القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 29 سورة النساء - ياأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم

سورة النساء الآية رقم 29 : سبع تفاسير معتمدة

سورة ياأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم - عدد الآيات 176 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 29 من سورة النساء عدة تفاسير - سورة النساء : عدد الآيات 176 - - الصفحة 83 - الجزء 5.

سورة النساء الآية رقم 29


﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ إِلَّآ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً عَن تَرَاضٖ مِّنكُمۡۚ وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمۡ رَحِيمٗا ﴾
[ النساء: 29]

﴿ التفسير الميسر ﴾

يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، لا يحل لكم أن يأكل بعضكم مال بعض بغير حق، إلا أن يكون وَفْقَ الشرع والكسب الحلال عن تراض منكم، ولا يقتل بعضكم بعضًا فتهلكوا أنفسكم بارتكاب محارم الله ومعاصيه. إن الله كان بكم رحيمًا في كل ما أمركم به، ونهاكم عنه.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

«يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل» بالحرام في الشرع كالربا والغصب «إلا» لكن «أن تكون» تقع «تجارة» وفي قراءة بالنصب أن تكون الأموال أموال تجارة صادرة «عن تراضى منكم» وطيب نفس فلكم أن تأكلوها «ولا تقتلوا أنفسكم» بارتكاب ما يؤدي إلى هلاكها أيّا كان في الدنيا أو الآخرة بقرينة «إن الله كان بكم رحيما» في منعه لكم من ذلك.

﴿ تفسير السعدي ﴾

ينهى تعالى عباده المؤمنين أن يأكلوا أموالهم بينهم بالباطل، وهذا يشمل أكلها بالغصوب والسرقات، وأخذها بالقمار والمكاسب الرديئة.
بل لعله يدخل في ذلك أكل مال نفسك على وجه البطر والإسراف، لأن هذا من الباطل وليس من الحق.
ثم إنه -لما حرم أكلها بالباطل- أباح لهم أكلها بالتجارات والمكاسب الخالية من الموانع، المشتملة على الشروط من التراضي وغيره.
وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أي: لا يقتل بعضكم بعضًا، ولا يقتل الإنسان نفسه.
ويدخل في ذلك الإلقاءُ بالنفس إلى التهلكة، وفعلُ الأخطار المفضية إلى التلف والهلاك إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ومن رحمته أن صان نفوسكم وأموالكم، ونهاكم عن إضاعتها وإتلافها، ورتب على ذلك ما رتبه من الحدود.
وتأمل هذا الإيجاز والجمع في قوله: لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ كيف شمل أموال غيرك ومال نفسك وقتل نفسك وقتل غيرك بعبارة أخصر من قوله: "لا يأكل بعضكم مال بعض" و "لا يقتل بعضكم بعضًا" مع قصور هذه العبارة على مال الغير ونفس الغير فقط.
مع أن إضافة الأموال والأنفس إلى عموم المؤمنين فيه دلالة على أن المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم ومصالحهم كالجسد الواحد، حيث كان الإيمان يجمعهم على مصالحهم الدينية والدنيوية.
ولما نهى عن أكل الأموال بالباطل التي فيها غاية الضرر عليهم، على الآكل، ومن أخذ ماله، أباح لهم ما فيه مصلحتهم من أنواع المكاسب والتجارات، وأنواع الحرف والإجارات، فقال: إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ أي: فإنها مباحة لكم.
وشرط التراضي -مع كونها تجارة- لدلالة أنه يشترط أن يكون العقد غير عقد ربا لأن الربا ليس من التجارة، بل مخالف لمقصودها، وأنه لا بد أن يرضى كل من المتعاقدين ويأتي به اختيارًا.
ومن تمام الرضا أن يكون المعقود عليه معلوما، لأنه إذا لم يكن كذلك لا يتصور الرضا مقدورًا على تسليمه، لأن غير المقدور عليه شبيه ببيع القمار، فبيع الغرر بجميع أنواعه خال من الرضا فلا ينفذ عقده.
وفيها أنه تنعقد العقود بما دل عليها من قول أو فعل، لأن الله شرط الرضا فبأي طريق حصل الرضا انعقد به العقد.
ثم ختم الآية بقوله: إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ومن رحمته أن عصم دماءكم وأموالكم وصانها ونهاكم عن انتهاكها.


﴿ تفسير البغوي ﴾

قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ) بالحرام ، يعني : بالربا والقمار والغصب والسرقة والخيانة ونحوها ، وقيل : هو العقود الفاسدة ( إلا أن تكون تجارة ) ، قرأ أهل الكوفة ( تجارة ) نصب على خبر كان ، أي : إلا أن تكون الأموال تجارة ، وقرأ الآخرون بالرفع ، أي : إلا أن تقع تجارة ، ( عن تراض منكم ) أي : بطيبة نفس كل واحد منكم .
وقيل : هو أن يجيز كل واحد من المتبايعين صاحبه بعد البيع ، فيلزم ، وإلا فلهما الخيار ما لم يتفرقا لما أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أخبرنا زاهر بن أحمد ، أنا أبو إسحاق الهاشمي ، أنا أبو مصعب ، عن مالك ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " المتبايعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ، ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار " .
( ولا تقتلوا أنفسكم ) قال أبو عبيدة : أي لا تهلكوها ، كما قال : " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " ( البقرة - 195 ) ، وقيل : لا تقتلوا أنفسكم بأكل المال بالباطل .
وقيل : أراد به قتل المسلم نفسه ، أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب ، أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، أنا أبو العباس الأصم ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، أنا ابن عيينة ، عن أيوب ، عن أبي قلابة عن ثابت بن الضحاك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة " .
حدثنا أبو الفضل زياد بن محمد الحنفي ، أخبرنا أبو معاذ عبد الرحمن المزني ، أنا أبو إسحاق إبراهيم بن حماد القاضي ، أنا أبو موسى الزمن ، أنا وهب بن جرير ، أخبرنا أبي ، قال سمعت الحسن : أخبرنا جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خرج برجل فيمن كان قبلكم أراب فجزع منه ، فأخرج سكينا فحز بها يده فما رقأ الدم حتى مات " فقال الله عز وجل : بادرني عبدي بنفسه فحرمت عليه الجنة "وقال الحسن : ( ولا تقتلوا أنفسكم ) يعني : إخوانكم ، أي : لا يقتل بعضكم بعضا ، ( إن الله كان بكم رحيما ) أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، أنا محمد بن إسماعيل ، أنا سليمان بن حرب ، أنا شعبة ، عن علي بن مدرك ، قال : سمعت أبا زرعة بن عمرو بن جرير عن جده قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع : " استنصت الناس " ثم قال : " لا ترجعن بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض " .

﴿ تفسير الوسيط ﴾

والمراد بالأكل في قوله لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ مطلق الأخذ الذي يشمل سائر التصرفات التي نهى الله عنها.
وخص الأكل بالذكر لأن المقصود الأعظم من الأموال هو التصرف فيها بالأكل.
والباطل: اسم لكل تصرف لا يبيحه الشرع كالربا والقمار والرشوة والغصب والسرقة والخيانة والظلم إلى غير ذلك من التصرفات المحرمة.
والمعنى.
يا أيها المؤمنون لا يحل لكم أن يأكل بعضكم مال غيره بطريقة باطلة لا يقرها الشرع، ولا يرتضيها الدين، كما أنه لا يحل لكم أن تتصرفوا في الأموال التي تملكونها تصرفا منهيا عنه بأن تنفقوها في وجوه المعاصي التي نهى الله عنها فإن ذلك يتنافى مع طبيعة هذا الدين الذي آمنتم به.
وناداهم- سبحانه- بصفة الإيمان، لتحريك حرارة العقيدة في قلوبهم وإغرائهم بالاستجابة لما أمروا به أو نهوا عنه.
وفي قوله أَمْوالَكُمْ إشارة إلى أن هذه الأموال هي نعمة من الله لنا، وأن على الأمة جميعها أن تصون هذه الأموال عن التصرفات الباطلة التي لا تبيحها شريعة الله.
وفي قوله بَيْنَكُمْ إشارة إلى أن تبادل الأموال بين الأفراد والجماعات يجب أن يكون على أساس من الحق والعدل ولا يكون بالباطل أو بالظلم.
والاستثناء في قوله إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ استثناء منقطع لأن التجارة ليست من جنس الأموال المأكولة بالباطل.
والمعنى: لا يحل لكم- أيها المؤمنون- أن تتصرفوا في أموالكم بالطرق المحرمة، لكن يباح لكم أن تتصرفوا فيها بالتجارة الناشئة عن تراض فيما بينكم لأنه لا يحل لمسلم أن يقتطع مال أخيه المسلم إلا عن طيب نفس منه.
والتجارة: اسم يقع على عقود المعاوضات التي يقصد بها طلب الربح.
وخصت بالذكر من بين سائر أسباب الملك لكونها أغلب وقوعا ولأن أسباب الرزق أكثرها متعلق بها.
أخرج الأصبهانى عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أطيب الكسب كسب التجار الذين إذا حدثوا لم يكذبوا، وإذا وعدوا لم يخلفوا، وإذا ائتمنوا لم يخونوا، وإذا اشتروا لم يذموا، وإذا باعوا لم يمدحوا، وإذا كان عليهم لم يمطلوا، وإذا كان لهم لم يعسروا) .
وكلمة تِجارَةً قرأها عاصم وحمزة والكسائي بالنصب على أنها خبر لكان الناقصة، واسم كان ضمير يعود على الأموال أى إلا أن تكون الأموال المتداولة بينكم تجارة صادرة عن تراض منكم.
وقرأها الباقون بالرفع على أنها فاعل لكان التامة أى: إلا أن تقع تجارة بينكم عن تراض منكم.
وقوله عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ صفة لقوله تِجارَةً ولفظ عَنْ للمجاوزة أى: إلا أن تكون تجارة صادرة عن تراض كائن منكم.
والتراضي: هو الرضا من الجانبين بما يدل عليه من لفظ أو عرف، وهو أساس العقود بصفة عامة، وأساس المبادلات المالية بصفة خاصة، فلا بيع ولا شراء ولا إجارة ولا شركة ولا غيرها من عقود التجارة ما لم يتحقق الرضا.
قال بعضهم: وحقيقة التراضي لا يعلمها إلا الله- تعالى- والمراد ها هنا أمارته.
كالإيجاب والقبول وكالتعاطى عند القائل به.
وقد قال- تعالى- إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ فدل ذلك على أن مجرد التراضي هو المناط.
ولا بد من الدلالة عليه بلفظ أو إشارة أو كتابة، بأى لفظ وقع وعلى أى صفة كان، وبأى إشارة مفيدة حصل» .
وقال الآلوسى: والمراد بالتراضي مراضاة المتبايعين بما تعاقدوا عليه في حال المبايعة وقت الإيجاب والقبول عندنا.
وعند المالكية والشافعية حالة الافتراق عن مجلس العقد وقيل التراضي: التخيير بعد البيع .
.
.
».
هذا، وظاهر قوله- تعالى- إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ يفيد إباحة جميع أنواع التجارات ما دام قد حصل التراضي بين المتعاقدين، ولكن هذا الظاهر غير مراد لأن الشارع قد حرم المتاجرة في أشياء معينة حتى ولو تم التراضي بين المتعاقدين فيها، وذلك مثل المتاجرة في الخمر والميتة ولحم الخنزير، ومثل بيع الغرر والعبد الآبق ونحو ذلك مما نهى عنه الشارع من العقود والمعاملات.
وقوله وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ معطوف على ما قبله.
وللعلماء في تأويله اتجاهات: فمنهم من يرى أن معناه: ولا يقتل بعضكم بعضا، فإن قتل بعضكم لبعض قتل لأنفسكم.
والتعبير عن قتل بعضهم لبعض بقتل أنفسهم للمبالغة في الزجر عن هذا الفعل، وبتصويره بصورة مالا يكاد يفعله عاقل.
وإلى هذا المعنى اتجه الفخر الرازي فقد قال: اتفقوا على أن هذا نهى عن أن يقتل بعضهم بعضا.
وإنما قال: أَنْفُسَكُمْ لقوله صلى الله عليه وسلم «المؤمنون كنفس واحدة» .
ولأن العرب يقولون:قتلنا ورب الكعبة إذا قتل بعضهم لأن قتل بعضهم يحرى مجرى قتلهم».
ومنهم من يرى أن معناه النهى عن قتل الإنسان لنفسه.
ومن ذلك ما أخرجه الشيخان عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا.
ومن تحسى سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا.
ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ- أى يطعن- بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا».
وروى مسلم عن جابر بن سمرة قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم برجل قتل نفسه بمشاقص- أى سهام عراض واحدها مشقص- فلم يصل عليه.
ومنهم من يرى أن معناه: لا تقتلوا أنفسكم بأكل بعضكم أموال بعض وبارتكابكم للمعاصي التي نهى الله عنها، فإن ذلك يؤدى إلى إفساد أمركم، وذهاب ريحكم، وتمزق وحدتكم، ولا قتل للأمم والجماعات أشد من فساد أمرها، وذهاب ريحها.
وقد ذهب إلى هذا المعنى الإمام ابن كثير فقد قال: وقوله: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أى بارتكاب محارم الله- وتعاطى معاصيه، وأكل أموالكم بينكم بالباطل».
والذي نراه أن الجملة الكريمة تتناول كل هذه الاتجاهات، فهي تنهى المسلم عن أن يقتل نفسه، كما أنها تنهاه عن أن يقتل غيره، وهي أيضا تنهاه عن ارتكاب المعاصي التي تؤدى إلى هلاكه.
وقدم- سبحانه- النهى عن أكل الأموال بالباطل على النهى عن قتل الأنفس مع أن الثاني أخطر، للإشعار بالتدرج في النهى من الشديد إلى الأشد ولأن وقوعهم في أكل الأموال بالباطل كان أكثر منهم وأسهل عليهم من وقوعهم في القتل.
وقد ختم- سبحانه- الآية الكريمة بقوله: إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً لبيان أن ما نهى الله عنه من محرمات، وما أباحه من مباحات، إنما هو من باب الرحمة بالناس، وعدم المشقة عليهم.
فالله- تعالى- رءوف بعباده ومن مظاهر ذلك أنه لم يكلفهم إلا بما هو في قدرتهم واستطاعتهم.
وهذه الآية الكريمة أصل عظيم في حرمة الأموال والأنفس.
ولقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى في خطبته في حجة الوداع حيث قال: «إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا» .

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

نهى تبارك وتعالى عباده المؤمنين عن أن يأكلوا أموال بعضهم بعضا بالباطل ، أي : بأنواع المكاسب التي هي غير شرعية ، كأنواع الربا والقمار ، وما جرى مجرى ذلك من سائر صنوف الحيل ، وإن ظهرت في غالب الحكم الشرعي مما يعلم الله أن متعاطيها إنما يريد الحيلة على الربا ، حتى قال ابن جرير :حدثني ابن المثنى ، حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا داود ، عن عكرمة ، عن ابن عباس - في الرجل يشتري من الرجل الثوب فيقول : إن رضيته أخذته وإلا رددته ورددت معه درهما - قال : هو الذي قال الله عز وجل : ( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل )وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن حرب الموصلي ، حدثنا ابن فضيل ، عن داود الأودي عن عامر ، عن علقمة ، عن عبد الله [ ( ياأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ) ] قال : إنها [ كلمة ] محكمة ، ما نسخت ، ولا تنسخ إلى يوم القيامة .وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : لما أنزل الله : ( ياأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ) قال المسلمون : إن الله قد نهانا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل ، والطعام هو أفضل الأموال ، فلا يحل لأحد منا أن يأكل عند أحد ، فكيف للناس ! فأنزل الله بعد ذلك : ( ليس على الأعمى حرج ) [ النور : 61 ] الآية ، [ وكذا قال قتادة بن دعامة ] .وقوله : ( إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ) قرئ : تجارة بالرفع وبالنصب ، وهو استثناء منقطع ، كأنه يقول : لا تتعاطوا الأسباب المحرمة في اكتساب الأموال ، لكن المتاجر المشروعة التي تكون عن تراض من البائع والمشتري فافعلوها وتسببوا بها في تحصيل الأموال . كما قال [ الله ] تعالى : ( ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ) [ الأنعام : 151 ] ، وكقوله ( لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ) [ الدخان : 56 ] .ومن هذه الآية الكريمة احتج الشافعي [ رحمه الله ] على أنه لا يصح البيع إلا بالقبول; لأنه يدل على التراضي نصا ، بخلاف المعاطاة فإنها قد لا تدل على الرضا ولا بد ، وخالف الجمهور في ذلك مالك وأبو حنيفة وأحمد وأصحابهم ، فرأوا أن الأقوال كما تدل على التراضي ، وكذلك الأفعال تدل في بعض المحال قطعا ، فصححوا بيع المعاطاة مطلقا ، ومنهم من قال : يصح في المحقرات ، وفيما يعده الناس بيعا ، وهو احتياط نظر من محققي المذهب ، والله أعلم .قال مجاهد : ( إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ) بيعا أو عطاء يعطيه أحد أحدا . ورواه ابن جرير [ ثم ] قال :وحدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن القاسم ، عن سليمان الجعفي ، عن أبيه ، عن ميمون بن مهران قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " البيع عن تراض والخيار بعد الصفقة ولا يحل لمسلم أن يغش مسلما " . هذا حديث مرسل .ومن تمام التراضي إثبات خيار المجلس ، كما ثبت في الصحيحين : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا " وفي لفظ البخاري : " إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا " .وذهب إلى القول بمقتضى هذا الحديث الشافعي ، وأحمد [ بن حنبل ] وأصحابهما ، وجمهور السلف والخلف . ومن ذلك مشروعية خيار الشرط بعد العقد إلى ثلاثة أيام ، [ كما هو متفق عليه بين العلماء إلى ما هو أزيد من ثلاثة أيام ] بحسب ما يتبين فيه مال البيع ، ولو إلى سنة في القرية ونحوها ، كما هو المشهور عن مالك ، رحمه الله . وصححوا بيع المعاطاة مطلقا ، وهو قول في مذهب الشافعي ، ومنهم من قال : يصح بيع المعاطاة في المحقرات فيما يعده الناس بيعا ، وهو اختيار طائفة من الأصحاب .وقوله : ( ولا تقتلوا أنفسكم ) أي : بارتكاب محارم الله وتعاطي معاصيه وأكل أموالكم بينكم بالباطل ( إن الله كان بكم رحيما ) أي : فيما أمركم به ، ونهاكم عنه .قال الإمام أحمد : حدثنا حسن بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا يزيد بن أبي حبيب ، عن عمران بن أبي أنس ، عن عبد الرحمن بن جبير ، عن عمرو بن العاص ، رضي الله عنه ، أنه قال لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم عام ذات السلاسل قال : احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك ، فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح ، قال : فلما قدمت على رسول الله صلى عليه وسلم ذكرت ذلك له ، فقال : " يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب! " قال : قلت يا رسول الله إني احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد ، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك ، فذكرت قول الله [ عز وجل ] ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ) فتيممت ثم صليت . فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئا .وهكذا رواه أبو داود من حديث يحيى بن أيوب ، عن يزيد بن أبي حبيب ، به . ورواه أيضا عن محمد بن أبي سلمة ، عن ابن وهب ، عن ابن لهيعة وعمر بن الحارث ، كلاهما عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عمران بن أبي أنس ، عن عبد الرحمن بن جبير المصري ، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص ، عنه ، فذكر نحوه . وهذا ، والله أعلم ، أشبه بالصواب .وقال أبو بكر بن مردويه : حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن حامد البلخي ، حدثنا محمد بن صالح بن سهل البلخي ، حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري ، حدثنا يوسف بن خالد ، حدثنا زياد بن سعد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أن عمرو بن العاص صلى بالناس وهو جنب ، فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له ، فدعاه فسأله عن ذلك ، فقال : يا رسول الله ، خفت أن يقتلني البرد ، وقد قال الله تعالى : ( ولا تقتلوا أنفسكم [ إن الله كان بكم رحيما ] ) قال : فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم .ثم أورد ابن مردويه عند هذه الآية الكريمة من حديث الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده ، يجأ بها بطنه يوم القيامة في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ، ومن قتل نفسه بسم ، فسمه في يده ، يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ، ومن تردى من جبل فقتل نفسه ، فهو مترد في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا " .وهذا الحديث ثابت في الصحيحين وكذلك رواه أبو الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه ، وعن أبي قلابة ، عن ثابت بن الضحاك ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة " . وقد أخرجه الجماعة في كتبهم من طريق أبي قلابة وفي الصحيحين من حديث الحسن ، عن جندب بن عبد الله البجلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كان رجل ممن كان قبلكم وكان به جرح ، فأخذ سكينا نحر بها يده ، فما رقأ الدم حتى مات ، قال الله عز وجل : عبدي بادرني بنفسه ، حرمت عليه الجنة " .

﴿ تفسير القرطبي ﴾

قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيمافيه تسع مسائل :الأولى : قوله تعالى : بالباطل أي بغير حق .
ووجوه ذلك تكثر على ما بيناه ؛ وقد قدمنا معناه في البقرة .
ومن أكل المال بالباطل بيع العربان ؛ وهو أن يأخذ منك السلعة أو يكتري منك الدابة ويعطيك درهما فما فوقه ، على أنه إن اشتراها أو ركب الدابة فهو من ثمن السلعة أو كراء الدابة ؛ وإن ترك ابتياع السلعة أو كراء الدابة فما أعطاك فهو لك .
فهذا لا يصلح ولا يجوز عند جماعة فقهاء الأمصار من الحجازيين والعراقيين ، لأنه من باب بيع القمار والغرر والمخاطرة ، وأكل المال بالباطل بغير عوض ولا هبة ، وذلك باطل بإجماع .
وبيع العربان مفسوخ إذا وقع على هذا الوجه قبل القبض وبعده ، وترد السلعة إن كانت قائمة ، فإن فاتت رد قيمتها يوم قبضها .
وقد روي عن قوم منهم ابن سيرين ومجاهد ونافع بن عبد الحارث وزيد بن أسلم أنهم أجازوا بيع العربان على ما وصفنا .
وكان زيد بن أسلم يقول : أجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو عمر : هذا لا يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجه يصح ، وإنما ذكره عبد الرزاق عن الأسلمي عن زيد بن أسلم مرسلا ؛ وهذا ومثله ليس حجة .
ويحتمل أن يكون بيع العربان الجائز على ما تأوله مالك والفقهاء معه ؛ وذلك أن يعربنه ثم يحسب عربانه من الثمن إذا اختار تمام البيع .
وهذا لا خلاف في جوازه عن مالك وغيره ؛ وفي موطأ مالك عن الثقة عنده عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( نهى عن بيع العربان ) .
قال أبو عمر : قد تكلم الناس في الثقة عنده في هذا الموضع ، وأشبه ما قيل فيه : أنه أخذه عن ابن لهيعة أو عن ابن وهب عن ابن لهيعة ؛ لأن ابن لهيعة سمعه من عمرو بن شعيب ورواه عنه .
حدث به عن ابن لهيعة ابن وهب وغيره ، وابن لهيعة أحد العلماء إلا أنه يقال : إنه احترقت كتبه فكان إذا حدث بعد ذلك من حفظه غلط .
وما رواه عنه ابن المبارك وابن وهب فهو عند بعضهم صحيح .
ومنهم من يضعف حديثه كله .
، وكان عنده علم واسع وكان كثير الحديث ، إلا أن حاله عندهم كما وصفنا .
الثانية : قوله تعالى : إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم هذا استثناء منقطع ، أي ولكن تجارة عن تراض .
والتجارة هي البيع والشراء ؛ وهذا مثل قوله تعالى : وأحل الله البيع وحرم الربا على ما تقدم .
وقرئ " تجارة " ، بالرفع أي إلا أن تقع تجارة ؛ وعليه أنشد سيبويه :فدى لبني ذهل بن شيبان ناقتي إذا كان يوم ذو كواكب أشهبوتسمى هذه كان التامة ؛ لأنها تمت بفاعلها ولم تحتج إلى مفعول .
وقرئ " تجارة " بالنصب ؛ فتكون كان ناقصة ؛ لأنها لا تتم بالاسم دون الخبر ، فاسمها مضمر فيها ، وإن شئت قدرته ، أي إلا أن تكون الأموال أموال تجارة ؛ فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ، وقد تقدم هذا ؛ ومنه قوله تعالى : وإن كان ذو عسرة .
الثالثة : قوله تعالى : تجارة التجارة في اللغة عبارة عن المعاوضة ؛ ومنه الأجر الذي يعطيه البارئ سبحانه العبد عوضا عن الأعمال الصالحة التي هي بعض من فعله ؛ قال الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم .
وقال تعالى : يرجون تجارة لن تبور .
وقال تعالى : إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم الآية .
فسمى ذلك كله بيعا وشراء على وجه المجاز ، تشبيها بعقود الأشربة والبياعات التي تحصل بها الأغراض ، وهي نوعان : تقلب في الحضر من غير نقلة ولا سفر ، وهذا تربص واحتكار قد رغب عنه أولو الأقدار ، وزهد فيه ذوو الأخطار .
والثاني تقلب المال بالأسفار ونقله إلى الأمصار ، فهذا أليق بأهل المروءة ، وأعم جدوى ومنفعة ، غير أنه أكثر خطرا وأعظم غررا .
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن المسافر وماله لعلى قلت إلا ما وقى الله .
يعني على خطر .
وقيل : في التوراة يا ابن آدم ، أحدث سفرا أحدث لك رزقا .
الطبري : وهذه الآية أدل دليل على فساد قول : .
.
.
.
.
الرابعة : اعلم أن كل معاوضة تجارة على أي وجه كان العوض إلا أن قوله بالباطل أخرج منها كل عوض لا يجوز شرعا من ربا أو جهالة أو تقدير عوض فاسد كالخمر والخنزير وغير ذلك .
وخرج منها أيضا كل عقد جائز لا عوض فيه ؛ كالقرض والصدقة والهبة لا للثواب .
وجازت عقود التبرعات بأدلة أخرى مذكورة في مواضعها .
فهذان طرفان متفق عليهما .
وخرج منها أيضا دعاء أخيك إياك إلى طعامه .
روى أبو داود عن ابن عباس في قوله تعالى : لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم فكان الرجل يحرج أن يأكل عند أحد من الناس بعد ما نزلت هذه الآية ؛ فنسخ ذلك بالآية الأخرى التي في " النور " ؛ فقال : ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم إلى قوله أشتاتا ؛ فكان الرجل الغني يدعو الرجل من أهله إلى طعامه فيقول : إني لأجنح أن آكل منه - والتجنح الحرج ويقول : المسكين أحق به مني .
فأحل في ذلك أن يأكلوا مما ذكر اسم الله عليه ، وأحل طعام أهل الكتاب .
الخامسة : لو اشتريت من السوق شيئا ؛ فقال لك صاحبه قبل الشراء : ذقه وأنت في حل ؛ فلا تأكل منه ؛ لأن إذنه بالأكل لأجل الشراء ؛ فربما لا يقع بينكما شراء فيكون ذلك شبهة ، ولكن لو وصف لك صفة فاشتريته فلم تجده على تلك الصفة فأنت بالخيار .
السادسة : والجمهور على جواز الغبن في التجارة ؛ مثل أن يبيع رجل ياقوتة به بدرهم وهي تساوي مائة فذلك جائز ، وأن المالك الصحيح الملك جائز له أن يبيع ماله الكثير بالتافه اليسير ، وهذا ما لا اختلاف فيه بين العلماء إذا عرف قدر ذلك ، كما تجوز الهبة لو وهب .
واختلفوا فيه إذا لم يعرف قدر ذلك ؛ فقال قوم : عرف قدر ذلك أو لم يعرف فهو جائز إذا كان رشيدا حرا بالغا .
وقالت فرقة : الغبن إذا تجاوز الثلث مردود ، وإنما أبيح منه المتقارب المتعارف في التجارات ، وأما المتفاحش الفادح فلا ؛ وقاله ابن وهب من أصحاب مالك رحمه الله .
والأول أصح ؛ لقوله عليه السلام في حديث الأمة الزانية .
فليبعها ولو بضفير وقوله عليه السلام لعمر : لا تبتعه يعني الفرس - ولو أعطاكه بدرهم واحد وقوله عليه السلام : دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض وقوله عليه السلام : لا يبع حاضر لباد وليس فيها تفصيل بين القليل والكثير من ثلث ولا غيره .
السابعة : قوله تعالى : عن تراض منكم أي عن رضا ، إلا أنها جاءت من المفاعلة إذ التجارة من اثنين .
واختلف العلماء في التراضي ؛ فقالت طائفة : تمامه وجزمه بافتراق الأبدان بعد عقدة البيع ، أو بأن يقول أحدهما لصاحبه : اختر ؛ فيقول : قد اخترت ، وذلك بعد العقدة أيضا فينجزم أيضا وإن لم يتفرقا ؛ قاله جماعة من الصحابة والتابعين ، وبه قال الشافعي والثوري والأوزاعي والليث وابن عيينة وإسحاق وغيرهم .
قال الأوزاعي : هما بالخيار ما لم يتفرقا ؛ إلا بيوعا ثلاثة : بيع السلطان المغانم ، والشركة في الميراث ، والشركة في التجارة ؛ فإذا صافقه في هذه الثلاثة فقد وجب البيع وليسا فيه بالخيار .
وقال : وحد التفرقة أن يتوارى كل واحد منهما عن صاحبه ؛ وهو قول أهل الشام .
وقال الليث : التفرق أن يقوم أحدهما .
وكان أحمد بن حنبل يقول : هما بالخيار أبدا ما لم يتفرقا بأبدانهما ، وسواء قالا : اخترنا أو لم يقولاه حتى يفترقا بأبدانهما من مكانهما ؛ وقاله الشافعي أيضا .
وهو الصحيح في هذا الباب للأحاديث الواردة في ذلك .
وهو مروي عن ابن عمر وأبي برزة وجماعة من العلماء .
وقال مالك وأبو حنيفة : تمام البيع هو أن يعقد البيع بالألسنة فينجزم العقد بذلك ويرتفع الخيار .
قال محمد بن الحسن : معنى قوله في الحديث البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أن البائع إذا قال : قد بعتك ، فله أن يرجع ما لم يقل المشتري قد قبلت .
وهو قول أبي حنيفة ، ونص مذهب مالك أيضا ، حكاه ابن خويز منداد .
وقيل : ليس له أن يرجع .
وقد مضى في " البقرة " .
واحتج الأولون بما ثبت من حديث سمرة بن جندب وأبي برزة وابن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص وأبي هريرة وحكيم بن حزام وغيرهم عن النبي صلى الله عليه وسلم البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو يقول أحدهما لصاحبه اختر .
رواه أيوب عن نافع عن ابن عمر ؛ فقوله عليه السلام في هذه الرواية : أو يقول أحدهما لصاحبه اختر هو معنى الرواية الأخرى إلا بيع الخيار وقوله : إلا أن يكون بيعهما عن خيار ونحوه .
أي يقول أحدهما بعد تمام البيع لصاحبه : اختر إنفاذ البيع أو فسخه ؛ فإن اختار إمضاء البيع تم البيع بينهم وإن لم يتفرقا .
وكان ابن عمر وهو راوي الحديث إذا بايع أحدا وأحب أن ينفذ البيع مشى قليلا ثم رجع .
وفي الأصول : إن من روى حديثا فهو أعلم بتأويله ، لا سيما الصحابة إذ هم أعلم بالمقال وأقعد بالحال .
وروى أبو داود والدارقطني عن أبي الوضيء قال : كنا في سفر في عسكر فأتى رجل معه فرس فقال له رجل منا : أتبيع هذا الفرس بهذا الغلام ؟ قال : نعم ؛ فباعه ثم بات معنا ، فلما أصبح قام إلى فرسه ، فقال له صاحبنا : ما لك والفرس ! أليس قد بعتنيها ؟ فقال : ما لي في هذا البيع من حاجة .
فقال : ما لك ذلك ، لقد بعتني .
فقال لهما القوم : هذا أبو برزة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتياه ؛ فقال لهما : أترضيان بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالا : نعم .
فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : البيعان بالخيار ما لم يتفرقا وإني لا أراكما افترقتما .
فهذان صحابيان قد علما مخرج الحديث وعملا بمقتضاه ، بل هذا كان عمل الصحابة .
قال سالم : قال ابن عمر : كنا إذا تبايعنا كان كل واحد منا بالخيار ما لم يتفرق المتبايعان .
قال : فتبايعت أنا وعثمان فبعته مالي بالوادي بمال له بخيبر ؛ قال : فلما بعته طفقت أنكص القهقرى ، خشية أن يرادني عثمان البيع قبل أن أفارقه .
أخرجه الدارقطني ثم قال : إن أهل اللغة فرقوا بين فرقت مخففا وفرقت مثقلا ؛ فجعلوه بالتخفيف في الكلام وبالتثقيل في الأبدان .
قال أحمد بن يحيى ثعلب : أخبرني ابن الأعرابي عن المفضل قال : يقال فرقت بين الكلامين مخففا فافترقا وفرقت بين اثنين مشددا فتفرقا ؛ فجعل الافتراق في القول ، والتفرق في الأبدان .
احتجت المالكية بما تقدم بيانه في آية الدين ، وبقوله تعالى : أوفوا بالعقود وهذان قد تعاقدا .
وفي هذا الحديث إبطال الوفاء بالعقود .
قالوا : وقد يكون التفرق بالقول كعقد النكاح ووقوع الطلاق الذي قد سماه الله فراقا ؛ قال الله تعالى : وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وقال تعالى : ولا تكونوا كالذين تفرقوا وقال عليه السلام : تفترق أمتي ولم يقل بأبدانها .
وقد روى الدارقطني وغيره عن عمرو بن شعيب قال : سمعت شعيبا يقول : سمعت عبد الله بن عمرو يقول : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : أيما رجل ابتاع من رجل بيعة فإن كل واحد منهما بالخيار حتى يتفرقا من مكانهما إلا أن تكون صفقة خيار فلا يحل لأحدهما أن يفارق صاحبه مخافة أن يقيله .
قالوا : فهذا يدل على أنه قد تم البيع بينهما قبل الافتراق ؛ لأن الإقالة لا تصح إلا فيما قد تم من البيوع .
قالوا : ومعنى قوله المتبايعان بالخيار أي المتساومان بالخيار ما لم يعقدا فإذا عقدا بطل الخيار فيه .
والجواب : أما ما اعتلوا به من الافتراق بالكلام فإنما المراد بذلك الأديان كما بيناه في " آل عمران " ، وإن كان صحيحا في بعض المواضع فهو في هذا الموضع غير صحيح .
وبيانه أن يقال : خبرونا عن الكلام الذي وقع به الاجتماع وتم به البيع ، أهو الكلام الذي أريد به الافتراق أم غيره ؟ فإن قالوا : هو غيره فقد أحالوا وجاءوا بما لا يعقل ؛ لأنه ليس ثم كلام غير ذلك .
وإن قالوا : هو ذلك الكلام بعينه قيل لهم : كيف يجوز أن يكون الكلام الذي به اجتمعا وتم به بيعهما ، به افترقا ، هذا عين المحال والفاسد من القول .
وأما قوله : ولا يحل له أن يفارق صاحبه مخافة أن يقيله فمعناه - إن صح - على الندب ؛ بدليل قوله عليه السلام .
من أقال مسلما أقاله الله عثرته وبإجماع المسلمين على أن ذلك يحل لفاعله على خلاف ظاهر الحديث ، ولإجماعهم أنه جائز له أن يفارقه لينفذ بيعه ولا يقيله إلا أن يشاء .
وفيما أجمعوا عليه من ذلك رد لرواية من روى ( لا يحل ) فإن لم يكن وجه هذا الخبر الندب ، وإلا فهو باطل بالإجماع .
وأما تأويل " المتبايعان " بالمتساومين فعدول عن ظاهر اللفظ ، وإنما معناه المتبايعان بعد عقدهما مخيران ما داما في مجلسهما ، إلا بيعا يقول أحدهما لصاحبه فيه : اختر فيختار ؛ فإن الخيار ينقطع بينهما وإن لم يتفرقا ؛ فإن فرض خيار فالمعنى : إلا بيع الخيار فإنه يبقى الخيار بعد التفرد بالأبدان .
وتتميم هذا الباب في كتب الخلاف .
وفي قول عمرو بن شعيب " سمعت أبي يقول " دليل على صحة حديثه ؛ فإن الدارقطني قال حدثنا أبو بكر النيسابوري حدثنا محمد بن علي الوراق قال : قلت لأحمد بن حنبل : شعيب سمع من أبيه شيئا ؟ قال : يقول حدثني أبي .
قال : فقلت : فأبوه سمع من عبد الله بن عمرو ؟ قال : نعم ، أراه قد سمع منه .
قال الدارقطني سمعت أبا بكر النيسابوري يقول : هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص ، وقد صح سماع عمرو بن شعيب من أبيه شعيب وسماع شعيب من جده عبد الله بن عمرو .
الثامنة : روى الدارقطني عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : التاجر الصدوق الأمين المسلم مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة .
ويكره للتاجر أن يحلف لأجل ترويج السلعة وتزيينها ، أو يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في عرض سلعته ؛ وهو أن يقول : صلى الله على محمد ! ما أجود هذا .
ويستحب للتاجر ألا تشغله تجارته عن أداء الفرائض ؛ فإذا جاء وقت الصلاة ينبغي أن يترك تجارته حتى يكون من أهل هذه الآية : رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وسيأتي .
التاسعة : وفي هذه الآية مع الأحاديث التي ذكرناها ما يرد قول من ينكر طلب الأقوات بالتجارات والصناعات من المتصوفة الجهلة ؛ لأن الله تعالى حرم أكلها بالباطل وأحلها بالتجارة ، وهذا بين .
قوله تعالى : ولا تقتلوا أنفسكم فيه مسألة واحدة - قرأ الحسن " تقتلوا " على التكثير .
وأجمع أهل التأويل على أن المراد بهذه الآية النهي أن يقتل بعض الناس بعضا .
ثم لفظها يتناول أن يقتل الرجل نفسه بقصد منه للقتل في الحرص على الدنيا وطلب المال بأن يحمل نفسه على الغرر المؤدي إلى التلف .
ويحتمل أن يقال : ولا تقتلوا أنفسكم في حال ضجر أو غضب ؛ فهذا كله يتناوله النهي .
وقد احتج عمرو بن العاص بهذه الآية حين امتنع من الاغتسال بالماء البارد حين أجنب في غزوة ذات السلاسل خوفا على نفسه منه ؛ فقرر النبي صلى الله عليه وسلم احتجاجه وضحك عنده ولم يقل شيئا .
خرجه أبو داود وغيره ، وسيأتي .

﴿ تفسير الطبري ﴾

القول في تأويل قوله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْقال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: (3) " يا أيها الذين آمنوا "، صدّقوا الله ورسوله =" لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل "، يقول: لا يأكل بعضكم أموالَ بعض بما حرّمَ عليه، من الربا والقمار وغير ذلك من الأمور التي نهاكم الله عنها (4) =" إلا أن تكون تجارةً" .
كما:-9140 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم "، أما " أكلهم أموالهم بينهم بالباطل "، فبالرّبا والقمار والبخس والظلم (5) =" إلا أن تكون تجارة "، ليربح في الدرهم ألفًا إن استطاع.
9141 - حدثني محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن الفضل أبو النعمان قال، حدثنا خالد الطحان، قال، أخبرنا داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله تعالى: " لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل "، قال: الرجل يشتري السلعة فيردّها ويردّ معها درهمًا.
(6)9142 - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا داود، عن عكرمة، عن ابن عباس = في الرجل يشتري من الرجل الثوبَ فيقول: " إن رضيته أخذته وإلا رددته ورددت معه درهمًا "، قال: هو الذي قال الله: " لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ".
* * *وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية بالنهي عن أن يأكل بعضهم طعامَ بعض إلا بشراء.
فأما قِرًى، فإنه كان محظورًا بهذه الآية، حتى نسخ ذلك بقوله في" سورة النور ": لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ الآية [سورة النور: 61].
*ذكر من قال ذلك:9143 - حدثني محمد بن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح، عن الحسن بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة والحسن البصري قالا في قوله: " لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارةً عن تراض منكم " الآية، فكان الرجل يتحرّج أن يأكل عند أحد من الناس بعد ما نزلت هذه الآية، فنسخ ذلك بالآية التي في" سورة النور "، فقال: لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ إلى قوله: جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا (7) فكان الرجل الغنيّ يدعو الرجلَ من أهله إلى الطعام، فيقول: " إني لأتَجَنَّح "! = و " التجنح " التحرّج (8) = ويقول: " المساكين أحق به مني"! (9) فأحل من ذلك أن يأكلوا مما ذكر اسم الله عليه، وأحلّ طعامَ أهل الكتاب.
(10)* * *قال أبو جعفر: وأولى هذين القولين بالصواب في ذلك، قولُ السدي.
وذلك أن الله تعالى ذكره حرّم أكل أموالنا بيننا بالباطل، ولا خلاف بين المسلمين أنّ أكل ذلك حرامٌ علينا، فإنّ الله لم يحلَّ قط أكلَ الأموال بالباطل.
وإذْ كان ذلك كذلك، فلا معنى لقول من قال: " كان ذلك نهيًا عن أكل الرجل طعامَ أخيه قرًى [على وجه ما أذن له]، ثم نُسخ ذلك، (11) لنقل علماء الأمّة جميعًا وجُهَّالها : أن قرَى الضيف وإطعام الطعام كان من حميد أفعال أهل الشرك والإسلام التي حَمِدَ الله أهلها عليها وَندبهم إليها، وأن الله لم يحرّم ذلك في عصر من العصور، بل نَدَب الله عباده وحثهم عليه.
وإذ كان ذلك كذلك، فهو من معنى الأكل بالباطل خارج، ومن أن يكون ناسخًا أو منسوخًا بمعزل.
لأن النسخَ إنما يكون لمنسوخ، ولم يثبت النهي عنه، فيجوز أن يكون منسوخًا بالإباحة.
وإذ كان ذلك كذلك، صحّ القول الذي قلناه: من أنّ الباطل الذي نهى الله عن أكل الأموال به، هو ما وصفنا مما حرمه على عباده في تنزيله أوْ على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم - وشذّ ما خالفه ".
(12)واختلفت القرأة في قراءة قوله: " إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ".
فقرأها بعضهم: ( إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةٌ ) رفعًا، بمعنى: إلا أن توجد تجارة، أو: تقع تجارة، عن تراض منكم، فيحل لكم أكلها حينئذ بذلك المعنى.
ومذهب من قرأ ذلك على هذا الوجه: " إلا أن تكون " تامةً ههنا، (13) لا حاجة بها إلى خَبر، على ما وصفت.
وبهذه القراءة قرأ أكثر أهل الحجاز وأهل البصرة.
* * *وقرأ ذلك آخرون، وهم عامة قرأة الكوفيين: ( إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً ) ، نصبًا، بمعنى: إلا أن تكونَ الأموال التي تأكلونها بينكم، تجارةً عن تراض منكم، فيحل لكم هنالك أكلها.
فتكون " الأموال " مضمرة في قوله: " إلا أن تكون "، و " التجارة " منصوبة على الخبر.
(14)* * *قال أبو جعفر: وكلتا القراءتين عندنا صوابٌ جائزةٌ القراءةُ بهما، لاستفاضتهما في قرأة الأمصار، مع تقارب معانيهما.
غير أن الأمر وإن كان كذلك، فإن قراءة ذلك بالنصب، أعجبُ إليّ من قراءته بالرفع، لقوة النصب من وجهين:أحدهما: أن في" تكون " ذكر من الأموال.
والآخر: أنه لو لم يجعل فيها ذكر منها، ثم أفردت ب " التجارة "، وهي نكرة، كان فصيحًا في كلام العرب النصبُ، إذ كانت مبنيةً على اسم وخبر.
فإذا لم يظهر معها إلا نكرة واحدة، نصبوا ورفعوا، كما قال الشاعر:إِذَا كَانَ طَعْنًا بَيْنَهُمْ وَعِنَاقَا (15)قال أبو جعفر: ففي هذه الآية إبانةٌ من الله تعالى ذكره عن تكذيب قول الجهلة من المتصوِّفة المنكرين طلبَ الأقوات بالتجارات والصناعات، والله تعالى يقول: " يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم "، اكتسابًا منا ذلك بها، (16) كما:-9144 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم "، قال: التجارةُ رزقٌ من رزق الله، وحلالٌ من حلال الله، لمن طلبها بصدقها وبرِّها.
وقد كنا نحدَّث: أن التاجرَ الأمين الصدوقَ مع السبعة في ظلّ العرش يوم القيامة.
(17) .
* * *وأما قوله: " عن تراض "، فإنّ معناه كما:-9145 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تبارك وتعالى: " عن تراض منكم "، في تجارة أو بيع، أو عطاءٍ يعطيه أحدٌ أحدًا.
9146 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " عن تراض منكم " في تجارة، أو بيع، أو عطاء يعطيه أحدٌ أحدًا.
9147 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن القاسم، عن سليمان الجعفي، عن أبيه، عن ميمون بن مهران قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: البيعُ عن تراضٍ، والخيارُ بعد الصفقة، ولا يحلّ لمسلم أن يغشّ مسلمًا.
(18)9148 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج.
قال: قلت لعطاء: المماسحة، بيعٌ هي؟ (19) قال: لا حتى يخيِّره، التخييرُ بعد ما يجبُ البيعُ، إن شاء أخذ، وإن شاء ترك.
* * *واختلف أهل العلم في معنى " التراضي" في التجارة.
فقال بعضهم: هو أن يُخير كل واحد من المتبايعين بعد عقدهما البيعَ بينهما فيما تبايعا فيه، من إمضاء البيع أو نقضه، أو يتفرّقا عن مجلسهما الذي تواجبا فيه البيعَ بأبدانهما، عن تراض منهما بالعقد الذي تعاقداه بينهما قبل التفاسخ.
*ذكر من قال ذلك:9149 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا معاذ بن هشام قال، حدثني أبي، عن قتادة، عن محمد بن سيرين، عن شريح قال: اختصم رجلان باع أحدهما من الآخر بُرْنُسًا، فقال: إني بعتُ من هذا برنسًا، فاسترضيته فلم يُرضني!! فقال: أرضه كما أرضاك.
قال: إني قد أعطيته دراهم ولم يرضَ! قال: أرضه كما أرضاك.
قال: قد أرضيته فلم يرض! فقال: البيِّعان بالخيار ما لم يتفرَّقا.
(20)9150 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا سفيان، عن عبد الله بن أبي السفر، عن الشعبي، عن شريح قال: البيِّعان بالخيار ما لم يتفرّقا.
(21)9151 - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن الحكم، عن شريح مثله.
9152 - حدثنا ابن المثنى قال حدثنا محمد قال، حدثنا شعبة، عن جابر قال، حدثني أبو الضحى، عن شريح أنه قال: البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا = قال قال أبو الضحى: كان شريح يحدِّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه.
(22)9153 - وحدثني الحسين بن يزيد الطحان قال، حدثنا إسحاق بن منصور، عن عبد السلام، عن رجل، عن أبي حوشب، عن ميمون قال: اشتريت من ابن سيرين سابريًّا، فسَام عليَّ سَوْمَه، فقلت: أحسن! فقال: إما أن تأخذ وإما أن تدع.
فأخذت منه، فلما وزنتُ الثمن وَضَع الدراهم فقال: اختر، إما الدراهم، وإما المتاع.
فاخترت المتاع فأخذته.
(23)9154 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا هشيم، عن إسماعيل بن سالم، عن الشعبي أنه كان يقولُ في البيعين: إنهما بالخيار ما لم يتفرقا، فإذا تصادرَا فقد وجب البيع.
(24)9155 - حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي قال، حدثنا محمد بن عبيد قال، حدثنا سفيان بن دينار، عن ظبية قال: كنت في السوق وعلي رضي الله عنه في السوق، فجاءت جارية إلى بَيِّع فاكهة بدرهم، فقالت: أعطني هذا.
فأعطاها إياه، فقالت: لا أريده، أعطني درهمي! فأبى، فأخذه منه علي فأعطاها إياه.
(25)9156 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن الشعبي: أنه أُتِىَ في رجل اشترى من رجل برذَوْنًا ووَجبَ له، ثم إنّ المبتاع رَدّه قبل أن يتفرّقا، فقضى أنه قد وَجبَ عليه، فشهدَ عنده أبو الضحى: أنّ شريحًا قضى في مثله أن يردَّه على صاحبه.
فرجع الشعبي إلى قضاء شُريح.
9157- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، حدثنا هشام، عن ابن سيرين، عن شريح، أنه كان يقول في البيعين: إذا ادّعى المشتري، أنه قد أوجبَ له البيعَ، وقال البائع: لم أُوجب له = قال: شاهدان عدلان أنكما افترقتما عن تراض بعد بيع أو تخاير، وإلا فيمين البائع: أنكما [ما] افترقتما عن بيع ولا تخاير.
(26)9158 - حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن أيوب، عن محمد.
قال: كان شريح يقول: شاهدان ذوا عدل أنكما افترقتما عن تراض بعد بيع وتخاير، وإلا فيمينه بالله: ما تفرَّقتما عن تراض بعد بيع أو تخاير.
9159 - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا ابن عون، عن محمد بن سيرين، عن شريح أنه كان يقول: شاهدان ذوا عدل أنهما تفرّقا عن تراض بعد بيع أو تخاير.
* * *وعلة من قال هذه المقالة، ما:-9160 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبيد الله قال، أخبرني نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل بَيِّعين فلا بيع بينهما حتى يتفرّقا، إلا أن يكونَ خيارًا.
(27)9161 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا مروان بن معاوية قال، حدثني يحيى بن أيوب قال، كان أبو زرعة إذا بايع رجلا يقول له: خيِّرني! ثم يقول: قال أبو هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يفترق إلا عن رضى ".
(28)9162 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا أيوب، عن أبي قلابة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أهل البقيع! فسمعوا صوتَه، ثم قال: يا أهل البقيع! فاشْرأبُّوا ينظرون، حتى عرفوا أنه صوته، ثم قال: يا أهل البقيع! لا يتفرقنّ بيِّعان إلا عن رضى.
(29)9163- حدثني أحمد بن محمد الطوسي قال، حدثنا أبو داود الطيالسي قال، حدثنا سليمان بن معاذ قال، حدثنا سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم بايع رجلا ثم قال له: اختر.
فقال: قد اخترت.
فقال: هكذا البيع.
(30)* * *قالوا: فالتجارة عن تراض، هو ما كان على ما بيَّنه النبي صلى الله عليه وسلم من تخيير كل واحد من المشتري والبائع في إمضاء البيع فيما يتبايعانه بينهما = أو نقضه بعد عقد البيع بينهما وقبل الافتراق = أو ما تفرقا عنه بأبدانهما عن تراض منهما بعد مُواجبة البيع فيه عن مجلسهما.
فما كان بخلاف ذلك، فليس من التجارة التي كانت بينهما عن تراض منهما.
* * *وقال آخرون: بل التراضي في التجارة، تُواجب عقد البيع فيما تبايعه المتبايعان بينهما عن رضى من كل واحد منهما: ما مُلِّك عليه صاحبه وَملِّك صاحبه عليه، افترقا عن مجلسهما ذلك أو لم يفترقا، تخايرا في المجلس أو لم يتخايرا فيه بعد عقده.
* * *وعلة من قال هذه المقالة: أنّ البيع إنما هو بالقول، كما أن النكاح بالقول، ولا خلاف بين أهل العلم في الإجبار في النكاح لأحد المتناكحين على صاحبه، افترقا أو لم يفترقا عن مجلسهما الذي جرى ذلك فيه.
قالوا: فكذلك حكم البيع.
وتأولوا قولّ النبي صلى الله عليه وسلم: " البَيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا "، على أنه ما لم يتفرّقا بالقول.
وممن قال هذه المقالة مالك بن أنس، وأبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد.
* * *قال أبو جعفر: وأولى القولين بالصواب في ذلك عندنا، قولُ من قال: إن التجارة التي هي عن تراض بين المتبايعين، ما تفرّق المتبايعان عن المجلس الذي تواجبَا فيه بينهما عُقدة البيع بأبدانهما، عن تراض منهما بالعقد الذي جرى بينهما، وعن تخيير كل واحد منهما صاحبه = لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بما:-9164 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا أيوب = وحدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا أيوب = عن نافع، عن ابن عمر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو يكون بيعَ خيار " = وربما قال: " أو يقول أحدهما للآخر اختر ".
(31)* * *=فإذ كان ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صحيحًا، فليس يخلو قول أحد المتبايعين لصاحبه: " اختر "، من أن يكون قبل عقد البيع، أو معه، أو بعده.
=فإن يكن قبله، فذلك الخَلْف من الكلام الذي لا معنى له، (32) لأنه لم يملك قبل عقد البيع أحدُ المتبايعين على صاحبه ما لم يكن له مالكًا، فيكون لتخييره صاحبه فيما مَلك عليه وجه مفهوم (33) = ولا فيهما من يجهلُ أنه بالخيار في تمليك صاحبه ما هو لهُ غير مالك بعوَض يعتاضُه منه، فيقال له: " أنت بالخيار فيما تريدُ أن تحدثه من بيع أو شراء ".
= أو يكون - إذْ بطل هذا المعنى (34) - تخيير كلّ واحد منهما صاحبه مع عقد البيع.
ومعنى التخيير في تلك الحال، نظيرُ معنى التخيير قبلها.
لأنها حالة لم يَزُل فيها عن أحدهما ما كان مالكه قبل ذلك إلى صاحبه، فيكون للتخيير وجه مفهوم.
= أو يكون ذلك بعد عقد البيع، إذْ فَسد هذان المعنيان.
(35)وإذْ كان ذلك كذلك، صحّ أن المعنى الآخر من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم - أعني قوله: " ما لم يتفرقا " - إنما هو التفرّق بعد عقد البيع، كما كان التخيير بعده.
وإذْ صحّ ذلك، فسد قولُ من زعم أن معنى ذلك إنما هو التفرق بالقول الذي به يكون البيع.
وإذ فسد ذلك، صحّ ما قلنا من أن التخيير والافتراق إنما هما معنيان بهما يكون تمام البيع بعد عقده، وصحّ تأويل من قال: معنى قوله: " إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ": إلا أن يكون أكلكم الأموال التي يأكلها بعضكم لبعض، عن مِلْك منكم عمن مَلكتموها عليه، بتجارة تبايعتموها بينكم، وافترقتم عنها عن تراض منكم بعد عقد البيع بينكم بأبدانكم، أو تخيير بعضكم بعضًا.
(36)* * *القول في تأويل قوله : وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: " ولا تقتلوا أنفسكم "، ولا يقتل بعضكم بعضًا، وأنتم أهل ملة واحدة، ودعوة واحدة، ودين واحد.
فجعل جل ثناؤه أهل الإسلام كلهم بعضَهم من بعض.
وجعل القاتل منهم قتيلا = في قتله إياه منهم = بمنزلة قَتله نفسه، إذ كان القاتلُ والمقتول أهلَ يد واحدة على من خالف مِلَّتَهُما.
(37)وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:9165 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " ولا تقتلوا أنفسكم "، يقول: أهل ملتكم.
9166 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح: " ولا تقتلوا أنفسكم "، قال: قتل بعضكم بعضًا.
* * *وأما قوله جل ثناؤه: " إن الله كان بكم رحيمًا "، فإنه يعني: إن الله تبارك وتعالى لم يزل " رحيمًا " بخلقه، (38) ومن رحمته بكم كفُّ بعضكم عن قتل بعض، أيها المؤمنون، بتحريم دماء بعضكم على بعض إلا بحقها، وحظْرِ أكل مال بعضكم على بعض بالباطل، إلا عن تجارة يملك بها عليه برضاه وطيب نفسه، لولا ذلك هلكتمْ وأهلك بعضكم بعضًا قتلا وسلبًا وغصبًا.
---------------الهوامش :(3) في المخطوطة والمطبوعة: "يعني بذلك جل ثناؤه" ، والسياق يقتضي ما أثبت.
(4) انظر تفسير"أكل الأموال بالباطل" فيما سلف 3: 548 ، 549 / 7: 528 ، 578(5) في المطبوعة: "نهى عن أكلهم أموالهم بينهم بالباطل وبالربا.
.
.
" ، ولا أدري لم غير ما في المخطوطة!! وهو مطابق لما في الدر المنثور 2: 143.
(6) الأثر: 9141 -"محمد بن الفضل أبو النعمان" ، هو"عارم" ، سلفت ترجمته برقم: 3387.
وكان في المخطوطة: "محمد بن المفضل".
وأما المطبوعة ، فقد أساء الناشر غاية الإساءة ، وخالف الأمانة ، فكتب"أحمد بن المفضل" ، وحذف"أبو النعمان" ، وهذا أسوأ ما يكون من ترك الأمانة.
وأما "خالد الطحان" ، فهو: "خالد بن عبد الله بن عبد الرحمن الواسطي" سلفت ترجمته برقم: 4433 ، 5434.
(7) من أعجب العجب ، أن تكون آية سورة النور قد ذكرت قبل أسطر على الصحة ، ثم تتفق المخطوطة والمطبوعة على أن تسوق الآية على الخطأ ، فيكتب: "ليس عليكم جناح أن تأكلوا من بيوتكم.
.
.
" وهذا من السهو الشديد ، أعاذنا الله وإياك من مثله ، والله وحده المستعان.
(8) "التجنح": التحرج ، هذا معنى جيد عريق في العربية ، لم تثبته كتب اللغة ، فأثبته هناك.
(9) في المطبوعة: "أحق مني به" ، على التأخير ، وأثبت ما في المخطوطة.
(10) كأن هذا الأثر فيه بعض النقص ، وقد اختصره السيوطي في الدر المنثور 2: 143 ، 144 ، اختصارًا شديدًا.
(11) هذه العبارة التي بين القوسين ، محرفة لا شك في تحريفها ، ولم أجد لها وجهًا أرتضيه ، فوضعتها بين القوسين ، ولو أسقطها مسقط من الكلام لاستقام على صحة.
(12) قوله: "وشذ ما خالفه" معطوف على قوله: "صح القول الذي قلناه".
(13) في المطبوعة: ".
.
.
على هذا الوجه أن تكون تامة.
.
.
" ، ورددتها إلى ما كان في المخطوطة ، فهي صحيحة في سياقه.
(14) انظر تفصيل القول في هاتين القراءتين ، في نظيرة هذه الآية من سورة البقرة: 282 في 6: 80-82 ، وإن اختلف وجه التأويل في الآيتين ، كما يظهر من مراجعة ذلك في آية سورة البقرة.
(15) سلف البيت بتمامه في 6: 80 ، ولم أشر إلى مكانه هنا في الموضع السالف ، لأني لم أقف عليه أثناء تخريج شعر التفسير ، لإدماجه في صلب الكلام.
(16) في المطبوعة: "اكتسابًا أحل ذلك لها" ، غير ما في المخطوطة ، إذ لم يحسن قراءته.
وهو كما أثبته ، إلا أن الناسخ أخطأ فكتب"لها" ، والصواب: "بها" ، أي: بالتجارات والصناعات.
(17) يعني الحديث الصحيح: "سَبْعَةٌ يِظلُّهُم الله في ظِلّه يومَ لا ظِلّ إلا ظِلُّهُ: إمَام عادلٌ ، وشابٌّ نَشَأَ في عبادة الله ، ورجُلٌ قلبه مُعَلَّقٌ بالمسجِد إذَا خَرَجَ مِنْه حَتَّى يَعُودَ إليه ، ورجلان تَحابَّا في الله فاجتمعَا على ذلك وافترقَا ، ورجُلٌ ذكر الله خاليًا ففاضتْ عيناهُ ، ورجُلٌ دَعَتْهُ امرأة ذات مَنْصِبٍ وجَمالٍ فقال: إنّي أخاف الله رَبَّ العالَمين ، ورجُلٌ تصدَّق بصدقةٍ ، فأخفَاها حتى لا تَعْلَم شِماله ما تنفِقُ يمينُه".
رواه الترمذي من حديث أبي هريرة وصححه: 345.
(18) الأثر: 9147 - هذا حديث مرسل ، خرجه ابن كثير في تفسيره 2: 413 والسيوطي في الدر المنثور 2: 144 ، ولم ينسبه لغير ابن جرير.
(19) "تماسح الرجلان": إذا تبايعا فتصافقا ، ومسح أحدهما على يد صاحبه ، وذلك من صور بيعهم في الجاهلية.
(20) "البيع" (بفتح الباء وتشديد الياء المكسورة) ، البائع أو المشتري ، والبيعان: المتبايعان.
(21) الأثر: 9150 -"عبد الله بن أبي السفر الهمداني الثوري" ، واسم"أبي السفر": سعيد بن يحمد.
وروى عبد الله عن أبيه ، وعن الشعبي وغيرهما.
ثقة ، ليس بكثير الحديث.
مترجم في التهذيب.
(22) حديث: "البيعان بالخيار.
.
.
" ، حديث صحيح رواه البخاري ومسلم وغيرهما ، وانظر السنن الكبرى للبيهقي 5: 268-272.
(23) الأثر: 9153 -"الحسين بن يزيد الطحان" ، وقد مضى قبل بنسبته"السبيعي" ، انظر ما سلف رقم: 2892 ، 7863.
وكان في المطبوعة والمخطوطة هنا"الحسن بن يزيد" وهو خطأ.
وأما "أبو حوشب" ، فلم أجد من الرواة من هذا كنيته ، وفي الإسناد تصحيف لا شك فيه.
(24) "تصادرا" انصرف هذا ، وانصرف الآخر ، يقال: "صدر الرجل فهو صادر" ، رجع أو انصرف.
(25) الأثر: 9155 -"محمد بن إسماعيل الأحمسي" مضت ترجمته برقم: 405 ، 718.
"محمد بن عبيد الطنافسي" مضت ترجمته برقم: 405.
و"ظبية" ، هكذا اجتهدت قراءتها من المخطوطة ، ولم أعرف من تكون؟ وكان في المطبوعة: "طيسلة" أخطأ قراءة المخطوطة خطأ عظيما.
ولم أجد هذا الأثر في مكان آخر.
(26) الزيادة ما بين القوسين لا بد منهما للسياق ، وانظر الأثر الذي يليه.
(27) الحديث: 9160 - يحيى بن سعيد: هو القطان.
عبيد الله: هو ابن عمر بن حفص بن عاصم العمري.
ووقع في المطبوعة (والمخطوطة)"عبد الله" بالتكبير.
وهو أخو"عبيد الله".
وهو محتمل أن يكون كذلك.
ولكني أرى الصواب"عبيد الله" بالتصغير ، أولا: لأن الحديث معروف من روايته.
وثانيًا: لأن الحافظ المزي لم يذكر في تهذيب الكمال رواية ليحيى القطان عن"عبد الله" ، لا في ترجمة يحيى ، ولا في ترجمة"عبد الله".
وهو من عادته أن يتتبع ذلك ويستقصيه استقصاء تامًا.
والحديث رواه أحمد في المسند: 5158 ، عن يحيى - وهو القطان ، عن عبيد الله ، به ، نحوه.
ورواه أحمد أيضًا: 6193 ، عن الفضل بن دكين ، عن الثوري ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر.
ورواه البخاري 4: 280 (فتح) ، من رواية عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر.
وكذلك رواه مسلم 1: 447 ، من هذا الوجه.
ورواه أحمد أيضًا: 4566 ، بنحوه ، عن ابن عيينة ، عن عبد الله بن دينار.
وسيأتي أيضًا: 9164 ، من رواية أيوب ، عن نافع ، بمعناه.
وقد خرجناه في مواضع كثيرة في المسند.
وهو حديث معروف مشهور.
(28) الحديث: 9161 - يحيى بن أيوب بن أبي زرعة بن عمرو بن جرير البجلي: ثقة.
قال ابن معين: "ليس به بأس".
ونقل بعضهم عن ابن معين تضعيفه ، وترجمه البخاري في الكبير 4 / 2 / 260 ، فلم يذكر فيه جرحًا ، وترجمه ابن أبي حاتم 4 / 2 / 137.
وهو يروي هنا عن جده"أبي زرعة بن عمرو بن جرير" - وهو تابعي ثقة.
والحديث رواه أبو داود: 3485 ، عن محمد بن حاتم الجرجرائي ، عن مروان ، وهو ابن معاوية الفزاري - بهذا الإسناد.
ورواه البيهقي في السنن الكبرى 5: 271 ، من طريق أبي داود.
وذكره السيوطي 1: 144 ولم ينسبه لغير الطبري.
(29) الحديث: 9162 - هذا إسناد مرسل ، لأن أبا قلابة تابعي.
فلا أدري أهو هكذا في الطبري ، أم كان موصولا فسقط اسم الصحابي من الناسخين؟فقد رواه البيهقي في السنن الكبرى 5: 271 ، من طريق الحسن بن مكرم ، عن علي بن عاصم ، عن خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن أنس ، بنحوه.
وهذا إسناد جيد.
ولكن السيوطي ذكر رواية الطبري هذه 1: 144 ، عن أبي قلابة ، مرسلا.
(30) الحديث: 9163 - سليمان بن معاذ: هو سليمان بن قرم - بفتح القاف وسكون الراء - بن معاذ ، وهو ثقة ، فيما رجحنا في شرح المسند: 5753.
والحديث هو من رواية الطيالسي.
وهو في مسنده: 2675.
وكذلك رواه البيهقي في السنن الكبرى 5: 270 ، من طريق الطيالسي.
وفي المستدرك للحاكم 2: 14 ، حديث لابن عمر وابن عباس - معًا - مرفوعًا ، في معنى الخيار بين البيعين.
وهو شاهد قوي لمعنى هذا الحديث.
(31) الحديث: 9164 - هذا إسناد من أصح الأسانيد: "أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر".
وقد رواه الطبري هنا بإسنادين إلى أيوب: من طريق ابن علية ، ومن طريق عبد الوهاب ، وهو ابن عبد المجيد الثقفي.
وقد رواه مالك في الموطأ ، ص: 671 ، بنحوه - عن نافع عن ابن عمر: سلسلة الذهب.
ورواه أحمد في المسند: 4484 ، عن إسماعيل - وهو ابن علية - عن أيوب ، به.
ورواه البخاري 4: 274 (فتح) ، من طريق حماد بن زيد ، عن أيوب.
ورواه مسلم 1: 447 ، من رواية مالك ، ومن رواية عبيد الله ، ومن رواية أيوب - وغيرهم - عن نافع.
ورواه البيهقي 5: 268-269 ، بأسانيد فيها كثيرة.
(32) "الخلف" (بفتح الخاء وسكون اللام): هو الكلام الرديء الخطأ ، يقال: "هذا خلف من القول" ، وفي المثل: "سكت ألفًا ، ونطق خلفًا" ، للذي يطيل الصمت ، فإذا تكلم تكلم بالخطأ.
(33) في المطبوعة: "فيما يملك عليه" ، والصواب من المخطوطة.
(34) في المخطوطة والمطبوعة: "إن بطل.
.
.
" والأجود ما أثبت.
(35) في المطبوعة: "إذا فسد.
.
.
" ، والصواب"إذ" كما في المخطوطة.
(36) في المخطوطة والمطبوعة: "أو يخير بعضكم.
.
.
" ، ورجحت ما أثبت.
(37) انظر تفسير"أنفسكم" في مثل هذا المعنى 2: 301 / 6: 501 / 7: 454 ، 455.
(38) انظر تفسير: "كان" في مثل هذا فيما سلف 7: 523 / 8: 51 ، 88 ، 98

﴿ ياأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ﴾

قراءة سورة النساء

المصدر : تفسير : ياأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم