القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 2 سورة الأنفال - إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت

سورة الأنفال الآية رقم 2 : سبع تفاسير معتمدة

سورة إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت - عدد الآيات 75 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 2 من سورة الأنفال عدة تفاسير - سورة الأنفال : عدد الآيات 75 - - الصفحة 177 - الجزء 9.

سورة الأنفال الآية رقم 2


﴿ إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَإِذَا تُلِيَتۡ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُهُۥ زَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ يَتَوَكَّلُونَ ﴾
[ الأنفال: 2]

﴿ التفسير الميسر ﴾

إنما المؤمنون بالله حقًا هم الذين إذا ذُكِر الله فزعت قلوبهم، وإذا تليت عليهم آيات القرآن زادتهم إيمانًا مع إيمانهم، لتدبرهم لمعانيه وعلى الله تعالى يتوكلون، فلا يرجون غيره، ولا يرهبون سواه.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

«إنما المؤمنون» الكاملون الإيمان «الذين إذا ذكر الله» أي وعيده «وجلت» خافت «قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا» تصديقا «وعلى ربهم يتوكلون» به يثقون لا بغيره.

﴿ تفسير السعدي ﴾

ومن نقصت طاعته للّه ورسوله، فذلك لنقص إيمانه،ولما كان الإيمان قسمين: إيمانا كاملا يترتب عليه المدح والثناء، والفوز التام، وإيمانا دون ذلك ذكر الإيمان الكامل فقال: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الألف واللام للاستغراق لشرائع الإيمان.
الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ أي: خافت ورهبت، فأوجبت لهم خشية اللّه تعالى الانكفاف عن المحارم، فإن خوف اللّه تعالى أكبر علاماته أن يحجز صاحبه عن الذنوب.
وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا ووجه ذلك أنهم يلقون له السمع ويحضرون قلوبهم لتدبره فعند ذلك يزيد إيمانهم،.
لأن التدبر من أعمال القلوب، ولأنه لا بد أن يبين لهم معنى كانوا يجهلونه، أو يتذكرون ما كانوا نسوه،أو يحدث في قلوبهم رغبة في الخير، واشتياقا إلى كرامة ربهم،أو وجلا من العقوبات، وازدجارا عن المعاصي، وكل هذا مما يزداد به الإيمان.
وَعَلَى رَبِّهِمْ وحده لا شريك له يَتَوَكَّلُونَ أي: يعتمدون في قلوبهم على ربهم في جلب مصالحهم ودفع مضارهم الدينية والدنيوية، ويثقون بأن اللّه تعالى سيفعل ذلك.
والتوكل هو الحامل للأعمال كلها، فلا توجد ولا تكمل إلا به.


﴿ تفسير البغوي ﴾

إنما المؤمنون ) يقول ليس المؤمن الذي يخالف الله ورسوله ، إنما المؤمنون الصادقون في إيمانهم ، ( الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ) خافت وفرقت قلوبهم ، وقيل : إذا خوفوا بالله انقادوا خوفا من عقابه .
( وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا ) تصديقا ويقينا .
وقال عمير بن حبيب وكانت له صحبة : إن للإيمان زيادة ونقصانا ، قيل : فما زيادته ؟ قال : إذا ذكرنا الله - عز وجل - وحمدناه فذلك زيادته ، وإذا سهونا وغفلنا فذلك نقصانه ، وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن عدي : إن للإيمان فرائض وشرائط وشرائع وحدودا وسننا فمن استكملها استكمل الإيمان ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان .
( وعلى ربهم يتوكلون ) أي : يفوضون إليه أمورهم ويثقون به ولا يرجون غيره ولا يخافون سواه .

﴿ تفسير الوسيط ﴾

ثم وصف- سبحانه- المؤمنين الصادقين بخمس صفات، وبشرهم بأعلى الدرجات، فقال في بيان صفتهم الأولى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ.
.
فالجملة الكريمة مستأنفة وهي مسوقة لبيان أحوال المؤمنين الذين هم أهل لرضا الله وحسن ثوابه، حتى يتأسى بهم غيرهم.
وقوله وَجِلَتْ من الوجل وهو استشعار الخوف.
يقال: وجل يوجل وجلا فهو وجل، إذا خاف وفزع.
والمراد بذكر الله: ذكر صفاته الجليلة، وقدرته النافذة، ورحمته الواسعة، وعقابه الشديد، وعلمه المحيط بكل شيء، وما يستتبع ذلك من حساب وثواب وعقاب.
والمعنى: إنما المؤمنون الصادقون الذين إذا ذكر اسم الله وذكرت صفاته أمامهم، خافت قلوبهم وفزعت، استعظاما لجلاله وتهيبا من سلطانه، وحذرا من عقابه، ورغبة في ثوابه، وذلك لقوة إيمانهم، وصفاء نفوسهم، وشدة مراقبتهم لله- عز وجل- ووقوفهم عند أمره ونهيه.
.
وقد جاء التعبير عن صفاتهم بصيغة من صيغ القصر وهي «إنما» ، للإشعار بأن من هذه صفاتهم هم المؤمنون الصادقون في إيمانهم وإخلاصهم، أما غيرهم ممن لم تتوفر به هذه الصفات، فأمره غير أمرهم، وجزاؤه غير جزائهم.
قال الفخر الرازي: فإن قيل: إنه- تعالى- قال هاهنا: وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وقال في آية أخرى: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ.
.
.
فكيف الجمع بينهما؟قلنا: الاطمئنان: إنما يكون عن ثلج اليقين، وشرح الصدر بمعرفة التوحيد، والوجل:إنما يكون من خوف العقوبة.
ولا منافاة بين هاتين الحالتين.
بل نقول: هذان الوصفان اجتمعا في آية واحدة وهي قوله- تعالى: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ، ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ.
.
.
والمعنى تقشعر الجلود من خوف عذاب الله، ثم تلين جلودهم وقلوبهم عند رجاء ثواب الله.
والصفة الثانية من صفات هؤلاء المؤمنين الصادقين عبر عنها- سبحانه- بقوله: وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً.
أى أن من صفات هؤلاء المؤمنين أنهم إذا قرئت عليهم آيات الله أى: حججه وهي القرآن زادتهم إيمانا، أى: زادتهم قوة في التصديق، وشدة في الإذعان، ورسوخا في اليقين، ونشاطا في الأعمال الصالحة، وسعة في العلم والمعرفة.
وجاء التعبير بصيغة الفعل المبنى للمفعول في قوله: ذُكِرَ اللَّهُ وتُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ، للإيذان بأن هؤلاء المؤمنين الصادقين إذا كانوا يخافون عند ما يسمعون من غيرهم آيات الله.
.
فإنهم يكونون أشد خوفا وفزعا عند ذكرهم لله وعند تلاوتهم لآياته بألسنتهم وقلوبهم.
فالمقصود من هذه الصيغة: مدحهم، والثناء عليهم، وبيان الأثر الطيب الذي يترتب على ذكر الله وعلى تلاوة آياته.
والصفة الثالثة من صفاتهم قوله- تعالى-: وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ.
أى: أن من صفات هؤلاء المؤمنين- أيضا- أنهم يعتمدون على ربهم الذي خلقهم بقدرته، ورباهم بنعمته، فيفوضون أمورهم كلها إليه وحده- سبحانه- لا إلى أحد سواه، كما يدل عليه تقديم المتعلق على عامله.
ورحم الله الإمام ابن كثير فقد قال عند تفسيره لهذه الجملة: أى: أنهم لا يرجون سواه، ولا يقصدون إلا إياه، ولا يلوذون إلا بجنابه، ولا يطلبون الحوائج إلا منه، ولا يرغبون إلا إليه، ويعلمون أنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه المتصرف في الملك لا شريك له، ولا معقب لحكمه وهو سريع الحساب.
ولهذا قال سعيد بن جبير: «التوكل على الله جماع الإيمان».
ومن الواضح عند ذوى العقول السليمة أن التوكل على الله لا ينافي الأخذ بالأسباب التي شرعها- سبحانه- بل إن الأخذ بالأسباب التي شرعها الله وأمر بها لبلوغ الغايات، لدليل على قوة الإيمان، وعلى حسن طاعته- سبحانه- فيما شرعه وفيما أمر به.
وليس من الإيمان ولا من العقل ولا من التوكل على الله أن ينتظر الإنسان ثمارا بدون غرس، أو شبعا بدون أكل، أو نجاحا بدون جهد، أو ثوابا بدون عمل صالح.
إنما المؤمن العاقل المتوكل على الله، هو الذي يباشر الأسباب التي شرعها الله لبلوغ الأهداف مباشرة سليمة.
.
ثم بعد ذلك يترك النتائج له- سبحانه- يسيّرها كيف يشاء، وحسبما يريد.
.

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ) قال : المنافقون لا يدخل قلوبهم شيء من ذكر الله عند أداء فرائضه ، ولا يؤمنون بشيء من آيات الله ، ولا يتوكلون ، ولا يصلون إذا غابوا ، ولا يؤدون زكاة أموالهم ، فأخبر الله تعالى أنهم ليسوا بمؤمنين ، ثم وصف المؤمنين فقال : ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ) فأدوا فرائضه . ( وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا ) يقول : تصديقا ( وعلى ربهم يتوكلون ) يقول : لا يرجون غيره .وقال مجاهد : ( وجلت قلوبهم ) فرقت ، أي : فزعت وخافت . وكذا قال السدي وغير واحد .وهذه صفة المؤمن ‌حق المؤمن ، الذي إذا ذكر الله وجل قلبه ، أي : خاف منه ، ففعل أوامره ، وترك زواجره . كقوله تعالى : ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون ) [ آل عمران : 135 ] وكقوله تعالى : ( وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى ) [ النازعات : 40 ، 41 ] ولهذا قال سفيان الثوري : سمعت السدي يقول في قوله تعالى : ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ) قال : هو الرجل يريد أن يظلم - أو قال : يهم بمعصية - فيقال له : اتق الله فيجل قلبه .وقال الثوري أيضا : عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن شهر بن حوشب ، عن أم الدرداء في قوله : ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ) قالت : الوجل في القلب إحراق السعفة ، أما تجد له قشعريرة ؟ قال : بلى . قالت لي : إذا وجدت ذلك فادع الله عند ذلك ، فإن الدعاء يذهب ذلك .وقوله : ( وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا [ وعلى ربهم يتوكلون ] ) كقوله : ( وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون ) [ التوبة : 124 ] .وقد استدل البخاري وغيره من الأئمة بهذه الآية وأشباهها على زيادة الإيمان وتفاضله في القلوب ، كما هو مذهب جمهور الأمة ، بل قد حكى الإجماع على ذلك غير واحد من الأئمة ، كالشافعي ، وأحمد بن حنبل ، وأبي عبيد ، كما بينا ذلك مستقصى في أول الشرح البخاري ، ولله الحمد والمنة .( وعلى ربهم يتوكلون ) أي : لا يرجون سواه ، ولا يقصدون إلا إياه ، ولا يلوذون إلا بجنابه ، ولا يطلبون الحوائج إلا منه ، ولا يرغبون إلا إليه ، ويعلمون أنه ما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن ، وأنه المتصرف في الملك وحده لا شريك له ، ولا معقب لحكمه ، وهو سريع الحساب ؛ ولهذا قال سعيد بن جبير : التوكل على الله جماع الإيمان .

﴿ تفسير القرطبي ﴾

قوله تعالى إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون فيه ثلاث مسائل :قال العلماء : هذه الآية تحريض على إلزام طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أمر به من قسمة تلك الغنيمة .
والوجل : الخوف .
وفي مستقبله أربع لغات : وجل يوجل وياجل وييجل وييجل ، حكاه سيبويه .
والمصدر وجل وجلا وموجلا ; بالفتح .
وهذا موجله " بالكسر " للموضع والاسم .
فمن قال : ياجل في المستقبل جعل الواو ألفا لفتحة ما قبلها .
ولغة القرآن الواو قالوا لا توجل .
ومن قال : ييجل - بكسر الياء - فهي على لغة بني أسد ، فإنهم يقولون : أنا إيجل ، ونحن نيجل ، وأنت تيجل ; كلها بالكسر .
ومن قال : ييجل بناه على هذه اللغة ، ولكنه فتح الياء كما فتحوها في يعلم ، ولم تكسر الياء في يعلم لاستثقالهم الكسر على الياء .
وكسرت في " ييجل " لتقوي إحدى الياءين بالأخرى .
والأمر منه " إيجل " صارت الواو ياء لكسرة ما قبلها .
وتقول : إني منه لأوجل .
ولا يقال في المؤنث : وجلاء ، ولكن وجلة .
وروى سفيان عن السدي في قوله جل وعز : الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم قال : إذا أراد أن يظلم مظلمة قيل له : اتق الله ، كف ووجل قلبه .
الثانية : وصف الله تعالى المؤمنين في هذه الآية بالخوف والوجل عند ذكره .
وذلك لقوة إيمانهم ومراعاتهم لربهم ، وكأنهم بين يديه .
ونظير هذه الآية وبشر المخبتين الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم .
وقال : وتطمئن قلوبهم بذكر الله .
فهذا يرجع إلى كمال المعرفة وثقة القلب .
والوجل : الفزع من عذاب الله ; فلا تناقض .
وقد جمع الله بين المعنيين في قوله الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله .
أي تسكن نفوسهم من حيث اليقين إلى الله وإن كانوا يخافون الله .
فهذه حالة العارفين بالله ، الخائفين من سطوته وعقوبته ; لا كما يفعله جهال العوام والمبتدعة الطغام من الزعيق والزئير ومن النهاق الذي يشبه نهاق الحمير .
فيقال لمن تعاطى ذلك وزعم أن ذلك وجد وخشوع : لم تبلغ أن تساوي حال الرسول ولا حال أصحابه في المعرفة بالله ، والخوف منه ، والتعظيم لجلاله ; ومع ذلك فكانت حالهم عند المواعظ الفهم عن الله والبكاء خوفا من الله .
ولذلك وصف الله أحوال أهل المعرفة عند سماع ذكره وتلاوة كتابه فقال : وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين .
فهذا وصف حالهم وحكاية مقالهم .
ومن لم يكن كذلك فليس على هديهم ولا على طريقتهم ; فمن كان مستنا فليستن ، ومن تعاطى أحوال المجانين والجنون فهو من أخسهم حالا ; والجنون فنون .
روى مسلم عن أنس بن مالك أن الناس سألوا النبي صلى الله عليه وسلم حتى أحفوه في المسألة ، فخرج ذات يوم فصعد المنبر فقال : سلوني ، لا تسألوني عن شيء إلا بينته لكم ما دمت في مقامي هذا .
فلما سمع ذلك القوم أرموا ورهبوا أن يكون بين يدي أمر قد حضر .
قال أنس : فجعلت ألتفت يمينا وشمالا فإذا كل إنسان لاف رأسه في ثوبه يبكي .
وذكر الحديث .
وروى الترمذي وصححه عن العرباض بن سارية قال : وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب .
الحديث .
ولم يقل : زعقنا ولا رقصنا ولا زفنا ولا قمنا .
الثالثة : قوله تعالى وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا أي تصديقا .
فإن إيمان هذه الساعة زيادة على إيمان أمس ; فمن صدق ثانيا وثالثا فهو زيادة تصديق بالنسبة إلى ما تقدم .
وقيل : هو زيادة انشراح الصدر بكثرة الآيات والأدلة ; وقد مضى هذا المعنى في " آل عمران " .
وعلى ربهم يتوكلون تقدم معنى التوكل في " آل عمران " أيضا .
الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون تقدم في أول سورة " البقرة "أولئك هم المؤمنون حقا أي الذي استوى في الإيمان ظاهرهم وباطنهم .
ودل هذا على أن لكل حق حقيقة ; وقد قال عليه السلام لحارثة : إن لكل حق حقيقة فما حقيقة إيمانك ؟ الحديث .
وسأل رجل الحسن فقال : يا أبا سعيد ; أمؤمن أنت ؟ فقال له : الإيمان إيمانان ، فإن كنت تسألني عن الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والجنة والنار والبعث والحساب فأنا به مؤمن .
وإن كنت تسألني عن قول الله تبارك وتعالى : إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم إلى قوله أولئك هم المؤمنون حقا - فوالله ما أدري أنا منهم أم لا .
وقال أبو بكر الواسطي : من قال أنا مؤمن بالله حقا ; قيل له : الحقيقة تشير إلى إشراف واطلاع وإحاطة ; فمن فقده بطل دعواه فيها .
يريد بذلك ما قاله أهل السنة : إن المؤمن الحقيقي من كان محكوما له بالجنة ، فمن لم يعلم ذلك من سر حكمته تعالى فدعواه بأنه مؤمن حقا غير صحيح .

﴿ تفسير الطبري ﴾

القول في تأويل قوله : إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ليس المؤمن بالذي يخالف الله ورسوله، ويترك اتباعَ ما أنزله إليه في كتابه من حدوده وفرائضه، والانقياد لحكمه, ولكن المؤمن هو الذي إذا ذكر الله وَجِل قلبه، وانقاد لأمره، وخضع لذكره، خوفًا منه، وفَرَقًا من عقابه, وإذا قرئت عليه آيات كتابه صدّق بها، (46) وأيقن أنها من عند الله, فازداد بتصديقه بذلك، إلى تصديقه بما كان قد بلغه منه قبل ذلك، تصديقًا.
وذلك هو زيادة ما تلى عليهم من آيات الله إيَّاهم إيمانًا (47) = " وعلى ربهم يتوكلون "، يقول: وبالله يوقنون، في أن قضاءه فيهم ماضٍ، فلا يرجون غيره، ولا يرهبون سواه.
(48)* * *وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:15684- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس قوله: " إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم "، قال: المنافقون، لا يدخل قلوبهم شيء من ذكر الله عند أداء فرائضه, ولا يؤمنون بشيء من آيات الله, ولا يتوكلون على الله, ولا يصلّون إذا غابوا, ولا يؤدُّون زكاة أموالهم.
فأخبر الله سبحانه أنهم ليسوا بمؤمنين, ثم وصف المؤمنين فقال: " إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم "، فأدوا فرائضه= " وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا "، يقول: تصديقًا= " وعلى ربهم يتوكلون "، يقول: لا يرجون غيره.
15685- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبد الله, عن ابن جريج, عن عبد الله بن كثير, عن مجاهد: " الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم "، قال: فَرِقت.
15686-.
.
.
.
قال، حدثنا أبي, عن سفيان, عن السدي: " الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم "، قال: إذا ذكر الله عند الشيء وجِلَ قلبه.
15687 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم "، يقول: إذا ذكر الله وَجِل قلبه.
15688 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله: " وجلت قلوبهم "، قال: فرقت.
15689 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " وجلت قلوبهم "، فرقت.
15690- .
.
.
.
قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك, عن سفيان قال: سمعت السدي يقول في قوله: " إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم "، قال: هو الرجل يريد أن يظلم = أو قال: يهمّ بمعصية = أحسبه قال: فينزع عنه.
15691- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا سفيان الثوري, عن عبد الله بن عثمان بن خثيم, عن شهر بن حوشب, عن أبي الدرداء في قوله: " إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم "، قال: الوجل في القلب كإحراق السَّعَفة, (49) أما تجد له قشعريرة؟ قال: بلى! قال: إذا وجدت ذلك في القلب فادع الله, فإن الدعاء يذهب بذلك.
15692- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: " إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم "، قال: فرقًا من الله تبارك وتعالى, ووَجلا من الله, وخوفًا من الله تبارك وتعالى.
* * *وأما قوله: " زادتهم إيمانًا "، فقد ذكرت قول ابن عباس فيه.
(50)* * *وقال غيره فيه, ما:-15693- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع: " وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا "، قال: خشية.
15694- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: " وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا وعلى ربهم يتوكلون "، قال: هذا نعت أهل الإيمان, فأثبت نَعْتهم, ووصفهم فأثبت صِفَتهم.
----------------------الهوامش :(46) انظر تفسير " التلاوة " فيما سلف ص : 252 ، تعليق 2 ، والمراجع هناك .
(47) انظر تفسير " زيادة الإيمان " فيما سلف 7 : 405 .
(48) انظر تفسير " الوكيل " فيما سلف 12 : 563 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
(49) " السعفة " ( بفتحتين ) ورق جريد النخل إذا يبس .
(50) يعني رقم : 15684 .

﴿ إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون ﴾

قراءة سورة الأنفال

المصدر : تفسير : إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت