القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 31 سورة يوسف - فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن

سورة يوسف الآية رقم 31 : سبع تفاسير معتمدة

سورة فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن - عدد الآيات 111 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 31 من سورة يوسف عدة تفاسير - سورة يوسف : عدد الآيات 111 - - الصفحة 239 - الجزء 12.

سورة يوسف الآية رقم 31


﴿ فَلَمَّا سَمِعَتۡ بِمَكۡرِهِنَّ أَرۡسَلَتۡ إِلَيۡهِنَّ وَأَعۡتَدَتۡ لَهُنَّ مُتَّكَـٔٗا وَءَاتَتۡ كُلَّ وَٰحِدَةٖ مِّنۡهُنَّ سِكِّينٗا وَقَالَتِ ٱخۡرُجۡ عَلَيۡهِنَّۖ فَلَمَّا رَأَيۡنَهُۥٓ أَكۡبَرۡنَهُۥ وَقَطَّعۡنَ أَيۡدِيَهُنَّ وَقُلۡنَ حَٰشَ لِلَّهِ مَا هَٰذَا بَشَرًا إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا مَلَكٞ كَرِيمٞ ﴾
[ يوسف: 31]

﴿ التفسير الميسر ﴾

فلما سمعت امرأة العزيز بغِيْبتهن إياها واحتيالهن في ذمِّها، أرسلت إليهن تدعوهن لزيارتها، وهيَّأت لهن ما يتكئن عليه من الوسائد، وما يأكلنه من الطعام، وأعطت كل واحدة منهن سكينًا ليُقَطِّعن الطعام، ثم قالت ليوسف: اخرج عليهن، فلما رأينه أعظمنه وأجللنه، وأخَذَهن حسنه وجماله، فجرحن أيديهن وهن يُقَطِّعن الطعام من فرط الدهشة والذهول، وقلن متعجبات: معاذ الله، ما هذا من جنس البشر؛ لأن جماله غير معهود في البشر، ما هو إلا مَلَك كريم من الملائكة.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

«فلما سمعت بمكرهن» غيبتهن لها «أرسلت إليهن وأعتدت» أعدت «لهن متكأ» طعاما يقطع بالسكين للاتكاء عنده وهو الأترج «وآتت» أعطت «كل واحدة منهن سكينا وقالت» ليوسف «اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه» أعظمنه «وقطَّعن أيديهن» بالسكاكين ولم يشعرن بالألم لشغل قلبهن بيوسف «وقلن حاش لله» تنزيها له «ما هذا» أي يوسف «بشرا إن» ما «هذا إلا ملك كريم» لما حواه من الحسن الذي لا يكون عادة في النسمة البشرية، وفي الحديث (أنه أعطي شطر الحسن).

﴿ تفسير السعدي ﴾

فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ تدعوهن إلى منزلها للضيافة.
وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً أي: محلا مهيأ بأنواع الفرش والوسائد، وما يقصد بذلك من المآكل اللذيذة، وكان في جملة ما أتت به وأحضرته في تلك الضيافة، طعام يحتاج إلى سكين، إما أترج، أو غيره، وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا ليقطعن فيها ذلك الطعام وَقَالَتِ ليوسف: اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ في حالة جماله وبهائه.
فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ أي: أعظمنه في صدورهن، ورأين منظرا فائقا لم يشاهدن مثله، وَقَطَّعْنَ من الدهش أَيْدِيَهُنَّ بتلك السكاكين اللاتي معهن، وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ أي: تنزيها لله مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ وذلك أن يوسف أعطي من الجمال الفائق والنور والبهاء، ما كان به آية للناظرين، وعبرة للمتأملين.


﴿ تفسير البغوي ﴾

( فلما سمعت ) راعيل ( بمكرهن ) بقولهن وحديثهن ، قاله قتادة و السدي .
قال ابن إسحاق إنما قلن ذلك مكرا بها لتريهن يوسف وكان يوصف لهن حسنه وجماله .
وقيل : إنها أفشت إليهن سرها واستكتمتهن فأفشين ذلك ، فلذلك سماه مكرا .
( أرسلت إليهن ) قال وهب : اتخذت مأدبة ، ودعت أربعين امرأة ، منهن هؤلاء اللاتي عيرنها .
( وأعتدت ) أي : أعدت ( لهن متكأ ) أي : ما يتكأ عليه .
وقال ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، وقتادة ، ومجاهد : متكأ أي : طعاما ، سماه متكأ لأن أهل الطعام إذا جلسوا يتكئون على الوسائد ، فسمى الطعام متكأ على الاستعارة .
يقال : اتكأنا عند فلان أي : طعمنا .
ويقال : المتكأ ما اتكأت عليه للشرب أو الحديث أو الطعام ، ويقرأ في الشواذ متكأ بسكون التاء .
واختلفوا في معناه : فقال ابن عباس : [ هو الأترج .
ويروى عن مجاهد مثله .
وقيل ] هو الأترج بالحبشة .
وقال الضحاك : هو الرباورد .
وقال عكرمة : هو كل شيء يقطع بالسكين .
وقال أبو زيد الأنصاري : كل ما يجز بالسكين فهو عند العرب متك ، والمتك والبتك بالميم والباء : القطع ، فزينت [ المأدبة بألوان ] الفواكه والأطعمة ، ووضعت الوسائد ودعت النسوة .
( وآتت ) وأعطت ( كل واحدة منهن سكينا ) فكن يأكلن اللحم حزا بالسكين .
( وقالت ) ليوسف ( اخرج عليهن ) وذلك أنها كانت أجلسته في مجلس آخر ، فخرج عليهن يوسف .
قال عكرمة : كان فضل يوسف على الناس في الحسن كفضل القمر ليلة البدر على سائر النجوم .
وروي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رأيت ليلة أسري بي إلى السماء يوسف كالقمر ليلة البدر " .
قال إسحاق بن أبي فروة : كان يوسف إذا سار في أزقة مصر يرى تلألؤ وجهه على الجدران .
( فلما رأينه أكبرنه ) أعظمنه ، قال أبو العالية : هالهن أمره وبهتن .
وقيل : أكبرنه أي : حضن لأجله من جماله .
ولا يصح .
( وقطعن ) أي : حززن بالسكاكين التي معهن ( أيديهن ) وهن يحسبن أنهن يقطعن الأترج ، ولم يجدن الألم لشغل قلوبهن بيوسف .
قال مجاهد : فما أحسسن إلا بالدم .
وقال قتادة : أبن أيديهن حتى ألقينها .
والأصح كان قطعا بلا إبانة .
وقال وهب : ماتت جماعة منهن .
( وقلن حاش لله ما هذا بشرا ) أي : معاذ الله أن يكون هذا بشرا .
قرأ أبو عمرو : حاشى لله ، بإثبات الياء في الوصل ، على الأصل .
وقرأ الآخرون بحذف الياء لكثرة ورودها على الألسن ، واتباعا للكتاب .
وقوله : ( ما هذا بشرا ) نصب بنزع حرف الصفة ، أي : ليس هذا ببشر ( إن هذا ) أي : ما هذا ( إلا ملك ) من الملائكة ( كريم ) على الله تعالى .

﴿ تفسير الوسيط ﴾

وقوله: أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ.
.
إلخ بيان لما فعلته معهن.
أى: أرسلت إلى النسوة اللائي وصفنها بأنها في ضلال مبين، ودعتهن إلى الحضور إليها في دارها لتناول الطعام.
وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً أى: وهيأت لهن في مجلس طعامها، ما يتكئن عليه من الوسائد والنمارق وما يشبه ذلك.
فالمتكأ: اسم مفعول من الاتكاء، وهو الميل إلى أحد الجانبين في الجلوس كما جرت بذلك عادة المترفين عند تناول الطعام، وعند ما يريدون إطالة المكث مع انتصاب قليل في النصف الأعلى من الجسم والاستراحة بعد الأكل.
أخرج ابن شيبة عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يأكل الرجل بشماله، وأن يأكل متكئا .
وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً أى: وأعطت كل واحدة من هؤلاء النسوة سكينا ليقطعن به ما يأكلن من لحم وفاكهة.
ويؤخذ من هذه الآية الكريمة أن الحضارة المادية في مصر في ذلك الوقت كانت قد بلغت شأوا بعيدا، وأن الترف في القصور كان عظيما، فإن استعمال السكاكين في الأكل قبل هذه الآلاف من السنين له قيمته في تصوير الترف والحضارة المادية» .
وهنا نجد المرأة الجريئة الماكرة، تقول ليوسف- عليه السلام- كما حكى القرآن عنها:«اخرج عليهن» أى ابرز لهن، وادخل عليهن، وهن على تلك الحالة من الأكل والاتكاء وتقطيع ما يحتاج إلى تقطيع الطعام.
.
وهي ترمى من وراء خروجه عليهن إلى اطلاعهن عليه حتى يعذرنها في حبها له وقد كان لهذه المفاجأة من يوسف لهن وهن مشغولات بما يقطعنه ويأكلنه، أثرها الشديد في نفوسهن، وهذا ما حكاه القرآن الكريم في قوله: فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ.
والجملة الكريمة معطوفة على كلام محذوف دل عليه السياق، والتقدير: قالت امرأة العزيز ليوسف اخرج عليهن، فخرج عليهن وهن على تلك الحالة فلما رأينه أكبرنه، أى: أعظمنه، ودهشن لهيئته، وجمال طلعته وحسن شمائله.
وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ أى: جرحن أيديهن وخدشنها بالسكاكين التي في أيديهن دون أن يشعرن بذلك، لشدة دهشتهن المفاجئة بهيئة يوسف.
.
وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً وحاش فعل ماض، واللام في «لله» للتعليل، والمراد بهذه الجملة الكريمة التعبير عن عجيب صنع الله في خلقه أى: وقلن عند ما فوجئن بخروج يوسف عليهن: ننزه الله- تعالى- تنزيها كبيرا عن صفات العجز، ونتعجب تعجبا شديدا من قدرته- سبحانه- على خلق هذا الجمال البديع، وما هذا الذي نراه أمامنا بشرا كسائر البشر، لتفوقه في الحسن عنهم، وإنما هو ملك كريم من الملائكة المقربين تمثل في هذه الصورة البديعة التي تخلب الألباب.
ووصفوه بذلك بناء على ما ركز في الطباع من تشبيه ما هو مفرط في الجمال والعفة بالملك وتشبيه ما هو شديد القبح والسوء بالشيطان.

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

فلما سمعت بمكرهن ) قال بعضهم : بقولهن . وقال محمد بن إسحاق : بل بلغهن حسن يوسف ، فأحببن أن يرينه ، فقلن ذلك ليتوصلن إلى رؤيته ومشاهدته ، فعند ذلك ( أرسلت إليهن ) أي : دعتهن إلى منزلها لتضيفهن ( وأعتدت لهن متكأ )قال ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، والحسن ، والسدي ، وغيرهم : هو المجلس المعد ، فيه مفارش ومخاد وطعام ، فيه ما يقطع بالسكاكين من أترج ونحوه . ولهذا قال تعالى : ( وآتت كل واحدة منهن سكينا ) وكان هذا مكيدة منها ، ومقابلة لهن في احتيالهن على رؤيته ، ( وقالت اخرج عليهن ) وذلك أنها كانت قد خبأته في مكان آخر ، ( فلما ) خرج و ( رأينه أكبرنه ) أي : أعظمن شأنه ، وأجللن قدره; وجعلن يقطعن أيديهن دهشا برؤيته ، وهن يظنن أنهن يقطعن الأترج بالسكاكين ، والمراد : أنهن حززن أيديهن بها ، قاله غير واحد .وعن مجاهد ، وقتادة : قطعن أيديهن حتى ألقينها ، فالله أعلم .وقد ذكر عن زيد بن أسلم أنها قالت لهن بعد ما أكلن وطابت أنفسهن ، ثم وضعت بين أيديهن أترجا وآتت كل واحدة منهن سكينا : هل لكن في النظر إلى يوسف ؟ قلن : نعم . فبعثت إليه تأمره أن اخرج إليهن فلما رأينه جعلن يقطعن أيديهن ، ثم أمرته أن يرجع فرجع ليرينه مقبلا ومدبرا ، وهن يحززن في أيديهن ، فلما أحسسن بالألم جعلن يولولن ، فقالت : أنتن من نظرة واحدة فعلتن هكذا ، فكيف ألام أنا ؟ فقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم ، ثم قلن لها : وما نرى عليك من لوم بعد الذي رأينا ، لأنهن لم يرين في البشر شبهه ولا قريبا منه ، فإنه ، صلوات الله عليه وسلم كان قد أعطي شطر الحسن ، كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح في حديث الإسراء : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بيوسف ، عليه السلام ، في السماء الثالثة ، قال : " فإذا هو قد أعطي شطر الحسن "وقال حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " أعطي يوسف وأمه شطر الحسن " وقال سفيان الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله بن مسعود قال : أعطي يوسف وأمه ثلث الحسن .وقال أبو إسحاق أيضا ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله قال : كان وجه يوسف مثل البرق ، وكانت المرأة إذا أتته لحاجة غطى وجهه مخافة أن تفتتن به .ورواه الحسن البصري مرسلا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " أعطي يوسف وأمه ثلث حسن أهل الدنيا ، وأعطي الناس الثلثين ، أو قال : أعطي يوسف وأمه الثلثين والناس الثلث "وقال سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد عن ربيعة الجرشي قال : قسم الحسن نصفين ، فأعطي يوسف وأمه سارة نصف الحسن . والنصف الآخر بين سائر الخلق .وقال الإمام أبو القاسم السهيلي : معناه : أن يوسف كان على النصف من حسن آدم ، عليه السلام ، فإن الله خلق آدم بيده على أكمل صورة وأحسنها ، ولم يكن في ذريته من يوازيه في جماله ، وكان يوسف قد أعطي شطر حسنه .فلهذا قال هؤلاء النسوة عند رؤيته : ( حاش لله ) قال مجاهد وغير واحد : معاذ الله ، ( ما هذا بشرا ) وقرأ بعضهم : " ما هذا بشرى " أي : بمشترى .( إن هذا إلا ملك كريم )

﴿ تفسير القرطبي ﴾

قوله تعالى : فلما سمعت بمكرهن أي بغيبتهن إياها ، واحتيالهن في ذمها .
وقيل : إنها أطلعتهن واستأمنتهن فأفشين سرها ، فسمي ذلك مكرا .
قوله : أرسلت إليهن في الكلام حذف ; أي أرسلت إليهن تدعوهن إلى وليمة لتوقعهن فيما وقعت فيه ; فقال مجاهد عن ابن عباس : إن امرأة العزيز قالت لزوجها إني أريد أن أتخذ طعاما فأدعو هؤلاء النسوة ; فقال لها : افعلي ; فاتخذت طعاما ، ثم نجدت لهن البيوت ; نجدت أي زينت ; والنجد ما ينجد به البيت من المتاع أي يزين ، والجمع نجود عن أبي عبيد ; والتنجيد التزيين ; وأرسلت إليهن أن يحضرن طعامها ، ولا تتخلف منكن امرأة ممن سميت .
قال وهب بن منبه : إنهن كن أربعين امرأة فجئن على كره منهن ، وقد قال فيهن أمية بن أبي الصلت :حتى إذا جئنها قسرا ومهدت لهن أنضادا وكباباويروى : أنماطا .
قال وهب بن منبه : فجئن وأخذن مجالسهن .
وأعتدت لهن متكأ أي هيأت لهن مجالس يتكئن عليها .
قال ابن جبير : في كل مجلس جام فيه عسل وأترج وسكين حاد .
وقرأ مجاهد وسعيد بن جبير " متكا " مخففا غير مهموز ، والمتك هو الأترج بلغة القبط ، وكذلك فسره مجاهد روى سفيان عن منصور عن مجاهد قال : المتكأ مثقلا هو الطعام ، والمتك مخففا هو الأترج ; وقال الشاعر :نشرب الإثم بالصواع جهارا وترى المتك بيننا مستعاراوقد تقول أزد شنوءة : الأترجة المتكة ; قال الجوهري : المتك ما تبقيه الخاتنة .
وأصل المتك الزماورد .
والمتكاء من النساء التي لم تخفض .
قال الفراء : حدثني شيخ من ثقات أهل البصرة أن المتك مخففا الزماورد .
وقال بعضهم : إنه الأترج ; حكاه الأخفش .
ابن زيد : أترجا وعسلا يؤكل به ; قال الشاعر :فظللنا بنعمة واتكأنا وشربنا الحلال من قللهأي أكلنا .
النحاس : قوله تعالى : " وأعتدت " من العتاد ; وهو كل ما جعلته عدة لشيء .
" متكأ " أصح ما قيل فيه ما رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : مجلسا ، وأما قول جماعة من أهل التفسير إنه الطعام فيجوز على تقدير : طعام متكأ ، مثل : واسأل القرية ; ودل على هذا الحذف وآتت كل واحدة منهن سكينا لأن حضور النساء معهن سكاكين إنما هو لطعام يقطع بالسكاكين ; كذا قال في كتاب " إعراب القرآن " له .
وقال في كتاب " معاني القرآن " له :وروى معمر عن قتادة قال : المتكأ الطعام .
وقيل : المتكأ كل ما اتكئ عليه عند طعام أو شراب أو حديث ; وهذا هو المعروف عند أهل اللغة ، إلا أن الروايات قد صحت بذلك .
وحكى القتبي أنه يقال : اتكأنا عند فلان أي أكلنا ، والأصل في متكأ موتكأ ، ومثله متزن ومتعد ; لأنه من وزنت ، ووعدت ووكأت ، ويقال : اتكأ يتكئ اتكاء .
وآتت كل واحدة منهن سكينا مفعولان ; وحكى الكسائي والفراء أن السكين يذكر ويؤنث ، وأنشد الفراء :فعيث في السنام غداة قر بسكين موثقة النصابالجوهري : والغالب عليه التذكير ، وقال : يرى ناصحا فيما بدا فإذا خلا فذلك سكين على الحلق حاذقالأصمعي : لا يعرف في السكين إلا التذكير .
قوله تعالى : وقالت اخرج عليهن بضم التاء لالتقاء الساكنين ; لأن الكسرة تثقل إذا كان بعدها ضمة ، وكسرت التاء على الأصل .
قيل : إنها قالت لهن : لا تقطعن ولا تأكلن حتى أعلمكن ، ثم قالت لخادمها : إذا قلت لك ادع إيلا فادع يوسف ; وإيل : صنم كانوا يعبدونه ، وكان يوسف - عليه السلام - يعمل في الطين ، وقد شد مئزره ، وحسر عن ذراعيه ; فقالت للخادم : ادع لي إيلا ; أي ادع لي الرب ; وإيل بالعبرانية الرب ; قال : فتعجب النسوة وقلن : كيف يجيء ؟ ! فصعدت الخادم فدعت يوسف ، فلما انحدر قالت لهن : اقطعن ما معكن .
فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن بالمدى حتى بلغت السكاكين إلى العظم ; قاله وهب بن منبه .
سعيد بن جبير : لم يخرج عليهن حتى زينته ، فخرج عليهن فجأة فدهشن فيه ، وتحيرن لحسن وجهه وزينته وما عليه ، فجعلن يقطعن أيديهن ، ويحسبن أنهن يقطعن الأترج ; واختلف في معنى أكبرنه فروى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس : أعظمنه وهبنه ; وعنه أيضا أمنين وأمذين من الدهش ; وقال الشاعر :إذا ما رأين الفحل من فوق قارة صهلن وأكبرن المني المدفقاوقال ابن سمعان عن عدة من أصحابه : إنهم قالوا أمذين عشقا ; وهب بن منبه : عشقنه حتى مات منهن عشر في ذلك المجلس دهشا وحيرة ووجدا بيوسف .
وقيل : معناه حضن من الدهش ; قاله قتادة ومقاتل والسدي ; قال الشاعر :نأتي النساء على أطهارهن ولا نأتي النساء إذا أكبرن إكباراوأنكر ذلك أبو عبيدة وغيره وقالوا : ليس ذلك في كلام العرب ، ولكنه يجوز أن يكن حضن من شدة إعظامهن له ، وقد تفزع المرأة فتسقط ولدها أو تحيض .
قال الزجاج يقال أكبرنه ، ولا يقال حضنه ، فليس الإكبار بمعنى الحيض ; وأجاب الأزهري فقال : يجوز أكبرت بمعنى حاضت ; لأن المرأة إذا حاضت في الابتداء خرجت من حيز الصغر إلى الكبر ; قال : والهاء في أكبرنه يجوز أن تكون هاء الوقف لا هاء الكناية ، وهذا مزيف ، لأن هاء الوقف تسقط في الوصل ، وأمثل منه قول ابن الأنباري : إن الهاء كناية عن مصدر الفعل ، أي أكبرن إكبارا ، بمعنى حضن حيضا .
وعلى قول ابن عباس الأول تعود الهاء إلى يوسف ; أي أعظمن يوسف وأجللنه .
قوله تعالى : وقطعن أيديهن قال مجاهد : قطعنها حتى ألقينها .
وقيل : خدشنها .
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : حزا بالسكين ، قال النحاس : يريد مجاهد أنه ليس قطعا تبين منه اليد ، إنما هو خدش وحز ، وذلك معروف في اللغة أن يقال إذا خدش الإنسان يد صاحبه قطع يده .
وقال عكرمة : " أيديهن " أكمامهن ، وفيه بعد .
وقيل : أناملهن ; أي ما وجدن ألما في القطع والجرح ، أي لشغل قلوبهن بيوسف ، والتقطيع يشير إلى الكثرة ، فيمكن أن ترجع الكثرة إلى واحدة جرحت يدها في موضع ، ويمكن أن يرجع إلى عددهن .
قوله تعالى : وقلن حاش لله أي معاذ الله .
وروى الأصمعي عن نافع أنه قرأ كما قرأ أبو عمرو بن العلاء .
" وقلن حاشا لله " بإثبات الألف وهو الأصل ، ومن حذفها جعل اللام في لله عوضا منها .
وفيها أربع لغات ; يقال : حاشاك وحاشا لك وحاش لك وحشا لك .
ويقال : حاشا زيد وحاشا زيدا ; قال النحاس : وسمعت علي بن سليمان يقول سمعت محمد بن يزيد يقول : النصب أولى ; لأنه قد صح أنها فعل لقولهم حاش لزيد ، والحرف لا يحذف منه ; وقد قال ، النابغة :ولا أحاشي من الأقوام من أحدوقال بعضهم : حاش حرف ، وأحاشى فعل .
ويدل على كون حاشا فعلا وقوع حرف الجر بعدها .
وحكى أبو زيد عن أعرابي : اللهم اغفر لي ولمن يسمع ، حاشا الشيطان وأبا الأصبغ ; فنصب بها .
وقرأ الحسن " وقلن حاش لله " بإسكان الشين ، وعنه أيضا " حاش الإله " .
ابن مسعود وأبي : " حاش الله " بغير لام ، ومنه قول الشاعر :حاشا أبي ثوبان إن به ضنا عن الملحاة والشتمقال الزجاج : وأصل الكلمة من الحاشية ، والحشا بمعنى الناحية ، تقول : كنت في حشا فلان أي في ناحيته ; فقولك : حاشا لزيد أي تنحى زيد من هذا وتباعد عنه ، والاستثناء إخراج وتنحية عن جملة المذكورين .
وقال أبو علي : هو فاعل من المحاشاة ; أي حاشا يوسف وصار في حاشية وناحية مما قرف به ، أو من أن يكون بشرا ; فحاشا وحاش في الاستثناء حرف جر عند سيبويه ، وعلى ما قال المبرد وأبو علي فعل .
قوله تعالى : ما هذا بشرا قال الخليل وسيبويه : ما بمنزلة ليس ; تقول : ليس زيد قائما ، و " ما هذا بشرا " و " ما هن أمهاتهم " .
وقال الكوفيون : لما حذفت الباء نصبت ; وشرح هذا - فيما قاله أحمد بن يحيى - إنك إذا قلت : ما زيد بمنطلق ، فموضع الباء موضع نصب ، وهكذا سائر حروف الخفض ; فلما حذفت الباء نصبت لتدل على محلها ، قال : وهذا قول الفراء ، قال : ولم تعمل " ما " شيئا ; فألزمهم البصريون أن يقولوا : زيد القمر ; لأن المعنى كالقمر ! فرد أحمد بن يحيى بأن قال : الباء أدخل في حروف الخفض من الكاف ; لأن الكاف تكون اسما .
قال النحاس : لا يصح إلا قول البصريين ; وهذا القول يتناقض ; لأن الفراء أجاز نصا ما بمنطلق زيد ، وأنشد :أما والله أن لو كنت حرا وما بالحر أنت ولا العتيقومنع نصا النصب ; ولا نعلم بين النحويين اختلافا أنه جائز : ما فيك براغب زيد ، وما إليك بقاصد عمرو ، ثم يحذفون الباء ويرفعون .
وحكى البصريون والكوفيون ما زيد منطلق بالرفع ، وحكى البصريون أنها لغة تميم ، وأنشدوا :أتيما تجعلون إلي ندا وما تيم لذي حسب نديدالند والنديد والنديدة المثل والنظير .
وحكى الكسائي أنها لغة تهامة ونجد .
وزعم الفراء أن الرفع أقوى الوجهين ، قال أبو إسحاق : وهذا غلط ; كتاب الله - عز وجل - ولغة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقوى وأولى .
قلت : وفي مصحف حفصة - رضي الله عنها - " ما هذا ببشر " ذكره الغزنوي .
قال القشيري أبو نصر : وذكرت النسوة أن صورة يوسف أحسن من صورة البشر ، بل هو في صورة ملك ; وقال الله تعالى : لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم والجمع بين الآيتين أن قولهن : حاش لله تبرئة ليوسف عما رمته به امرأة العزيز .
من المراودة ، أي بعد يوسف عن هذا ; وقولهن : " لله " أي لخوفه ، أي براءة لله من هذا ; أي قد نجا يوسف من ذلك ، فليس هذا من الصورة في شيء ; والمعنى : أنه في التبرئة عن المعاصي كالملائكة ; فعلى هذا لا تناقض .
وقيل : المراد تنزيهه عن مشابهة البشر في الصورة ، لفرط جماله .
وقوله : " لله " تأكيد لهذا المعنى ; فعلى هذا المعنى قالت النسوة ذلك ظنا منهن أن صورة الملك أحسن ، وما بلغهن قوله تعالى : لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم فإنه من كتابنا .
وقد ظن بعض الضعفة أن هذا القول لو كان ظنا باطلا منهن لوجب على الله أن يرد عليهن ، ويبين كذبهن ، وهذا باطل ; إذ لا وجوب على الله تعالى ، وليس كل ما يخبر به الله سبحانه من كفر الكافرين وكذب الكاذبين يجب عليه أن يقرن به الرد عليه ، وأيضا أهل العرف قد يقولون في القبيح كأنه شيطان ، وفي الحسن كأنه ملك ; أي لم ير مثله ، لأن الناس لا يرون الملائكة ; فهو بناء على ظن في أن صورة الملك أحسن ، أو على الإخبار بطهارة أخلاقه وبعده عن التهم .
إن هذا إلا ملك أي ما هذا إلا ملك ; وقال الشاعر :فلست لإنسي ولكن لملأك تنزل من جو السماء يصوبوروي عن الحسن : " ما هذا بشرى " بكسر الباء والشين ، أي ما هذا عبدا مشترى ، أي ما ينبغي لمثل هذا أن يباع ، فوضع المصدر موضع اسم المفعول ، كما قال : أحل لكم صيد البحر أي مصيده ، وشبهه كثير .
ويجوز أن يكون المعنى : ما هذا بثمن ، أي مثله لا يثمن ولا يقوم ; فيراد بالشراء على هذا الثمن المشترى به : كقولك : ما هذا بألف إذا نفيت قول القائل : هذا بألف .
فالباء على هذا متعلقة بمحذوف هو الخبر ، كأنه قال : ما هذا مقدرا بشراء .
وقراءة العامة أشبه ; لأن بعده إن هذا إلا ملك كريم مبالغة في تفضيله في جنس الملائكة تعظيما لشأنه ، ولأن مثل " بشرى " يكتب في المصحف بالياء .

﴿ تفسير الطبري ﴾

القول في تأويل قوله تعالى : فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فلما سمعت امرأة العزيز بمكر النسوة اللاتي قلن في المدينة ما ذكره الله عز وجل عنهن ،* * *وكان مكرهنَّ ما: -19164 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا عمرو بن محمد , قال: حدثنا أسباط , عن السدي: (فلما سمعت بمكرهن) ، يقول: بقولهن.
19165 - حدثنا ابن حميد , قال: حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق , قال: لما أظهر النساء ذلك، من قولهن ": تراود عبدها!" مكرًا بها لتريهن يوسف , وكان يوصف لهن بحُسنه وجماله ;(فلما سمعت بمكرهن (1) أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكأ).
19166 - حدثنا بشر , قال: حدثنا يزيد , قال: حدثنا سعيد , عن قتادة , قوله: (فلما سمعت بمكرهن) : ، أي بحديثهن ,( أرسلت إليهن) ، يقول: أرسلت إلى النسوة اللاتي تحدثن بشأنها وشأن يوسف.
* * *(وأعتدت ) ،" أفعلت " من العتاد , ، وهو العدَّة، (2) ومعناه: أعدّت لهن ، " متكأ "، يعني: مجلسًا للطعام , وما يتكئن عليه من النمارق والوَسائد:* * *، وهو " مفتعل " من قول القائل: " اتَّكأت " , يقال: " ألق له مُتَّكأ " , يعني: ما يتكئ عليه.
* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
* ذكر من قال ذلك:19167 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا يحيى بن اليمان , عن أشعث , عن جعفر , عن سعيد: (وأعتدت لهن متكأ) قال: طعامًا وشرابًا ومتكأ.
19168 - .
.
.
.
قال: حدثنا عمرو بن محمد , عن أسباط , عن السدي: (وأعتدت لهن متكأ) ، قال: يتكئن عليه.
19169 - حدثني المثنى , قال: حدثنا عبد الله بن صالح , قال: حدثني معاوية عن علي , عن ابن عباس: (وأعتدت لهن متكأ) ، قال: مجلسًا.
19170 - .
.
.
.
قال: حدثنا عمرو بن عون , قال: أخبرنا هشيم , عن أبي الأشهب , عن الحسن أنه كان يقرأ: (مُتَّكَآءً)، ويقول: هو المجلس والطعام.
(3)19171 - .
.
.
.
قال: حدثنا إسحاق , قال: حدثنا عبد الله بن يزيد: من قرأ: " مُتْكَأً" ، خفيفة , يعني طعامًا.
ومن قرأ (مُتَّكَأً) ، يعني المتكأ.
* * *فهذا الذي ذكرنا عمن ذكرنا عنه تأويل هذه الكلمة , هو معنى الكلمة، وتأويل " المتكأ " , وأنها أعدّت للنسوة مجلسًا فيه متكأ وطعام وشراب وأترج .
ثم فسر بعضهم " المتكأ " بأنه الطعام على وجه الخبر عن الذي أعدّ من أجله المتكأ ، وبعضهم عن الخبر عن الأترج.
إذ كان في الكلام: ( وآتت كل واحدة منهن سكينًا )، لأن السكين إنما تعد للأترج وما أشبهه مما يقطع به ، وبعضهم على البزماورد.
19172 - حدثني هارون بن حاتم المقرئ , قال: حدثنا هشيم بن الزبرقان , عن أبي روق , عن الضحاك , في قوله: (وأعتدت لهن متكأ) ، قال: البزماورد.
* * *وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى: " المتكأ ": هو النُّمْرُق يتكأ عليه.
وقال: زعم قوم أنه الأترج.
قال: وهذا أبطل باطل في الأرض , ولكن عسى أن يكون مع " المتكأ " أترج يأكلونه.
(4)* * *وحكى أبو عبيد القاسم بن سلام قول أبي عبيدة , ثم قال: والفقهاء أعلم بالتأويل منه .
ثم قال: ولعله بعضُ ما ذهب من كلام العرب , فإنّ الكسائي كان يقول: قد ذهب من كلام العرب شيء كثير انقرض أهله.
* * *قال أبو جعفر: والقول في أن الفقهاء أعلم بالتأويل من أبي عبيدة، كما قال أبو عبيد لا شك فيه , غير أن أبا عبيدة لم يُبْعد من الصواب في هذا القول , بل القول كما قال: مِن أن مَن قال للمتكأ: هو الأترج، إنما بيَّن المعدَّ في المجلس الذي فيه المتكأ، والذي من أجله أعطين السكاكين , لأن السكاكين معلومٌ أنها لا تعدُّ للمتكأ إلا لتخريقه! (5) ولم يعطين السكاكين لذلك.
* * *ومما يبين صحة ذلك القول الذي ذكرناه عن ابن عباس , من أن " المتكأ " هو المجلس .
ثم رُوي عن مجاهد عنه، ما: -19173 - حدثني به سليمان بن عبد الجبار , قال، حدثنا محمد بن الصلت , قال: حدثنا أبو كدينة , عن حصين , عن مجاهد , عن ابن عباس: (وأعتدت لهن متكأ وآتت كل واحدة منهن سكينًا) ، قال: أعطتهن أترجًّا , وأعطت كل واحدة منهن سكّينًا.
* * *فبيّن ابن عباس في رواية مجاهد هذه، ما أعطت النسوة , وأعرض عن ذكر بيان معنى " المتكأ " , إذ كان معلومًا معناه.
* * ** ذكر من قال في تأويل " المتكأ " ما ذكرنا:19174 - حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي , قال: حدثنا فضيل بن عياض , عن حصين , عن مجاهد , عن ابن عباس: (وأعتدت لهن متكأ) ، قال: التُّرُنْج.
19175 - حدثني المثنى , قال: حدثنا عمرو بن عون , قال: حدثنا هشيم , عن عوف , قال: حدثت عن ابن عباس أنه كان يقرؤها: " مُتْكًا " مخففة , ويقول: هو الأترُجّ.
19176 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا ابن إدريس , عن أبيه , عن عطية: " وأعتدت لهن متكأ " ، قال الطعام.
19177 - حدثني يعقوب والحسن بن محمد , قالا حدثنا ابن علية , عن أبي رجاء , عن الحسن , في قوله: (وأعتدت لهن متكأ) ، قال: طعامًا.
19178 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا ابن علية , عن أبي رجاء , عن الحسن , مثله .
19179 - حدثنا ابن بشار وابن وكيع , قالا حدثنا غندر , قال: حدثنا شعبة , عن أبي بشر , عن سعيد بن جبير , في قوله: (وأعتدت لهن مُتَّكأ) ، قال: طعامًا.
19180 - حدثنا ابن المثنى , قال: حدثنا وهب بن جرير , قال: حدثنا شعبة , عن أبي بشر , عن سعيد بن جبير، نحوه .
19181 - حدثنا محمد بن بشار , قال: حدثنا عبد الرحمن , قال: حدثنا سفيان , عن منصور , عن مجاهد , قال: من قرأ (مُتَّكَأ) فهو الطعام , ومن قرأها " مُتْكًأ " فخففها , فهو الأترجّ.
19182- حدثني محمد بن عمرو , قال: حدثنا أبو عاصم , قال: حدثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , في قوله: (متكأ) ، قال: طعامًا19183- حدثنا الحسن بن محمد , قال: حدثنا شبابة , قال: حدثنا ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله .
19184 - حدثني المثنى , قال: حدثنا أبو حذيفة , قال: حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد ،19185 - وحدثني المثنى , قال: حدثنا إسحاق , قال: حدثنا عبد الله , عن ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله .
19186 - حدثنا الحسن بن محمد , قال: حدثنا أبو خالد القرشي , قال: حدثنا سفيان , عن منصور , عن مجاهد , قال: من قرأ: " مُتْكًا " ، خفيفة , فهو الأترجّ.
19187 - حدثني الحارث , قال: حدثنا عبد العزيز , قال: حدثنا سفيان , عن منصور , عن مجاهد , بنحوه .
19188 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا جرير , عن ليث , قال سمعت بعضهم يقول: الأترج .
19189 - حدثنا بشر , قال: حدثنا يزيد , قال: حدثنا سعيد , عن قتادة: (وأعتدت لهن متكأ) : ، أي طعامًا.
19190 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى , قال: حدثنا محمد بن ثور , عن معمر , عن قتادة , مثله .
19191 - .
.
.
.
قال: حدثنا يزيد , عن أبي رجاء , عن عكرمة , في قوله: (متكأ) ، قال: طعامًا.
19192 - حدثني محمد بن سعد , قال: حدثني أبي , قال: حدثني عمي , قال: حدثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس: (وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتْكًا) ، يعني الأترج.
19193 - حدثنا ابن حميد , قال: حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق: (وأعتدت لهن متكأ) ، والمتكأ، الطعام.
19194 - .
.
.
.
قال: حدثنا جرير عن ليث , عن مجاهد: (وأعتدت لهن متكأ) ، قال: الطعام.
19195 - حدثني يونس , قال: أخبرنا ابن وهب , قال: قال ابن زيد , في قوله: (وأعتدت لهن متكأ) ، قال: طعامًا.
19196 - حدثت عن الحسين , قال: سمعت أبا معاذ , قال: حدثنا عبيد بن سليمان , قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (مُتَّكَأً) ، فهو كل شيء يجزّ بالسكين.
* * *قال أبو جعفر: قال الله تعالى ذكره، مخبرًا عن امرأة العزيز والنسوة اللاتي تحدَّثن بشأنها في المدينة: (وآتت كل واحدة منهن سكينًا) ، يعني بذلك جل ثناؤه: وأعطت كل واحدة من النسوة اللاتي حضرنها، سكينًا لتقطع به من الطعام ما تقطع به.
وذلك ما ذكرت أنَّها آتتهن إما من الأترج , وإما من البزماورد , أو غير ذلك مما يقطع بالسكين، كما:-19197 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا عمرو بن محمد , عن أسباط , عن السدي: (وآتت كل واحدة منهن سكينًا)، وأترجًّا يأكلنه.
19198 - حدثنا سليمان بن عبد الجبار , قال: حدثنا محمد بن الصلت , قال: حدثنا أبو كدينة , عن حصين , عن مجاهد , عن ابن عباس: (وآتت كل واحدة منهن سكينًا) ، قال: أعطتهن أترجًّا , وأعطت كل واحدة منهن سكينًا.
19199 - حدثنا ابن حميد , قال: حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق: (وآتت كل واحدة منهن سكينًا) ، ليحتززن به من طعامهنّ.
19200 - حدثني يونس بن عبد الأعلى , قال: أخبرنا ابن وهب , قال: قال ابن زيد , في قوله: (وآتت كل واحدة منهن سكينا) ، وأعطتهن تُرنجًا وعسلا فكن يحززن الترنج بالسكين , ويأكلن بالعسل.
* * *قال أبو جعفر: وفي هذه الكلمة بيانُ صحة ما قلنا واخترنا في قوله (6) (وأعتدت لهن متكأ) .
وذلك أن الله تعالى ذكره أخبر عن إيتاء امرأة العزيز النسوةَ السكاكينَ , وترك ما لَهُ آتتهن السكاكين , إذ كان معلومًا أن السكاكين لا تدفع إلى من دعي إلى مجلس إلا لقطع ما يؤكل إذا قطع بها.
فاستغني بفهم السامع بذكر إيتائها صواحباتها السكاكين، عن ذكر ما له آتتهن ذلك.
فكذلك استغني بذكر اعتدادها لهنّ المتكأ، عن ذكر ما يعتدُّ له المتكأ مما يحضر المجالس من الأطعمة والأشربة والفواكه وصنوف الالتهاء ; لفهم السامعين بالمراد من ذلك , ودلالة قوله: (وأعتدت لهن متكأ) ، عليه .
فأما نفس " المتكأ " فهو ما وصفنا خاصةً دون غيره.
* * *وقوله: (وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه) ، يقول تعالى ذكره: وقالت امرأة العزيز ليوسف: (اخرج عليهن) ، فخرج عليهن يوسف ، (فلما رأينه أكبرنه) ، يقول جل ثناؤه: فلما رأين يوسف أعظمنه وأجللْنه.
* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
* ذكر من قال ذلك:19201 - حدثنا الحسن بن محمد , قال، حدثنا شبابة , قال: حدثنا ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , قوله: (أكبرنه) ، أعظمنه.
19202 - حدثني محمد بن عمرو , قال: حدثنا أبو عاصم , قال: حدثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد مثله .
19203 - حدثني المثنى , قال: حدثنا أبو حذيفة , قال: حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح .
قال: حدثنا إسحاق , قال: حدثنا عبد الله , عن ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله .
19204 - حدثنا بشر , قال: حدثنا يزيد , قال: حدثنا سعيد , عن قتادة: (فلما رأينه أكبرنه) : ، أي: أعظمنه.
19205 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا عمرو بن محمد , عن أسباط , عن السدي: (وقالت اخرج عليهن) ، ليوسف ، (فلما رأينه أكبرنه) : ، عظَّمنه.
19206 - حدثنا إسماعيل بن سيف العجلي , قال: حدثنا علي بن عابس , قال: سمعت السدي يقول في قوله: (فلما رأينه أكبرنه) ، قال: أعظمنه.
(7)19207 - حدثني يونس , قال: أخبرنا ابن وهب , قال: قال ابن زيد , في قوله: (اخرج عليهن) ، فخرج، فلما رأينه أعظمنه وبُهِتن.
19208 - حدثنا إسماعيل بن سيف .
قال: حدثنا عبد الصمد بن علي الهاشمي , عن أبيه , عن جده , في قوله: (فلما رأينه أكبرنه) ، قال: حِضْن.
(8)19209 - حدثنا علي بن داود , قال: حدثنا عبد الله , قال: حدثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس , في قوله: (فلما رأينه أكبرنه) ، يقول: أعظمنه.
19210 - حدثني الحارث , قال: حدثنا عبد العزيز , قال: حدثنا يحيى بن أبي زائدة , عن ابن جريج , عن مجاهد، مثله.
* * *قال أبو جعفر: وهذا القول ، أعني القول الذي روي عن عبد الصمد , عن أبيه , عن جده , في معنى (أكبرنه) ، أنه حِضْن ، إن لم يكن عَنَى به أنهن حضن من إجلالهن يوسف وإعظامهن لما كان الله قسم له من البهاء والجمال , ولما يجد من مثل ذلك النساءُ عند معاينتهن إياه ، فقولٌ لا معنى له.
لأن تأويل ذلك: فلما رأين يوسف أكبرنه , فالهاء التي في" أكبرنه "، من ذكر يوسف , ولا شك أن من المحال أن يحضنَ يوسف.
ولكن الخبر، إن كان صحيحًا عن ابن عباس على ما روي , فخليقٌ أن يكون كان معناه في ذلك أنهن حضن لِمَا أكبرن من حسن يوسف وجماله في أنفسهن، ووجدن ما يجد النساء من مثل ذلك.
* * *وقد زعم بعض الرواة أن بعض الناس أنشده في" أكبرن " بمعنى حضن , بيتًا لا أحسب أنَّ له أصلا لأنه ليس بالمعروف عند الرواة , وذلك:نَأْتِي النِّسَاءَ عَلَى أَطْهَارِهِنَّ وَلانَأْتِي النِّسَاءَ إِذَا أَكْبَرْنَ إِكْبَارَا (9)وزعم أن معناه: إذا حضن (10) .
* * *وقوله: (وقطعن أيديهن) ، اختلف أهل التأويل في معنى ذلك.
فقال بعضهم: معناه: أنهن حَززن بالسكين في أيديهن، وهن يحسبن أنهن يقطعن الأترُجّ .
* ذكر من قال ذلك:19211 - حدثنا الحسن بن محمد , قال: حدثنا شبابة , قال: حدثنا ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , قوله: (وقطعن أيديهن) ، حزًّا حزًّا بالسكين.
19212 - حدثني محمد بن عمرو , قال: حدثنا أبو عاصم , قال: حدثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد: (وقطعن أيديهن) ، قال: حزًّا حزًّا بالسكاكين.
19213 - حدثني المثنى , قال: حدثنا أبو حذيفة , قال: حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد ،19214 - .
.
.
.
قال: وحدثنا إسحاق , قال: حدثنا عبد الله , عن ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد: (وقطعن أيديهن) ، قال: حزًّا حزًّا بالسكين.
19215 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا عمرو بن محمد , قال: حدثنا أسباط , عن السدي: (وقطعن أيديهن) قال: جعل النسوة يحززن أيديهن , يحسبن أنهن يقطعن الأترج.
19216 - حدثنا إسماعيل بن سيف , قال: حدثنا علي بن عابس , قال: سمعت السدي يقول: كانت في أيديهن سكاكين مع الأترج , فقطعن أيديهنّ , وسالت الدماء , فقلن: نحن نلومك على حبّ هذا الرجل , ونحن قد قطعنا أيدينا وسالت الدماء !19217 - حدثني يونس , قال: أخبرنا ابن وهب , قال: قال ابن زيد: جعلن يحززن أيديهن بالسكين , ولا يحسبن إلا أنهن يحززن الترنج , قد ذهبت عقولهن مما رأين‍!19218 - حدثنا بشر , قال: حدثنا يزيد , قال: حدثنا سعيد , عن قتادة: (وقطعن أيديهن) ، وحززن أيديهن.
19219 - حدثني سليمان بن عبد الجبار , قال: حدثنا محمد بن الصلت , قال: حدثنا أبو كدينة , عن حصين , عن مجاهد , عن ابن عباس , قال: جعلن يقطعن أيديهن وهن يحسبن أنهن يقطعن الأترج.
19220 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى , قال: حدثنا محمد بن ثور , عن معمر , عن قتادة: (وقطعن أيديهن) ، قال: جعلن يحززن أيديهن , ولا يشعرن بذلك.
19221 - حدثنا ابن حميد , قال: حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق , قال: قالت ليوسف: ( اخرج عليهن )، فخرج عليهن ، ( فلما رأينه أكبرنه ) , وغلبت عقولهن عجبًا حين رأينه، فجعلن يقطعن أيديهن بالسكاكين التي معهن، ما يعقلن شيئًا مما يصنعن ، (وقلن حاش لله ما هذا بشرًا).
* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: أنهن قطعن أيديهن حتى أبنَّها، وهن لا يشعرن.
* ذكر من قال ذلك:19222 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى , قال: حدثنا محمد بن ثور , عن معمر , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , قال: قطعن أيديهن حتى ألقينَها.
19223 - حدثني المثنى , قال: حدثنا إسحاق , قال: حدثنا عبد الرزاق , قال: أخبرنا معمر , عن قتادة , في قوله: (وقطعن أيديهن) ، قال: قطعن أيديهن حتى ألقينها.
* * *قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله أخبر عنهن أنهن قطَّعن أيديهن وهن لا يشعرن لإعظام يوسف، وجائز أن يكون ذلك قطعًا بإبانة ، وجائز أن يكون كان قطع حزّ وخدش ، ولا قول في ذلك أصوب من التسليم لظاهر التنزيل.
* * *19224 - حدثنا محمد بن بشار , قال: حدثنا عبد الرحمن , قال: حدثنا سفيان , عن أبي إسحاق , عن أبي الأحوص , عن عبد الله , قال: أعطي يوسف وأمه ثلث الحسن.
(11)19225 - حدثنا محمد بن المثنى , قال: حدثنا محمد بن جعفر , قال: حدثنا شعبة , عن أبي إسحاق , عن أبي الأحوص , عن عبد الله , مثله .
19226 - .
.
.
.
وبه عن أبي الأحوص , عن عبد الله , قال: قسم ليوسف وأمه ثلث الحسن.
19227 - حدثنا أبو كريب , قال: حدثنا وكيع ; وحدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا أبي , عن سفيان , عن أبي إسحاق , عن أبي الأحوص , عن عبد الله , قال: أعطي يوسف وأمه ثلث حسن الخلق.
19228 - حدثني أحمد بن ثابت , وعبد الله بن محمد الرازيّان , قالا حدثنا عفان , قال: أخبرنا حماد بن سلمة , قال: أخبرنا ثابت , عن أنس , عن النبي صلى الله عليه وسلم , قال: أعطي يوسف وأمه شَطْرَ الحسن (12) .
19229 - حدثنا ابن حميد , قال: حدثنا حكام , عن أبي معاذ , عن يونس , عن الحسن , أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أعطي يوسف وأمه ثلث &; 16-81 &; حُسن أهل الدنيا , وأعطي الناس الثلثين ، أو قال: أعطي يوسف وأمه الثلثين , وأعطي الناس الثلث.
19230 - حدثنا أبو كريب , قال: حدثنا وكيع ; وحدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا أبي ، , عن سفيان , عن منصور , عن مجاهد , عن ربيعة الجرشي , قال: قسم الحسن نصفين , فأعطي يوسف وأمه سارة نصف الحسن , والنصف الآخر بين سائر الخلق.
19231 - حدثنا ابن بشار , قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري , قال: حدثنا سفيان , عن منصور , عن مجاهد , عن ربيعة الجرشي , قال: قسم الحسن نصفين: فقسم ليوسف وأمه النصف , والنصف لسائر الناس.
19232 - حدثنا ابن وكيع وابن حميد , قالا حدثنا جرير , عن منصور , عن مجاهد , عن ربيعة الجرشي , قال: قسم الحسن نصفين , فجعل ليوسف وسارَة النصف , وجعل لسائر الخلق نصف.
(13)19233 - حدثنا ابن حميد , قال: حدثنا حكام , عن عيسى بن يزيد , عن الحسن: أعطي يوسف وأمه ثلث حسن الدنيا , وأعطي الناس الثلثين.
* * *وقوله: (وقلن حاش لله) ، اختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأته عامة قرأة الكوفيين: (حَاشَ لِلّهِ) بفتح الشين وحذف الياء.
* * *وقرأه بعض البصريين بإثبات الياء " حَاشَى لله ".
* * *وفيه لغات لم يقرأ بها: " حَاشَى اللهِ" ، كما قال الشاعر: (14)حَاشَى أَبِي ثَوْبَانَ إِنَّ بِهِضَنًّا عَنِ المَلْحَاةِ وَالشَّتْمِ (15)* * *وذكر عن ابن مسعود أنه كان يقرأ بهذه اللغة: " حَشَى اللهَ"، و " حاشْ اللهَ"، (16) بتسكين الشين والألف، يجمع بين الساكنين.
* * *وأما القراءة فإنما هي بإحدى اللغتين الأوليين , فمن قرأ: (حَاشَ لله) بفتح الشين وإسقاط الياء، فإنه أراد لغة من قال: " حاشى لله " , بإثبات الياء , ولكنه حذف الياء لكثرتها على ألسن العرب , كما حذفت العرب الألف من قولهم: " لا أب لغيرك " , و " لا أب لشانيك " , وهم يعنون: " لا أبا لغيرك ".
و " لا أبا لشانيك ".
* * *وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يزعم أن لقولهم: " حاشى لله " , موضعين في الكلام:أحدهما: التنزيه.
والآخر: الاستثناء.
وهو في هذا الموضع عندنا بمعنى التنزيه لله , كأنه قيل: معاذ الله.
* * *قال أبو جعفر: وأما القول في قراءة ذلك.
فإنه يقال: للقارئ الخيار في قراءته بأي القراءتين شاء , إن شاء بقراءة الكوفيين، وإن شاء بقراءة البصريين , وهو: (حَاشَ لله) و " حَاشَى لله "، لأنهما قراءتان مشهورتان، ولغتان معروفتان بمعنى واحد , وما عدا ذلك فلغات لا تجوز القراءة بها , لأنا لا نعلم قارئًا قرأ بها.
* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
* ذكر من قال ذلك:19234 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا ابن نمير , عن ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد: (وقلن حاش لله) ، قال: معاذ الله.
19235 - حدثني محمد بن عمرو , قال: حدثنا أبو عاصم , عن عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , في قوله: (حاش لله)، معاذ الله.
19236 - حدثني المثنى , قال: حدثنا أبو حذيفة , قال: حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد: (وقلن حاش لله) : معاذ الله.
19237 - حدثنا الحسن بن محمد , قال: حدثنا شبابة , قال: حدثنا ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , قوله: (حاش لله) : معاذ الله.
19238 - .
.
.
.
قال: حدثنا عبد الوهاب , عن عمرو , عن الحسن: (حاش لله) : معاذ الله.
19239 - حدثني الحارث , قال: حدثنا عبد العزيز , قال: حدثنا يحيى , عن ابن جريج , عن مجاهد , مثله.
* * *وقوله: (ما هذا بشرًا) ، يقول: قلن ما هذا بشرًا , لأنهن لم يرين في حسن صورته من البشر أحدًا , فقلن: لو كان من البشر، لكان كبعض ما رأينا من صورة البشر , ولكنه من الملائكة لا من البشر، كما:-19240 - حدثني يونس , قال: أخبرنا ابن وهب , قال: قال ابن زيد , في قوله: (وقلن حاش لله ما هذا بشرا) : ما هكذا تكون البشر!* * *وبهذه القراءة قرأ عامة قرأة الأمصار .
وقد: -19241 - حدثت عن يحيى بن زياد الفراء , قال: حدثني دعامة بن رجاء التيمي ، وكان غَزَّاءً (17) ، عن أبي الحويرث الحنفي أنه قرأ: " ما هذا بِشِرًى "، أي ما هذا بمشتري.
(18)* * *، يريد بذلك أنهن أنكرن أن يكون مثلُه مستعبدًا يشترى ويُبَاع.
* * *قال أبو جعفر: وهذه القراءة لا أستجيز القراءة بها، لإجماع قرأة الأمصار على خلافها.
وقد بينا أن ما أجمعت عليه، فغير جائز خلافُها فيه.
* * *وأما " نصب " البشر , فمن لغة أهل الحجاز إذا أسقطوا " الباء " من الخبر نصبوه , فقالوا: " ما عمرو قائمًا " .
وأما أهل نجد , فإن من لغتهم رفعه , يقولون: " ما عمرو قائم " ; ومنه قول بعضهم حيث يقول: (19)لَشَتَّانَ مَا أَنْوِي وَيَنْوِي بَنُو أَبِيجَمِيعًا , فَمَا هَذَانِ مُسْتَوِيَانِتَمَنَّوْا لِيَ المَوْتَ الَّذِي يَشْعَبُ الفَتَىوَكُلُّ فَتًى وَالمَوْتُ يَلْتَقِيَانِ (20)وأما القرآن , فجاء بالنصب في كل ذلك , لأنه نزل بلغة أهل الحجاز.
* * *وقوله: (إن هذا إلا مَلَك كريمٌ) ، يقول: قلن ما هذا إلا ملك من الملائكة، كما: -19242 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى , قال: حدثنا محمد بن ثور , عن معمر , عن قتادة: (إن هذا إلا ملك كريم) ، قال: قلن: ملك من الملائكة.
* * *----------------------الهوامش:(1) انظر تفسير" المكر" فيما سلف 15 : 49 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
(2) انظر تفسير" أعتد" فيما سلف 8 : 103 ، 355 / 9 : 353 ، 392 .
(3) قراءة الحسن بالمد ، آخره همز ، ذكر هذه القراءة ابن خالويه في شواذ القراءات ص : 63 عن الحسن ، وذكرها أبو حيان في تفسيره 5 : 302 ، ونسبها إلى الحسن وابن هرمز ، وقال :" بالمد والهمز .
وهي مفتعل ، من الاتكاء ، إلا أنه أشبع الفتحة فتولدت منها الألف كما قالوا" :وَأَنْتَ مِنَ الغَوَائِل حَيْثُ تُرْمَىومِنْ ذَمِّ الرِّجالِ بِمُنْتَزَاحِأي : بمنتزح ، فأشبع .
(4) انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 309 .
(5) يقول : إلا إذا أعطين السكاكين لكي يمزقن النمارق والوسائد ، وهي المتكأ .
(6) في المطبوعة :" وأخبرنا في قوله" ، لم يحسن قراءة المخطوطة .
(7) الأثر : 19206 -" إسماعيل بن سيف العجلي" ، شيخ برقم الطبري مضى : 3843 ، وذكر أخي هناك أنه لم يجد له ترجمة ، وظنه" إسماعيل بن سيف ، أبو إسحاق" ، بل قطع بذلك .
والله أعلم .
و" علي بن عابس الأسدي" ، ضعيف ، مضى برقم : 11233 .
(8) الأثر : 19208 -" إسماعيل بن سيف العجلي" ، انظر رقم : 19206و" عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي" ، كان أميرًا بمكة ، وذكره العقيلي في الضعفاء .
مترجم في ميزان الاعتدال 2 : 132 ، ولسان الميزان 4 : 21 .
(9) لسان العرب ( كبر ) .
(10) ذكر أبو منصور الأزهري ، عن أبي الهيثم أنه قال :" سألت رجلا من طيئ فقلت : يا أخا طيئ ، ألك زوجة ؟ قال : لا والله ما تزوجت ، وقد وعدت في ابنة عم لي .
قلت : ما سنها ؟ قال : قد أكبرت ، أو : كبرت ، قلت : ما أكبرت ؟ قال : حاضت" .
قال : الأزهري :" وإن صحت هذه اللفظة في اللغة بمعنى الحيض ، فلها مخرج حسن .
وذلك أن المرأة أول ما تحيض فقد خرجت من حد الصغر إلى حد الكبر ، فقيل لها : أكبرت ، أي : حاضت فدخلت في حد الكبر الموجب عليها الأمر والنهي .
(11) الآثار 19224 - 19227 - حديث موقوف صحيح الإسناد ، خرجه السيوطي في الدر المنثور 4 : 17 من طرق وبألفاظ مختلفة ، وخرجه الهيثمي بهذا اللفظ ، في مجمع الزوائد 8 : 203 .
وبغير هذا اللفظ مطولا .
وقال :" رواه الطبراني موقوفًا ، ورجاله رجال الصحيح" ثم ذكر هذا المختصر ، فقال : رواه الطبراني ، والظاهر أنه وهم" .
وذلك أن نص الأول المطول :" أعطى يوسف وأمه ثلثي حسن الناس" .
(12) الأثر : 19228 -" أحمد بن ثابت بن عتاب الرازي" ،" فرخويه" ، شيخ الطبري كذاب ، مضى برقم : 2055 .
و" عبد الله بن محمد الرازي" ، شيخ الطبري ، لم أعرفه ، وفي التاريخ :" حدثني عبد الله بن محمد ، وأحمد بن ثابت الشيان .
.
" ، ولا أدري ما هذا ؟و" عفان" ، هو" عفان بن مسلم الصفار" ، ثقة من شيوخ أحمد والبخاري ، مضى برقم : 5392 ، أخرج له الجماعة .
و" حماد بن سلمة" ، ثقة ، مضى مرارًا .
و" ثابت" هو" ثابت بن أسلم الناني" تابعي ثقة ، مضى مرارًا .
وهذا خبر صحيح الإسناد ، ولا يضره كذب" أحمد بن ثابت" ، فالثقات قد رووه ، رواه أحمد في مسنده 3 : 286 ، عن عفان نفسه ، بهذا اللفظ .
ورواه الحاكم في المستدرك 2 : 570 ، من طريق محمد بن إسحاق الصغاني ، ومحمد بن غالب بن حرب ، وإسحاق بن الحسن بن ميمون ، جميعًا عن عفان بن مسلم .
بمثله ، وقال :" هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه" ، ووافقه الذهبي .
ورواه الطبري في تاريخه من هذا الطريق نفسه 1 : 173 .
(13) الآثار : 19230 - 19232 -" ربيعة الجرشي" ، مختلف في اسم أبيه ، وفي صحبته .
فقيل في اسم أبيه" ربيعة بن عمرو" ، و" ربيعة بن الغاز" ، انظر ترجمته في الإصابة ، والكبير للبخاري 2 / 1 / 256 ، وابن أبي حاتم 1 / 2 / 472 ، وابن سعد في الطبقات 7 / 2 / 150 ، وقال :" وفي بعض الحديث أنه صحب النبي صلى الله عليه وسلم ، وروى عنه ، قال : وكان ثقة ، وقتل يوم مرج راهط في ذي الحجة سنة 64".
(14) هو الجميح ، منقد بن الطماح الأسدي ، ونسب لسبرة بن عمرو الأسدي .
(15) المفضليات 718 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 310 ، والخزانة 2 : 150 ، والعيني ( بهامش الخزانة ) 4 : 129 ، واللسان ( حشى ) في موضعين ، بروايتين ، وهو من شعر له هجا فيه بني رواحه بن قطيعة بن عبس ، ويستثنى منهم عمرو بن عبد الله أبا ثوبان ، يقول :وَبَنُو رَوَاحَةَ يَنْظُرُونَ إذَانَظَرَ النَّدِيُّ بِآنُفٍ خُثْمِحَاشَا أبِي ثَوْبَانَ إنّ أبَاثَوْبَان لَيْسَ بِبُكْمَةٍ فَدْمِعَمْرُو بنَ عَبْدِ اللهِ إنَّ بِهِضَنًّا عَنِ المَلْحَاةِ والشَّتْمِوخلط في الشعر أبو عبيدة وغيره ، وفي المخطوطة" أبي ثروان" ، وفي اللسان في أحد الموضعين" أبي مروان" ، كأنه نقل محرف عن رواية" ثروان" ، إن صحت ، رواه المفضل" حاشى أبا ثوبان" بالنصب .
و" الندى" المجلس ، واراد أهله .
و" الآنف" جمع" أنف" ،" الخثم" جمع" أخثم" ، وهو الأنف العظيم الكثير اللحم ، ليس برقيق ولا أشم ، وهو ذم .
و" البكمة" ، الأبكم ، و" الفدم" العيي الثقيل الفهم .
و" الملحاة" مصدر ميمي من" لحوت الرجل ولحيته" ، إذا ألححت عليه باللائمة ، وكأنه يعني المشاغبة .
(16) في المطبوعة ، أسقط" حشى الله" ، وأثبتها منها .
(17) كان في المطبوعة :" غرا" ، والصواب ما أثبت ، وهو كذلك في معاني القرآن .
(18) الأثر : 19241 - هو في معاني القرآن للفراء في تفسير الآية .
(19) لم أعرف قائله .
(20) رواهما الفراء في معاني القرآن , في تفسير الآية .

﴿ فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكأ وآتت كل واحدة منهن سكينا وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم ﴾

قراءة سورة يوسف

المصدر : تفسير : فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن