القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 22 سورة ص - إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا

سورة ص الآية رقم 22 : سبع تفاسير معتمدة

سورة إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا - عدد الآيات 88 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 22 من سورة ص عدة تفاسير - سورة ص : عدد الآيات 88 - - الصفحة 454 - الجزء 23.

سورة ص الآية رقم 22


﴿ إِذۡ دَخَلُواْ عَلَىٰ دَاوُۥدَ فَفَزِعَ مِنۡهُمۡۖ قَالُواْ لَا تَخَفۡۖ خَصۡمَانِ بَغَىٰ بَعۡضُنَا عَلَىٰ بَعۡضٖ فَٱحۡكُم بَيۡنَنَا بِٱلۡحَقِّ وَلَا تُشۡطِطۡ وَٱهۡدِنَآ إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلصِّرَٰطِ ﴾
[ ص: 22]

﴿ التفسير الميسر ﴾

وهل جاءك -أيها الرسول- خبر المتخاصِمَين اللذَين تسوَّرا على داود في مكان عبادته، فارتاع من دخولهما عليه؟ قالوا له: لا تَخَفْ، فنحن خصمان ظلم أحدنا الآخر، فاقض بيننا بالعدل، ولا تَجُرْ علينا في الحكم، وأرشِدنا إلى سواء السبيل.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

«إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف» نحن «خصمان» قيل فريقان ليطابق ما قبله من ضمير الجمع، وقيل اثنان والضمير بمعناهما، والخصم يطلق على الواحد وأكثر، وهما ملكان جاءا في صورة خصمين وقع لهما ما ذكر على سبيل الغرض لتنبيه داود عليه السلام على ما وقع منه وكان له تسع وتسعون امرأة وطلب امرأة شخص ليس له غيرها وتزوجها ودخل بها «بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط» تَجُرْ «واهدنا» أرشدنا «إلى سواء الصراط» وسط الطريق الصواب.

﴿ تفسير السعدي ﴾

ولم يدخلوا عليه مع باب، فلذلك لما دخلوا عليه بهذه الصورة، فزع منهم وخاف، فقالوا له: نحن خَصْمَانِ فلا تخف بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ بالظلم فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ أي: بالعدل، ولا تمل مع أحدنا وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ والمقصود من هذا، أن الخصمين قد عرف أن قصدهما الحق الواضح الصرف، وإذا كان ذلك، فسيقصان عليه نبأهما بالحق، فلم يشمئز نبي اللّه داود من وعظهما له، ولم يؤنبهما.


﴿ تفسير البغوي ﴾

( إذ دخلوا على داود ففزع منهم ) خاف منهما حين هجما عليه في محرابه بغير إذنه ، فقال : ما أدخلكما علي ؟ ( قالوا لا تخف خصمان ) أي نحن خصمان ( بغى بعضنا على بعض ) جئناك لتقضي بيننا ، فإن قيل : كيف قالا " بغى بعضنا على بعض " وهما ملكان لا يبغيان ؟ قيل : معناه : أرأيت خصمين بغى أحدهما على الآخر ، وهذا من معاريض الكلام لا على تحقيق البغي من أحدهما .
( فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط ) أي لا تجر ، يقال : شط الرجل شططا وأشط إشطاطا إذا جار في حكمه ، ومعناه مجاوزة الحد ، وأصل الكلمة من شطت الدار وأشطت ، إذا بعدت ( واهدنا إلى سواء الصراط ) أرشدنا إلى طريق الصواب والعدل ، فقال داود لهما : تكلما .

﴿ تفسير الوسيط ﴾

وقوله: إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ .
.
.
بدل مما قبله.
والفزع: انقباض في النفس يحدث للإنسان عند توقع مكروه.
أى: أن هؤلاء الخصوم بعد أن تسوروا المحراب، دخلوا على داود، فخاف منهم، لأنهم أتوه من غير الطريق المعتاد للإتيان وهو الباب، ولأنهم أتوه في غير الوقت الذي حدده للقاء الناس وللحكم بينهم، وإنما أتوه في وقت عبادته.
ومن شأن النفس البشرية أن تفزع عند ما تفاجأ بحالة كهذه الحالة.
قال القرطبي: فإن قيل: لم فزع داود وهو نبي، وقد قويت نفسه بالنبوة واطمأنت بالوحي، ووثقت بما آتاه الله من المنزلة، وأظهر على يديه من الآيات، وكان من الشجاعة في غاية المكانة؟قيل له: ذلك سبيل الأنبياء قبله، لم يأمنوا القتل والأذية، ومنهما كان يخاف.
ألا ترى إلى موسى وهارون- عليهما السلام- كيف قالا: إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى - أى: فرعون-، فقال الله لهما: لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى.
.
ثم بين- سبحانه- ما قاله أولئك الخصوم لداود عند ما شاهدوا عليه أمارات الوجل والفزع، فقال: قالُوا لا تَخَفْ.
خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ، فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ، وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ.
.
والبغي: الجور والظلم .
.
.
وأصله من بغى الجرح إذا ترامى إليه الفساد.
والشطط: مجاوزة الحد في كل شيء.
يقال: شط فلان على فلان في الحكم واشتط.
.
إذا ظلم وتجاوز الحق إلى الباطل.
وقوله: خَصْمانِ خبر لمبتدأ محذوف أى: نحن خصمان.
والجملة استئناف معلل للنهى في قولهم: «لا تخف» .
أى: قالوا لداود: لا تخف، نحن خصمان بغى بعضنا على بعض، فاحكم بيننا بالحكم الحق، ولا تتجاوزه إلى غيره، وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ أى:وأرشدنا إلى الطريق الوسط، وهو طريق الحق والعدل.
وإضافة سواء الصراط، من إضافة الصفة الى الموصوف.

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

قد ذكر المفسرون هاهنا قصة أكثرها مأخوذ من الإسرائيليات ولم يثبت فيها عن المعصوم حديث يجب اتباعه ، ولكن روى ابن أبي حاتم هنا حديثا لا يصح سنده ; لأنه من رواية يزيد الرقاشي عن أنس ويزيد - وإن كان من الصالحين - لكنه ضعيف الحديث عند الأئمة . فالأولى أن يقتصر على مجرد تلاوة هذه القصة وأن يرد علمها إلى الله - عز وجل - فإن القرآن حق وما تضمن فهو حق أيضا .وقوله : ( [ إذ دخلوا على داود ] ففزع منهم ) إنما كان ذلك لأنه كان في محرابه ، وهو أشرف مكان في داره وكان قد أمر ألا يدخل عليه أحد ذلك اليوم فلم يشعر إلا بشخصين قد تسورا عليه المحراب أي : احتاطا به يسألانه عن شأنهما .وقوله : ( وعزني في الخطاب ) أي : غلبني يقال : عز يعز : إذا قهر وغلب .وقوله : ( وظن داود أنما فتناه ) قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : أي اختبرناه .وقوله : ( وخر راكعا ) أي : ساجدا ) وأناب ) ويحتمل أنه ركع أولا ثم سجد بعد ذلك وقد ذكر أنه استمر ساجدا أربعين صباحا ، ( فغفرنا له ذلك ) أي : ما كان منه مما يقال فيه : إن حسنات الأبرار سيئات المقربين .وقد اختلف الأئمة رضي الله عنهم في سجدة " ص " هل هي من عزائم السجود ؟ على قولين الجديد من مذهب الشافعي رحمه الله أنها ليست من عزائم السجود بل هي سجدة شكر . والدليل على ذلك ما رواه الإمام أحمد حيث قال :حدثنا إسماعيل - وهو ابن علية - عن أيوب عن ابن عباس أنه قال في السجود في " ص " : ليست من عزائم السجود وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسجد فيها .ورواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي في تفسيره من حديث أيوب به وقال الترمذي : حسن صحيح .وقال النسائي أيضا عند تفسير هذه الآية : أخبرني إبراهيم بن الحسن - هو المقسمي - حدثنا حجاج بن محمد عن عمرو بن ذر عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد في " ص " وقال : " سجدها داود - عليه السلام - توبة ونسجدها شكرا " .تفرد بروايته النسائي ورجال إسناده كلهم ثقات وقد أخبرني شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي قراءة عليه وأنا أسمع :أخبرنا أبو إسحاق المدرجي أخبرنا زاهر بن أبي طاهر الثقفي أخبرنا زاهر بن طاهر الشحامي ، أخبرنا أبو سعيد الكنجروذي أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد الحافظ أخبرنا أبو العباس السراج حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا محمد بن يزيد بن خنيس عن الحسن بن محمد بن عبيد الله بن أبي يزيد قال : قال لي ابن جريج : يا حسن حدثني جدك عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس قال : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله إني رأيت فيما يرى النائم كأني أصلي خلف شجرة فقرأت السجدة فسجدت فسجدت الشجرة لسجودي فسمعتها تقول وهي ساجدة : اللهم اكتب لي بها عندك أجرا واجعلها لي عندك ذخرا وضع عني بها وزرا واقبلها مني كما قبلتها من عبدك داود .قال ابن عباس : فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - قام فقرأ السجدة ثم سجد فسمعته يقول وهو ساجد كما حكى الرجل من كلام الشجرةرواه الترمذي عن قتيبة وابن ماجه عن أبي بكر بن خلاد كلاهما عن محمد بن يزيد بن خنيس نحوه وقال الترمذي : غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجهوقال البخاري عند تفسيرها أيضا : حدثنا محمد بن عبد الله حدثنا محمد بن عبيد الطنافسي عن العوام قال : سألت مجاهدا عن سجدة " ص " فقال : سألت ابن عباس : من أين سجدت ؟ فقال : أوما تقرأ : ( ومن ذريته داود وسليمان ) [ الأنعام : 84 ] ( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ) [ الأنعام : 90 ] فكان داود - عليه السلام - ممن أمر نبيكم - صلى الله عليه وسلم - أن يقتدي به فسجدها داود - عليه السلام - فسجدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وقال الإمام أحمد : حدثنا عفان حدثنا يزيد بن زريع حدثنا حميد حدثنا بكر - هو ابن عبد الله المزني - أنه أخبره أن أبا سعيد الخدري رأى رؤيا أنه يكتب " ص " فلما بلغ إلى التي يسجد بها رأى الدواة والقلم وكل شيء بحضرته انقلب ساجدا قال : فقصها على النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يزل يسجد بها بعد . تفرد به [ الإمام ] أحمدوقال أبو داود : حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر " ص " فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه ، فلما كان يوم آخر قرأها فلما بلغ السجدة تشزن الناس للسجود ، فقال : " إنما هي توبة نبي ولكني رأيتكم تشزنتم " . فنزل وسجد وسجدوا . تفرد به أبو داود وإسناده على شرط الصحيح .

﴿ تفسير القرطبي ﴾

إذ دخلوا على داود جاءت إذ مرتين ، لأنهما فعلان .
وزعم الفراء : أن إحداهما بمعنى لما .
وقول آخر : أن تكون الثانية مع ما بعدها تبيينا لما قبلها .
قيل : إنهما كانا إنسيين ، قاله النقاش .
وقيل : ملكين ، قاله جماعة .
وعينهما جماعة فقالوا : إنهما جبريل وميكائيل .
وقيل : ملكين في صورة إنسيين بعثهما الله إليه في يوم عبادته .
فمنعهما الحرس الدخول ، فتسوروا المحراب عليه ، فما شعر وهو في الصلاة إلا وهما بين يديه جالسين ، وهو قوله تعالى : وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب أي : علوا ونزلوا عليه من فوق المحراب ، قاله سفيان الثوري وغيره .
وسبب ذلك ما حكاه ابن عباس أن داود - عليه السلام - حدث نفسه إن ابتلي أن يعتصم .
فقيل له : إنك ستبتلى وتعلم اليوم الذي تبتلى فيه ، فخذ حذرك .
فأخذ الزبور ودخل المحراب ومنع من الدخول عليه ، فبينا هو يقرأ الزبور إذ جاء طائر كأحسن ما يكون من الطير ، فجعل يدرج بين يديه .
فهم أن يتناوله بيده ، فاستدرج حتى وقع في كوة المحراب ، فدنا منه ليأخذه فطار ، فاطلع ليبصره فأشرف على امرأة تغتسل ، فلما رأته غطت جسدها بشعرها .
قال السدي : فوقعت في قلبه .
قال ابن عباس : وكان زوجها غازيا في سبيل الله وهو أوريا بن حنان ، فكتب داود إلى أمير الغزاة أن يجعل زوجها في حملة التابوت ، وكان حملة التابوت إما أن يفتح الله عليهم أو يقتلوا ، فقدمه فيهم فقتل ، فلما انقضت عدتها خطبها داود ، واشترطت عليه إن ولدت غلاما أن يكون الخليفة بعده ، وكتبت عليه بذلك كتابا ، وأشهدت عليه خمسين رجلا من بني إسرائيل ، فلم تستقر نفسه حتى ولدت سليمان وشب ، وتسور الملكان ، وكان من شأنهما ما قص الله في كتابه .
ذكره الماوردي وغيره .
ولا يصح .
قال ابن العربي : وهو أمثل ما روي في ذلك .
قلت : ورواه مرفوعا بمعناه الترمذي الحكيم في نوادر الأصول عن يزيد الرقاشي ، سمع أنس بن مالك يقول : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إن داود النبي - عليه السلام - حين نظر إلى المرأة فهم بها قطع على بني إسرائيل بعثا وأوصى صاحب البعث فقال : إذا حضر العدو قرب فلانا وسماه ، قال فقربه بين يدي التابوت - قال - وكان ذلك التابوت في ذلك الزمان يستنصر به ، فمن قدم بين يدي التابوت لم يرجع حتى يقتل أو ينهزم عنه الجيش الذي يقاتله ، فقدم فقتل زوج المرأة ، ونزل الملكان على داود فقصا عليه القصة .
وقال سعيد عن قتادة : كتب إلى زوجها وذلك في حصار عمان مدينة بلقاء أن يأخذوا بحلقة الباب ، وفيه الموت الأحمر ، فتقدم فقتل .
وقال الثعلبي قال قوم من العلماء : إنما امتحن الله داود بالخطيئة ; لأنه تمنى يوما على ربه منزلة إبراهيم وإسحاق ويعقوب ، وسأله أن يمتحنه نحو ما امتحنهم ، ويعطيه نحو ما أعطاهم .
وكان داود قد قسم الدهر ثلاثة أيام ، يوم يقضي فيه بين الناس ، ويوم يخلو فيه بعبادة ربه ، ويوم يخلو فيه بنسائه وأشغاله .
وكان يجد فيما يقرأ من الكتب فضل إبراهيم وإسحاق ويعقوب .
فقال : يا رب إن الخير كله قد ذهب به آبائي ، فأوحى الله تعالى إليه : إنهم ابتلوا ببلايا لم يبتلى بها غيرهم فصبروا عليها ، ابتلي إبراهيم بنمروذ وبالنار وبذبح ابنه ، وابتلي إسحاق بالذبح ، وابتلي يعقوب بالحزن على يوسف وذهاب بصره ، ولم تبتل أنت بشيء من ذلك .
فقال داود - عليه السلام - : فابتلني بمثل ما ابتليتهم ، وأعطني مثل ما أعطيتهم ، فأوحى الله تعالى إليه : إنك مبتلى في شهر كذا في يوم الجمعة .
فلما كان ذلك اليوم دخل محرابه وأغلق بابه ، وجعل يصلي ويقرأ الزبور .
فبينا هو كذلك إذ مثل له الشيطان في صورة حمامة من ذهب ، فيها من كل لون حسن ، فوقف بين رجليه ، فمد يده ليأخذها فيدفعها لابن له صغير ، فطارت غير بعيد ولم تؤيسه من نفسها ، فامتد إليها ليأخذها فتنحت ، فتبعها فطارت حتى وقعت في كوة ، فذهب ليأخذها فطارت ، ونظر داود يرتفع في إثرها ليبعث إليها من يأخذها ، فنظر امرأة في بستان على شط بركة تغتسل ، قاله الكلبي .
وقال السدي : تغتسل عريانة على سطح لها ، فرأى أجمل النساء خلقا ، فأبصرت ظله فنفضت شعرها فغطى بدنها ، فزاده إعجابا بها .
وكان زوجها أوريا بن حنان ، في غزوة مع أيوب بن صوريا ابن أخت داود ، فكتب داود إلى أيوب أن ابعث بأوريا إلى مكان كذا وكذا ، وقدمه قبل التابوت ، وكان من قدم قبل التابوت لا يحل له أن يرجع وراءه حتى يفتح الله عليه أو يستشهد .
فقدمه ففتح له ، فكتب إلى داود يخبره بذلك .
قال الكلبي : وكان أوريا سيف الله في أرضه في زمان داود ، وكان إذا ضرب ضربة وكبر كبر جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله ، وكبرت ملائكة السماء بتكبيره حتى ينتهي ذلك إلى العرش ، فتكبر ملائكة العرش بتكبيره .
قال : وكان سيوف الله ثلاثة ، كالب بن يوفنا في زمن موسى ، وأوريا في زمن داود ، وحمزة بن عبد المطلب في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فلما كتب أيوب إلى داود يخبره أن الله قد فتح على أوريا كتب داود إليه : أن ابعثه في بعث كذا وقدمه قبل التابوت ، ففتح الله عليه ، فقتل في الثالث شهيدا .
فتزوج داود تلك المرأة حين انقضت عدتها .
فهي أم سليمان بن داود .
وقيل : سبب امتحان داود - عليه السلام - أن نفسه حدثته أنه يطيق قطع يوم بغير مقارفة شيء .
قال الحسن : إن داود جزأ الدهر أربعة أجزاء ، جزءا لنسائه ، وجزءا للعبادة ، وجزءا لبني إسرائيل يذاكرونه ويذاكرهم ويبكونه ويبكيهم ، ويوما للقضاء .
فتذاكروا هل يمر على الإنسان يوم لا يصيب فيه ذنبا ؟ فأضمر داود أنه يطيق ذلك ، فأغلق الباب على نفسه يوم عبادته ، وأمر ألا يدخل عليه أحد ، وأكب على قراءة الزبور ، فوقعت حمامة من ذهب بين يديه .
وذكر نحو ما تقدم .
قال علماؤنا : وفي هذا دليل وهي : الثانية : على أنه ليس على الحاكم أن ينتصب للناس كل يوم ، وأنه ليس للإنسان أن يترك وطء نسائه وإن كان مشغولا بالعبادة .
وقد مضى هذا المعنى في [ النساء ] .
وحكم كعب بذلك في زمن عمر بمحضره - رضي الله عنهما .
وقد قال - عليه السلام - لعبد الله بن عمرو : إن لزوجك عليك حقا .
.
.
الحديث .
وقال الحسن أيضا ومجاهد : إن داود - عليه السلام - قال لبني إسرائيل حين استخلف : والله لأعدلن بينكم ، ولم يستثن فابتلي بهذا .
وقال أبو بكر الوراق : كان داود كثير العبادة ، فأعجب بعمله وقال : هل في الأرض أحد يعمل كعملي .
فأرسل الله إليه جبريل ، فقال : إن الله تعالى يقول لك : أعجبت بعبادتك ، والعجب يأكل العبادة كما تأكل النار الحطب ، فإن أعجبت ثانية وكلتك إلى نفسك .
قال : يا رب كلني إلى نفسي سنة .
قال : إن ذلك لكثير .
قال : فشهرا .
قال : إن ذلك لكثير .
قال : فيوما .
قال : إن ذلك لكثير .
قال : يا رب فكلني إلى نفسي ساعة .
قال : فشأنك بها .
فوكل الأحراس ، ولبس الصوف ، ودخل المحراب ، ووضع الزبور بين يديه ، فبينما هو في عبادته إذ وقع الطائر بين يديه ، فكان من أمر المرأة ما كان .
وقال سفيان الثوري : قال داود ذات يوم : يا رب ما من يوم إلا ومن آل داود لك فيه صائم ، وما من ليلة إلا ومن آل داود لك فيها قائم .
فأوحى الله إليه : يا داود منك ذلك أو مني ؟ وعزتي لأكلنك إلى نفسك .
قال : يا رب اعف عني .
قال : أكلك إلى نفسك سنة .
قال : لا بعزتك .
قال : فشهرا .
قال : لا بعزتك .
قال : فأسبوعا .
قال : لا بعزتك .
قال : فيوما .
قال : لا بعزتك .
قال : فساعة .
قال : لا بعزتك .
قال : فلحظة .
فقال له الشيطان : وما قدر لحظة .
قال : كلني إلى نفسي لحظة .
فوكله الله إلى نفسه لحظة .
وقيل : له : هي في يوم كذا في وقت كذا .
فلما جاء ذلك اليوم جعله للعبادة ، ووكل الأحراس حول مكانه .
قيل : أربعة آلاف ، وقيل : ثلاثين ألفا أو ثلاثة وثلاثين ألفا .
وخلا بعبادة ربه ، ونشر الزبور بين يديه ، فجاءت الحمامة فوقعت له ، فكان من أمره في لحظته مع المرأة ما كان .
وأرسل الله - عز وجل - إليه الملكين بعد ولادة سليمان ، وضربا له المثل بالنعاج ، فلما سمع المثل ذكر خطيئته فخر ساجدا أربعين ليلة على ما يأتي .
قوله تعالى : ففزع منهم لأنهما أتياه ليلا في غير وقت دخول الخصوم .
وقيل : لدخولهم عليه بغير إذنه .
وقيل : لأنهم تسوروا عليه المحراب ولم يأتوه من الباب .
قال ابن العربي : وكان محراب داود - عليه السلام - من الامتناع بالارتفاع ، بحيث لا يرتقي إليه آدمي بحيلة إلا أن يقيم إليه أياما أو أشهرا بحسب طاقته ، مع أعوان يكثر عددهم ، وآلات جمة مختلفة الأنواع .
ولو قلنا : إنه يوصل إليه من باب المحراب لما قال الله تعالى مخبرا عن ذلك : تسوروا المحراب إذ لا يقال تسور المحراب والغرفة لمن طلع إليها من درجها ، وجاءها من أسفلها إلا أن يكون ذلك مجازا ، وإذا شاهدت الكوة التي يقال إنه دخل منها الخصمان علمت قطعا أنهما ملكان ; لأنها من العلو بحيث لا ينالها إلا علوي .
قال الثعلبي : وقد قيل : كان المتسوران أخوين من بني إسرائيل لأب وأم .
فلما قضى داود بينهما بقضية قال له ملك من الملائكة : فهلا قضيت بذلك على نفسك يا داود .
قال الثعلبي : والأول أحسن أنهما كانا ملكين نبها داود على ما فعل .
قلت : وعلى هذا أكثر أهل التأويل .
فإن قيل : كيف يجوز أن يقول الملكان خصمان بغى بعضنا على بعض وذلك كذب ، والملائكة عن مثله منزهون .
فالجواب عنه : أنه لا بد في الكلام من تقدير ، فكأنهما قالا : قدرنا كأننا خصمان بغى بعضنا على بعض ، فاحكم بيننا بالحق ، وعلى ذلك يحمل قولهما : إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة لأن ذلك وإن كان بصورة الخبر فالمراد إيراده على طريق التقدير لينبه داود على ما فعل ، والله أعلم .
إن قيل : لم فزع داود وهو نبي ، وقد قويت نفسه بالنبوة ، واطمأنت بالوحي ، ووثقت بما آتاه الله من المنزلة ، وأظهر على يديه من الآيات ، وكان من الشجاعة في غاية المكانة ؟ قيل له : ذلك سبيل الأنبياء قبله ، لم يأمنوا القتل والأذية ، ومنهما كان يخاف .
ألا ترى إلى موسى وهارون عليهما السلام كيف قالا : إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى فقال الله - عز وجل - : لا تخافا .
وقالت الرسل للوط : لا تخف إنا رسل ربك لن يصلوا إليك وكذا قال الملكان هنا : لا تخف .
قال محمد بن إسحاق : بعث الله إليه ملكين يختصمان إليه وهو في محرابه - مثلا ضربه الله له ولأوريا ، فرآهما واقفين على رأسه ، فقال : ما أدخلكما علي ؟ قالا : لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فجئناك لتقضي بيننا .
قال ابن العربي : فإن قيل كيف لم يأمر بإخراجهما إذ قد علم مطلبهما ، وهلا أدبهما وقد دخلا عليه بغير إذن ؟ فالجواب عليه من أربعة أوجه : الأول : أنا لم نعلم كيفية شرعه في الحجاب والإذن ، فيكون الجواب بحسب تلك الأحكام ، وقد كان ذلك في ابتداء شرعنا مهملا في هذه الأحكام ، حتى أوضحها الله تعالى بالبيان .
الثاني : أنا لو نزلنا الجواب على أحكام الحجاب ، لاحتمل أن يكون الفزع الطارئ عليه أذهله عما كان يجب في ذلك له .
الثالث : أنه أراد أن يستوفي كلامهما الذي دخلا له حتى يعلم آخر الأمر منه ، ويرى هل يحتمل التقحم فيه بغير إذن أم لا ؟ وهل يقترن بذلك عذر لهما أم لا يكون لهما عذر فيه ؟ فكان من آخر الحال ما انكشف أنه بلاء ومحنة ، ومثل ضربه الله في القصة ، وأدب وقع على دعوى العصمة .
الرابع : أنه يحتمل أن يكون في مسجد ، ولا إذن في المسجد لأحد إذ لا حجر فيه على أحد .
قلت : وقول خامس ذكره القشيري ، وهو أنهما قالا : لما لم يأذن لنا الموكلون بالحجاب ، توصلنا إلى الدخول بالتسور ، وخفنا أن يتفاقم الأمر بيننا .
فقبل داود عذرهم ، وأصغى إلى قولهم .
قوله تعالى : خصمان إن قيل : كيف قال : خصمان وقبل هذا : إذ تسوروا المحراب فقيل : لأن الاثنين جمع ، قال الخليل : كما تقول نحن فعلنا إذا كنتما اثنين .
وقال الكسائي : جمع لما كان خبرا ، فلما انقضى الخبر وجاءت المخاطبة ، خبر الاثنان عن أنفسهما فقالا خصمان .
وقال الزجاج : المعنى نحن خصمان .
وقال غيره : القول محذوف ، أي : يقول : خصمان بغى بعضنا على بعض قال الكسائي : ولو كان بغى بعضهما على بعض ، لجاز .
الماوردي : وكانا ملكين ، ولم يكونا خصمين ولا باغيين ، ولا يتأتى منهما كذب ، وتقدير كلامهما ما تقول : إن أتاك خصمان قالا بغى بعضنا على بعض .
وقيل : أي : نحن فريقان من الخصوم بغى بعضنا على بعض .
وعلى هذا يحتمل أن تكون الخصومة بين اثنين ومع كل واحد جمع .
ويحتمل أن يكون لكل واحد من هذا الفريق خصومة مع كل واحد من الفريق الآخر ، فحضروا الخصومات ولكن ابتدأ منهم اثنان ، فعرف داود بذكر النكاح القصة .
وأغنى ذلك عن التعرض للخصومات الأخر .
والبغي التعدي والخروج عن الواجب .
يقال : بغى الجرح إذا أفرط وجعه وترامى ، إلى ما يفحش ، ومنه بغت المرأة إذا أتت الفاحشة .
قوله تعالى : فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط أي لا تجر ، قاله السدي .
وحكى أبو عبيد : شططت عليه وأشططت أي : جرت .
وفي حديث تميم الداري : ( إنك لشاطي ) أي : جائر علي في الحكم .
وقال قتادة : لا تمل .
الأخفش : لا تسرف .
وقيل : لا تفرط .
والمعنى متقارب .
والأصل فيه البعد ، من شطت الدار أي : بعدت ، شطت الدار تشط وتشط شطا وشطوطا بعدت .
وأشط في القضية أي : جار ، وأشط في السوم واشتط أي : أبعد ، وأشطوا في طلبي أي : أمعنوا .
قال أبو عمرو : الشطط مجاوزة القدر في كل شيء .
وفي الحديث : لها مهر مثلها لا وكس ولا شطط أي : لا نقصان ولا زيادة .
وفي التنزيل : لقد قلنا إذا شططا أي جورا من القول وبعدا عن الحق .
واهدنا إلى سواء الصراط أي أرشدنا إلى قصد السبيل .

﴿ تفسير الطبري ﴾

وقوله ( إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ ) فكرّر إذ مرّتين وكان بعض أهل العربية يقول في ذلك: قد يكون معناهما كالواحد, كقولك: ضربتك إذ دخلت عليّ إذ اجترأت, فيكون الدخول هو الاجتراء, ويكون أن تجعل إحداهما على مذهب لما, فكأنه قال: إذ تسوّروا المحراب لما دخلوا, قال: وإن شئت جعلت لما في الأول, فإذا كان لما أولا أو آخرا, فهي بعد صاحبتها, كما تقول: أعطيته لما سألني, فالسؤال قبل الإعطاء في تقدّمه وتأخره.
وقوله ( فَفَزِعَ مِنْهُمْ ) يقول القائل: وما كان وجه فزعه منهما وهما خصمان, فإن فزعه منهما كان لدخولهما عليه من غير الباب الذي كان المدخل عليه, فراعه دخولهما كذلك عليه.
وقيل: إن فزعه كان منهما, لأنهما دخلا عليه ليلا في غير وقت نظره بين الناس; قالوا: ( لا تَخَفْ ) يقول تعالى ذكره: قال له الخصم: لا تخف يا داود, وذلك لمَّا رأياه قد ارتاع من دخولهما عليه من غير الباب.
وفي الكلام محذوف استغني بدلالة ما ظهر من الكلام منه, وهو مرافع خصمان, وذلك نحن.
وإنما جاز ترك إظهار ذلك مع حاجة الخصمين إلى المرافع, لأن قوله ( خَصْمَانِ ) فعل للمتكلم, والعرب تضمر للمتكلم والمكلم والمخاطب ما يرفع أفعالهما, ولا يكادون أن يفعلوا ذلك بغيرهما, فيقولون للرجل يخاطبونه: أمنطلق يا فلان ويقول المتكلم لصاحبه: أحسن إليك وتجمل, وإنما يفعلون ذلك كذلك في المتكلم والمكَّلم, لأنهما حاضران يعرف السامع مراد المتكلم إذا حُذف الاسم, وأكثر ما يجيءُ ذلك في الاستفهام, وإن كان جائزا في غير الاستفهام, فيقال: أجالس راكب؟ فمن ذلك قوله خَصْمان; ومنه قول الشاعر:وَقُولا إذا جاوَزْتُمَا أرْضَ عامِرٍوَجَاوَزْتُمَا الحَيْين نَهْدًا وَخَشْعَمانزيعانِ مِنْ جَرْمِ بْنِ رَبَّانَ إنهمْأبَوْا أنْ يُميرُوا في الهَزَاهِزِ مِحْجَما (2)وقول الآخر:تَقُولُ ابْنَةُ الكَعْبِيّ يوْمَ لَقِيتُهاأمُنْطَلِقٌ فِي الجَيشِ أمْ مُتَثَاقِلُ (3)ومنه قولهم: " مُحْسِنة فهيلى ".
وقول النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: "آئِبُونَ تَائِبُونَ".
وقوله: " جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ الله " كلّ ذلك بضمير رَفَعه.
وقوله عزّ وجلّ( بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ ) يقول: تعدّى أحدنا على صاحبه بغير حقّ( فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ ) يقول: فاقض بيننا بالعدل ( وَلا تُشْطِطْ ) : يقول: ولا تجُر, ولا تسرف في حكمك, بالميل منك مع أحدنا على صاحبه.
وفيه لغتان: أشَطَّ, وشَطَّ.
ومن الإشطاط قول الأحوص:ألا يا لقَوْمٍ قدْ أشَطَّتْ عَوَاذِلِيوَيَزْعُمْنَ أنْ أودَى بحَقِّي باطِلي (4)ومسموع من بعضهم: شَطَطْتَ عليّ في السَّوم.
فأما في البعد فإن أكثر كلامهم: شَطَّتْ الدار, فهي تَشِطّ, كما قال الشاعر:تَشِطُّ غَدًا دَارُ جِيرَانِنَاوللدَّارُ بَعْدَ غَدٍ أبْعَدُ (5)وقوله ( وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ ) يقول: وأرشدنا إلى قصد الطريق المستقيم.
وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله ( وَلا تُشْطِطْ ) قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَلا تُشْطِطْ ) : أي لا تمل.
حدثنا محمد بن الحسين, قال: ثنا أحمد بن المفضل, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( وَلا تُشْطِطْ ) يقول: لا تُحِف.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَلا تُشْطِطْ ) تخالف عن الحقّ، وكالذي قلنا أيضا في قوله ( وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ ) قالوا.
* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ ) إلى عدله وخيره.
حدثنا محمد بن الحسين, قال: ثنا أحمد بن المفضل, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ ) إلى عدل القضاء.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ ) قال: إلى الحق الذي هو الحق: الطريق المستقيم ( وَلا تُشْطِطْ ) تذهب إلى غيرها.
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, عن بعض أهل العلم, عن وهب بن منبه: ( وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ ) : أي احملنا على الحق, ولا تخالف بنا إلى غيره.
---------------------الهوامش :(2) البيتان : من شواهد الفراء في معاني القرآن ( الورقة 278 ) على أن خصمان من قوله تعالى :" قالوا خصمان" : رفع بإضمار نحن .
قال : والعرب تضمر للمتكلم والمخاطب ما يرفع فعله ، ولا يكادون يفعلون ذلك بغير المخاطب أو المتكلم .
من ذلك أن تقول للرجل : أذاهب ؟ أو أن يقول المتكلم : واصلكم إن شاء الله ، ومحسن إليكم .
من ذلك أن تقول للرجل : أذاهب ؟ أو أن يقول المتكلم : واصلكم إن شاء الله ، ومحسن إليكم .
وذلك أن المتكلم والمكلم حاضران فتعرف معنى أسمائها إذ تركت .
وأكثره في الاستفهام ، يقولون : أجاد ؟ أمنطق وقد يكون في غير الاستفهام .
فقوله" خصمان" من ذلك .
وقال الشاعر :" وقولا إذا .
.
.
" البيتين .
وقد جاء في آثار للراجع من سفر :" تائبون آيبون ، لربنا حامدون" .
.
.
.
.
الخ .
قلت : والشاهد في البيتين قوله" نزيعان" : أي نحن نزيعان .
فهو مرفوع على تقدير مضمر قبله ، وإن لم يكن معه استفهام(3) وهذا البيت أيضاً من شواهد الفراء في معاني القرآن ، على أنه قد يكون المبتدأ محذوفاً ويكثر أن يكون ذلك مع وجود الاستفهام في الكلام ، كقوله في البيت : أمنطلق في الجيش أم متثاقل ؟ أي أأنت منطلق .
.
.
الخ .
(4) وهذا البيت للأحوص ، وهو كسابقه مروي في اللسان :" شطط" وفي مجاز القرآن لأبي عبيدة ، شاهداً على أن معنى أشطت ، بالهمز في أوله : أبعدت .
وأودى بحقه : ذهب به وأهلكه .
(5) البيت من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن ( الورقة 213) عند قوله تعالى :" ولا تشطط" أي : لا تسرف .
وأنشد" تشطط غدا دار جيراننا .
.
.
" البيت .
ويقال : كلفتني شططا : منه وشطت الدار : بعدت .
أ ه .
وفي اللسان : ( شطط ) : وفي التنزيل" ولا تشطط" .
وقريء" ولا تشطط" بضم الطاء الأولى ، وفتح التاء ، ومعناها : لا تبعد عن الحق .
أ ه .

﴿ إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط ﴾

قراءة سورة ص

المصدر : تفسير : إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا