ألم نخلقكم- يا معشر الكفار- من ماء ضعيف حقير وهو النطفة، فجعلنا هذا الماء في مكان حصين، وهو رحم المرأة، إلى وقت محدود ومعلوم عند الله تعالى؟ فقدرنا على خلقه وتصويره وإخراجه، فنعم القادرون نحن.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«فقَدرنا» على ذلك «فنعم القادرون» نحن.
﴿ تفسير السعدي ﴾
فَقَدَرْنَا أي: قدرنا ودبرنا ذلك الجنين، في تلك الظلمات، ونقلناه من النطفة إلى العلقة، إلى المضغة، إلى أن جعله الله جسدا، ثم نفخ فيه الروح، ومنهم من يموت قبل ذلك. فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ [يعني بذلك نفسه المقدسة] حيث كان قدرا تابعا للحكمة، موافق للحمد .
﴿ تفسير البغوي ﴾
"فقدرنا"، قرأ أهل المدينة والكسائي: "فقدرنا" بالتشديد من التقدير، وقرأ الآخرون بالتخفيف من القدرة، لقوله: "فنعم القادرون"، وقيل: معناهما واحد، وقوله: "فنعم القادرون" أي المقدرون.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله- تعالى-: فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ ثناء منه- تعالى- على ذاته بما هو أهله. أى: فقدّرنا ذلك الخلق تقديرا حكيما منضبطا، وتمكنا من إيجاده في أطوار متعددة، فنعم المقدرون نحن، ونعم الموجدون نحن لما نوجده من مخلوقات.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
﴿ تفسير القرطبي ﴾
فقدرنا وقرأ نافع والكسائي ( فقدرنا ) بالتشديد . وخفف الباقون ، وهما لغتان بمعنى . قاله الكسائي والفراء والقتبي . قال القتبي : قدرنا بمعنى قدرنا مشددة : كما تقول : قدرت كذا وقدرته ; ومنه قول النبي - صلى الله عليه سلم - في الهلال : إذا غم عليكم فاقدروا له أي قدروا له المسير والمنازل .وقال محمد بن الجهم عن الفراء : ( فقدرنا ) قال : وذكر تشديدها عن علي - رضي الله عنه - ، وتخفيفها ، قال : ولا يبعد أن يكون المعنى في التشديد والتخفيف واحدا ; لأن العرب تقول : قدر عليه الموت وقدر : قال الله تعالى : نحن قدرنا بينكم الموت قرئ بالتخفيف ، والتشديد ، وقدر عليه رزقه وقدر . قال : واحتج الذين خففوا فقالوا ; لو كانت كذلك لكانت فنعم المقدرون . قال الفراء : وتجمع العرب بين اللغتين ; قال الله تعالى : فمهل الكافرين أمهلهم رويدا قال الأعشى :وأنكرتني وما كان الذي نكرت من الحوادث إلا الشيب والصلعاوروي عن عكرمة فقدرنا مخففة من القدرة ، وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم والكسائي لقوله : فنعم القادرون ومن شدد فهو من التقدير ، أي فقدرنا الشقي والسعيد فنعم المقدرون . رواه ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . وقيل : المعنى قدرنا قصيرا أو طويلا . ونحوه عن ابن عباس : قدرنا ملكنا . المهدوي : وهذا التفسير أشبه بقراءة التخفيف .قلت : هو صحيح فإن عكرمة هو الذي قرأ فقدرنا مخففا قال : معناه فملكنا فنعم المالكون ، فأفادت الكلمتان معنيين متغايرين ; أي قدرنا وقت الولادة وأحوال النطفة في التنقيل من حالة إلى حالة حتى صارت بشرا سويا ، أو الشقي والسعيد ، أو الطويل والقصير ، كله على قراءة التشديد . وقيل : هما بمعنى كما ذكرنا .
﴿ تفسير الطبري ﴾
( فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة ( فَقَدَّرْنا ) بالتشديد. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة والبصرة بالتخفيف.والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، وإن كنت أوثر التخفيف لقوله: ( فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ ) إذ كانت العرب قد تجمع بين اللغتين، كما قال: فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا فجمع بين التشديد والتخفيف، كما قال الأعشى:وأنْكَرَتْنِي وما كانَ الَّذِي نَكِرَتْمِنَ الْحَوَادِثِ إلا الشَّيْبَ والصَّلعَا (1)وقد يجوز أن يكون المعنى في التشديد والتخفيف واحدا. فإنه محكيّ عن العرب، قُدِر عليه الموت، وقُدِّر - بالتخفيف والتشديد.وعني بقوله: ( فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ ) ما حدثنا به ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن ابن المبارك غن جويبر، عن الضحاك ( فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ ) قال: فملكنا فنعم المالكون.