القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 200 سورة البقرة - فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم

سورة البقرة الآية رقم 200 : سبع تفاسير معتمدة

سورة فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم - عدد الآيات 286 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 200 من سورة البقرة عدة تفاسير - سورة البقرة : عدد الآيات 286 - - الصفحة 31 - الجزء 2.

سورة البقرة الآية رقم 200


﴿ فَإِذَا قَضَيۡتُم مَّنَٰسِكَكُمۡ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَذِكۡرِكُمۡ ءَابَآءَكُمۡ أَوۡ أَشَدَّ ذِكۡرٗاۗ فَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي ٱلدُّنۡيَا وَمَا لَهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنۡ خَلَٰقٖ ﴾
[ البقرة: 200]

﴿ التفسير الميسر ﴾

فإذا أتممتم عبادتكم، وفرغتم من أعمال الحج، فأكثروا من ذكر الله والثناء عليه، مثل ذكركم مفاخر آبائكم وأعظم من ذلك. فمن الناس فريق يجعل همه الدنيا فقط، فيدعو قائلا ربنا آتنا في الدنيا صحة، ومالا وأولادًا، وهؤلاء ليس لهم في الآخرة حظ ولا نصيب؛ لرغبتهم عنها وقَصْرِ هَمِّهم على الدنيا.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

«فإذا قضيتم» أدَّيتم «مناسككم» عبادات حجكم بأن رميتم جمرة العقبة وطفتم واستقررتم بمنى «فاذكروا الله» بالتكبير والثناء «كذكركم آباءكم» كما كنتم تذكرونهم عند فراغ حجكم بالمفاخرة «أو أشد ذكرا» من ذكركم إياهم ونصب أشد على الحال من ذكر المنصوب باذكروا إذ لو تأخر عنه لكان صفة له «فمن الناس من يقول ربنا آتنا» نصيبا «في الدنيا» فيؤتاه فيها «وماله في الآخرة من خلاق» نصيب.

﴿ تفسير السعدي ﴾

ثم أخبر تعالى عن أحوال الخلق, وأن الجميع يسألونه مطالبهم, ويستدفعونه ما يضرهم, ولكن مقاصدهم تختلف، فمنهم: مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا أي: يسأله من مطالب الدنيا ما هو من شهواته, وليس له في الآخرة من نصيب, لرغبته عنها, وقصر همته على الدنيا، ومنهم من يدعو الله لمصلحة الدارين, ويفتقر إليه في مهمات دينه ودنياه، وكل من هؤلاء وهؤلاء, لهم نصيب من كسبهم وعملهم, وسيجازيهم تعالى على حسب أعمالهم, وهماتهم ونياتهم, جزاء دائرا بين العدل والفضل, يحمد عليه أكمل حمد وأتمه، وفي هذه الآية دليل على أن الله يجيب دعوة كل داع, مسلما أو كافرا, أو فاسقا، ولكن ليست إجابته دعاء من دعاه, دليلا على محبته له وقربه منه, إلا في مطالب الآخرة ومهمات الدين.
والحسنة المطلوبة في الدنيا يدخل فيها كل ما يحسن وقعه عند العبد, من رزق هنيء واسع حلال, وزوجة صالحة, وولد تقر به العين, وراحة, وعلم نافع, وعمل صالح, ونحو ذلك, من المطالب المحبوبة والمباحة.
وحسنة الآخرة, هي السلامة من العقوبات, في القبر, والموقف, والنار, وحصول رضا الله, والفوز بالنعيم المقيم, والقرب من الرب الرحيم، فصار هذا الدعاء, أجمع دعاء وأكمله, وأولاه بالإيثار, ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الدعاء به, والحث عليه.


﴿ تفسير البغوي ﴾

قوله تعالى : ( فإذا قضيتم مناسككم ) أي فرغتم من حجكم وذبحتم نسائككم أي ذبائحكم ، يقال نسك الرجل ينسك نسكا إذا ذبح نسيكته وذلك بعد رمي جمرة العقبة والاستقرار بمنى ( فاذكروا الله ) بالتكبير والتحميد والثناء عليه ( كذكركم آباءكم ) وذلك أن العرب كانت إذا فرغت من الحج وقفت عند البيت فذكرت مفاخر آبائها فأمرهم الله تعالى بذكره وقال : فاذكروني فأنا الذي فعلت ذلك بكم وبآبائكم وأحسنت إليكم ، وإليهمقال ابن عباس وعطاء : معناه فاذكروا الله كذكر الصبيان الصغار الآباء وذلك أن الصبي أول ما يتكلم يلهج بذكر أبيه لا بذكر غيره فيقول الله فاذكروا الله لا غير كذكر الصبي أباه أو أشد وسئل ابن عباس عن قوله ( فاذكروا الله كذكركم آباءكم ) فقيل قد يأتي على الرجل اليوم ولا يذكر فيه أباه قال ابن عباس : ليس كذلك ولكن أن تغضب لله إذا عصي أشد من غضبك لوالديك إذا شتما وقوله تعالى ( أو أشد ذكرا ) يعني وأشد ذكرا وبل أشد أي وأكثر ذكرا ( فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا ) أراد به المشركين كانوا لا يسألون الله تعالى في الحج إلا الدنيا يقولون اللهم أعطنا غنما وإبلا وبقرا ، وعبيدا وكان الرجل يقوم فيقول : يارب إن أبي كان عظيم القبة كبير الجفنة كثير المال فأعطني مثل ما أعطيته قال قتادة هذا عبد نيته الدنيا لها أنفق ولها عمل ونصب ( وما له في الآخرة من خلاق ) حظ ونصيب

﴿ تفسير الوسيط ﴾

ثم بين- سبحانه- ما يجب عليهم عمله بعد فراغهم من أعمال الحج فقال- تعالى-:فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً.
المناسك: جمع منسك مشتق من نسك نسكا من باب نصر إذا تعبد.
والمراد هنا العبادات التي تتعلق بالحج.
قال ابن كثير: عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: كان أهل الجاهلية يقفون في الموسم- بين مسجد منى وبين الجبل بعد فراغهم من الحج يذكرون فضائل آبائهم- فيقول الرجل منهم.
كان أبى يطعم الطعام ويحمل الديات .
.
.
ليس لهم ذكر غير فعال آبائهم فأنزل الله- تعالى- على نبيه صلّى الله عليه وسلّم هذه الآية» .
والمعنى: فإذا فرغتم من عباداتكم، وأديتم أعمال حجكم، فتوفروا على ذكر الله وطاعته كما كنتم تتوفرون على ذكر مفاخر آبائكم، بل عليكم أن تجعلوا ذكركم لله- تعالى- أشد وأكثر من ذكركم لمآثر آبائكم، لأن ذكر مفاخر الآباء إن كان كذبا أدى إلى الخزي في الدنيا والعقوبةفي الآخرة.
وإن كان صدقا فإنه في الغالب يؤدى إلى العجب وكثرة الغرور، أما ذكر الله بإخلاص وخشوع فثوابه عظيم، وأجره كبير.
وفضلا عن ذلك فإن المرء إذا كان لا ينسى أباه لأنه سبب وجوده فأولى به ثم أولى ألا ينسى الذي خلق أباه وهو الله رب العالمين.
فالمقصود من الآية الكريمة الحث على ذكر الله- تعالى- والنهى عن التفاخر بالأحساب والأنساب.
و «أو» هنا في معنى الإضراب والترقي إلى أعلى، لأنه.
.
سبحانه أمرهم أولا بأن يذكروه ذكرا يماثل ذكرهم لآبائهم ثم ترقى بهم إلى ما هو أعلى من ذلك وأسمى فطالبهم بأن يكون ذكرهم له- سبحانه- أكثر وأعظم من ذكرهم لآبائهم.
قال صاحب الكشاف: وقوله: أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً في موضع جر عطف على ما أضيف إليه الذكر في قوله: «كذكركم» كما تقول كذكر قريش آباءهم أو قوم أشد منهم ذكرا.
أو في موضع نصب عطف على آباءَكُمْ بمعنى، أو أشد ذكرا من آبائكم.
وبعد أن أمر- سبحانه- الناس بذكره، بين أنهم بالنسبة لدعائه وسؤاله فريقان، أما الفريق الأول فقد عبر عنه بقوله: فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ.
أى: من الناس نوع يقول في دعائه يا ربنا آتنا ما نرغبه في الدنيا فنحن لا نطلب غيرها، وهذا النوع ليس له في الآخرة من خَلاقٍ أى: نصيب وحظ من الخير.
وهذا النوع من الناس هو الذي استولى عليه حب الدنيا وشهواتها ومتعها فأصبح لا يفكر إلا فيها، ولا يهتم إلا بها، صارفا نظره عن الآخرة وما فيها من ثواب وعقاب.
والفاء في قوله: فَمِنَ النَّاسِ للتفصيل، لأن ما بعدها تقسيم للناس إلى فريقين.
وحذف مفعول آتِنا للدلالة على تعميم المطلوب فهم يطلبون كل ما يمكن أن تصل إليه أيديهم من متاع الدنيا بدون تمييز بين حلال أو حرام.

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

يأمر تعالى بذكره والإكثار منه بعد قضاء المناسك وفراغها .وقوله : ( كذكركم آباءكم ) اختلفوا في معناه ، فقال ابن جريج ، عن عطاء : هو كقول الصبي : " أبه أمه " ، يعني : كما يلهج الصبي بذكر أبيه وأمه ، فكذلك أنتم ، فالهجوا بذكر الله بعد قضاء النسك . وكذا قال الضحاك والربيع بن أنس . وروى ابن جرير من طريق العوفي ، عن ابن عباس نحوه .وقال سعيد بن جبير ، عن ابن عباس [ قال ] : كان أهل الجاهلية يقفون في الموسم فيقول الرجل منهم : كان أبي يطعم ويحمل الحمالات [ ويحمل الديات ] . ليس لهم ذكر غير فعال آبائهم . فأنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم : ( فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا )قال ابن أبي حاتم : وروي عن أنس بن مالك ، وأبي وائل ، وعطاء بن أبي رباح في أحد قوليه ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة في إحدى رواياته ، ومجاهد ، والسدي ، وعطاء الخراساني ، والربيع بن أنس ، والحسن ، وقتادة ، ومحمد بن كعب ، ومقاتل بن حيان ، نحو ذلك . وهكذا حكاه ابن جرير أيضا عن جماعة ، والله أعلم .والمقصود منه الحث على كثرة الذكر لله عز وجل ; ولهذا كان انتصاب قوله : ( أو أشد ذكرا ) على التمييز ، تقديره كذكركم آباءكم أو أشد منه ذكرا . و " أو " هاهنا لتحقيق المماثلة في الخبر ، كقوله : ( فهي كالحجارة أو أشد قسوة ) [ البقرة : 74 ] ، وقوله : ( يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية ) [ النساء : 77 ] ، ) وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون ) [ الصافات : 147 ] ، ( فكان قاب قوسين أو أدنى ) [ النجم : 9 ] . فليست هاهنا للشك قطعا ، وإنما هي لتحقيق الخبر عنه بأنه كذلك أو أزيد منه . ثم إنه تعالى أرشد إلى دعائه بعد كثرة ذكره ، فإنه مظنة الإجابة ، وذم من لا يسأله إلا في أمر دنياه ، وهو معرض عن أخراه ، فقال : ( فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق ) أي : من نصيب ولا حظ . وتضمن هذا الذم التنفير عن التشبه بمن هو كذلك . قال سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : كان قوم من الأعراب يجيئون إلى الموقف ، فيقولون : اللهم اجعله عام غيث وعام خصب وعام ولاد حسن . لا يذكرون من أمر الآخرة شيئا ، فأنزل الله فيهم : ( فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق ) وكان يجيء بعدهم آخرون [ من المؤمنين ] فيقولون : ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) فأنزل الله : ( أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب ) ولهذا مدح من يسأله للدنيا والأخرى

﴿ تفسير القرطبي ﴾

قوله تعالى : فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاقفيه مسألتان :الأولى : قوله تعالى : فإذا قضيتم مناسككم قال مجاهد : المناسك الذبائح وهراقة الدماء وقيل : هي شعائر الحج ، لقوله عليه السلام : خذوا عني مناسككم .
فإذا فعلتم منسكا من مناسك الحج فاذكروا الله وأثنوا عليه بآلائه عندكم ، وأبو عمرو يدغم الكاف في الكاف وكذلك ما سلككم لأنهما مثلان وقضيتم هنا بمعنى أديتم وفرغتم ، قال الله تعالى : فإذا قضيت الصلاة أي أديتم الجمعة .
وقد يعبر بالقضاء عما فعل من العبادات خارج وقتها المحدود لها .
الثانية : فاذكروا الله كذكركم آباءكم كانت عادة العرب إذا قضت حجها تقف عند الجمرة ، فتفاخر بالآباء ، وتذكر أيام أسلافها من بسالة وكرم ، وغير ذلك ، حتى إن الواحد منهم ليقول : اللهم إن أبي كان عظيم القبة ، عظيم الجفنة ، كثير المال ، فأعطني مثل ما أعطيته فلا يذكر غير أبيه ، فنزلت الآية ليلزموا أنفسهم ذكر الله أكثر من التزامهم ذكر آبائهم أيام الجاهلية هذا قول جمهور المفسرين ، وقال ابن عباس وعطاء والضحاك والربيع : معنى الآية واذكروا الله كذكر الأطفال آباءهم وأمهاتهم : أبه أمه ؛ أي فاستغيثوا به والجئوا إليه كما كنتم تفعلون في حال صغركم بآبائكم ، وقالت طائفة : معنى الآية اذكروا الله وعظموه وذبوا عن حرمه ، وادفعوا من أراد الشرك في دينه ومشاعره ، كما تذكرون آباءكم بالخير إذا غض أحد منهم ، وتحمون جوانبهم وتذبون عنهم .
وقال أبو الجوزاء لابن عباس : إن الرجل اليوم لا يذكر أباه ، فما معنى الآية ؟ قال : ليس كذلك ، ولكن أن تغضب لله تعالى إذا عصي أشد من غضبك لوالديك إذا شتما ، والكاف من قوله كذكركم في موضع نصب ، أي ذكرا كذكركم .
أو أشد قال الزجاج : أو أشد في موضع خفض عطفا على ذكركم ، المعنى : أو كأشد ذكرا ، ولم ينصرف لأنه " أفعل " صفة ، ويجوز أن يكون في موضع نصب بمعنى أو اذكروه أشد .
وذكرا نصب على البيانقوله تعالى : فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا " من " في موضع رفع بالابتداء وإن شئت بالصفة يقول ربنا آتنا في الدنيا صلة " من " المراد المشركون .
قال أبو وائل والسدي وابن زيد : كانت العرب في الجاهلية تدعو في مصالح الدنيا فقط ، فكانوا يسألون الإبل والغنم والظفر بالعدو ، ولا يطلبون الآخرة ، إذ كانوا لا يعرفونها ولا يؤمنون بها ، فنهوا عن ذلك الدعاء المخصوص بأمر الدنيا ، وجاء النهي في صيغة الخبر عنهم ، ويجوز أن يتناول هذا الوعيد المؤمن أيضا إذا قصر دعواته في الدنيا ، وعلى هذا ف ما له في الآخرة من خلاق أي كخلاق الذي يسأل الآخرة ، والخلاق النصيب .
و " من " زائدة وقد تقدم .

﴿ تفسير الطبري ﴾

القول في تأويل قوله تعالى : فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًاقال أبو جعفر: يعني بقول جل ثناؤه: " فإذا قضيتم مناسككم "، فإذا فرَغتم من حَجكم فذبحتم نَسائككم، فاذكروا الله (108)* * *يقال منه: " نسك الرجل يَنسُك نُسْكًا ونُسُكًا ونسيكة ومَنْسَكًا "، إذا ذبح نُسُكه، و " المنسِك " اسم مثل " المشرق والمغرب "، فأما " النُّسْك " في الدين، فإنه يقال منه: " ما كان الرجل نَاسكًا، ولقد نَسَك، ونَسُك نُسْكًا نُسُكًا ونَساكة "، (109) وذلك إذا تقرَّأ.
(110)* * *وبمثل الذي قلنا في معنى " المناسك " في هذا الموضع قال مجاهد:3845 - حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " فإذا قَضَيتم مَناسككم "، قال: إهراقة الدماء.
(111)3846 - حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
* * *وأما قوله: " فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشدَّ ذكرًا "، فإنّ أهل التأويل اختلفوا في صفة " ذكر القوم آباءهم "، الذين أمرَهم الله أن يجعلوا ذكرهم إياه كذكرهم آباءَهم أو أشد ذكرًا.
فقال بعضهم: كان القوم في جاهليتهم بعد فراغهم من حجهم ومناسكهم يجتمعون فيتفاخرون بمآثر آبائهم، فأمرهم الله في الإسلام أن يكون ذكرُهم بالثناء والشكر والتعظيم لربهم دون غيره، وأن يُلزموا أنفسهم من الإكثار من ذكره، نظيرَ ما كانوا ألزموا أنفسهم في جاهليتهم من ذكر آبائهم.
* ذكر من قال ذلك:3847 - حدثنا تميم بن المنتصر، قال: حدثنا إسحاق بن يوسف، عن القاسم بن عثمان، عن أنس في هذه الآية، قال: كانوا يذكرون آباءهم في الحج، فيقول بعضهم: كان أبي يطعم الطعام، ويقول بعضهم: كان أبي يضرب بالسيف! ويقول بعضهم: كان أبي جزَّ نواصي بني فلان!.
3848 - حدثني محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان.
عن عبد العزيز، عن مجاهد قال: كانوا يقولون: كان آباؤنا ينحرون الجُزُر، ويفعلون كذا! فنزلت هذه الآية: " اذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرًا ":3849 - حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن عاصم، عن أبي وائل: " فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرًا "، قال: كان أهل الجاهلية يذكرون فَعَال آبائهم.
3850 - حدثنا أبو كريب، قال: سمعت أبا بكر بن عياش، قال: كان أهل الجاهلية إذا فَرغوا من الحج قاموا عند البيت فيذكرون آباءَهم وأيامهم: كان أبي يُطعم الطعام! وكان أبي يفعل! فذلك قوله: " فاذكروا الله كذكركم آباءكم "= قال أبو كريب: قلت ليحيى بن آدم: عمن هو؟ قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن أبي وائل.
3851 - حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرني حجاج عمن حدثه، عن مجاهد في قوله: " اذكروا الله كذكركم آباءكم "، قال: كانوا إذا قَضَوا مناسكهم وقفوا عند الجَمرة فذكروا آباءهم، وذكروا أيامهم في الجاهلية وفَعال آبائهم، فنزلت هذه الآية.
3852 - حدثني يعقوب، قال: حدثنا هشيم، عن عبد الملك، عن قيس، عن مجاهد في قوله: " فاذكروا الله كذكركم آباءكم " قال: كانوا إذا قضوا مناسكهم وَقفوا عند الجمرة، وذكروا أيامهم في الجاهلية وفعال آبائهم.
قال: فنزلت هذه الآية.
3853 - حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " فإذا قَضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم "، قال: تفاخرت العرب بَينها بفعل آبائها يوم النحر حين فَرَغوا فأمروا بذكر الله مكانَ ذلك.
3854 - حدثنا المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، نحوه.
3855 - حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: " فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم " قال قتادة: كان أهل الجاهلية إذا قضوا مناسكهم بمنىً قعدوا حِلَقًا فذكروا صنيعَ آبائهم في الجاهلية وفَعالَهم به، يخطب خطيبهم ويُحدِّث محدثهم، فأمر الله عز وجل المسلمين أن يذكروا الله كذكر أهل الجاهلية آباءهم أو أشد ذكرًا.
3856 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: " فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا " قال: كانوا إذا قضوا مناسكهم اجتمعوا فافتخروا، وذكروا آباءهم وأيامها، فأمروا أن يجعلوا مكان ذلك ذكرَ الله، يذكرونه كذكرهم آبائهم، أو أشد ذكرًا.
3857 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن خصيف، عن سعيد بن جبير وعكرمة قالا كانوا يذكرون فعل آبائهم في الجاهلية إذا وَقفوا بعرفة، فنزلت هذه الآية.
3858 - حدثنا القاسم، قال: حدثني حجاج، قال: قال ابن جريج: أخبرني عبد الله بن كثير أنه سمع مجاهدًا يقول ذلك يومَ النحر، حين ينحرون.
قال: قال " فاذكروا الله كذكركم آبائكم " قال: كانت العرب يوم النحر حين يفرُغون يَتفاخرون بفَعَال آبائها، فأمروا بذكر الله عز وجل مكانَ ذلك:* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: فاذكروا الله كذكر الأبناءِ والصِّبيانِ الآباءَ.
* ذكر من قال ذلك:3859 - حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن عثمان بن أبي رواد، عن عطاء أنه قال في هذه الآية: " كذكركم آباءَكم " قال: هو قول الصبيّ: يا أباه!.
3860 - حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا زهير، عن جويبر، عن الضحاك: " فاذكروا الله كذكركم آباءكم " يعني بالذكر، ذكر الأبناء الآباء.
3861 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال لي عطاء: " كذكركم آباءكم " : أبَهْ ! أمَّهْ !.
3862 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا صالح بن عمر، عن عبد الملك، عن عطاء، قال: كالصبي، يَلهج بأبيه وأمه.
3863 - حدثت عن عمار، قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله: " فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشدّ ذكرًا "، يقول: كذكر الأبناء الآباءَ أو أشد ذكرًا.
3864 - حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرًا "، يقول: كما يذكر الأبناء الآباء.
3865 - حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عُبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: " كذكركم آباءكم " يعني ذكر الأبناء الآباء.
* * *وقال آخرون: بل قيل لهم: " اذكروا الله كذكركم آباءكم "، لأنهم كانوا إذا قضوا مناسكهم فدعوا ربَّهم، لم يذكروا غير آبائهم، فأمروا من ذكر الله بنظير ذكر آباءهم.
* ذكر من قال ذلك:3866 - حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: " فإذا قَضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرًا "، قال: كانت العرب إذا قَضت مناسكها، وأقاموا بمنى، يقومُ الرجل فيسأل الله ويقول: " اللهم إن أبي كان عظيم الجفنة عَظيم القبة، كثير المال، فأعطني مثل ما أعطيتَ أبي!!"، ليس يذكر الله، إنما يذكر آباءه، ويسأل أن يُعطى في الدنيا.
* * *قال أبو جعفر: والصواب من القول عندي في تأويل ذلك أن يقال: إن الله جل ثناؤه أمرَ عباده المؤمنين بذكره بالطاعة له في الخضوع لأمره والعبادة له، بعد قَضاء مَناسكهم.
وذلك " الذكر " جائز أن يكون هو التكبير الذي أمرَ به جل ثناؤه بقوله: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ [ سورة البقرة :203 ] الذي أوجبه على من قضى نُسكه بعد قضائه نُسكه، فألزمه حينئذ مِنْ ذِكْره ما لم يكن له لازمًا قبل ذلك، وحثَّ على المحافظة عليه مُحافظة الأبناء على ذكر الآباء في الآثار منه بالاستكانة له والتضرع إليه بالرغبة منهم إليه في حوائجهم كتضرُّع الولد لوالده، والصبي لأمه وأبيه، أو أشد من ذلك، إذ كان ما كان بهم وبآبائهم من نعمة فمنه، وهو وليه.
وإنما قلنا: " الذكر " الذي أمر الله جل ثناؤه به الحاجَّ بعد قضاء مَناسكه بقوله: " فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرًا ": " جائزٌ أن يكون هو التكبير الذي وَصفنا "، من أجل أنه لا ذكر لله أمرَ العباد به بعد قَضاء مَناسكهم لم يكن عليهم من فرضه قبل قضائهم مناسكهم، سوى التكبير الذي خصَّ الله به أيام منى.
فإذ كان ذلك كذلك، وكان معلومًا أنه جل ثناؤه قد أوجبَ على خلقه بعد قَضائهم مناسكهم من ذكره ما لم يكن واجبًا عليهم قبل ذلك، وكان لا شيء من ذكره خَصّ به ذلك الوقت سوى التكبير الذي ذكرناه= كانت بَيِّنةً صحةُ ما قلنا من تأويل ذلك على ما وصفنا.
* * *القول في تأويل قوله تعالى : فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ (200)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: فإذا قَضيتم مناسككم أيها المؤمنون فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرًا، وارغبوا إليه فيما لديه من خير الدنيا والآخرة بابتهال وتمسكن، واجعلوا أعمالكم لوجهه خالصًا ولطلب مرضاته، وقولوا: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ، ولا تكونوا كمن اشترى الحياةَ الدنيا بالآخرة، فكانت أعمالهم للدنيا وزينتها، فلا يسألون ربهم إلا متاعها، ولا حظَّ لهم في ثواب الله، ولا نصيبَ لهم في جناته وكريم ما أعدَّ لأوليائه، كما قال في ذلك أهل التأويل.
3867 - حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا سفيان، عن عاصم، عن أبي وائل: " فمن الناس من يقول ربَّنا آتنا في الدنيا "، هب لنا غنمًا! هب لنا إبلا !" وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ".
3868 - حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا سفيان، عن عاصم، عن أبي وائل، قال: كانوا في الجاهلية يقولون: " هبْ لنا إبلا!"، ثم ذكر مثله.
3869 - حدثنا أبو كريب، قال: سمعت أبا بكر بن عياش في قوله: " فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا ومَا له في الآخرة من خَلاق "، قال: كانوا = يَعني أهلَ الجاهلية = يقفون - يعني بعد قضاء مناسكهم - فيقولون: " اللهم ارزقنا إبلا! اللهم ارزقنا غنمًا!"، فأنزل الله هذه الآية: " فمن الناس من يقول ربّنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق " = قال أبو كريب: قلت ليحيى بن آدم: عمن هو؟ قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن أبي وائل.
3870 - حدثنا تميم بن المنتصر، قال: أخبرنا إسحاق، عن القاسم بن عثمان، عن أنس: " فمن الناس من يقول رَبنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق "، قال: كانوا يطوفون بالبيت عُراة فيدعون فيقولون: " اللهم اسقنا المطر، وأعطنا على عدونا الظفر، ورُدَّنا صَالحين إلى صالحين!".
3871 - حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تبارك وتعالى: " فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا " نَصرًا ورزقًا، ولا يسألون لآخرتهم شيئًا.
3872 - حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
3873 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة في قول الله: " فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق "، فهذا عبدٌ نَوَى الدنيا، لها عملَ، ولها نَصِب.
3874 - حدثنا موسى، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السدي في قوله: " فمن الناس من يقول رَبنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق "، قال: كانت العرب إذا قضت مناسكها وأقامت بمنى لا يذكر اللهَ الرجلُ منهم، وإنما يذكر أباه، ويسأل أن يُعطَي في الدنيا.
3875 - حدثني يونس، قال: حدثنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ، قال كانوا أصنافًا ثلاثة في تلك المواطن يومئذ: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأهلُ الكفر، وأهلُ النفاق.
فمن الناس من يقول: " ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خَلاق " إنما حجوا للدنيا والمسألة، لا يريدون الآخرة، ولا يؤمنون بها= ومنهم من يقول: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ، الآية= قال: والصنف الثالث: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا الآية.
وأما معنى " الخلاق " فقد بيناه في غير هذا الموضع، وذكرنا اختلافَ المختلفين في تأويله والصحيحَ لدينا من معناه بالشواهد من الأدلة وأنه النصيب، بما فيه كفاية عن إعادته في هذا الموضع.
(112)-------------------الهوامش:(108) انظر تفسير"قضى" فيما سلف 2 : 542 ، 543 .
(109) انظر تفسير"نسك" فيما سلف من 3 : 75- 80/ ثم هذا الجزء وفي النسك الذي هو الذبح .
مصادر لم تذكر في كتب اللغة .
(110) تقرأ الرجل : تفقه وتنسك فهو قارئ ومتقرى وقراء (بضم القاف وتشديد الراء) .
(111) "إهراقة" مصدر هراق الدم يهريقه ، هراقة وإهراقة وهو سفحه وصبه .
(112) انظر ما سلف 2 : 452- 454 .

﴿ فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق ﴾

قراءة سورة البقرة

المصدر : تفسير : فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم