القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 25 سورة الأحقاف - تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا

سورة الأحقاف الآية رقم 25 : سبع تفاسير معتمدة

سورة تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا - عدد الآيات 35 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 25 من سورة الأحقاف عدة تفاسير - سورة الأحقاف : عدد الآيات 35 - - الصفحة 505 - الجزء 26.

سورة الأحقاف الآية رقم 25


﴿ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيۡءِۭ بِأَمۡرِ رَبِّهَا فَأَصۡبَحُواْ لَا يُرَىٰٓ إِلَّا مَسَٰكِنُهُمۡۚ كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡمُجۡرِمِينَ ﴾
[ الأحقاف: 25]

﴿ التفسير الميسر ﴾

تدمِّر كل شيء تمر به مما أُرسلت بهلاكه بأمر ربها ومشيئته، فأصبحوا لا يُرى في بلادهم شيء إلا مساكنهم التي كانوا يسكنونها، مثل هذا الجزاء نجزي القوم المجرمين؛ بسبب جرمهم وطغيانهم.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

«تُدَمِّر» تهلك «كل شيء» مرت عليه «بأمر ربها» بإرادته، أي كل شيء أراد إهلاكه بها، فأهلكت رجالهم ونساءهم وصغارهم وأموالهم بأن طارت بذلك بين السماء والأرض ومزقته وبقي هود ومن آمن معه «فأصبحوا لايُرى إلا مساكنهم كذلك» كما جزيناهم «نجزي القوم المجرمين» غيرهم.

﴿ تفسير السعدي ﴾

تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ تمر عليه من شدتها ونحسها.
فسلطها الله عليهم سبع ليالي وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية [ بِأَمْرِ رَبِّهَا أي: بإذنه ومشيئته].
فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ قد تلفت مواشيهم وأموالهم وأنفسهم.
كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ بسبب جرمهم وظلمهم.


﴿ تفسير البغوي ﴾

( تدمر كل شيء ) مرت به من رجال عاد وأموالها ، [ ( بأمر ربها ) ] فأول ما عرفوا أنها عذاب رأوا ما كان خارجا من ديارهم من الرجال والمواشي تطير بهم الريح بين السماء والأرض ، فدخلوا بيوتهم وأغلقوا أبوابهم فجاءت الريح فقلعت أبوابهم وصرعتهم ، وأمر الله الريح فأمالت عليهم الرمال ، فكانوا تحت الرمل سبع ليال وثمانية أيام ، لهم أنين ، ثم أمر الله الريح فكشفت عنهم الرمال فاحتملتهم فرمت بهم في البحر .
أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، أخبرنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن الإسفراييني ، أخبرنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الحافظ ، أخبرنا يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرنا عمرو بن الحارث ، أخبرنا النضر .
حدثه عن سليمان بن يسار ، عن عائشة أنها قالت : ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستجمعا ضاحكا حتى أرى منه بياض لهواته ، وكان إذا رأى غيما أو ريحا عرف ذلك في وجهه ، فقلت : يا رسول الله إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا ، رجاء أن يكون فيه المطر ، وإذا رأيته عرف في وجهك الكراهية ، فقال : " يا عائشة ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب ، قد عذب قوم بالريح ، وقد رأى قوم العذاب فقالوا : " هذا عارض ممطرنا " ، الآية .
( فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم ) قرأ عاصم ، وحمزة ، ويعقوب : " يرى " بضم الياء " مساكنهم " برفع النون يعني : لا يرى شيء إلا مساكنهم ، وقرأ الآخرون بالتاء وفتحها ، " مساكنهم " نصب؛ يعني لا ترى أنت يا محمد إلا مساكنهم لأن السكان والأنعام بادت بالريح ، فلم يبق إلا هود ومن آمن معه .
( كذلك نجزي القوم المجرمين ) .

﴿ تفسير الوسيط ﴾

ثم وصف- سبحانه- هذا الريح بصفة أخرى فقال: تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها .
.
.
أى: هذه الريح التي أرسلها الله- تعالى- عليهم، من صفاتها أنها تدمر وتهلك كل شيء مرت به يتعلق بهؤلاء الظالمين من نفس أو مال أو غيرهما.
.
والتعبير بقوله: بِأَمْرِ رَبِّها لبيان أنها لم تأتهم من ذاتها، وإنما أتتهم بأمر الله- تعالى- وبقضائه وبمشيئته.
والفاء في قوله: فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ فصيحة- أيضا-.
أى: هذه الريح أرسلناها عليهم فدمرتهم، فصار الناظر إليهم لا يرى شيئا من آثارهم سوى مساكنهم، لتكون هذه المساكن عبرة لغيرهم.
قال الجمل: وقوله: لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ قرأ حمزة وعاصم لا يُرى بضم الياء على البناء للمفعول، ومساكنهم بالرفع لقيامه مقام الفاعل.
والباقون من السبعة بفتح تاء الخطاب، - على البناء للفاعل- ومَساكِنُهُمْ بالنصب على أنه مفعول به.
.
.
وقوله: كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ أى: مثل ذلك الجزاء المهلك المدمر، نجازي القوم الذين من دأبهم الإجرام والطغيان.
وهكذا طوى- سبحانه- صفحة أولئك الظالمين من قوم هود- عليه السلام- وما ظلمهم- سبحانه- ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

( تدمر ) أي : تخرب ) كل شيء ) من بلادهم ، مما من شأنه الخراب ( بأمر ربها ) أي : بإذن الله لها في ذلك ، كقوله : ( ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم ) [ الذاريات : 42 ] أي : كالشيء البالي . ولهذا قال : ( فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم ) أي : قد بادوا كلهم عن آخرهم ولم تبق لهم باقية ، ( كذلك نجزي القوم المجرمين ) أي : هذا حكمنا فيمن كذب رسلنا ، وخالف أمرنا .وقد ورد حديث في قصتهم وهو غريب جدا من غرائب الحديث وأفراده ، قال الإمام أحمد :حدثنا زيد بن الحباب ، حدثني أبو المنذر سلام بن سليمان النحوي قال : حدثنا عاصم بن أبي النجود ، عن أبي وائل ، عن الحارث البكري قال : خرجت أشكو العلاء بن الحضرمي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمررت بالربذة ، فإذا عجوز من بني تميم منقطع بها ، فقالت لي : يا عبد الله ، إن لي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاجة ، فهل أنت مبلغي إليه ؟ قال : فحملتها فأتيت بها المدينة ، فإذا المسجد غاص بأهله ، وإذا راية سوداء تخفق ، وإذا بلال متقلد السيف بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت : ما شأن الناس ؟ قالوا : يريد أن يبعث عمرو بن العاص وجها . قال : فجلست ، فدخل منزله - أو قال : رحله - فاستأذنت عليه ، فأذن لي ، فدخلت فسلمت ، فقال : " هل كان بينكم وبين تميم شيء ؟ قلت : نعم ، وكانت لنا الدبرة عليهم ، ومررت بعجوز من بني تميم منقطع بها فسألتني أن أحملها إليك ، وها هي بالباب : فأذن لها فدخلت ، فقلت : يا رسول الله ، إن رأيت أن تجعل بيننا وبين تميم حاجزا فاجعل الدهناء ، فحميت العجوز واستوفزت ، وقالت : يا رسول الله ، فإلى أين يضطر مضطرك ؟ قال : قلت : إن مثلي ما قال الأول : " معزى حملت حتفها " ، حملت هذه ولا أشعر أنها كانت لي خصما ، أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد . قال : " هيه ، وما وافد عاد ؟ " - وهو أعلم بالحديث منه ، ولكن يستطعمه - قلت : إن عادا قحطوا فبعثوا وافدا لهم يقال له : قيل ، فمر بمعاوية بن بكر ، فأقام عنده شهرا يسقيه الخمر وتغنيه جاريتان يقال لهما " الجرادتان " - فلما مضى الشهر خرج إلى جبال مهرة فقال : اللهم ، إنك تعلم أني لم أجئ إلى مريض فأداويه ، ولا إلى أسير فأفاديه ، اللهم اسق عادا ما كنت تسقيه . فمرت به سحابات سود ، فنودي منها : " اختر " ، فأومأ إلى سحابة منها سوداء ، فنودي منها : " خذها رمادا رمددا ، لا تبقي من عاد أحدا " . قال : فما بلغني أنه أرسل عليهم من الريح إلا كقدر ما يجري في خاتمي هذا ، حتى هلكوا - قال أبو وائل : وصدق - وكانت المرأة والرجل إذا بعثوا وافدا لهم قالوا : " لا تكن كوافد عاد " .رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه ، كما تقدم في سورة " الأعراف " .وقال الإمام أحمد : حدثنا هارون بن معروف ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرنا عمرو : أن أبا النضر حدثه عن سليمان بن يسار ، عن عائشة أنها قالت : ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستجمعا ضاحكا حتى أرى منه لهواته ، إنما كان يتبسم . قالت : وكان إذا رأى غيما - أو ريحا - عرف ذلك في وجهه ، قالت : يا رسول الله ، الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر ، وأراك إذا رأيته عرفت في وجهك الكراهية ؟ فقال : " يا عائشة ، ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب ، قد عذب قوم بالريح ، وقد رأى قوم العذاب فقالوا : هذا عارض ممطرنا " . وأخرجاه من حديث ابن وهب .طريق أخرى : قال أحمد : حدثنا عبد الرحمن ، عن سفيان ، عن المقدام بن شريح ، عن أبيه ، عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رأى ناشئا في أفق من آفاق السماء ، ترك عمله ، وإن كان في صلاته ، ثم يقول : " اللهم ، إني أعوذ بك من شر ما فيه " . فإن كشفه الله حمد الله ، وإن أمطرت قال : " اللهم ، صيبا نافعا " .طريق أخرى : قال مسلم في صحيحه : حدثنا أبو الطاهر ، أخبرنا ابن وهب ، سمعت ابن جريج يحدث عن عطاء بن أبي رباح ، عن عائشة قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا عصفت الريح قال : " اللهم ، إني أسألك خيرها ، وخير ما فيها ، وخير ما أرسلت به ، وأعوذ بك من شرها ، وشر ما فيها ، وشر ما أرسلت به " . قالت : وإذا تخيلت السماء تغير لونه ، وخرج ودخل ، وأقبل وأدبر ، فإذا مطرت سري عنه ، فعرفت ذلك عائشة ، فسألته ، فقال : " لعله يا عائشة كما قال قوم عاد : ( فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا ) .وقد ذكرنا قصة هلاك عاد في سورتي " الأعراف وهود " بما أغنى عن إعادته هاهنا ، ولله الحمد والمنة .وقال الطبراني : حدثنا عبدان بن أحمد ، حدثنا إسماعيل بن زكريا الكوفي ، حدثنا أبو مالك ، عن مسلم الملائي ، عن مجاهد وسعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما فتح على عاد من الريح إلا مثل موضع الخاتم ، ثم أرسلت عليهم [ فحملتهم ] البدو إلى الحضر فلما رآها أهل الحضر قالوا : هذا عارض ممطرنا مستقبل أوديتنا . وكان أهل البوادي فيها ، فألقي أهل البادية على أهل الحاضرة حتى هلكوا . قال : عتت على خزانها حتى خرجت من خلال الأبواب " .

﴿ تفسير القرطبي ﴾

والتدمير : الهلاك .
وكذلك الدمار .
وقرئ ( يدمر كل شيء ) من دمر دمارا .
يقال : دمره تدميرا ودمارا ودمر عليه بمعنى .
ودمر يدمر دمورا دخل بغير إذن .
وفي الحديث : [ من سبق طرفه استئذانه فقد دمر ] مخفف الميم .
وتدمر : بلد بالشام .
ويربوع تدمري إذا كان صغيرا قصيرا .
بأمر ربها بإذن ربها .
وفي البخاري عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت : ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضاحكا حتى أرى منه لهواته إنما كان يتبسم .
قالت : وكان إذا رأى غيما أو ريحا عرف في وجهه .
قالت : يا رسول الله ، الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر ، وأراك إذا رأيته عرف في وجهك الكراهية ؟ فقال : [ يا عائشة ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب عذب قوم بالريح وقد رأى قوم العذاب فقالوا هذا عارض ممطرنا ] خرجه مسلم والترمذي ، وقال فيه : حديث حسن .
وفي صحيح مسلم عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : [ نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور ] .
وذكر الماوردي أن القائل هذا عارض ممطرنا من قوم عاد : بكر بن معاوية ، ولما رأى السحاب قال : إني لأرى سحابا مرمدا ، لا تدع من عاد أحدا .
فذكر عمرو بن ميمون أنها كانت تأتيهم بالرجل الغائب حتى تقذفه في ناديهم .
قال ابن إسحاق : واعتزل هود ومن معه من المؤمنين في حظيرة ، ما يصيبه ومن معه منها إلا ما يلين أعلى ثيابهم .
وتلتذ الأنفس به ، وإنها لتمر من عاد بالظعن بين السماء والأرض وتدمغهم بالحجارة حتى هلكوا .
وحكى الكلبي أن شاعرهم قال في ذلك :فدعا هود عليهم دعوة أضحوا هموداعصفت ريح عليهم تركت عادا خموداسخرت سبع ليال لم تدع في الأرض عوداوعمر هود في قومه بعدهم مائة وخمسين سنة .
فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم قرأ عاصم وحمزة لا يرى إلا مساكنهم بالياء غير مسمي الفاعل .
وكذلك روى حماد بن سلمة عن ابن كثير إلا أنه قرأ ( ترى ) بالتاء .
وقد روي ذلك عن أبي بكر عن عاصم .
الباقون ( ترى ) بتاء مفتوحة .
( مساكنهم ) بالنصب ، أي : لا ترى يا محمد إلا مساكنهم .
قال المهدوي : ومن قرأ بالتاء غير مسمي الفاعل فعلى لفظ الظاهر الذي هو المساكن المؤنثة ، وهو قليل لا يستعمل إلا في الشعر .
وقال أبو حاتم : لا يستقيم هذا في اللغة إلا أن يكون فيها إضمار ، كما تقول في الكلام ألا ترى النساء إلا زينب .
ولا يجوز لا ترى إلا زينب .
وقال سيبويه : معناه لا ترى أشخاصهم إلا مساكنهم .
واختار أبو عبيد وأبو حاتم قراءة عاصم وحمزة .
قال الكسائي : معناه لا يرى شيء إلا مساكنهم ، فهو محمول على المعنى ، كما تقول : ما قام إلا هند ، والمعنى ما قام أحد إلا هند .
وقال الفراء : لا يرى الناس لأنهم كانوا تحت الرمل ، وإنما ترى مساكنهم لأنها قائمة .
كذلك نجزي القوم المجرمين أي مثل هذه العقوبة نعاقب بها المشركين .

﴿ تفسير الطبري ﴾

القول في تأويل قوله تعالى : تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25)وقوله ( تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا ) : يقول تعالى ذكره: تخرّب كل شيء, وترمي بعضه على بعض فتهلكه, كما قال جريروكانَ لَكُمْ كَبَكْرِ ثَمُود لَمَّارَغا ظُهْرًا فَدَمَّرَهُمْ دَمارًا (4)يعني بقوله: دمرهم: ألقى بعضهم على بعض صَرْعى هَلكَى.
وإنما عنى بقوله ( تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا ) مما أرسلت بهلاكه, لأنها لم تدمر هودا ومن كان آمن به.
حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا طلق, عن زائدة, عن الأعمش, عن المنهال, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس, قال: ما أرسل الله على عادٍ من الريح إلا قدر خاتمي هذا, فنزع خاتمه.
وقوله ( فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلا مَسَاكِنُهُمْ ) يقول: فأصبح قوم هود وقد هلكوا وفنوا, فلا يُرى في بلادهم شيء إلا مساكنهم التي كانوا يسكنونها.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله ( فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلا مَسَاكِنُهُمْ ) فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة ( لا تَرَى إلا مَساكِنَهُمْ) بالتاء نصبا, بمعنى: فأصبحوا لا ترى أنت يا محمد إلا مساكنهم وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة ( لا يُرَى إِلا مَسَاكِنُهُمْ ) بالياء في (يُرى) , ورفع المساكن, بمعنى: ما وصفت قبل أنه لا يرى في بلادهم شيء إلا مساكنهم.
وروى الحسن البصري ( لا تُرَى) بالتاء, وبأيّ القراءتين اللتين ذكرت من قراءة أهل المدينة والكوفة قرأ ذلك القارئ فمصيب وهو القراءة برفع المساكن إذا قُرئ قوله (يُرى) بالياء وضمها وبنصب المساكن إذا قرئ قوله: " ترى " بالتاء وفتحها, وأما التي حُكيت عن الحسن, فهي قبيحة في العربية وإن كانت جائزة, وإنما قبحت لأن العرب تذكِّر الأفعال التي قبل إلا وإن كانت الأسماء التي بعدها أسماء إناث, فتقول: ما قام إلا أختك, ما جاءني إلا جاريتك, ولا يكادون يقولون: ما جاءتني إلا جاريتك, وذلك أن المحذوف قبل إلا أحد, أو شيء واحد, وشيء يذكر فعلهما العرب, وإن عنى بهما المؤنث, فتقول: إن جاءك منهنّ أحد فأكرمه, ولا يقولون: إن جاءتك, وكان الفرّاء يجيزها على الاستكراه, ويذكر أن المفضل أنشده:وَنارُنا لَمْ تُرَ نارًا مِثْلُهاقَدْ عَلِمَتْ ذاكَ مَعَدّ أكْرَمَا (5)فأنث فعل مثل لأنه للنار, قال: وأجود الكلام أن تقول: ما رئي مثلها.
وقوله ( كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ ) يقول تعالى ذكره: كما جزينا عادا بكفرهم بالله من العقاب في عاجل الدنيا, فأهلكناهم بعذابنا, كذلك نجزي القوم الكافرين بالله من خلقنا, إذ تمادوا في غيهم وطَغَوا على ربهم.
------------------------الهوامش:(3) البيت لأعشى بن قيس بن ثعلبة ( ديوانه طبعه القاهرة 57 ) وفي روايته : " أرقبه " في موضع " أرمقه " ، وهما بمعنى أنظر إليه .
واليت شاهد على أن معنى العارض السحاب المعترض في السماء .
قال في ( اللسان : عرض ) والعارض : السحاب الذي يعترض في أفق السماء .
وفي التنزيل في قصة قوم عاد : " فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا " أي قالوا : هذا الذي وعدنا به سحاب فيه الغيث .
أ ه .
وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن : ( الورقة 222 ) والعارض من السحاب : الذي يرى في قطر من أقطار السماء من العشى ، ثم يصبح وقد حبا حتى استوى .
(4) البيت ليس لجرير كما ورد في الأصل ، وإنما هو للفرذدق ، من قصيدة في ديوانه يرد بها على جرير ويناقضه وهي في ديوانه ( طبعة الصاوي 442 ) ، وأول القصيدة :جَرَّ المُخْزِيات عَلَى كُلَيْبٍجرير ثم ما منع الذمارًاوكانَ لَهُمْ كَبَكْرِ ثَمُودَ لَمَّارَغا ظُهْرا فَدَمَّرَهُمْ دَمارًاأي جلب على قومه الدمار والخراب(5) البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن ( الورقة 301 ) استشهد به عند قوله تعالى : " فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم " فقال إنها قرئت بالتاء أو بالياء مضمومة ( مع بناء الفعل للمجهول ) .
ووصف القراءة بالتاء المضمومة بأن فيها قبحًا ؛ قال : لأن العرب إذا جعلت فعل المؤنث قبل إلا ذكروه ، فقالوا : لم يقم إلا جاريتك ، وما قام إلا جاريتك ، ولا يكادون يقولون : ما قامت إلا جاريتك ، وذلك أن المتروك ( المستثنى منه ) أحد أو شيء ، فأحد إذا كانت لمؤنث أو مذكر فعلها مذكر ؛ ألا ترى أنك تقول : إن قام أحد منهن فاضربه ، ولا تقول : إن قامت إلا مستكرها ، وهو على ذلك جائز ؛ قال : أنشدني المفضل : " ونارنا .
.
.
البيت " .
فأنت فعل مؤنث ، لأنه للنار ؛ وأجود الكلام أن تقول : ما رؤى مثلها .
قلت : وقوله " أكرما " نعت لنارا .

﴿ تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين ﴾

قراءة سورة الأحقاف

المصدر : تفسير : تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا