ثم بيَّنت ما فيه فقالت: إنه من سليمان، وإنه مفتتح بـ "بسم الله الرحمن الرحيم" ألا تتكبروا ولا تتعاظموا عما دعوتكم إليه، وأقْبِلوا إليَّ منقادين لله بالوحدانية والطاعة مسلمين له.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«إنه من سليمان وإنه» أي مضمونه «بسم الله الرحمن الرحيم».
ثم بينت ممن الكتاب فقالت : ( إنه من سليمان ) وبينت المكتوب فقالت : ( وإنه بسم الله الرحمن الرحيم )
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم أفصحت عن مصدره فقالت: إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وعن مضمونه فقالت: وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وفي ذلك إشارة إلى وصفه بالكرم، حيث اشتمل على اسم الله- تعالى- وعلى بعض صفاته، وعلى ترك التكبر، وعلى الدخول وعلى الدخول في الدين الحق، كما يدل عليه قوله- تعالى-: أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
( إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين ) . فعرفوا أنه من نبي الله سليمان ، وأنه لا قبل لهم به ، وهذا الكتاب في غاية البلاغة والوجازة والفصاحة ، فإنه حصل المعنى بأيسر عبارة وأحسنها ، قال العلماء : ولم يكتب أحد ( بسم الله الرحمن الرحيم ) قبل سليمان ، عليه السلام .وقد روى ابن أبي حاتم في ذلك حديثا في تفسيره ، حيث قال : حدثنا أبي ، حدثنا هارون بن الفضل أبو يعلى الحناط ، حدثنا أبو يوسف ، عن سلمة بن صالح ، [ عن عبد الكريم ] أبي أمية ، عن ابن بريدة ، عن أبيه قال : كنت أمشي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " إني أعلم آية لم تنزل على نبي قبلي بعد سليمان بن داود " قال : قلت : يا رسول الله ، أي آية ؟ قال : " سأعلمكها قبل أن أخرج من المسجد " . قال : فانتهى إلى الباب ، فأخرج إحدى قدميه ، فقلت : نسي ، ثم التفت إلي وقال ( إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ) .هذا حديث غريب ، وإسناده ضعيف .وقال ميمون بن مهران : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكتب : باسمك اللهم ، حتى نزلت هذه الآية ، فكتب : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
السادسة : قوله تعالى : إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ( وإنه ) بالكسر فيهما أي وإن الكلام ، أو إن مبتدأ الكلام بسم الله الرحمن الرحيم . وأجاز الفراء ( أنه من سليمان وأنه ) بفتحهما جميعا على أن يكونا في موضع رفع بدل من ( الكتاب ) ; بمعنى ألقي إلي أنه من سليمان . وأجاز أن يكونا في موضع نصب على حذف الخافض ; أي لأنه من سليمان ولأنه ; كأنها عللت كرمه بكونه من سليمان وتصديره بسم الله . وقرأ الأشهب العقيلي ومحمد بن السميقع : ( ألا تغلوا ) بالغين المعجمة ، وروي عن وهب بن منبه ; من غلا يغلو : إذا تجاوز وتكبر . وهي راجعة إلى معنى قراءة الجماعة .
﴿ تفسير الطبري ﴾
الهدهد فدخل من كوّة, فألقى الصحيفة عليها, فقرأتها, فإذا فيها: ( إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَلا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ) وكذلك كانت تكتب الأنبياء لا تطنب, إنما تكتب جملا.قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: لم يزد سليمان على ما قصّ الله في كتابه إنه وإنه.حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ فمضى الهدهد بالكتاب, حتى إذا حاذى الملكة وهي على عرشها ألقى إليها الكتاب.وقوله: (قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلأ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ ) والملأ أشراف قومها، يقول تعالى ذكره: قالت ملكة سبأ لأشراف قومها: (يَاأَيُّهَا الْمَلأ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ ).واختلف أهل العلم في سبب وصفها الكتاب بالكريم, فقال بعضهم: وصفته بذلك لأنه كان مختوما.وقال آخرون: وصفته بذلك لأنه كان من ملك فوصفته بالكرم لكرم صاحبه. وممن قال ذلك ابن زيد.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: (إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ ) قال: هو كتاب سليمان حيث كتب إليها.وقوله (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) كُسِرت إنَّ الأولى والثانية على الردّ على " إني" من قوله: (إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ ). ومعنى الكلام: قالت: يا أيها الملأ إني ألقي إلي كتاب, وإنه من سليمان.