بل نقذف بالحق ونبيِّنه، فيدحض الباطل، فإذا هو ذاهب مضمحل. ولكم العذاب في الآخرة - أيها المشركون - مِن وَصْفكم ربكم بغير صفته اللائقة به.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«بل نقذف» نرمي «بالحق» الإيمان «على الباطل» الكفر «فيدمغه» يذهبه «فإذا هو زاهق» ذاهب، ودمغه في الأصل: أصاب دماغه بالضرب وهو مقتل «ولكم» يا كفار مكة «الويْل» العذاب الشديد «مما تصفون» الله به من الزوجة أو الولد.
﴿ تفسير السعدي ﴾
يخبر تعالى، أنه تكفل بإحقاق الحق وإبطال الباطل، وإن كل باطل قيل وجودل به، فإن الله ينزل من الحق والعلم والبيان، ما يدمغه، فيضمحل، ويتبين لكل أحد بطلانه فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ْ أي: مضمحل، فانٍ، وهذا عام في جميع المسائل الدينية، لا يورد مبطل، شبهة، عقلية ولا نقلية، في إحقاق باطل، أو رد حق، إلا وفي أدلة الله، من القواطع العقلية والنقلية، ما يذهب ذلك القول الباطل ويقمعه فإذا هو متبين بطلانه لكل أحد.وهذا يتبين باستقراء المسائل، مسألة مسألة، فإنك تجدها كذلك، ثم قال: وَلَكُمْ ْ أيها الواصفون الله، بما لا يليق به، من اتخاذ الولد والصاحبة، ومن الأنداد والشركاء، حظكم من ذلك، ونصيبكم الذي تدركون به الْوَيْلُ ْ والندامة والخسران.ليس لكم مما قلتم فائدة، ولا يرجع عليكم بعائدة تؤملونها، وتعملون لأجلها، وتسعون في الوصول إليها، إلا عكس مقصودكم، وهو الخيبة والحرمان
﴿ تفسير البغوي ﴾
( بل ) أي دع ذلك الذي قالوا فإنه كذب وباطل ، ( نقذف ) نرمي ونسلط ، ( بالحق ) بالإيمان ، ( على الباطل ) على الكفر ، وقيل : الحق قول الله ، أنه لا ولد له ، والباطل قولهم اتخذ الله ولدا ، ( فيدمغه ) فيهلكه ، وأصل الدمغ : شج الرأس حتى يبلغ الدماغ ، ( فإذا هو زاهق ) ذاهب ، والمعنى : نبطل كذبهم بما نبين من الحق حتى يضمحل ويذهب ، ثم أوعدهم على كذبهم فقال : ( ولكم الويل ) يا معشر الكفار ، ( مما تصفون ) الله بما لا يليق به من الصاحبة والولد . وقال مجاهد : مما تكذبون .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله- سبحانه-: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ إضراب عن إرادة اتخاذ اللهو، وإثبات لما تقتضيه ذاته- تعالى- مما يخالف ذلك.والقذف: الرمي بسرعة. والاسم القذاف- ككتاب-، وهو سرعة السير، ومنه قولهم: ناقة قذاف- بكسر القاف- إذا كانت متقدمة على غيرها في السير.ويدمغه: أى. يمحقه ويزيله. قال القرطبي: وأصل الدمغ شج الرأس حتى يبلغ الدماغ.أى: ليس من شأننا أن نتخذ لهوا، وإنما الذي من شأننا وحكمتنا، أن نلقى بالحق الذي أرسلنا به رسلنا، على الباطل الذي تشبث به الفاسقون فَيَدْمَغُهُ أى: فيقهره ويهلكه ويزيله إزالة تامة.والتعبير القرآنى البليغ، يرسم هذه السنة الإلهية في صورة حسية متحركة حتى لكأنما الحق قذيفة تنطلق بسرعة فتهوي على الباطل فتشق أم رأسه، فإذا هو زاهق زائل.قال الآلوسى: وفي إذا الفجائية، والجملة الاسمية، من الدلالة على كمال المسارعة في الذهاب والبطلان مالا يخفى، فكأنه زاهق من الأصل .وقوله- تعالى-: وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ وعيد شديد لأولئك الكافرين الذين نسبوا إلى الله- تعالى- مالا يليق به، ووصفوه بأن له صاحبة وولدا سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً.أى: ولكم- أيها الضالون المكذبون- الويل والهلاك، من أجل وصفكم له- تعالى- بما لا يليق بشأنه الجليل.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
وقوله : ( بل نقذف بالحق على الباطل ) أي : نبين الحق فيدحض الباطل; ولهذا قال : ( فيدمغه فإذا هو زاهق ) أي : ذاهب مضمحل ، ( ولكم الويل ) أي : أيها القائلون : لله ولد ، ( مما تصفون ) أي : تقولون وتفترون .ثم أخبر تعالى عن عبودية الملائكة له ، ودأبهم في طاعته ليلا ونهارا
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : بل نقذف بالحق على الباطل القذف الرمي ؛ أي نرمي بالحق على الباطل . فيدمغه أي يقهره ويهلكه . وأصل الدمغ شج الرأس حتى يبلغ الدماغ ، ومنه الدامغة . والحق هنا القرآن ، والباطل الشيطان في قول مجاهد ؛ قال : وكل ما في القرآن من الباطل فهو الشيطان . وقيل : الباطل كذبهم ووصفهم الله - عز وجل - بغير صفاته من الولد وغيره . وقيل : أراد بالحق الحجة ، وبالباطل شبههم . وقيل : الحق المواعظ ، والباطل المعاصي ؛ والمعنى متقارب . والقرآن يتضمن الحجة والموعظة . فإذا هو زاهق أي هالك وتالف ؛ قاله قتادة . ولكم الويل أي العذاب في الآخرة بسبب وصفكم الله بما لا يجوز وصفه . وقال ابن عباس : الويل واد في جهنم ؛ وقد تقدم . مما تصفون أي مما تكذبون ؛ عن قتادة ومجاهد ؛ نظيره سيجزيهم وصفهم أي بكذبهم . وقيل : مما تصفون الله به من المحال وهو اتخاذه سبحانه الولد .
﴿ تفسير الطبري ﴾
يقول تعالى ذكره: ولكن ننزل الحق من عندنا، وهو كتاب الله وتنزيله على الكفر به وأهله، فيدمغه، يقول: فيهلكه كما يدمغ الرجل الرجل بأن يشجه على رأسه شجة تبلغ الدماغ، وإذا بلغت الشجة ذلك من المشجوج لم يكن له بعدها حياة.وقوله ( فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ) يقول: فإذا هو هالك مضمحلٌ.كما حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قَتادة ( فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ) قال: هالك.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ) قال: ذاهب.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ) والحقّ كتاب الله القرآن، والباطل: إبليس، فيدمغه فإذا هو زاهق: أي ذاهب.وقوله ( وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ) يقول: ولكم الويل من وصفكم ربكم بغير صفته، وقِيلكم إنه اتخذ زوجة وولدا، وفِريتكم عليه.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، إلا أن بعضهم قال: معنى تصفون تكذبون.وقال آخرون: معنى ذلك: تشركون، وذلك وإن اختلفت به الألفاظ فمتفقة معانيه؛ لأن من وصف الله بأن له صاحبة فقد كذب في وصفه إياه بذلك، وأشرك به، ووصفه بغير صفته، غير أن أولى العبارات أن يُعَبر بها عن معاني القرآن أقربها إلى فهم سامعيه.* ذكر من قال ما قلنا في ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ) أي تكذبون.حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج ( وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ) قال: تشركون وقوله عَمَّا يَصِفُونَ قال: يشركون قال: وقال مجاهد سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ قال: قولهَم الكذب في ذلك.
﴿ بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون ﴾