فلما رأوا حديقتهم محترقة أنكروها، وقالوا: لقد أخطأنا الطريق إليها، فلما عرفوا أنها هي جنتهم، قالوا: بل نحن محرومون خيرها؛ بسبب عزمنا على البخل ومنع المساكين. قال أعدلهم: ألم أقل لكم هلا تستثنون وتقولون: إن شاء الله؟ قالوا بعد أن عادوا إلى رشدهم: تنزَّه الله ربنا عن الظلم فيما أصابنا، بل نحن كنا الظالمين لأنفسنا بترك الاستثناء وقصدنا السيِّئ. فأقبل بعضهم على بعض، يلوم كل منهم الآخر على تركهم الاستثناء وعلى قصدهم السيِّئ، قالوا: يا ويلنا إنَّا كنا متجاوزين الحد في منعنا الفقراء ومخالفة أمر الله، عسى ربنا أن يعطينا أفضل من حديقتنا؛ بسبب توبتنا واعترافنا بخطيئتنا. إنا إلى ربنا وحده راغبون، راجون العفو، طالبون الخير. مثل ذلك العقاب الذي عاقبنا به أهل الحديقة يكون عقابنا في الدنيا لكل مَن خالف أمر الله، وبخل بما آتاه الله من النعم فلم يؤدِّ حق الله فيها، ولَعذاب الآخرة أعظم وأشد مِن عذاب الدنيا، لو كانوا يعلمون لانزجروا عن كل سبب يوجب العقاب.
قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ أي: متجاوزين للحد في حق الله، وحق عباده.
﴿ تفسير البغوي ﴾
ونادوا على أنفسهم بالويل : ( قالوا ياويلنا إنا كنا طاغين ) في منعنا حق الفقراء . وقال ابن كيسان : طغينا نعم الله فلم نشكرها ولم نصنع ما صنع آباؤنا من قبل .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
( قَالُواْ ياويلنا ) أى : يا هلاكنا ويا حسرتنا . . ( إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ ) أى : إنا كنا متجاوزين لحدودنا ، وفاسقين عن أمر ربنا ، عندما صممنا على البخل بما أعطانا - سبحانه - من فضله .
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
( قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين ) أي : اعتدينا وبغينا وطغينا وجاوزنا الحد حتى أصابنا ما أصابنا
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين أي عاصين بمنع حق الفقراء وترك الاستثناء . وقال ابن كيسان : طغينا نعم الله فلم نشكرها كما شكرها آباؤنا من قبل .
﴿ تفسير الطبري ﴾
وقوله: (يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ ) يقول: قال أصحاب الجنة: يا ويلنا إنا كنا مُبْعَدين: مخالفين أمر الله في تركنا الاستثناء والتسبيح.