجنة أو مقعده من النار ; فالمشاهد لطلوع الشمس من مغربها مثله . وعلى هذا ينبغي أن تكون توبة كل من شاهد ذلك أو كان كالمشاهد له مردودة ما عاش ; لأن علمه بالله تعالى وبنبيه صلى الله عليه وسلم وبوعده قد صار ضرورة . فإن امتدت أيام الدنيا إلى أن ينسى الناس من هذا الأمر العظيم ما كان ، ولا يتحدثوا عنه إلا قليلا ، فيصير الخبر عنه خاصا وينقطع التواتر عنه ; فمن أسلم في ذلك الوقت أو تاب قبل منه . والله أعلم .وفي صحيح مسلم عن عبد الله قال : حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا لم أنسه بعد ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن أول الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة على الناس ضحى وأيهما ما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على إثرها قريبا . وفيه عن حذيفة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في غرفة ونحن أسفل منه ، فاطلع إلينا فقال : ما تذاكرون ؟ قلنا : الساعة . قال : إن الساعة لا تكون حتى تكون عشر آيات : خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف في جزيرة العرب والدخان والدجال ودابة الأرض ويأجوج ومأجوج وطلوع الشمس من مغربها ونار تخرج من قعر عدن ترحل الناس .قال شعبة : وحدثني عبد العزيز بن رفيع عن أبي الطفيل عن أبي سريحة مثل ذلك ، لا يذكر النبي صلى الله عليه وسلم . وقال أحدهما في العاشرة : ونزول عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم . وقال الآخر : وريح تلقي الناس في البحر . قلت : وهذا حديث متقن في ترتيب العلامات . وقد وقع بعضها وهي الخسوفات على ما ذكر أبو الفرج الجوزي من وقوعها بعراق العجم والمغرب . وهلك بسببها خلق كثير ; ذكره في كتاب فهوم الآثار وغيره . ويأتي ذكر الدابة في " النمل " . ويأجوج ومأجوج في " الكهف " . ويقال : إن الآيات تتابع كالنظم في الخيط عاما فعاما . وقيل : إن الحكمة في طلوع الشمس من مغربها أن إبراهيم عليه السلام قال لنمروذ : فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر وأن الملحدة والمنجمة عن آخرهم ينكرون ذلك ويقولون : هو غير كائن ; فيطلعها الله تعالى يوما من المغرب ليري المنكرين قدرته أن الشمس في ملكه ، إن شاء أطلعها من المشرق وإن شاء أطلعها من المغرب . وعلى هذا يحتمل أن يكون رد التوبة والإيمان على من آمن وتاب من المنكرين لذلك المكذبين لخبر النبي صلى الله عليه وسلم بطلوعها ، فأما المصدقون لذلك فإنه تقبل توبتهم وينفعهم إيمانهم قبل ذلك . وروي عن عبد الله بن عباس أنه قال : لا يقبل من كافر عمل ولا توبة إذا أسلم حين يراها ، إلا من كان صغيرا يومئذ ; فإنه لو أسلم بعد ذلك قبل ذلك منه . ومن كان مؤمنا مذنبا فتاب من الذنب قبل منه . وروي عن عمران بن حصين أنه قال : إنما لم تقبل توبته وقت طلوع الشمس حين تكون صيحة فيهلك فيها كثير من الناس ; فمن أسلم أو تاب في ذلك الوقت وهلك لم تقبل توبته ، ومن تاب بعد ذلك قبلت توبته ; ذكره أبو الليث السمرقندي في تفسيره . وقال عبد الله بن عمر : يبقى الناس بعد طلوع الشمس من مغربها مائة وعشرين سنة حتى يغرسوا النخل . والله بغيبه أعلم .وقرأ ابن عمر وابن الزبير ( يوم تأتي ) بالتاء ; مثل ( تلتقطه بعض السيارة ) . وذهبت بعض أصابعه . وقال جرير :لما أتى خبر الزبير تواضعت سور المدينة والجبال الخشعقال المبرد : التأنيث على المجاورة لمؤنث لا على الأصل . وقرأ ابن سيرين ( لا تنفع ) بالتاء . قال أبو حاتم : يذكرون أن هذا غلط من ابن سيرين . قال النحاس : في هذا شيء دقيق من النحو ذكره سيبويه ، وذلك أن الإيمان والنفس كل واحد منهما مشتمل على الآخر فأنث الإيمان إذ هو من النفس وبها ; وأنشد سيبويه :مشين كما اهتزت رماح تسفهت أعاليها مر الرياح النواسمقال المهدوي : وكثيرا ما يؤنثون فعل المضاف المذكر إذا كانت إضافته إلى مؤنث ، وكان المضاف بعض المضاف إليه منه أو به ; وعليه قول ذي الرمة : مشين . . . البيت فأنث المر لإضافته إلى الرياح وهي مؤنثة ، إذ كان المر من الرياح . قال النحاس : وفيه قول آخر وهو أن يؤنث الإيمان لأنه مصدر كما يذكر المصدر المؤنث ; مثل فمن جاءه موعظة من ربه وكما قال :فقد عذرتنا في صحابته العذرففي أحد الأقوال أنث العذر لأنه بمعنى المعذرة .قل انتظروا إنا منتظرون بكم العذاب .
﴿ تفسير الطبري ﴾
هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربكالقول في تأويل قوله تعالى : هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يقول جل ثناؤه : هل ينتظر هؤلاء العادلون بربهم الأوثان والأصنام , إلا أن تأتيهم الملائكة بالموت فتقبض أرواحهم , أو أن يأتيهم ربك يا محمد بين خلقه في موقف القيامة أو يأتي بعض آيات ربك يقول : أو أن يأتيهم بعض آيات ربك ; وذلك فيما قال أهل التأويل : طلوع الشمس من مغربها . ذكر من قال من أهل التأويل ذلك : 11050 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : إلا أن تأتيهم الملائكة يقول : عند الموت حين توفاهم , أو يأتي ربك ذلك يوم القيامة . أو يأتي بعض آيات ربك طلوع الشمس من مغربها . 11051 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى , قال : ثنا محمد بن ثور , عن معمر , عن قتادة : إلا أن تأتيهم الملائكة بالموت , أو يأتي ربك يوم القيامة , أو يأتي بعض آيات ربك قال : آية موجبة طلوع الشمس من مغربها , أو ما شاء الله . - حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , قوله : هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة يقول : بالموت , أو يأتي ربك وذلك يوم القيامة , أو يأتي بعض آيات ربك . 11052 - حدثني محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن المفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي , هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة عند الموت , أو يأتي بعض آيات ربك يقول : طلوع الشمس من مغربها . 11053 - حدثنا ابن وكيع وابن حميد , قالا : ثنا جرير , عن منصور , عن أبي الضحى , عن مسروق , قال : قال عبد الله في قوله : هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك قال : يصبحون والشمس والقمر من هنا من قبل المغرب كالبعيرين القرينين . زاد ابن حميد في حديثه : فذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا وقال : كالبعيرين المقترنين . 11054 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثني حجاج , عن ابن جريج , قوله : هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة تقبض الأنفس بالموت , أو يأتي ربك يوم القيامة , أو يأتي بعض آيات ربك .يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراالقول في تأويل قوله تعالى : يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا . يقول تعالى ذكره : يوم يأتي بعض آيات ربك , لا ينفع من كان قبل ذلك مشركا بالله أن يؤمن بعد مجيء تلك الآية . وقيل : إن تلك الآية التي أخبر الله جل ثناؤه أن الكافر لا ينفعه إيمانه عند مجيئها : طلوع الشمس من مغربها . ذكر من قال ذلك وما ذكر فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : 11055 - حدثني عيسى بن عثمان الرملي , قال : ثنا يحيى بن عيسى , عن ابن أبي ليلى , عن عطية , عن أبي سعيد الخدري , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها قال : " طلوع الشمس من مغربها " . * حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي , عن ابن أبي ليلى , عن عطية , عن أبي سعيد , عن النبي صلى الله عليه وسلم , مثله . 11056 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا محمد بن فضيل , وجرير عن عمارة , عن أبي زرعة , عن أبي هريرة , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها " قال : " فإذا رآها الناس آمن من عليها , فتلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل , أو كسبت في إيمانها خيرا " . 11057 - حدثنا عبد الحميد بن بيان اليشكري وإسحاق بن شاهين , قالا : أخبرنا خالد بن عبد الله الطحان , عن يونس , عن إبراهيم التيمي , عن أبيه , عن أبي ذر , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما : " أتدرون أين تذهب هذه الشمس ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " إنها تذهب إلى مستقرها تحت العرش , فتخر ساجدة , فلا تزال كذلك حتى يقال لها ارتفعي من حيث شئت , فتصبح طالعة من مطلعها . ثم تجري إلى أن تنتهي إلى مستقر لها تحت العرش , فتخر ساجدة , فلا تزال كذلك حتى يقال لها ارتفعي من حيث شئت فتصبح طالعة من مطلعها . ثم تجري لا ينكر الناس منها شيئا , حتى تنتهي فتخر ساجدة في مستقر لها تحت العرش , فيصبح الناس لا ينكرون منها شيئا , فيقال لها : اطلعي من مغربك ! فتصبح طالعة من مغربها " . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أتدرون أي يوم ذلك ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم , قال : " ذاك يوم لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل , أو كسبت في إيمانها خيرا " . - حدثنا مؤمل بن هشام ويعقوب بن إبراهيم , قالا : ثنا ابن علية , عن يونس , عن إبراهيم بن يزيد التيمي , عن أبيه , عن أبي ذر , عن النبي صلى الله عليه وسلم , نحوه . 11058 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا عبيد الله , عن إسرائيل , عن عاصم , عن زر , عن صفوان بن عسال , قال : ثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن من قبل مغرب الشمس بابا مفتوحا للتوبة حتى تطلع الشمس من نحوه , فإذا طلعت الشمس من نحوه . لم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا " . - حدثنا المفضل بن إسحاق , قال : ثنا أشعث بن عبد الرحمن بن زبيد اليامي , عن أبيه , عن زبيد , عن زر بن حبيش , عن صفوان بن عسال المرادي , قال : ذكرت التوبة , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " للتوبة باب بالمغرب مسيرة سبعين عاما أو أربعين عاما , فلا يزال كذلك حتى يأتي بعض آيات ربك " . - حدثني محمد بن عمارة , قال : ثنا سهل بن عامر , قال : ثنا مالك , عن عاصم بن أبي النجود , عن زر بن حبيش , عن صفوان بن عسال , أنه قال : " إن بالمغرب بابا مفتوحا للتوبة مسيرة سبعين عاما , فإذا طلعت الشمس من مغربها , لم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل , أو كسبت في إيمانها خيرا " . - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا ابن فضيل , عن عمارة بن القعقاع , عن أبي زرعة , عن أبي هريرة , قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها , فإذا طلعت ورآها الناس آمن من عليها , فذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل " . - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا خالد بن مخلد , قال : ثنا محمد بن جعفر , عن العلاء , عن أبيه , عن أبي هريرة , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها , فيومئذ يؤمن الناس كلهم أجمعون , وذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل , أو كسبت في إيمانها خيرا " . 11059 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي , عن أبي عون , عن ابن سيرين , عن أبي هريرة , قال : التوبة مقبولة ما لم تطلع الشمس من مغربها . 11060 - حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي , قال : ثنا سليمان بن عبد الرحمن , قال : ثنا ابن عياش , قال : ثنا ضمضم بن زرعة , عن شريح بن عبيد , عن مالك بن يخامر , عن معاوية بن أبي سفيان وعبد الرحمن بن عوف , وعبد الله بن عمرو بن العاص , عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال : " لا تزال التوبة مقبولة حتى تطلع الشمس من مغربها , فإذا طلعت طبع على كل قلب بما فيه , وكفي الناس العمل " . * حدثنا أبو كريب , قال : ثنا أبو أسامة وجعفر بن عون , بنحوه . 11061 - حدثني يعقوب , قال : ثنا ابن علية , عن أبي حيان التيمي , عن أبي زرعة , قال : جلس ثلاثة من المسلمين إلى مروان بن الحكم بالمدينة , فسمعوه وهو يحدث عن الآيات , أن أولها خروجا الدجال . فانصرف القوم إلى عبد الله بن عمرو , فحدثوه بذلك , فقال : لم يقل مروان شيئا , قد حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيئا لم أنسه , لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن أول الآيات خروجا : طلوع الشمس من مغربها , أو خروج الدابة على الناس ضحى , أيتهما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على أثرها قريبا " . ثم قال عبد الله بن عمرو وكان يقرأ الكتب : أظن أولهما خروجا طلوع الشمس من مغربها ; وذلك أنها كلما غربت أتت تحت العرش , فسجدت واستأذنت في الرجوع , فيؤذن لها في الرجوع , حتى إذا بدا لله أن تطلع من مغربها فعلت كما كانت تفعل أتت تحت العرش , فسجدت واستأذنت في الرجوع , فلم يرد عليها شيئا , فتفعل ذلك ثلاث مرات لا يرد عليها بشيء , حتى إذا ذهب من الليل ما شاء الله أن يذهب , وعرفت أن لو أذن لها لم تدرك المشرق , قالت : ما أبعد المشرق رب من لي بالناس , حتى إذا صار الأفق كأنه طوق استأذنت في الرجوع , فقيل لها : اطلعي من مكانك ! فتطلع من مغربها . ثم قرأ : يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها . .. إلى آخر الآية . - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو ربيعة فهد , قال : ثنا حماد , عن يحيى بن سعيد أبي حيان , عن الشعبي , أن ثلاثة نفر دخلوا على مروان بن الحكم , فذكر نحوه , عن عبد الله بن عمرو . - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , قال : سمعت عاصم بن أبي النجود يحدث عن زر بن حبيش , عن صفوان بن عسال , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن بالمغرب بابا مفتوحا للتوبة مسيرة سبعين عاما , لا يغلق حتى تطلع الشمس من نحوه " . 11062 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبو خالد , عن حجاج , عن عاصم , عن زر بن حبيش , عن صفوان بن عسال , قال : إذا طلعت الشمس من مغربها , فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل . - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو ربيعة فهد , قال : ثنا عاصم بن بهدلة , عن زر بن حبيش , قال : غدونا إلى صفوان بن عسال , فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال : " إن باب التوبة مفتوح من قبل المغرب , عرضه مسيرة سبعين عاما , فلا يزال مفتوحا حتى تطلع من قبله الشمس " . ثم قرأ : هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك . .. إلى : خيرا . - حدثني الربيع بن سليمان , قال : ثنا شعيب بن الليث , قال : ثنا الليث , عن جعفر بن ربيعة , عن عبد الرحمن بن هرمز , أنه قال : قال أبو هريرة , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من المغرب " , قال : " فإذا طلعت الشمس من المغرب آمن الناس كلهم وذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل , أو كسبت في إيمانها خيرا " . 11063 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن أيوب , عن ابن سيرين , عن أبي هريرة , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها قبل منه " . 11064 - حدثني المثنى , قال : ثنا فهد , قال : ثنا حماد , عن يونس بن عبيد , عن إبراهيم بن يزيد التيمي , عن أبي ذر , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال : " إن الشمس إذا غربت , أتت تحت العرش فسجدت , فيقال لها : اطلعي من حيث غربت ! " ثم قرأ هذه الآية : هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة . .. إلى آخر الآية . 11065 - حدثني المثنى , قال : ثنا يزيد بن هارون , عن سفيان بن حسين , عن الحكم , عن إبراهيم التيمي , عن أبيه , عن أبي ذر , قال : كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم على حمار , فنظر إلى الشمس حين غربت , فقال : " إنها تغرب في عين حمئة , تنطلق حتى تخر لربها ساجدة تحت العرش حتى يأذن لها , فإذا أراد أن يطلعها من مغربها حبسها , فتقول : يا رب إن مسيري بعيد , فيقول لها : اطلعي من حيث غربت ! فذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل " . - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا عبدة , عن موسى بن المسيب , عن إبراهيم التيمي , عن أبيه , عن أبي ذر قال : نظر النبي صلى الله عليه وسلم يوما إلى الشمس فقال : " يوشك أن تجيء حتى تقف بين يدي الله , فيقول : ارجعي من حيث جئت ! فعند ذلك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل , أو كسبت في إيمانها خيرا " . 11066 - حدثني محمد بن سعد , قال : ثني أبي , قال : ثني عمي , قال : ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس , قوله : يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا فهو أنه لا ينفع مشركا إيمانه عند الآيات , وينفع أهل الإيمان عند الآيات إن كانوا اكتسبوا خيرا قبل ذلك . قال ابن عباس : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية من العشيات , فقال لهم : " يا عباد الله , توبوا إلى الله ! فإنكم توشكون أن تروا الشمس من قبل المغرب , فإذا فعلت ذلك حبست التوبة وطوي العمل وختم الإيمان " . فقال الناس : هل لذلك من آية يا رسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن آية تلكم الليلة أن تطول كقدر ثلاث ليال , فيستيقظ الذين يخشون ربهم فيصلون له , ثم يقضون صلاتهم والليل مكانه لم ينقض , ثم يأتون مضاجعهم فينامون , حتى إذا استيقظوا والليل مكانه , فإذا رأوا ذلك خافوا أن يكون ذلك بين يدي أمر عظيم , فإذا أصبحوا وطال عليهم طلوع الشمس . فبينا هم ينتظرونها إذ طلعت عليهم من قبل المغرب , فإذا فعلت ذلك , لم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل " . - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثني حجاج , عن ابن جريج , عن صالح مولى التوأمة , عن أبي هريرة , أنه سمعه يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها , فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا كلهم أجمعون , فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها " . .. الآية . 11067 - وبه قال : حدثني حجاج , قال : قال ابن جريج : أخبرني ابن أبي عتيق , أنه سمع عبيد بن عمير يتلو : يوم يأتي بعض آياته ربك لا ينفع نفسا إيمانها قال : يقول : نتحدث والله أعلم أنها الشمس تطلع من مغربها . قال ابن جريج : وأخبرني عمرو بن دينار , أنه سمع عبيد بن عمير يقول ذلك . قال ابن جريج : وأخبرني عبد الله بن أبي مليكة , أنه سمع عبد الله بن عمرو يقول : إن الآية التي لا ينفع نفسا إيمانها إذا طلعت الشمس من مغربها . قال ابن جريج : وقال مجاهد ذلك أيضا . 11068 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي , عن شعبة , عن قتادة , عن زرارة بن أوفى , عن ابن مسعود : يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها قال : طلوع الشمس من مغربها . - حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى , قالا : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , قال : سمعت قتادة يحدث عن زرارة بن أوفى , عن عبد الله بن مسعود في هذه الآية : يوم يأتي بعض آيات ربك قال : طلوع الشمس من مغربها . 11069 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا ابن أبي عدي وعبد الوهاب بن عوف , عن ابن سيرين , قال : ثني أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود , قال : كان عبد الله بن مسعود يقول : ما ذكر من الآيات فقد مضين غير أربع : طلوع الشمس من مغربها , ودابة الأرض , والدجال , وخروج يأجوج ومأجوج . والآية التي تختم بها الأعمال : طلوع الشمس من مغربها , ألم تر أن الله قال : يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ؟ قال : فهي طلوع الشمس من مغربها . - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا ابن أبي عدي , عن شعبة , عن سليمان , عن أبي الضحى , عن مسروق , قال : قال عبد الله : يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها قال : طلوع الشمس من مغربها مع القمر , كأنهما بعيران مقرونان . * قال شعبة : وحدثنا قتادة , عن زرارة , عن عبد الله بن مسعود : يوم يأتي بعض آيات ربك قال : طلوع الشمس من مغربها . - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا جرير , عن الأعمش , عن أبي الضحى , عن مسروق , عن عبد الله بن مسعود : يوم يأتي بعض آيات ربك قال : طلوع الشمس من مغربها مع القمر كالبعيرين المقترنين . - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي , عن سفيان , عن منصور والأعمش , عن أبي الضحى , عن مسروق عن عبد الله : يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها قال : طلوع الشمس من مغربها مع القمر كالبعيرين القرينين . 11070 - وقال : ثنا أبي , عن إسرائيل وأبيه , عن أشعث بن أبي الشعثاء , عن أبيه , عن عبد الله , قال : التوبة مبسوطة ما لم تطلع الشمس من مغربها . 11071 - حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , قال : ذكر لنا أن ابن أم عبد كان يقول : لا يزال باب التوبة مفتوحا حتى تطلع الشمس من مغربها , فإذا رأى الناس ذلك آمنوا , وذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا . - حدثنا بشر , قال : ثنا عبد الله بن جعفر , قال : ثنا العلاء بن عبد الرحمن , عن أبيه , عن أبي هريرة , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها , فإذا طلعت آمن الناس كلهم , فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل , أو كسبت في إيمانها خيرا " . - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا ابن عيينة , عن عمرو بن دينار , عن عبيد بن عمير : يوم يأتي بعض آيات ربك قال : طلوع الشمس من مغربها . 11072 - وقال : حدثنا أبي , عن الحسن بن عقبة أبي كبران , عن الضحاك : يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها قال : طلوع الشمس من مغربها . - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا إسرائيل , قال : أخبرني أشعث بن أبي الشعثاء , عن أبيه , عن ابن مسعود , في قوله : لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل قال : لا تزال التوبة مبسوطة ما لم تطلع الشمس من مغربها . 11073 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , في قول الله : يوم يأتي بعض آيات ربك قال : طلوع الشمس من مغربها . 11074 - حدثني يونس بن عبد الأعلى , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : أخبرني أبو صخر , عن القرظي أنه كان يقول في هذه الآية : يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل يقول : إذا جاءت الآيات لم ينفع نفسا إيمانها , يقول : طلوع الشمس من مغربها . - حدثني الحارث , قال : ثنا عبد العزيز , قال : ثنا سفيان الثوري , عن عاصم بن أبي النجود , عن زر بن حبيش , عن صفوان بن عسال : يوم يأتي بعض آيات ربك قال : طلوع الشمس من مغربها . - حدثني الحارث , قال : ثنا عبد العزيز , قال : ثنا إسرائيل , عن أبي إسحاق , عن وهب بن جابر , عن عبد الله بن عمرو : يوم يأتي بعض آيات ربك قال : طلوع الشمس من مغربها . وقال آخرون : بل ذلك بعض الآيات الثلاثة : الدابة , ويأجوج ومأجوج , وطلوع الشمس من مغربها . ذكر من قال ذلك : 11075 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا جعفر بن عون , عن المسعودي , عن القاسم , قال : قال عبد الله : التوبة معروضة على ابن آدم إن قبلها ما لم تخرج إحدى ثلاث : ما لم تطلع الشمس من مغربها , أو الدابة , أو فتح يأجوج ومأجوج . - حدثني يعقوب , قال : ثنا ابن علية , قال : ثنا المسعودي , عن القاسم بن عبد الرحمن , قال : قال عبد الله : التوبة معروضة على ابن آدم إن قبلها ما لم تخرج إحدى ثلاث : الدابة , وطلوع الشمس من مغربها , وخروج يأجوج ومأجوج . 11076 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي , عن سفيان , عن منصور , عن عامر , عن عائشة , قالت : إذا خرج أول الآيات طرحت الأقلام , وحبست الحفظة , وشهدت الأجساد على الأعمال . 11077 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا ابن فضيل , عن أبيه , عن أبي حازم , عن أبي هريرة , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثلاث إذا خرجت لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا : طلوع الشمس من مغربها , والدجال , ودابة الأرض " . 11078 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا معاوية بن عبد الكريم , قال : ثنا الحسن , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بادروا بالأعمال ستا : طلوع الشمس من مغربها , والدجال والدخان , ودابة الأرض , وخويصة أحدكم , وأمر العامة " . 11079 - حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , قال : ذكر أن نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول , فذكر نحوه . وأولى الأقوال بالصواب في ذلك , ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ذلك حين تطلع الشمس من مغربها " . وأما قوله : أو كسبت في إيمانها خيرا فإنه يعني : أو عملت في تصديقها بالله خيرا من عمل صالح تصدق قيله , وتحققه من قبل طلوع الشمس من مغربها , لا ينفع كافرا لم يكن آمن بالله قبل طلوعها , كذلك إيمانه بالله إن آمن وصدق بالله ورسله , لأنها حالة لا تمتنع نفس من الإقرار بالله العظيم لهول الوارد عليهم من أمر الله , فحكم إيمانهم كحكم إيمانهم عند قيام الساعة ; وتلك حال لا يمتنع الخلق من الإقرار بوحدانية الله لمعاينتهم من أهوال ذلك اليوم ما ترتفع معه حاجتهم إلى الفكر والاستدلال والبحث والاعتبار , ولا ينفع من كان بالله وبرسله مصدقا ولفرائض الله مضيعا غير مكتسب بجوارحه لله طاعة إذا هي طلعت من مغربها أعماله إن عمل , وكسبه إن اكتسب , لتفريطه الذي سلف قبل طلوعها في ذلك . كما : 11080 - حدثني محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن المفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا يقول : كسبت في تصديقها خيرا عملا صالحا , فهؤلاء أهل القبلة . وإن كانت مصدقة ولم تعمل قبل ذلك خيرا فعملت بعد أن رأت الآية لم يقبل منها . وإن عملت قبل الآية خيرا ثم عملت بعد الآية خيرا , قبل منها . 11081 - حدثت عن الحسين بن الفرج , قال : سمعت أبا معاذ , قال : ثنا عبيد بن سليمان , قال : سمعت الضحاك يقول , في قوله : يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها قال : من أدركه بعض الآيات وهو على عمل صالح مع إيمانه قبل الله منه العمل بعد نزول الآية كما قبل منه قبل ذلك .قل انتظروا إنا منتظرونالقول في تأويل قوله تعالى : قل انتظروا إنا منتظرون . يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد لهؤلاء العادلين بربهم الأوثان والأصنام : انتظروا أن تأتيكم الملائكة بالموت , فتقبض أرواحكم , أو أن يأتي ربك لفصل القضاء بيننا وبينكم في موقف القيامة , أو أن يأتيكم طلوع الشمس من مغربها , فتطوى صحائف الأعمال , ولا ينفعكم إيمانكم حينئذ إن آمنتم , حتى تعلموا حينئذ المحق منا من المبطل , والمسيء من المحسن , والصادق من الكاذب , وتتبينوا عند ذلك بمن يحيق عذاب الله وأليم نكاله , ومن الناجي منا ومنكم ومن الهالك , إنا منتظرو ذلك , ليجزل الله لنا ثوابه على طاعتنا إياه , وإخلاصنا العبادة له , وإفرادناه بالربوبية دون ما سواه , ويفصل بيننا وبينكم بالحق , وهو خير الفاصلين .
﴿ هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا قل انتظروا إنا منتظرون ﴾