القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 26 سورة يونس - للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم

سورة يونس الآية رقم 26 : سبع تفاسير معتمدة

سورة للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم - عدد الآيات 109 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 26 من سورة يونس عدة تفاسير - سورة يونس : عدد الآيات 109 - - الصفحة 212 - الجزء 11.

سورة يونس الآية رقم 26


﴿ ۞ لِّلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ ٱلۡحُسۡنَىٰ وَزِيَادَةٞۖ وَلَا يَرۡهَقُ وُجُوهَهُمۡ قَتَرٞ وَلَا ذِلَّةٌۚ أُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ ﴾
[ يونس: 26]

﴿ التفسير الميسر ﴾

للمؤمنين الذين أحسنوا عبادة الله فأطاعوه فيما أمر ونهى، الجنةُ، وزيادة عليها، وهي النظر إلى وجه الله تعالى في الجنة، والمغفرةُ والرضوان، ولا يغشى وجوههم غبار ولا ذلة، كما يلحق أهل النار. هؤلاء المتصفون بهذه الصفات هم أصحاب الجنة ماكثون فيها أبدًا.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

«للذين أحسنوا» بالإيمان «الحسنى» الجنة «وزيادة» هي النظر إليه تعالى كما في حديث مسلم «ولا يرهق» يغشى «وجوههم قترٌ» سواد «ولا ذلة» كآبة «أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون».

﴿ تفسير السعدي ﴾

ولما دعا إلى دار السلام، كأن النفوس تشوقت إلى الأعمال الموجبة لها الموصلة إليها، فأخبر عنها بقوله‏:‏ ‏‏لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ‏‏ أي‏:‏ للذين أحسنوا في عبادة الخالق، بأن عبدوه على وجه المراقبة والنصيحة في عبوديته، وقاموا بما قدروا عليه منها، وأحسنوا إلى عباد الله بما يقدرون عليه من الإحسان القولي والفعلي، من بذل الإحسان المالي، والإحسان البدني، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتعليم الجاهلين، ونصيحة المعرضين، وغير ذلك من وجوه البر والإحسان‏.
‏فهؤلاء الذين أحسنوا، لهم ‏"‏الحسنى‏"‏ وهي الجنة الكاملة في حسنها و ‏"‏زيادة‏"‏ وهي النظر إلى وجه الله الكريم، وسماع كلامه، والفوز برضاه والبهجة بقربه، فبهذا حصل لهم أعلى ما يتمناه المتمنون، ويسأله السائلون‏.
‏ثم ذكر اندفاع المحذور عنهم فقال‏:‏ ‏‏وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ‏‏ أي‏:‏ لا ينالهم مكروه، بوجه من الوجوه، لأن المكروه، إذا وقع بالإنسان، تبين ذلك في وجهه، وتغير وتكدر‏.
‏وأما هؤلاء فهم كما قال الله عنهم ‏‏تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيم‏‏ ‏‏أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ‏‏ الملازمون لها ‏‏هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ‏‏ لا يحولون ولا يزولون، ولا يتغيرون‏.


﴿ تفسير البغوي ﴾

قوله تعالى : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) أي : للذين أحسنوا العمل في الدنيا الحسنى ، وهي الجنة ، وزيادة : وهي النظر إلى وجه الله الكريم ، هذا قول جماعة من الصحابة ، منهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، وحذيفة ، وأبو موسى ، وعبادة بن الصامت رضي الله عنهم ، وهو قول الحسن ، وعكرمة وعطاء ، ومقاتل ، والضحاك ، والسدي .
أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن العباس الحميدي ، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ ، أنبأنا أبو العباس محمد بن يعقوب إملاء ، حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق الصنعاني ، حدثنا الأسود بن عامر ، حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت - يعني البناني - عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن صهيب رضي الله عنه قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) قال : إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار نادى مناد : يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه ، قالوا : ما هذا الموعود؟ ألم يثقل موازيننا ، ويبيض وجوهنا ، ويدخلنا الجنة ، ويجرنا من النار؟ قال : فيرفع الحجاب فينظرون إلى وجه الله عز وجل .
قال : فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إليه " .
وروي عن ابن عباس : أن الحسنى هي أن الحسنة بمثلها والزيادة هي التضعيف عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف .
وقال مجاهد : الحسنى : حسنة مثل حسنة ، والزيادة المغفرة والرضوان .
( ولا يرهق ) لا يغشى ( وجوههم قتر ) غبار ، جمع قترة .
قال ابن عباس وقتادة : سواد الوجه ، ( ولا ذلة ) هوان .
قال قتادة : كآبة .
قال ابن أبي ليلى : هذا بعد نظرهم إلى ربهم .
( أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون ) .

﴿ تفسير الوسيط ﴾

وقوله: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ .
.
.
بيان لحسن عاقبة الذين استجابوا لدعوته، واتبعوا صراطه المستقيم.
أى: للمؤمنين الصادقين الذين قدموا في دنياهم الأعمال الصالحة، المنزلة الحسنى، والمئوية الحسنى وهي الجنة، ولهم زيادة على ذلك التفضل من الله- تعالى- عليهم بالنظر إلى وجهه الكريم.
وتفسير الزيادة بالنظر إلى وجهه الكريم، مأثور عن جمع من الصحابة منهم أبو بكر، وعلى بن أبى طالب، وابن مسعود، وأبو موسى الأشعرى وغيرهم- رضى الله عنهم.
ومستندهم في ذلك الأحاديث النبوية التي وردت في هذا الشأن والتي منها ما أخرجه مسلم في صحيحه عن صهيب- رضى الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: تلا هذه الآية لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ .
.
.
وقال: «إذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، نادى مناد: يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا.
يريد أن ينجزكموه فيقولون: ما هو؟ ألم يثقل موازيننا؟ ألم ببيض وجوهنا ويدخلنا الجنة ويزحزحنا عن النار؟ قال: فيكشف لهم الحجاب فينظرون إليه، فو الله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم من النظر إليه، ولا أقر لأعينهم» .
وذكر بعضهم أن المراد بالزيادة هنا: «مضاعفة الحسنات بعشر أمثالها أو أكثر أو مغفرته- سبحانه- ما فرط منهم في الدنيا، ورضوانه عليهم في الآخرة» .
والحق ان التفسير الوارد عن الصحابة.
والمؤيد بما جاء في الأحاديث النبوية هو الواجب الاتباع، ولا يصح العدول عنه.
ولا مانع من أن يمن الله عليهم بما يمن من مضاعفة الحسنات ومن المغفرة والرضوان، بعد نظرهم إلى وجهه الكريم، أو قبل ذلك.
ولذا قال الإمام ابن كثير ما ملخصه: قوله: وَزِيادَةٌ هي تضعيف ثواب الأعمال.
.
وأفضل من ذلك النظر إلى وجهه الكريم.
فإنه زيادة أعظم من جميع ما يعطوه.
.
وقد روى تفسير الزيادة بالنظر إلى وجهه الكريم عن جمع من السلف والخلف، وقد وردت أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، ومنها ما رواه ابن جرير عن أبى موسى الأشعرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله يبعث يوم القيامة مناديا ينادى يا أهل الجنة- بصوت يسمعه أولهم وآخرهم- إن الله وعدكم الحسنى وزيادة.
فالحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجه الرحمن» .
عز وجل.
وعن أبى بن كعب أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله- تعالى- لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ قال: «الحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجه الله- تعالى-» .
والمقصود بقوله: وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ الإخبار عن خلوص نعيمهم من كل ما يكدر الصفو، إثر بيان ما أعطاهم من رضوان.
وقوله: يَرْهَقُ من الرهق بمعنى الغشيان والتغطية.
يقال: رهقه يرهقه رهقا- من باب طرب- أى غشيه وغطاه بسرعة.
والقتر والقترة: الغبار والدخان الذي فيه سواد والذلة: الهوان والصغار.
يقال: ذل فلان يذل ذلة وذلا، إذا أصابه الصغار والحقارة.
أى: ولا يغطى وجوههم يوم القيامة شيء مما يغطى وجوه الكفار، من السواد والهوان والصغار.
وهذه الجملة بما اشتملت عليه من المعاني، توحى بأن في يوم القيامة من الزحام والأهوال والكروب.
ما يجعل آثار الحزن أو الفرح ظاهرة على الوجوه والمشاعر، فهناك وجوه عَلَيْها غَبَرَةٌ.
تَرْهَقُها قَتَرَةٌ وهناك وجوه ناضِرَةٌ.
إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ.
وقوله: أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ تذييل قصد به تأكيد مدحهم ومسرتهم.
أى: أولئك المتصفون بتلك الصفات الكريمة هم أصحاب دار السلام، وهم خالدون فيها خلودا أبديا، لا خوف معه ولا زوال.

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

يخبر تعالى أن لمن أحسن العمل في الدنيا بالإيمان والعمل الصالح أبدله الحسنى في الدار الآخرة ، كما قال تعالى : ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) [ الرحمن : 60 ] .وقوله : ( وزيادة ) هي تضعيف ثواب الأعمال بالحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، وزيادة على ذلك [ أيضا ] ويشمل ما يعطيهم الله في الجنان من القصور والحور والرضا عنهم ، وما أخفاه لهم من قرة أعين ، وأفضل من ذلك وأعلاه النظر إلى وجهه الكريم ، فإنه زيادة أعظم من جميع ما أعطوه ، لا يستحقونها بعملهم ، بل بفضله ورحمته وقد روي تفسير الزيادة بالنظر إلى وجه الله الكريم ، عن أبي بكر الصديق ، وحذيفة بن اليمان ، وعبد الله بن عباس [ قال البغوي وأبو موسى وعبادة بن الصامت ] وسعيد بن المسيب ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، وعبد الرحمن بن سابط ، ومجاهد ، وعكرمة ، وعامر بن سعد ، وعطاء ، والضحاك ، والحسن ، وقتادة ، والسدي ، ومحمد بن إسحاق ، وغيرهم من السلف والخلف .وقد وردت في ذلك أحاديث كثيرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمن ذلك ما رواه الإمام أحمد :حدثنا عفان ، أخبرنا حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن صهيب ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) وقال : " إذا دخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، نادى مناد : يا أهل الجنة ، إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه . فيقولون : وما هو ؟ ألم يثقل موازيننا ، ويبيض وجوهنا ، ويدخلنا الجنة ، ويزحزحنا من النار ؟ " . قال : " فيكشف لهم الحجاب ، فينظرون إليه ، فوالله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم من النظر إليه ، ولا أقر لأعينهم " .وهكذا رواه مسلم وجماعة من الأئمة ، من حديث حماد بن سلمة ، به .وقال ابن جرير : أخبرنا يونس ، أخبرنا ابن وهب : أخبرنا شبيب ، عن أبان عن أبي تميمة الهجيمي ؛ أنه سمع أبا موسى الأشعري يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله يبعث يوم القيامة مناديا ينادي : يا أهل الجنة - بصوت يسمع أولهم وآخرهم - : إن الله وعدكم الحسنى وزيادة ، الحسنى : الجنة . وزيادة : النظر إلى وجه الرحمن عز وجل " .ورواه أيضا ابن أبي حاتم ، من حديث أبي بكر الهذلي عن أبي تميمة الهجيمي ، به .وقال ابن جرير أيضا : حدثنا ابن حميد ، حدثنا إبراهيم بن المختار عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن كعب بن عجرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) قال : النظر إلى وجه الرحمن عز وجل .وقال أيضا : حدثنا ابن عبد الرحيم حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، سمعت زهيرا عمن سمع أبا العالية ، حدثنا أبي بن كعب : أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله عز وجل : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) قال : " الحسنى : الجنة ، والزيادة : النظر إلى وجه الله عز وجل " .ورواه ابن أبي حاتم أيضا من حديث زهير ، به .وقوله تعالى : ( ولا يرهق وجوههم قتر ) أي : قتام وسواد في عرصات المحشر ، كما يعتري وجوه الكفرة الفجرة من القترة والغبرة ، ( ولا ذلة ) أي : هوان وصغار ، أي : لا يحصل لهم إهانة في الباطن ، ولا في الظاهر ، بل هم كما قال تعالى في حقهم : ( فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا ) أي : نضرة في وجوههم ، وسرورا في قلوبهم ، جعلنا الله منهم بفضله ورحمته ، آمين .

﴿ تفسير القرطبي ﴾

قوله تعالى للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدونقوله تعالى للذين أحسنوا الحسنى وزيادة روي من حديث أنس قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى : وزيادة قال : للذين أحسنوا العمل في الدنيا لهم الحسنى وهي الجنة والزيادة النظر إلى وجه الله الكريم وهو قول أبي بكر الصديق وعلي بن أبي طالب في رواية .
وحذيفة وعبادة بن الصامت وكعب بن عجرة وأبي موسى وصهيب وابن عباس في رواية ، وهو قول جماعة من التابعين ، وهو الصحيح في الباب .
وروى مسلم في صحيحه عن صهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا دخل أهل الجنة الجنة قال الله تبارك وتعالى تريدون شيئا أزيدكم فيقولون ألم تبيض وجوهنا ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار قال فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل وفي رواية ثم تلا للذين أحسنوا الحسنى وزيادة وخرجه النسائي أيضا عن صهيب قال قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : هذه الآية للذين أحسنوا الحسنى وزيادة قال : إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار نادى مناد يا أهل الجنة إن لكم موعدا عند الله يريد أن ينجزكموه قالوا ألم يبيض وجوهنا ويثقل موازيننا ويجرنا من النار قال فيكشف الحجاب فينظرون إليه فوالله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم من النظر ولا أقر لأعينهم .
وخرجه ابن المبارك في دقائقه عن أبي موسى الأشعري موقوفا ، وقد ذكرناه في كتاب التذكرة ، وذكرنا هناك معنى كشف الحجاب ، والحمد لله .
وخرج الترمذي الحكيم أبو عبد الله رحمه الله : حدثنا علي بن حجر حدثنا الوليد بن مسلم عن زهير عن أبي العالية عن أبي بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الزيادتين في كتاب الله ; في قوله للذين أحسنوا الحسنى وزيادة قال : النظر إلى وجه الرحمن وعن قوله : وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون قال : عشرون ألفا .
وقد قيل : إن الزيادة أن تضاعف الحسنة عشر حسنات إلى أكثر من ذلك ; روي عن ابن عباس .
وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه : الزيادة غرفة من لؤلؤة واحدة لها أربعة آلاف باب .
وقال مجاهد : الحسنى حسنة مثل حسنة ، والزيادة مغفرة من الله ورضوان .
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : الحسنى الجنة ، والزيادة ما أعطاهم الله في الدنيا من فضله لا يحاسبهم به يوم القيامة .
وقال عبد الرحمن بن سابط : الحسنى البشرى ، والزيادة النظر إلى وجه الله الكريم ; قال الله تعالى : وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة .
وقال يزيد بن شجرة : الزيادة أن تمر السحابة بأهل الجنة فتمطرهم من كل النوادر التي لم يروها ، وتقول : يا أهل الجنة ، ما تريدون أن أمطركم ؟ فلا يريدون شيئا إلا أمطرتهم إياه .
وقيل : الزيادة أنه ما يمر عليهم مقدار يوم من أيام الدنيا إلا حتى يطيف بمنزل أحدهم سبعون ألف ملك ، مع كل ملك هدايا من عند الله ليست مع صاحبه ، ما رأوا مثل تلك الهدايا قط ; فسبحان الواسع العليم الغني الحميد العلي الكبير العزيز القدير البر الرحيم المدبر الحكيم اللطيف الكريم الذي لا تتناهى مقدوراته .
وقيل : أحسنوا أي معاملة الناس ، الحسنى : شفاعتهم ، والزيادة : إذن الله تعالى فيها وقبوله .
قوله تعالى ولا يرهق قيل : معناه يلحق ; ومنه قيل : غلام مراهق إذا لحق بالرجال .
وقيل : يعلو .
وقيل : يغشى ; والمعنى متقارب .
قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون قتر غبار .
ولا ذلة أي مذلة ; كما يلحق أهل النار ; أي لا يلحقهم غبار في محشرهم إلى الله ولا تغشاهم ذلة .
وأنشد أبو عبيدة للفرزدق :متوج برداء الملك يتبعه موج ترى فوقه الرايات والقتراوقرأ الحسن " قتر " بإسكان التاء .
والقتر والقترة والقترة بمعنى واحد ; قاله النحاس .
وواحد القتر قترة ; ومنه قوله تعالى : ترهقها قترة أي تعلوها غبرة .
وقيل : قتر كآبة وكسوف .
ابن عباس : القتر سواد الوجوه .
ابن بحر : دخان النار ; ومنه قتار القدر .
وقال ابن ليلى : هو بعد نظرهم إلى ربهم عز وجل .
قلت : هذا فيه نظر ; فإن الله عز وجل يقول : إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون إلى قوله لا يحزنهم الفزع الأكبر وقال في غير آية : ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون وقال : إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا الآية .
وهذا عام فلا يتغير بفضل الله في موطن من المواطن لا قبل النظر ولا بعده وجه المحسن بسواد من كآبة ولا حزن ، ولا يعلوه شيء من دخان جهنم ولا غيره .
وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون .

﴿ تفسير الطبري ﴾

القول في تأويل قوله تعالى : لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌقال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: للذين أحسنوا عبادَة الله في الدنيا من خلقه ، فأطاعوه فيما أمر ونَهَى ، (الحسنى).
* * *ثم اختلف أهل التأويل في معنى " الحسنى " ، و " الزيادة " اللتين وعدهما المحسنين من خلقه.
فقال بعضهم: " الحسنى "، هي الجنة، جعلها الله للمحسنين من خلقه جزاء ، " والزيادة عليها " ، النظر إلى الله.
* ذكر من قال ذلك:17610- حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا عبد الرحمن قال ، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد، عن أبي بكر الصديق: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، قال: النظر إلى وجه ربهم.
(1)17611- حدثنا سفيان قال ، حدثنا حميد بن عبد الرحمن، عن قيس، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد، عن سعيد بن نمران، عن أبي بكر: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، قال: النظر إلى وجه الله.
(2)17612- حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا عبد الرحمن قال ، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة)، قال: النظر إلى وجه ربهم.
17613- حدثنا محمد بن المثنى قال ، حدثنا محمد بن جعفر قال ، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد قال: في هذه الآية: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، قال: " الزيادة "، النظر إلى وجه الرحمن.
17614- حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا عبد الرحمن قال ، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مسلم بن نذير، عن حذيفة: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) قال: النظر إلى وجه ربهم.
(3)17615- حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي قال ، حدثنا شريك قال: سمعت أبا إسحاق يقول في قول الله: (وزيادة) ، قال: النظر إلى وجه الرحمن.
17616- حدثني علي بن عيسى قال ، حدثنا شبابة قال ، حدثنا أبو بكر الهذلي قال: سمعت أبا تميمة الهُجَيْمِيّ ، يحدِّث عن أبي موسى الأشعري قال: إذا كان يومُ القيامة بعث الله إلى أهل الجنة مناديًا ينادي: " هل أنجزكم الله ما وعدكم " ! فينظرون إلى ما أعد الله لهم من الكرامة، فيقولون: نعم! فيقول: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، النظرُ إلى وجه الرحمن.
(4)17617- حدثني المثنى قال ، حدثنا سويد بن نصر قال: أخبرنا ابن المبارك، عن أبي بكر الهذلي قال: أخبرنا أبو تميمة الهجيمي قال، سمعت أبا موسى الأشعري يخطب على منبر البصرة يقول: إن الله يبعث يوم القيامة مَلَكًا إلى أهل الجنة فيقول: " يا أهل الجنة ، هل أنجزكم الله ما وعدكم " ! فينظرون، (5) فيرون الحليّ والحُلل والثمار والأنهار والأزواجَ المطهَّرة، فيقولون: " نعم، قد أنجزنا الله ما وعدنا "! ثم يقول الملك: " هل أنجزكم الله ما وعدكم "؟ ثلاث مرات، فلا يفقدون شيئًا مما وُعِدوا، فيقولون: " نعم "! فيقول: " قد بقى لكم شيءٌ، إن الله يقول: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، ألا إن الحسنى الجنة، والزيادة النظرُ إلى وجه الله ".
(6)17618- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني شبيب، عن أبان، عن أبي تميمة الهجيمي: أنه سمع أبا موسى الأشعري يحدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يبعث يوم القيامة مناديًا ينادي أهل الجنة بصوت يسمع أوّلهم وآخرهم: (7) " إن الله وعدكم الحسنى وزيادةً، فالحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجه الرحمن ".
(8)17619- حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا عبد الرحمن قال ، حدثنا حماد بن زيد، عن ثابت البناني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة)، قال: النظر إلى وجه ربهم.
وقرأ: وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ ، قال: بعد النظر إلى وجْه ربهم.
17620- حدثني المثنى قال ، حدثنا سويد بن نصر قال: أخبرنا ابن المبارك، عن سليمان بن المغيرة قال، أخبرنا ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى في قوله: (وزيادة) ، قال: قيل له: أرأيت قوله: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ؟ قال: إن أهل الجنة إذا دخلوا الجنة فأُعطوا فيها ما أُعْطُوا من الكرامة والنعيم، قال: نودوا : " يا أهل الجنة ، إن الله قد وعدكم الزيادة، فيتجلى لهم " ، قال ابن أبي ليلى: فما ظنك بهم حين ثَقُلت موازينهم، وحين صارت الصُّحف في أيمانهم، وحين جاوزوا جسر جهنم ودخلوا الجنة، وأعطوا فيها ما أعطوا من الكرامة والنعيم؟ كل ذلك لم يكن شيئًا فيما رأوا!.
(9)17621- .
.
.
.
قال، حدثنا ابن المبارك، عن معمر ، وسليمان بن المغيرة، عن ثابت البناني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، قال: النظر إلى وجه ربهم.
17622- .
.
.
.
قال: حدثنا الحجاج ، ومعلّى بن أسد قالا حدثنا حماد بن زيد، عن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: إذا دخل أهل الجنة الجنةَ قال لهم: إنه قد بقي من حقكم شيءٌ لم تُعْطَوْه! قال: فيتجلى لهم تبارك وتعالى.
قال: فيصغر عندهم كل شيء أعطوه.
قال: ثم قال: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، قال: الحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجه ربهم، ولا يرهقُ وجوههم قترٌ ولا ذلةٌ بعد ذلك.
17623- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن ثابت البناني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، النظر إلى وجه الله.
17624- حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا هوذة قال ، حدثنا عوف، عن الحسن في قول الله: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، النظر إلى الربّ.
17625- حدثنا عمرو بن علي ومحمد بن بشار قالا حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآية : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) ، قال: إذا دخل أهل الجنة الجنةَ ، وأهلُ النارِ النارَ، نودوا: " يا أهل الجنة، إن لكم عند الله موعدًا " ! قالوا: ما هو؟ ألم تبيّض وجوهنا، وتُثْقِل موازيننا، وتُدخلنا الجنة، وتُنْجِنَا من النار؟ فيكشف الحجابُ، فيتجلى لهم، فوالله ما أعطاهم شيئًا أحب إليهم من النظر إليه ، ولفظ الحديث لعمرو.
17626- حدثني المثنى قال ، حدثنا الحجاج بن المنهال قال ، حدثنا حماد، عن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صهيب قال، تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، قال: " إذا دخل أهل الجنة الجنةَ، وأهل النار النار، نادى منادٍ: " يا أهل الجنة، إنّ لكم عند الله موعدًا يريد أن ينجزكُمُوه " .
فيقولون: " وما هو؟ ألم يُثقل الله موازيننا، ويبيِّض وجوهنا؟ ثم ذكر سائر الحديث نحو حديث عمرو بن علي ، وابن بشار، عن عبد الرحمن.
(10)17627- .
.
.
.
قال، حدثنا الحماني قال ، حدثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن نمران، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، قال: النظر إلى وجه الله تبارك وتعالى.
(11)17628- .
.
.
.
قال: حدثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد، مثله.
17629- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة: قوله: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، بلغنا أن المؤمنين لما دَخلوا الجنة ناداهم منادٍ: إن الله وعدكم الحسنى وهي الجنة، وأما الزيادة، فالنظر إلى وجه الرحمن.
17630- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله.
17631- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا إبراهيم بن المختار، عن ابن جريج، عن عطاء، عن كعب بن عجرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، قال: الزيادة، النظرُ إلى وجه الرحمن تبارك وتعالى.
(12)17632- .
.
.
.
قال، حدثنا جرير، عن ليث، عن عبد الرحمن بن سابط قال: " الحسني"، النضرة ، و " الزيادة "، النظر إلى وجه الله.
17633- حدثنا ابن البرقي قال ، حدثنا عمرو بن أبي سلمة قال، سمعت زهيرًا، عمن سمع أبا العالية قال ، حدثنا أبيّ بن كعب: أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن قول الله (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، قال: الحسنى: الجنة ، والزيادة النظر إلى وجه الله.
(13)* * *وقال آخرون في " الزيادة " ، بما:-17634- حدثنا به يحيى بن طلحة قال ، حدثنا فضيل بن عياض، عن منصور، عن الحكم، عن علي رضي الله عنه: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، قال: " الزيادة "، غرفة من لؤلؤة واحدةٍ لها أربعة أبواب.
(14)17635- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن الحكم، عن علي رضي الله عنه، نحوه، إلا أنه قال: فيها أربعة أبواب.
17636- .
.
.
.
قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن الحكم بن عتيبة، عن علي رضي الله عنه، مثل حديث يحيى بن طلحة، عن فضيل ، سواءً.
* * *وقال آخرون: " الحسنى " واحدةٌ من الحسنات بواحدة ،و " الزيادة "، التضعيف إلى تمام العشر.
* ذكر من قال ذلك.
17637- حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، قال: هو مثل قوله: وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ، [سورة ق: 35] ، يقول: يجزيهم بعملهم، ويزيدهم من فضله.
وقال: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ، [سورة الأنعام: 160].
17638- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا جرير، عن قابوس، عن أبيه، عن علقمة بن قيس: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة)، قال قلت: هذه الحسنى، فما الزيادة؟ قال: ألم تر أن الله يقول: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ؟17639- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: كان الحسن يقول في هذه الآية: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة)، قال: الزيادة: بالحسنة عشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف.
* * ** وقال آخرون: " الحسنى " حسنة مثل حسنة ، و " الزيادة " زيادة مغفرة من الله ورضوان.
* ذكر من قال ذلك:17640- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (للذين أحسنوا الحسنى)، مثلها حسنى ، " وزيادة " ، مغفرة ورضوان.
* * *وقال آخرون: " الزيادة " ، ما أعطوا في الدنيا.
*ذكر من قال ذلك:17641- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ، قال: " الحسنى "، الجنة ، " وزيادة " ما أعطاهم في الدنيا ، لا يحاسبهم به يوم القيامة.
وقرءوا : وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا ، [سورة العنكبوت: 27] ، قال: ما آتاه مما يحب في الدنيا، عجل له أجره فيها.
* * *وكان ابن عباس يقول في قوله: (للذين أحسنوا الحسنى) ، بما:-17642- حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (للذين أحسنوا الحسنى) ، يقول: للذين شهدوا أن لا إله إلا الله.
* * *قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تبارك وتعالى وَعَد المحسنين من عباده على إحسانهم الحسنى ، أن يجزيهم على طاعتهم إيّاه الجنة ، وأن تبيض وجوههم، ووعدهم مع الحسنى الزيادة عليها.
ومن الزيادة على إدخالهم الجنة أن يكرمهم بالنظر إليه، وأن يعطيهم غُرفا من لآلئ، وأن يزيدَهم غفرانا ورضوانًا، كل ذلك من زيادات عطاء الله إياهم على الحسنى التي جعلها الله لأهل جناته.
وعمّ ربنا جل ثناؤه بقوله: (وزيادة)، الزيادات على " الحسنى "، فلم يخصص منها شيئًا دون شيء، وغير مستنكَرٍ من فضل الله أن يجمع ذلك لهم، بل ذلك كله مجموع لهم إن شاء الله.
فأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، أن يُعَمَّ ، كما عمَّه عز ذكره.
* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26)قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله: (ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة) ، لا يغشى وجوههم كآبة، ولا كسوف ، حتى تصير من الحزن كأنما علاها قترٌ.
* * *و " القتر " الغبار ، وهو جمع " قَتَرَةٍ" ومنه قول الشاعر: (15)مُتَوَّجٌ بِرِداءِ المُلْكِ يَتْبَعُهُمَوْجٌ تَرَى فَوْقَهُ الرَّاياتِ وَالْقَتَرَا (16)يعني ب " القتر " الغبار.
* * *، (ولا ذلة)، ولا هوان (17) ، ( أولئك أصحاب الجنة ) ، يقول: هؤلاء الذين وصفت صفتهم ، هم أهل الجنة وسكانها ، (18)ومن هو فيها (19) ، ( هم فيها خالدون ) ، يقول : هم فيها ماكثون أبدًا ، لا تبيد ، فيخافوا زوال نعيمهم، ولا هم بمخرجين فتتنغَّص عليهم لذَّتُهم.
(20)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* * *وكان ابن أبي ليلى يقول في قوله: (ولا يرهق وجوههم قتر) ما:-17643- حدثنا محمد بن منصور الطوسي قال ، حدثنا عفان قال ، حدثنا حماد بن زيد قال ، حدثنا زيد، عن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: (ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة)، قال: بعد نظرهم إلى ربِّهم.
(21)17644- حدثني المثنى قال ، حدثنا الحجاج ، ومعلَّى بن أسد قالا حدثنا حماد بن زيد، عن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، بنحوه.
17645- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس، قوله: (ولا يرهق وجوههم قتر) ، قال: سوادُ الوجوه.
------------------------الهوامش :(1) الأثر : 17610 - " عامر بن سعد البجلي " ، تابعي ثقة ، له في الصحيح حديث واحد ، وروايته عن أبي بكر الصديق ، مرسلة .
مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 3 / 1 / 321 .
وهذا الخبر ، أخرجه الآجري في الشريعة ص : 257 ، من طرق ، مرسلًا .
(2) الأثر : 17611 - " سعيد بن نمران الناعطي " ، روى عن أبي بكر الصديق ، روى عنه عامر بن سعد العجلي ، وكان سعيد بن نمران الناعطي ، من أصحاب علي بن أبي طالب ، وضمه إلى عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب ، حين ولاه اليمن ، وشهد اليرموك ، وكان ابنه مسافر بن سعيد بن نمران من أصحاب المختار ، مترجم في الكبير 2 / 1 / 473 ، وابن أبي حاتم ، 2 / 1 / 68 ، وابن سعد 6 : 56 ، وقال البخاري " سمع أبا بكر " ، ولكن العجيب أن ابن حجر ترجم له في لسان الميزان 3 : 46 ، وقال : " مجهول " ، وكذلك قال الذهبي في ميزان الاعتدال 1 : 392 .
فأخشى أن يكون ذلك تجاوزًا من الذهبي وابن حجر ، وأنهما عنيا بقولهما " مجهول " أن حال روايته وسماعه من أبي بكر هو المجهول ، لا سعيد بن نمران نفسه .
وإلا فكيف يكون مجهولا ، وهو مذكور مترجم ، وله عند الطبري في تاريخه ذكر 4 : 126 ، في حوادث سنة 14 ، في فتح اليرموك ثم في سنة 17 ( 4 : 194 ) في خبر سعد بن أبي وقاص وعمر بن الخطاب ، وأن سعدًا " أرسل إلى قوم من نساب العرب وذوي رأيهم وعقلائهم منهم سعيد بن نمران ، ومشعلة بن نعيم " .
وفي باب ذكر الكتاب من بدء أمر الإسلام ( تاريخ الطبري 7 : 198 ) : " وكان يكتب لعلي ، سعيد بن نمران الهمداني ، ثم ولّى قضاء الكوفة لابن الزبير " .
وذكره وكيع أيضًا في أخبار القضاة 2 : 396 ، 397 ، وقال : " لما قدم علي الكوفة ، ولى سعيد بن نمران الهمداني ثم عزله، وولى مكانه عبيدة السلماني" ثم قال في ص 397 : " فاستقضى ابن الزبير سعيد بن نمران الهمداني، فقضى ثلاث سنين " .
وذكر كتابته لعلي ، الجهشياري في الوزراء والكتاب ص : 23 .
فثبت بهذا أنه معروف مشهور ، وأما " المجهول " ، فهو حال سماعه من أبي بكر ، لولا ما قاله البخاري من أنه سمع أبا بكر .
ومهما يكن من أمر ، فهذا خبر في إسناده نظر .
خرجه السيوطي في الدر المنثور 3 : 306 ، وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة ، وابن خزيمة ، وابن المنذر ، وأبي الشيخ ، والدارقطني ، وابن منده في الرد على الجهمية ، واللالكائي والآجري ، والبيهقي ، كلاهما في الرؤية .
(3) الأثر : 17614 - " مسلم بن نذير السعدي " ، ويقال : " مسلم بن يزيد " ، ويقال إن " يزيد " جده .
روى عن حذيفة ، روى عنه أبو إسحاق السبيعي ، وهو من أهل الكوفة ، كان قليل الحديث ، ويذكرون أنه كان يؤمن بالرجعة .
مترجم في التهذيب ، والكبير 4 / 1 / 273 ، وابن أبي حاتم 4 / 1 / 197 ، 199 في " مسلم بن يزيد السعدي " .
وابن سعد 6 : 159 .
و " نذير " بضم النون ، على التصغير .
(4) الأثر : 17616 - " أبو بكر الهذلي " ، ضعيف بمرة ، مضى مرارًا آخرها رقم : 14690 .
و " أبو تميمة الهجيمي " ، هو " طريف بن مجالد " ، تابعي ثقة .
مترجم في التهذيب ، والكبير 2/2/356 ، وابن أبي حاتم 2/1/492 ، وهذا خبر ضعيف الإسناد ، وسيأتي في الأثرين التاليين .
(5) في المطبوعة : " فينظرون ، إلى ما أعد الله لهم من الكرامة ، فيرون " ، زاد على المخطوطة ما ليس فيها ، أظنه فعله متابعًا لما جاء في الأثر السالف .
(6) الأثر : 17617 - هو مكرر الذي قبله مطولا ، وهو ضعيف بمرة ، لضعف " أبي بكر الهذلي " ، كما سلف .
(7) في المخطوطة " يسمع ألهم آخرهم " ، وكأن الصواب ما في المطبوعة .
(8) الأثر : 17618 - " شبيب بن سعيد التيمي الحبطي " ، أحاديثه مستقيمة ، ومضى برقم : 6613 ، 12085 ، غير أن ابن وهب حدث عنه بأحاديث مناكير ، قال ابن عدي : " ولعل شبيبًا لما قدم مصر في تجارته ، كتب عنه ابن وهب من حفظه ، فغلط ووهم .
وأرجو أن لا يتعمد الكذب وإذا حدث عنه ابنه أحمد ، فكأنه شبيب آخر يعني ، يجود " .
و " أبان " ، هو " أبان بن أبي عياش فيروز " ، مولى عبد القيس ، كان رجلا صالحًا سخيًّا ، فيه غفلة ، يهم في الحديث ويخطئ فيه حتى أسقطوا روايته ، وحتى قال فيه شعبة : " لأن أشرب من بول حماري أحب إلي من أن أقول : حدثني أبان ، ولأن يزني الرجل ، خير من أن يروى من أبان " .
ومضى برقم : 6728 .
فهذا أيضًا خبر هالك الإسناد .
وخبر أبي موسى الأشعري ، خرجه السيوطي في الدر المنثور 3 : 305 ، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم ، والدارقطني في الرؤية ، وابن مردويه .
(9) الأثر : 17620 - الآثار من رقم : 17619 إلى رقم : 17623 ، راجع آخر التعليق التالي .
(10) الأثر : 17626 - هذا خبر صحيح ، رواه مسلم في صحيحه 3 : 16 ، 17 ، من طريق عبد الرحمن بن مهدي ، عن حماد بن سلمة ، ومن طريق يزيد بن هارون عن حماد.
ورواه أبو داود الطياليسي في مسنده ص:186 رقم 2315، روايته عن حماد بن سلمة.
ورواه أحمد في مسنده ( 4 : 332 ، 333 ) من ثلاث طرق ، من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن حماد ، ومن طريق يزيد بن هارون عن حماد ، ومن طريق عفان عن حماد ، ثم رواه في مسنده ( 6 : 15 ) من طريق يزيد ، عن حماد .
ورواه ابن ماجه في سننه ص 67 ، رقم : 187 من طريق حجاج بن المنهال ، عن حماد .
ورواه الترمذي في كتاب التفسير من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن حماد ، ثم قال : " حديث حماد بن سلمة، هكذا رواه غير واحد عن حماد بن سلمة مرفوعا، وروى سليمان بن المغيرة هذا الحديث عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قوله ، ولم يذكر فيه : عن صهيب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم " .
وهذا الذي أشار إليه الترمذي ، هو ما رواه أبو جعفر من رقم : 17619 - 17623 .
ورواه الآجري في الشريعة : 261 من طريق يزيد بن هارون عن حماد ، ومن طريق هناد بن السري ، عن قبيصة بن عقبة ، عن حماد .
(11) الأثر : 17627 - " سعيد بن نمران " مضى برقم : 17611 ، ولم يذكر أن أبا إسحاق السبيعي ، سمع من سعيد بن نمران ، وظاهر أن بينهما " عامر بن سعد " ، كما سلف في الآثار من رقم : 17610 - 17613 .
(12) الأثر : 17631 - " إبراهيم بن المختار التميمي " ، " حبويه " ، " أبو إسماعيل الرازي " .
روى عن شعبة ، ومالك ، وابن جريج ، وغيرهم .
قال ابن معين : " ليس بذاك " ، وقال البخاري : " فيه نظر " ، وقال ابن حبان في الثقات : " يتقي حديثه من رواية ابن حميد عنه " .
مترجم في التهذيب والكبير 1 / 1 / 329 ، وابن أبي حاتم 1 / 1 / 138 ، وميزان الاعتدال 1 : 31 .
و" عطاء " ، هو " عطاء بن أبي مسلم الخراساني " وهو " عطاء بن ميسرة " ، مضى مرارًا .
وروى عن الصحابة مرسلا ، كابن عباس ، وعدي بن عدي الكندي ، والمغيرة بن شعبة ، وأبي هريرة ، وأبي الدرداء ، وأنس ، وكعب بن عجرة ، ومعاذ بن جبل ، وغيرهم .
فهذا خبر ضعيف الإسناد لضعف " إبراهيم بن المختار " ، ولأنه من مرسل عطاء عن كعب بن عجرة .
(13) الأثر : 17633 - هذا خبر ضعيف إسناده ، لجهالة من روى عن أبي العالية .
(14) الأثر : 17634 - " الحكم " ، هو " الحكم بن عتيبة الكندي " مضى مرارًا ، والثابت سماعه من التابعين ، فإنه ولد سنة 50 ، ومات سنة 113 ، وكان فيه تشيع إلا أن ذلك لم يظهر منه .
فهذا حديث ضعيف لإرساله عن علي .
(15) هو الفرزدق .
(16) ديوانه : 290 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 277 ، واللسان ( قتر ) ، وغيرها ، ورواية ديوانه " معتصب برداء الملك " ، وهذا بيت من قصيدة مدح فيها بشر بن مروان ، وقبله :كُلُّ امْرِئٍ لِلْخَوْفِ أَمَّنَهُبِشْرُ بْنُ مَرْوَانَ وَالمَذْعُورُ مَنْ ذَعَرَافَرْعٌ تَفَرَّعَ فِي الأَعْياصِ مَنْصِبُهُوالعامِرَيْنِ , لَهُ العِرنَيْنُ مِنْ مُضَرَا(17) انظر تفسير " الذلة " فيما سلف 13 : 133 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
(18) انظر تفسير " أصحاب الجنة " فيما سلف من فهارس اللغة (صحب ) .
(19) في المطبوعة : " ومن هم فيها " ، غير ما في المخطوطة لغير طائل .
(20) انظر تفسير " الخلود " فيما سلف من فهارس اللغة (خلد ) .
(21) الأثر : 17643 - " محمد بن منصور بن داود الطوسي " ، شيخ الطبري ، مضى برقم : 6653 .

﴿ للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون ﴾

قراءة سورة يونس

المصدر : تفسير : للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم