القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 33 سورة النساء - ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون

سورة النساء الآية رقم 33 : سبع تفاسير معتمدة

سورة ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون - عدد الآيات 176 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 33 من سورة النساء عدة تفاسير - سورة النساء : عدد الآيات 176 - - الصفحة 83 - الجزء 5.

سورة النساء الآية رقم 33


﴿ وَلِكُلّٖ جَعَلۡنَا مَوَٰلِيَ مِمَّا تَرَكَ ٱلۡوَٰلِدَانِ وَٱلۡأَقۡرَبُونَۚ وَٱلَّذِينَ عَقَدَتۡ أَيۡمَٰنُكُمۡ فَـَٔاتُوهُمۡ نَصِيبَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدًا ﴾
[ النساء: 33]

﴿ التفسير الميسر ﴾

ولكل واحد منكم جعلنا ورثة يرثون مما ترك الوالدان والأقربون، والذين تحالفتم معهم بالأيمان المؤكدة على النصرة وإعطائهم شيئًا من الميراث فأعطوهم ما قُدِّر لهم. والميراث بالتحالف كان في أول الإسلام، ثم رُفع حكمه بنزول آيات المواريث. إن الله كان مُطَّلِعًا على كل شيء من أعمالكم، وسيجازيكم على ذلك.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

«ولكلٌ» عن الرجال والنساء «جعلنا موالي» عصبة يعطون «مما ترك الوالدان والأقربون» لهم من المال «والذين عاقدت» بألف ودونها «أيمانكم» جمع يمين بمعنى القسم أو اليد أي الخلفاء الذين عاهدتموهم في الجاهلية على النصرة والإرث «فآتوهم» الآن «نصيبهم» حظوظهم من الميراث وهو السدس «إن الله على كل شيء شهيدا» مطلعا ومنه حالكم وهذا منسوخ بقوله (وأولوا الأرحام بعضهم أول ببعض).

﴿ تفسير السعدي ﴾

أي: وَلِكُلٍّ من الناس جَعَلْنَا مَوَالِيَ أي: يتولونه ويتولاهم بالتعزز والنصرة والمعاونة على الأمور.
مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وهذا يشمل سائر الأقارب من الأصول والفروع والحواشي، هؤلاء الموالي من القرابة.
ثم ذكر نوعا آخر من الموالي فقال: وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ أي: حالفتموهم بما عقدتم معهم من عقد المحالفة على النصرة والمساعدة والاشتراك بالأموال وغير ذلك.
وكل هذا من نعم الله على عباده، حيث كان الموالي يتعاونون بما لا يقدر عليه بعضهم مفردا.
قال تعالى: فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ أي: آتوا الموالي نصيبهم الذي يجب القيام به من النصرة والمعاونة والمساعدة على غير معصية الله.
والميراث للأقارب الأدنين من الموالي.
إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا أي: مطلعا على كل شيء بعلمه لجميع الأمور، وبصره لحركات عباده، وسمعه لجميع أصواتهم.


﴿ تفسير البغوي ﴾

قوله تعالى : ( ولكل جعلنا موالي ) أي : ولكل واحد من الرجال والنساء جعلنا موالي ، أي : عصبة يعطون ( مما ترك الوالدان والأقربون ) والوالدان والأقربون هم المورثون ، [ وقيل : معناه ولكل جعلنا موالي أي : ورثة ، مما ترك أي : من الذين تركهم ويكون " ما " بمعنى ( من ) ، ثم فسر ( الموالي ) فقال : " الوالدان والأقربون " ، هم الوارثون ] .
( والذين عقدت أيمانكم ) قرأ أهل الكوفة ( عقدت ) بلا ألف ، أي : عقدت لهم أيمانكم ، وقرأ الآخرون : " عاقدت أيمانكم " والمعاقدة : المحالفة والمعاهدة ، والأيمان جمع يمين ، من اليد والقسم ، وذلك أنهم كانوا عند المحالفة يأخذ بعضهم بيد بعض على الوفاء والتمسك بالعهد .
ومحالفتهم أن الرجل كان في الجاهلية يعاقد الرجل فيقول : دمي دمك وهدمي هدمك وثأري ثأرك وحربي حربك وسلمي سلمك وترثني وأرثك وتطلب بي وأطلب بك وتعقل عني وأعقل عنك ، فيكون للحليف السدس من مال الحليف ، وكان ذلك ثابتا في ابتداء الإسلام فذلك قوله تعالى : ( فآتوهم نصيبهم ) أي : أعطوهم حظهم من الميراث ، ثم نسخ ذلك بقوله تعالى " وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " ( الأحزاب 6 ) .
وقال إبراهيم ومجاهد : أراد فآتوهم نصيبهم من النصر والرفد ولا ميراث ، وعلى هذا تكون هذه الآية غير منسوخة لقوله تعالى : " أوفوا بالعقود " ( المائدة - 1 ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة يوم فتح مكة : " لا تحدثوا حلفا في الإسلام ، وما كان من حلف في الجاهلية فتمسكوا فيه فإنه لم يزده الإسلام إلا شدة " .
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : أنزلت هذه الآية في الذين آخى بينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار حين قدموا المدينة وكانوا يتوارثون بتلك المؤاخاة دون الرحم ، فلما نزلت ( ولكل جعلنا موالي ) نسخت ، ثم قال : ( والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم ) النصر والرفادة والنصيحة ، وقد ذهب الميراث فيوصي له .
وقال سعيد بن المسيب : كانوا يتوارثون بالتبني وهذه الآية فيه ثم نسخ .
( إن الله كان على كل شيء شهيدا ) .

﴿ تفسير الوسيط ﴾

ثم قال- تعالى وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ.
والمضاف إلى كل هنا محذوف عوض عنه التنوين.
والتقدير ولكل إنسان أو لكل قوم أو لكل من مات، أو لكل من الرجال والنساء.
والموالي: جمع مولى.
والمولى لفظ مشترك بين معان، فيقال للسيد المعتق لعبده مولى، لأنه ولى نعمته في عتقه له.
ويقال للعبد العتيق مولى لاتصال ولاية مولاه في إنعامه عليه كما يقال لكل من الحليف والنصير والقريب مولى.
ويقال لعصبة الشخص موالي.
قال الفخر الرازي: والمراد بالموالي هنا العصبة.
ويؤكد ذلك ما رواه أبو صالح عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنا أولى بالمؤمنين.
من مات وترك مالا فماله للموالي العصبة.
ومن ترك كلا فأنا وليه» وقال- عليه الصلاة والسلام- «اقسموا هذا المال فما أبقت السهام فلأولى عصبة ذكر».
هذا، وللمفسرين في تأويل هذه الآية الكريمة أقوال متعددة منها أن المعنى:1- ولكل واحد من الرجال والنساء جعلنا ورثة عصبة، يرثون مما تركه الوالدان والأقربون من المال.
2- أو المعنى: ولكل من مات من الرجال والنساء جعلنا موالي أى ورثة يقتسمون تركته عن طريق الإرث، ولا حق للحليف فيها لأنه ليس من عصبة هذا الميت.
3- أو المعنى: ولكل مال مما تركه الوالدان والأقربون جعلنا موالي أى ورثة يلونه ويحوزونه بعد أن يأخذ أصحاب الفروض نصيبهم.
وعلى هذه الوجوه يكون الوالدان والأقربون هم الذين يرثهم غيرهم من مواليهم أى عصبتهم.
4- قال الفخر الرازي: ويمكن أن تفسر الآية بحيث يكون الوالدان والأقربون هم الورثة، فيكون المعنى:ولكل واحد جعلنا ورثة في تركته.
ثم كأنه قيل: ومن هؤلاء الورثة؟ فقيل.
هم الوالدان والأقربون.
وعلى هذا الوجه لا بد من الوقف عند قوله مِمَّا تَرَكَ :هذا وتفسير الآية الكريمة بحيث يكون الوالدان والأقربون هم الذين يرثهم غيرهم من عصبتهم هو الأولى، لأنه هو الظاهر في معنى الآية، وعليه سار جمهور المفسرين، فقد قال ابن جرير: «فالموالى ها هنا: الورثة.
ويعنى بقوله مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مما تركه والداه وأقرباؤه من الميراث.
فتأويل الكلام، ولكل منكم أيها الناس جعلنا عصبة يرثون مما ترك والداه وأقرباؤه من ميراثهم».
وقال صاحب الكشاف: قوله مِمَّا تَرَكَ تبيين لكل.
أى: ولكل شيء مما ترك الوالدان والأقربون من المال جعلنا موالي أى ورثة يلونه ويحرزونه، أو ولكل قوم جعلناهم موالي نصيب مما ترك الوالدان والأقربون.
على أن جَعَلْنا مَوالِيَ صفة لكل، والضمير الراجع إلى كل محذوف، والكلام مبتدأ أو خبر.
كما تقول: لكل من خلقه الله إنسانا من رزق الله.
أى حظ من رزق الله.
وقال القرطبي: بين الله- تعالى- أن لكل إنسان ورثة وموالي، فلينتفع كل واحد بما قسم الله له من الميراث ولا يتمن مال غيره.
وقوله وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ جملة من مبتدأ وخبر.
وجيء بالفاء في الخبر وهو قوله فَآتُوهُمْ لتضمن المبتدأ معنى الشرط.
وقوله عَقَدَتْ من العقد وهو الشد والربط والتوكيد والتغليظ، ومنه قولهم: عقد العهد يعقده، أى: شده وأكده.
والأيمان: جمع يمين والمراد به هنا أيديهم اليمنى، وإسناد العقد إليها على سبيل المجاز، لأنهم كانوا عند ما يوثقون عقدا يضع كل واحد منهم يده في يد الآخر، ليكون ذلك علامة على انبرام العقد وتأكيده.
ومن هنا قيل للعقود الصفقات لأن كل عاقد يصفق بيمنه على يمين الآخر.
ويصح أن يكون المراد بالأيمان هنا الأقسام التي كانوا يقسمونها ويحلفونها عند التعاقد على شيء يهمهم أمره.
وقد قرأ عاصم وحمزة والكسائي «عقدت أيمانكم، وقرأ الباقون» عاقدت أيمانكم» وعلى كلتا القراءتين فالمفعول محذوف أى والذين عقدت حلفهم أيمانكم أو عاقدتهم أيمانكم.
وللعلماء في المراد بقوله وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ أقوال منها:1- أن المراد بهم الحلفاء وهم موالي الموالاة وكان لهم نصيب من الميراث ثم نسخ، وقد ورد في ذلك آثار منها ما أخرجه ابن جرير وغيره عن قتادة قال: قوله تعالى-: وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ كان الرجل يعاقد الرجل في الجاهلية فيقول: دمى دمك، وهدمي هدمك.
.
أى مهدومى مهدومك وترثني وأرثك، وتطلب بي وأطلب بك، فجعل له السدس من جميع المال في الإسلام، ثم يقسم أهل الميراث ميراثهم.
فنسخ ذلك بعد في سورة الأنفال فقال الله تعالى- وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ .
2- ويرى بعضهم أن المراد بهم الأدعياء وهم الأبناء بالتبني، وكانوا يتوارثون بسبب ذلك، ثم نسخه بآية سورة الأنفال السابقة.
3- ويرى فريق ثالث أن المراد بهم إخوان المؤاخاة، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤاخى بين الرجلين من أصحابه وكانت تلك المؤاخاة سببا في التوارث ثم نسخ ذلك بآية الأنفال السابقة.
4- وقال أبو مسلم الأصفهاني: المراد بهم الأزواج، إذ النكاح يسمى عقدا.
والذي نراه أولى هو القول الأول لكثرة الآثار التي تؤيده، ولأنه هو الذي رجحه جمهور المفسرين، وعليه يكون المعنى: والذين عقدت حلفهم أيمانكم وهم الذين تحالفتم معهم على التناصر وغيره فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ أى فأعطوهم نصيبهم من الميراث وفاء بالعقود والعهود.
قال ابن جرير عند تفسيره لهذه الآية الكريمة.
وأولى الأقوال بالصواب في تأويل قوله- تعالى- وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ قول من قال: والذين عقدت أيمانكم على المحالفة، وهم الحلفاء، وذلك أنه معلوم عند جميع أهل العلم بأيام العرب وأخبارها: أن عقد الحلف بينها كان يكون بالأيمان والعهود والمواثيق على نحو ما قد ذكرنا من الروايات في ذلك .
وقال ابن كثير: وقوله وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ أى والذين تحالفتم بالأيمان المؤكدة أنتم وهم فآتوهم نصيبهم من الميراث كما وعدتموهم في الأيمان المغلظة، إن الله شاهد بينكم في تلك العقود والمعاهدات.
وقد كان هذا في ابتداء الإسلام ثم نسخ بعد ذلك، وأمروا أن يوفوا من عاقدوا ولا ينشئوا بعد نزول هذه الآية معاقدة.
ثم ختم- سبحانه- الآية الكريمة بقوله إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً أى إن الله- تعالى- كان وما زال عالما بجميع الأشياء، ومطلعا على جليها وخفيها، وسيجازى الذين يتمسكون بشريعته بما يستحقون من ثواب.
وسيجازى الذين ينحرفون عنها بما يستحقون من عقاب.
فالجملة الكريمة تذييل قصد به الوعد لمن أطاع الله والوعيد لمن عصاه.
ثم بين- سبحانه- حقوق الرجال وحقوق النساء، وما يجب لكل فريق نحو الآخر، ودعا أهل الخير إلى محاولة الإصلاح بين الزوجين إذا ما دب الخلاف بينهما فقال- تعالى-:

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

قال ابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، وأبو صالح ، وقتادة ، وزيد بن أسلم ، والسدي ، والضحاك ، ومقاتل بن حيان ، وغيرهم في قوله : ( ولكل جعلنا موالي ) أي : ورثة . وعن ابن عباس في رواية : أي عصبة . قال ابن جرير : والعرب تسمي ابن العم مولى ، كما قال الفضل بن عباس :مهلا بني عمنا مهلا موالينا لا تظهرن لنا ما كان مدفوناقال : ويعني بقوله : ( مما ترك الوالدان والأقربون ) من تركة والديه وأقربيه من الميراث ، فتأويل الكلام : ولكلكم - أيها الناس - جعلنا عصبة يرثونه مما ترك والداه وأقربوه من ميراثهم له .وقوله : ( والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم ) أي : والذين تحالفتم بالأيمان المؤكدة - أنتم وهم - فآتوهم نصيبهم من الميراث ، كما وعدتموهم في الأيمان المغلظة ، إن الله شاهد بينكم في تلك العهود والمعاقدات ، وقد كان هذا في ابتداء الإسلام ، ثم نسخ بعد ذلك ، وأمروا أن يوفوا لمن عاقدوا ، ولا ينشئوا بعد نزول هذه الآية معاقدة .قال البخاري : حدثنا الصلت بن محمد ، حدثنا أبو أسامة ، عن إدريس ، عن طلحة بن مصرف ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( ولكل جعلنا موالي ) قال : ورثة ، ( والذين عقدت أيمانكم ) كان المهاجرون لما قدموا المدينة يرث المهاجري الأنصاري ، دون ذوي رحمه; للأخوة التي آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينهم ، فلما نزلت ( ولكل جعلنا موالي ) نسخت ، ثم قال : ( والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم ) من النصر والرفادة والنصيحة ، وقد ذهب الميراث ويوصى له .ثم قال البخاري : سمع أبو أسامة إدريس ، وسمع إدريس عن طلحة .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو أسامة ، حدثنا إدريس الأودي ، أخبرني طلحة بن مصرف ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله : ( والذين عقدت أيمانكم [ فآتوهم نصيبهم ] ) الآية ، قال : كان المهاجرون حين قدموا المدينة يرث المهاجري الأنصاري ، دون ذوي رحمه; بالأخوة التي آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم ، فلما نزلت هذه الآية : ( ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون ) نسخت . ثم قال : ( والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم )وحدثنا الحسن بن محمد بن الصباح ، حدثنا حجاج ، عن ابن جريج - وعثمان بن عطاء ، عن عطاء ، عن ابن عباس قال : ( والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم ) فكان الرجل قبل الإسلام يعاقد الرجل ، يقول : ترثني وأرثك وكان الأحياء يتحالفون ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل حلف كان في الجاهلية أو عقد أدركه الإسلام ، فلا يزيده الإسلام إلا شدة ، ولا عقد ولا حلف في الإسلام " . فنسختها هذه الآية : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) [ الأنفال : 75 ] .ثم قال : وروي عن سعيد بن المسيب ، ومجاهد ، وعطاء ، والحسن ، وسعيد بن جبير ، وأبي صالح ، والشعبي ، وسليمان بن يسار ، وعكرمة ، والسدي ، والضحاك ، وقتادة ، ومقاتل بن حيان أنهم قالوا : هم الحلفاء .وقال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا شريك ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس - ورفعه - قال : " ما كان من حلف في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا حدة وشدة " .وقال ابن جرير : حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، عن شريك ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - وحدثنا أبو كريب ، حدثنا مصعب بن المقدام ، عن إسرائيل عن يونس ، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا حلف في الإسلام ، وكل حلف كان في الجاهلية فلم يزده الإسلام إلا شدة ، وما يسرني أن لي حمر النعم وإني نقضت الحلف الذي كان في دار الندوة " هذا لفظ ابن جرير .وقال ابن جرير أيضا : حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " شهدت حلف المطيبين ، وأنا غلام مع عمومتي ، فما أحب أن لي حمر النعم وأنا أنكثه " . قال الزهري : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لم يصب الإسلام حلفا إلا زاده شدة " . قال : " ولا حلف في الإسلام " . وقد ألف النبي صلى الله عليه وسلم بين قريش والأنصار .وهكذا رواه الإمام أحمد عن بشر بن المفضل عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن الزهري ، بتمامه .وحدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا هشيم ، أخبرني مغيرة ، عن أبيه ، عن شعبة بن التوأم ، عن قيس بن عاصم : أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الحلف ، قال : فقال : " ما كان من حلف في الجاهلية فتمسكوا به ، ولا حلف في الإسلام " .وكذا رواه أحمد عن هشيم .وحدثنا أبو كريب حدثنا وكيع ، عن داود بن أبي عبد الله ، عن ابن جدعان ، عن جدته ، عن أم سلمة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا حلف في الإسلام ، وما كان من حلف في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة " .وحدثنا أبو كريب ، حدثنا يونس بن بكير حدثنا محمد بن إسحاق ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه عن جده قال : لما كان النبي صلى الله عليه وسلم بمكة عام الفتح قام خطيبا في الناس فقال : " يا أيها الناس ، ما كان من حلف في الجاهلية ، لم يزده الإسلام إلا شدة ، ولا حلف في الإسلام " .ثم رواه من حديث حسين المعلم ، وعبد الرحمن بن الحارث ، عن عمرو بن شعيب ، به .وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا ابن نمير وأبو أسامة ، عن زكريا ، عن سعد بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن جبير بن مطعم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا حلف في الإسلام ، وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة " .وهكذا رواه مسلم عن عبد الله بن محمد ، وهو أبو بكر بن أبي شيبة ، بإسناده ، مثله . ورواه أبو داود عن عثمان عن محمد بن أبي شيبة ، عن محمد بن بشر وابن نمير وأبي أسامة ، ثلاثتهم عن زكريا - وهو ابن أبي زائدة - بإسناده ، مثله .ورواه ابن جرير من حديث محمد بن بشر ، به . ورواه النسائي من حديث إسحاق بن يوسف الأزرق ، عن زكريا ، عن سعد بن إبراهيم ، عن نافع بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، به .وقال الإمام أحمد : حدثنا هشيم ، قال : مغيرة أخبرني ، عن أبيه ، عن شعبة بن التوأم ، عن قيس بن عاصم : أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الحلف ، فقال : " ما كان من حلف في الجاهلية فتمسكوا به ، ولا حلف في الإسلام " .وكذا رواه شعبة ، عن مغيرة - وهو ابن مقسم - عن أبيه ، به .وقال محمد بن إسحاق ، عن داود بن الحصين قال : كنت أقرأ على أم سعد بنت الربيع ، مع ابن ابنها موسى بن سعد - وكانت يتيمة في حجر أبي بكر - فقرأت عليها ( والذين عقدت أيمانكم ) فقالت : لا ولكن : ( والذين عقدت أيمانكم ) قالت : إنما نزلت في أبي بكر وابنه عبد الرحمن ، حين أبى أن يسلم ، فحلف أبو بكر أن لا يورثه ، فلما أسلم حين حمل على الإسلام بالسيف أمر الله أن يؤتيه نصيبه .رواه ابن أبي حاتم ، وهذا قول غريب ، والصحيح الأول ، وأن هذا كان في ابتداء الإسلام يتوارثون بالحلف ، ثم نسخ وبقي تأثير الحلف بعد ذلك ، وإن كانوا قد أمروا أن يوفوا بالعقود والعهود ، والحلف الذي كانوا قد تعاقدوا قبل ذلك تقدم في حديث جبير بن مطعم وغيره من الصحابة : لا حلف في الإسلام ، وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة .وهذا نص في الرد على ما ذهب إلى التوارث بالحلف اليوم كما هو مذهب أبي حنيفة وأصحابه ، ورواية عن أحمد بن حنبل ، رحمه الله .والصحيح قول الجمهور ومالك والشافعي وأحمد في المشهور عنه; ولهذا قال تعالى : ( ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون ) أي : ورثه من أقربائه من أبويه وأقربيه ، وهم يرثونه دون سائر الناس ، كما ثبت في الصحيحين ، عن ابن عباس ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ألحقوا الفرائض بأهلها ، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر " أي : اقسموا الميراث على أصحاب الفروض الذين ذكرهم الله في آيتي الفرائض ، فما بقي بعد ذلك فأعطوه العصبة ، وقوله : ( والذين عقدت أيمانكم ) أي : قبل نزول هذه الآية فآتوهم نصيبهم ، أي من الميراث ، فأيما حلف عقد بعد ذلك فلا تأثير له .وقد قيل : إن هذه الآية نسخت الحلف في المستقبل ، وحكم الماضي أيضا ، فلا توارث به ، كما قال ابن أبي حاتم .حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو أسامة ، حدثنا إدريس الأودي ، أخبرني طلحة بن مصرف ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : ( فآتوهم نصيبهم ) قال : من النصرة والنصيحة والرفادة ، ويوصى له ، وقد ذهب الميراث .ورواه ابن جرير ، عن أبي كريب ، عن أبي أسامة وكذا روي عن مجاهد ، وأبي مالك ، نحو ذلك .وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله : ( والذين عقدت أيمانكم ) قال : كان الرجل يعاقد الرجل ، أيهما مات ورثه الآخر ، فأنزل الله : ( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا ) [ الأحزاب : 6 ] . يقول : إلا أن يوصوا لأوليائهم الذين عاقدوا وصية فهو لهم جائز من ثلث مال الميت ، وذلك هو المعروف .وهذا نص غير واحد من السلف : أنها منسوخة بقوله : ( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا )وقال سعيد بن جبير : ( فآتوهم نصيبهم ) أي : من الميراث . قال : وعاقد أبو بكر مولى فورثه . رواه ابن جرير .وقال الزهري عن سعيد بن المسيب : أنزلت هذه الآية في الذين كانوا يتبنون رجالا غير أبنائهم ، يورثونهم ، فأنزل الله فيهم ، فجعل لهم نصيبا في الوصية ، ورد الميراث إلى الموالي في ذي الرحم والعصبة وأبى الله للمدعين ميراثا ممن ادعاهم وتبناهم ، ولكن جعل لهم نصيبا من الوصية . رواه ابن جرير .وقد اختار ابن جرير أن المراد بقوله : ( فآتوهم نصيبهم ) أي : من النصرة والنصيحة والمعونة ، لا أن المراد فآتوهم نصيبهم من الميراث - حتى تكون الآية منسوخة ، ولا أن ذلك كان حكما ثم نسخ ، بل إنما دلت الآية على الوفاء بالحلف المعقود على النصرة والنصيحة فقط ، فهي محكمة لا منسوخة .وهذا الذي قاله فيه نظر ، فإن من الحلف ما كان على المناصرة والمعاونة ، ومنه ما كان على الإرث ، كما حكاه غير واحد من السلف ، وكما قال ابن عباس : كان المهاجري يرث الأنصاري دون قراباته وذوي رحمه ، حتى نسخ ذلك ، فكيف يقول : إن هذه الآية محكمة غير منسوخة ؟ ! والله أعلم .

﴿ تفسير القرطبي ﴾

قوله تعالى : ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شيء شهيدافيه خمس مسائل :الأولى : بين تعالى أن لكل إنسان ورثة وموالي ؛ فلينتفع كل واحد بما قسم الله له من الميراث ، ولا يتمن مال غيره .
وروى البخاري في كتاب الفرائض من رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس : " ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عاقدت أيمانكم " قال : كان المهاجرون حين قدموا المدينة يرث الأنصاري المهاجري دون ذوي رحمه ؛ للأخوة التي آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم ، فلما نزلت ولكل جعلنا موالي قال : نسختها " والذين عاقدت أيمانكم " .
قال أبو الحسن بن بطال : وقع في جميع النسخ ولكل جعلنا موالي قال : نسختها " والذين عاقدت أيمانكم " .
والصواب أن الآية الناسخة ولكل جعلنا موالي والمنسوخة " والذين عاقدت أيمانكم " ، وكذا رواه الطبري في روايته .
وروي عن جمهور السلف أن الآية الناسخة لقوله : " والذين عاقدت أيمانكم " قوله تعالى في " الأنفال " : وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض .
روي هذا عن ابن عباس وقتادة والحسن البصري ؛ وهو الذي أثبته أبو عبيد في كتاب " الناسخ والمنسوخ " له .
وفيها قول آخر رواه الزهري عن سعيد بن المسيب قال : أمر الله عز وجل الذين تبنوا غير أبنائهم في الجاهلية وورثوا في الإسلام أن يجعلوا لهم نصيبا في الوصية ورد الميراث إلى ذوي الرحم والعصبة .
وقالت طائفة : قوله تعالى : " والذين عاقدت أيمانكم " محكم وليس بمنسوخ ؛ وإنما أمر الله المؤمنين أن يعطوا الحلفاء أنصباءهم من النصرة والنصيحة وما أشبه ذلك ؛ ذكره الطبري عن ابن عباس .
" والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم " من النصرة والنصيحة والرفادة ويوصي لهم وقد ذهب الميراث ؛ وهو قول مجاهد والسدي .
قلت : واختاره النحاس ؛ ورواه عن سعيد بن جبير ، ولا يصح النسخ ؛ فإن الجمع ممكن كما بينه ابن عباس فيما ذكره الطبري ، ورواه البخاري عنه في كتاب التفسير .
وسيأتي ميراث " ذوي الأرحام " في " الأنفال " إن شاء الله تعالى .
الثانية : " كل " في كلام العرب معناها الإحاطة والعموم .
فإذا جاءت مفردة فلا بد أن يكون في الكلام حذف عند جميع النحويين ؛ حتى إن بعضهم أجاز مررت بكل ، مثل قبل وبعد .
وتقدير الحذف : ولكل أحد جعلنا موالي ، يعني ورثة .
" والذين عاقدت أيمانكم " يعني بالحلف ؛ عن قتادة .
وذلك أن الرجل كان يعاقد الرجل فيقول : دمي دمك ، وهدمي هدمك ، وثأري ثأرك ، وحربي حربك ، وسلمي سلمك ، وترثني وأرثك ، وتطلب بي وأطلب بك ، وتعقل عني وأعقل عنك ؛ فيكون للحليف السدس من ميراث الحليف ثم نسخ .
الثالثة : قوله تعالى : " موالي " اعلم أن المولى لفظ مشترك يطلق على وجوه ؛ فيسمى المعتق مولى والمعتق مولى .
ويقال : المولى الأسفل والأعلى أيضا .
ويسمى الناصر المولى ؛ ومنه قوله تعالى : وأن الكافرين لا مولى لهم .
ويسمى ابن العم مولى والجار مولى .
فأما قوله تعالى : ولكل جعلنا موالي يريد عصبة ؛ لقوله عليه السلام : ما أبقت السهام فلأولى عصبة ذكر .
ومن العصبات المولى الأعلى لا الأسفل ، على قول أكثر العلماء ؛ لأن المفهوم في حق المعتق أنه المنعم على المعتق ، كالموجد له ؛ فاستحق ميراثه لهذا المعنى .
وحكى الطحاوي عن الحسن بن زياد أن المولى الأسفل يرث من الأعلى ؛ واحتج فيه بما روي أن رجلا أعتق عبدا له فمات المعتق ولم يترك إلا المعتق فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ميراثه للغلام المعتق .
قال الطحاوي : ولا معارض لهذا الحديث ، فوجب القول به ؛ ولأنه إذا أمكن إثبات الميراث للمعتق على تقدير أنه كان كالموجد له ، فهو شبيه بالأب ؛ والمولى الأسفل شبيه بالابن ؛ وذلك يقتضي التسوية بينهما في الميراث ، والأصل أن الاتصال يعم .
وفي الخبر ( مولى القوم منهم ) .
والذين خالفوا هذا وهم الجمهور قالوا : الميراث .
يستدعي القرابة ولا قرابة ، غير أنا أثبتنا للمعتق الميراث بحكم الإنعام على المعتق ؛ فيقتضي مقابلة الإنعام بالمجازاة ، وذلك لا ينعكس في المولى الأسفل .
وأما الابن فهو أولى الناس بأن يكون خليفة أبيه وقائما مقامه ، وليس المعتق صالحا لأن يقوم مقام معتقه ، وإنما المعتق قد أنعم عليه فقابله الشرع بأن جعله أحق بمولاه المعتق ، ولا يوجد هذا في المولى الأسفل ؛ فظهر الفرق بينهما والله أعلم .
الرابعة : قوله تعالى : " والذين عاقدت أيمانكم " روى علي بن كبشة عن حمزة " عقدت " بتشديد القاف على التكثير .
والمشهور عن حمزة " عقدت أيمانكم " مخففة القاف ، وهي قراءة عاصم والكسائي ، وهي قراءة بعيدة ؛ لأن المعاقدة لا تكون إلا من اثنين فصاعدا ، فبابها فاعل .
قال أبو جعفر النحاس : وقراءة حمزة تجوز على غموض في العربية ، يكون التقدير فيها والذين عقدتهم أيمانكم الحلف ، وتعدى إلى مفعولين ؛ وتقديره : عقدت لهم أيمانكم الحلف ، ثم حذفت اللام مثل قوله تعالى : وإذا كالوهم أي كالوا لهم .
وحذف المفعول الثاني ، كما يقال : كلتك أي كلت لك برا .
وحذف المفعول الأول لأنه متصل في الصلة .
الخامسة : قوله تعالى : إن الله كان على كل شيء شهيدا أي قد شهد معاقدتكم إياهم ، وهو عز وجل يحب الوفاء .

﴿ تفسير الطبري ﴾

القول في تأويل قوله : وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَيعني جل ثناؤه بقوله: " ولكلّ جعلنا موالي"، ولكلكم، أيها الناس =" جعلنا موالي"، يقول: ورثة من بني عمه وإخوته وسائر عصبته غيرهم.
* * *والعرب تسمي ابن العم " المولى "، ومنه قول الشاعر: (117)وَمَوْلًى رَمَيْنَا حَوْلَهُ وَهُوَ مُدْغِلٌبِأَعْرَاضِنَا وَالْمُنْدِيَاتِ سَرُوعُ (118)يعني بذلك: وابن عم رمينا حوله، ومنه قول الفضل بن العباس:مَهْلا بَنِي عَمِّنَا مَهْلا مَوَالِينَالا تُظْهِرُنَّ لَنَا مَا كانَ مَدْفُونَا (119)وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:9258 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا أبو أسامة قال، حدثنا إدريس قال، حدثنا طلحة بن مصرف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: " ولكل جعلنا موالي"، قال: ورثة.
9259 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: " ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان "، قال: الموالي، العصبة، يعني = الورثة.
9260 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد في قوله: " ولكل جعلنا موالي"، قال: الموالي، العصبة.
9261 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن منصور، عن مجاهد قوله: " ولكل جعلنا موالي"، قال: هم الأولياء.
9262 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " ولكل جعلنا موالي"، يقول: عصبة.
9263 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: " ولكل جعلنا موالي"، قال: الموالي: أولياء الأب، أو الأخ، (120) أو ابن الأخ، أو غيرهما من العصبة.
9264 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " ولكل جعلنا موالي"، أما " موالي"، فهم أهل الميراث.
9265 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " ولكل جعلنا موالي"، قال: الموالي: العصبة.
هم كانوا في الجاهلية الموالي، فلما دخلت العجم على العرب لم يجدوا لهم اسمًا، فقال الله تبارك وتعالى: فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ [سورة الأحزاب: 5]، فسموا: " الموالي"، قال: و " المولى " اليوم موليان: مَوْلى يرث ويورث، فهؤلاء ذوو الأرحام - وموْلى يورَث ولا يرِث، فهؤلاء العَتَاقة.
(121) وقال: ألا ترون قول زكريا: وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي [سورة مريم: 5]؟ فالموالي ههنا الورثة.
* * *ويعني بقوله: " مما ترك الوالدان والأقربون "، مما تركه والده وأقرباؤه من الميراث.
* * *قال أبو جعفر: فتأويل الكلام: ولكلكم، أيها الناس، جعلنا عَصبة يرثون به مما ترك والده وأقرباؤه من ميراثهم.
* * *القول في تأويل قوله : وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ(122)قال أبو جعفر: اختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأه بعضهم: ( وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ ) ، بمعنى: والذين عقدت أيمانكم الحلفَ بينكم وبينهم.
وهي قراءة عامة قرأة الكوفيين.
* * *وقرأ ذلك آخرون: ( والذين عاقدت أيمانكم ) ، بمعنى: والذين عاقدت أيمانكم وأيمانهم الحلفَ بينكم وبينهم.
* * *قال أبو جعفر: والذي نقول به في ذلك: إنهما قراءتان معروفتان مستفيضتان في قرأة أمصار المسلمين بمعنى واحد.
* * *وفي دلالة قوله: " أيمانكم " على أنها أيمان العاقدين والمعقود عليهم الحلف، مستغنى عن الدلالة على ذلك بقراءة قوله: " عقدت "،" عاقدت ".
وذلك أن الذين قرءوا ذلك: " عاقدت "، قالوا: لا يكون عَقْد الحلف إلا من فريقين، ولا بد لنا من دلالة في الكلام على أن ذلك كذلك.
وأغفلوا موضعَ دلالة قوله: " أيمانكم "، على أن معنى ذلك أيمانكم وأيمانُ المعقود عليهم، وأن العقد إنما هو صفة للأيمان دون العاقدين الحلف، حتى زعم بعضهم أن ذلك إذا قرئ: " عقدت أيمانكم "، فالكلام محتاج إلى ضمير صفة تقي الكلام، (123) حتى يكون الكلام معناه: والذين عقدت لهم أيمانكم = ذهابًا منه عن الوجه الذي قلنا في ذلك، من أن الأيمان معنيٌّ بها أيمان الفريقين.
* * *وأما " عاقدت أيمانكم "، فإنه في تأويل: عاقدت أيمانُ هؤلاء أيمانَ هؤلاء، الحلفَ.
فهما متقاربان في المعنى، وإن كانت قراءة من قرأ ذلك: " عقدت أيمانكم " بغير " ألف "، أصح معنى من قراءة من قرأه: " عاقدت "، للذي ذكرنا من الدلالة المُغنية في صفة الأيمان بالعقد، (124) على أنها أيمان الفريقين = من الدلالة على ذلك بغيره.
(125)* * *وأما معنى قوله: " عقدت أيمانكم "، فإنه: وَصَلت وشَدّت وَوكَّدت = " أيمانكم "، يعني: مواثيقكم التي واثق بعضهم بعضًا (126) =" فآتوهم نصيبهم ".
* * *ثم اختلف أهل التأويل في معنى " النصيب " الذي أمر الله أهل الحلف أن يؤتي بعضهم بعضًا في الإسلام.
(127)فقال بعضهم: هو نصيبه من الميراث، لأنهم في الجاهلية كانوا يتوارثون، فأوجب الله في الإسلام من بعضهم لبعض بذلك الحلف، وبمثله في الإسلام، من الموارثة مثل الذي كان لهم في الجاهلية.
ثم نسخ ذلك بما فرض من الفرائض لذوي الأرحام والقرابات.
*ذكر من قال ذلك:9266 - حدثنا محمد بن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح، عن الحسن بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة والحسن البصري في قوله: " والذين عاقدتْ أيمانكم فآتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شيء شهيدًا "، (128) قال: كان الرجل يحالف الرجل ليس بينهما نسبٌ، فيرث أحدهما الآخر، فنسخ الله ذلك في" الأنفال " فقال: وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [سورة الأنفال: 75].
(129)9267 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير في قول الله: " والذين عاقدت أيمانكم "، قال: كان الرجل يعاقد الرجل فيرثه، وعاقد أبو بكر رضي الله عنه مولى فورثه.
9268 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم "، فكان الرجل يعاقد الرجل: أيُّهما مات ورثه الآخر.
فأنزل الله: وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا [سورة الأحزاب: 6]، يقول: إلا أن يوصوا لأوليائهم الذين عاقدوا وصيةً، فهو لهم جائز من ثلث مال الميت.
وذلك هو المعروف.
9269 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شيء شهيدًا "، كان الرجل يعاقد الرجل في الجاهلية فيقول: " دمي دمُك، وهَدَمي هَدَمك، وترثني وأرثك، وتطلب بي وأطلب بك ".
(130) فجعل له السدس من جميع المال في الإسلام، ثم يقسم أهل الميرات ميراثهم.
فنسخ ذلك بعد في" سورة الأنفال " فقال الله: وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ [سورة الأنفال: 75 ].
9270 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة: " والذين عاقدت أيمانكم "، قال: كان الرجل في الجاهلية يعاقد الرجل فيقول: " دمي دمك، وترثني وأرثك، وتطلب بي وأطلب بك ".
(131) فلما جاء الإسلام بقي منهم ناس، فأمروا أن يؤتوهم نصيبهم من الميراث، وهو السدس، ثم نسخ ذلك بالميراث، فقال: وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ .
9271 - حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا همام بن يحيى قال، سمعت قتادة يقول، في قوله: " والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم "، وذلك أن الرجل كان يعاقد الرجلَ في الجاهلية فيقول: " هدمي هدمك ودمي دمك، وترثني وأرثك، وتطلب بي وأطلب بك "، (132) فجعل له السدس من جميع المال، ثم يقتسم أهل الميراث ميراثهم.
فنسخ ذلك بعد في" الأنفال " فقال: وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، فصارت المواريث لذوي الأرحام.
9272 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر، عن عكرمة قال: هذا حِلْفٌ كان في الجاهلية، كان الرجل يقول للرجل: " ترثني وأرثك، وتنصرني وأنصرك، وتَعْقِل عني وأعقل عنك ".
(133)9273 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد بن سليمان قال، (134) سمعت الضحاك يقول في قوله: " والذين عاقدت أيمانكم "، كان الرجل يتبع الرجل فيعاقده: " إن مِتُّ، فلك مثل ما يرث بعض ولدي"! وهذا منسوخ.
9274 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم "، فإن الرجل في الجاهلية قد كان يلحق به الرجل فيكون تابعه، فإذا مات الرجل صار لأهله وأقاربه الميراث، وبقي تابعه ليس له شيء، فأنزل الله: " والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم "، فكان يعطى من ميراثه، فأنزل الله بعد ذلك: وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ .
* * *وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية في الذين آخى بينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار، فكان بعضهم يرث بعضًا بتلك المؤاخاة، ثم نسخ الله ذلك بالفرائض، وبقوله: وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ .
*ذكر من قال ذلك:9275 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا أبو أسامة قال، حدثنا إدريس بن يزيد قال، حدثنا طلحة بن مصرف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: " والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم "، قال: كان المهاجرون حين قَدِموا المدينة، يرث المهاجريُّ الأنصاريَّ دون ذوي رحمه، للأخوة التي آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم.
فلما نزلت هذه الآية: وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ ، نسخت.
(135)9276 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " والذين عاقدت أيمانكم "، الذين عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم =" فآتوهم نصيبهم "، إذا لم يأت رحمٌ تحول بينهم.
قال: وهو لا يكون اليوم، إنما كان في نفر آخَى بينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانقطع ذلك.
ولا يكون هذا لأحدٍ إلا للنبي صلى الله عليه وسلم، كان آخى بين المهاجرين والأنصار، واليوم لا يؤاخَى بين أحد.
* * *وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية في أهل العقد بالحلف، ولكنهم أمروا أن يؤتي بعضهم بعضًا أنصباءهم من النصرة والنصيحة وما أشبه ذلك، دون الميراث.
*ذكر من قال ذلك:9277 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا أبو أسامة قال، حدثنا إدريس الأودي قال، حدثنا طلحة بن مصرف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: " والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم " من النصر والنصيحة والرِّفادة، ويوصي لهم، وقد ذهبَ الميراث.
(136)9278 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد: " والذين عقدت أيمانكم ".
قال: كان حلفٌ في الجاهلية، (137) فأمرُوا في الإسلام أن يعطوهم نصيبهم من العقل والمشورة والنصرة، (138) ولا ميراث.
9279 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن منصور، عن مجاهد أنه قال في هذه الآية: " والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم " من العوْن والنصر والحِلف.
9280 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن منصور، عن مجاهد في قول الله: " والذين عاقدت أيمانكم "، قال: كان هذا حلفًا في الجاهلية، فلما كان الإسلام، أمروا أن يؤتوهم نصيبهم من النصر والولاء والمشورة، ولا ميراث.
9281 - حدثنا زكريا بن يحيى بن أبي زائدة قال، حدثنا حجاج، قال ابن جريج: " والذين عاقدت أيمانكم "، أخبرني عبد الله بن كثير: أنه سمع مجاهدا يقول: هو الحلف: " عقدت أيمانكم ".
قال: " فآتوهم نصيبهم "، قال: النصر.
9282 - حدثني زكريا بن يحيى قال، حدثنا حجاج، قال، ابن جريج، أخبرني عطاء قال: هو الحلف.
قال: " فآتوهم نصيبهم "، قال: العقل والنصر.
9283 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: " والذين عاقدت أيمانكم "، قال: لهم نصيبهم من النصر والرِّفادة والعقل.
(139)9284 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد نحوه.
9285 - حدثنا المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك، عن سالم، عن سعيد: " والذين عاقدت أيمانكم "، قال: هم الحلفاء.
9286- حدثنا المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا عباد بن العوام، عن خصيف، عن عكرمة مثله.
9287 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم "، أما " عقدت أيمانكم "، فالحلفُ، كالرجل في الجاهلية ينزل في القوم فيحالفونه على أنه منهم، يواسونه بأنفسهم، (140) فإذا كان لهم حق أو قتال كان مثلهم، وإذا كان له حق أو نصرة خذلوه.
فلما جاء الإسلام سألوا عنه، وأبى اللهُ إلا أن يشدّده.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لم يزد الإسلام الحُلفاء إلا شدة ".
* * *وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية في الذين كانوا يتبنون أبناءَ غيرهم في الجاهلية، فأمروا في الإسلام أنْ يوصوا لهم عند الموت وصيةً.
(141)*ذكر من قال ذلك:9288 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب قال، حدثني سعيد بن المسيَّب: أن الله قال: " ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم "، قال سعيد بن المسيب: إنما نزلت هذه الآية في الذين كانوا يتبنَّون رجالا غير أبنائهم ويورِّثونهم، فأنزل الله فيهم، فجعل لهم نصيبًا في الوصية، وردّ الميراث إلى الموالي في ذي الرحم والعصبة، (142) وأبى الله للمدَّعَيْن ميراثًا ممن ادّعاهم وتبنّاهم، ولكنّ الله جعل لهم نصيبًا في الوصية.
* * *قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب في تأويل قوله: " والذين عقدت أيمانكم "، قولُ من قال: " والذين عقدت أيمانكم على المحالفة، وهم الحلفاء ".
وذلك أنه معلوم عند جميع أهل العلم بأيام العرب وأخبارها، أنّ عقد الحلف بينها كان يكون بالأيمان والعهود والمواثيق، على نحو ما قد ذكرنا من الرواية في ذلك.
فإذ كان الله جل ثناؤه إنما وصف الذين عقدت أيمانهم ما عقدوه بها بينهم، دون من لم تعقد عقدًا بينهم أيمانهم (143) = وكانت مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم بين من آخى بينه وبينه من المهاجرين والأنصار، لم تكن بينهم بأيمانهم، وكذلك التبني = (144) كان معلومًا أن الصواب من القول في ذلك قولُ من قال: " هو الحلف "، دون غيره، لما وصفناه من العلة.
* * *وأما قوله: " فآتوهم نصيبهم "، فإن أولى التأويلين به، ما عليه الجميع مجمعون من حكمه الثابت، وذلك إيتاءُ أهل الحلف الذي كان في الجاهلية دون الإسلام، بعضِهم بعضًا أنصباءَهم من النصرة والنصيحة والرأي، دون الميراث.
وذلك لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا حلف في الإسلام، وما كان من حلف في الجاهلية، فلم يزدْهُ الإسلام إلا شدة ".
9289 - حدثنا بذلك أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن شريك، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(145)9290 - وحدثنا أبو كريب قال، حدثنا مصعب بن المقدام، عن إسرائيل بن يونس، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا حلف في الإسلام، وكل حلف كان في الجاهلية فلم يزده الإسلام إلا شدة.
وما يسرني أنّ لي حُمْر النعم، وأنى نقضتُ الحلف الذي كان في دار الندوة.
(146)9291 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن أبيه، عن شعبة بن التوأم الضبيّ: أن قيس بن عاصم سألَ النبي صلى الله عليه وسلم عن الحلف فقال: لا حلف في الإسلام، ولكن تمسكوا بحلف الجاهلية.
9292 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا مغيرة، عن أبيه، عن شعبة بن التوأم، عن قيس بن عاصم: أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الحلف، قال فقال: ما كان من حلف في الجاهلية فتمسكوا به، ولا حلف في الإسلام.
(147)9293 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن داود بن أبي عبد الله، عن ابن جُدْعان، عن جدّته، عن أمّ سلمة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا حلف في الإسلام، وما كان من حلف في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدّة ".
(148)9294 - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا حسين المعلم = وحدثنا مجاهد بن موسى قال، حدثنا يزيد بن هارون قال، حدثنا حسين المعلم = وحدثنا حاتم بن بكر الضبيّ قال، حدثنا عبد الأعلى، عن حسين المعلم = قال، حدثنا أبي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم فتح مكة: " فُوا بحلفٍ، فإنه لا يزيده الإسلام إلا شدة، ولا تُحدثوا حلفًا في الإسلام ".
(149)9295 - حدثنا أبو كريب وعبدة بن عبد الله الصفار قالا حدثنا محمد بن بشر قال، حدثنا زكريا بن أبي زائدة قال، حدثني سعد بن إبراهيم، عن أبيه، عن جبير بن مطعم: أن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال: لا حلف في الإسلام، وأيُّما حِلف كان في الجاهلية، فلم يزده الإسلام إلا شدة.
(150)9296 - حدثنا حميد بن مسعدة ومحمد بن عبد الأعلى قالا حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق = وحدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن عبد الرحمن بن إسحاق = عن الزهري، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: شهدت حلف المطيِّبين.
وأنا غلام مع عُمومتي، فما أحبّ أن لي حُمرَ النعم وأني أنْكُثُه = زاد يعقوب في حديثه عن ابن علية.
قال: وقال الزهري: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم يُصب الإسلام حلفًا إلا زاده شدة.
قال: ولا حلفَ في الإسلام.
قال: وقد ألَّف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قُريش والأنصار.
(151)9297 - حدثنا تميم بن المنتصر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا محمد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عامَ الفتح، قام خطيبًا في الناس فقال: " يا أيها الناس، ما كان من حِلف في الجاهلية فإنّ الإسلام لم يزده إلا شدة، ولا حلف في الإسلام ".
9298 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا يونس بن بكير قال، حدثنا محمد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
9299 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا خالد بن مخلد قال، حدثنا سليمان بن بلال قال، حدثنا عبد الرحمن بن الحارث، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
(152)* * *قال أبو جعفر: فإذ كان ما ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صحيحًا = وكانت الآية إذا اختُلف في حكمها منسوخ هو أم غير منسوخ، (153) غير جائز القضاء عليه بأنه منسوخ - مع اختلاف المختلفين فيه، ولوجُوب حكمها وَنفي النسخ عنه وجه صحيحٌ - (154) إلا بحجة يجب التسليم لها، لما قد بينَّا في غير موضع من كتبنا الدلالةَ على صحةِ القول بذلك (155) = (156) فالواجب أن يكون الصحيح من القول في تأويل قوله: " والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم "، هو ما ذكرنا من التأويل، وهو أن قوله: " عقدت أيمانكم " من الحلف، وقوله: " فآتوهم نصيبهم " من النصرة والمعونة والنصيحة والرأي، على ما أمرَ به من ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأخبار التي ذكرناها عنه = (157) دون قول من قال: " معنى قوله: فآتوهم نصيبهم، من الميراث "، وان ذلك كان حكما ثم نُسخ بقوله: وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، ودونَ ما سِوَى القول الذي قلناه في تأويل ذلك.
(158)وإذْ صَحّ ما قلنا في ذلك، وجب أن تكون الآية محكمة لا منسوخةً.
(159)* * *القول في تأويل قوله : إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (33)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: فآتوا الذين عقدت أيمانكم نصيبهم من النصرة والنصيحة والرأي، فإن الله شاهد على ما تفعلون من ذلك، وعلى غيره من أفعالكم، مُرَاعٍ لكل ذلك، حافظٌ، حتى يجازي جميعَكم على جميع ذلك جزاءه، أما المحسنَ منكم المتبع أمري وطاعتي فبالحسنى، وأما المسيءَ منكم المخالفَ أمري ونهيي فبالسوأى.
ومعنى قوله: " شَهيدا "، ذو شهادة على ذلك.
(160)* * *---------------الهوامش:(117) لم أعرف قائله.
(118) لم أجد البيت في مكان ، وهو في المخطوطة.
بأعواضنا والممديات سروعو"رجل مدغل": ذو خب مفسد بين الناس.
و"المنديات" ، المخزيات ، وأنا بعد ذلك في شك شديد من"بأعراضنا" و"سروع" ، فتركت البيت على حاله حتى أجده ، أو ألتمس له وجهًا صحيحًا.
وقوله: "رمينا حوله" ، أي ناضلنا عنه ، ودافعنا ورامينا من حوله من يراميه.
(119) مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 125 ، والكامل 2: 279 والمؤتلف والمختلف ، ومعجم الشعراء: 35 ، 310 ، والحماسة 1: 121 ، والصداقة والصديق: 139 ، واللسان (ولى) وغيرها.
وراويتهم.
لا تَنْبِشُوا بَيْنَنَا مَا كانَ مَدْفُونَاوهي أجود الروايتين وأحقهما بمعنى الشعر ، وفي اللسان رواية أخرى لا تقوم.
(120) في المطبوعة: "الأب الأخ" بإسقاط "أو" ، والصواب من المخطوطة.
(121) يقال: "هو مولى عتاقة" ، هو الذي أعتق من الرق ، و"العتاقة" (بفتح العين) مصدر مثل"العتق" (بكسر فسكون) و"عتاق" (بفتح العين).
وقوله: "فهؤلاء العتاقة" ، يعني: فهؤلاء موالي العتاقة ، فإن لا يكن قد سقط من الناسخ"موالي" ، فهو مصدر وصف به ، بمعنى فهؤلاء المعتقون.
(122) لم يذكر في المخطوطة والمطبوعة: "فآتوهم نصيبهم" في هذا الموضع ، ولا فيما بعده ، فأثبتها في مكانها ، لأنه فسرها بعد في هذا الموضع.
(123) في المطبوعة: "إلى ضمير صلة في الكلام" ، وهو خلط لا معنى له.
وأثبت ما في المخطوطة ، وقوله: "ضمير" ، أي: إضمار ، وقد سلف مثل ذلك 1: 427 ، تعليق: 1 / 2: 107 ، تعليق: 1.
وأما قوله: "صفة" فقد سلف مرارًا أن"الصفة" هي حرف الجر ، و"حروف الصفات" ، هي حروف الجر (انظر 6: 329 ، تعليق: 6 ، والمراجع هناك) ، والمعنى: إضمار حرف جر.
وأما قوله: "تقى الكلام" فهذا لفظ غم على معناه ، وهو في المخطوطة كما أثبته ، ولعله أراد أن حرف الجر المتعلق بقوله: "عقدت" يقي الجملة من فساد المعنى.
ولعل ذلك من قديم عبارتهم ، وإن كنت لا أحققه ، وفوق كل ذي علم عليم.
(124) في المطبوعة: "من الدلالة على المعنى - في صفة الأيمان بالعقد" وهو باطل المعنى ، وفي المخطوطة: "من الدلالة على المعنية في صفة الأيمان بالعقد" ، والذي لا شك فيه زيادة"على" في هذه العبارة ، وأن قراءتها"المغنية".
وانظر التعليق التالي.
(125) تداخلت مراجع حروف الجر في هذه الجملة ، وأحببت أن ألين سياقها ، فهو يقول: "للذي ذكرنا من الدلالة المغنية في صفة الأيمان بالعقد.
.
.
من الدلالة على ذلك بغيره" ، فقوله: "من الدلالة" متعلق بقوله: "المغنية" ، يعني أن صفة الأيمان بالعقد ، دلالة على أنها أيمان الفريقين ، وأن هذه الدلالة مغنية من الدلالة على ذلك المعنى بدلالة غيرها.
(126) في المخطوطة والمطبوعة: "واثق بعضهم بعضًا" ، والسياق يقتضي أن تكون: "بعضكم" ، كما أثبتها.
(127) انظر تفسير"النصيب" فيما سلف 4: 206 / 6: 288.
(128) ستأتي القراءة مرة"عاقدت" ومرة"عقدت" في الآثار التالية ، فتركتها كما هي في المخطوطة والمطبوعة ، فإن اختلفتا ، أثبت ما في المخطوطة ، دون إشارة إلى ذلك من فعلي.
(129) أثبت تمام الآية في المخطوطة.
(130) قولهم: "دمي دمك" ، أي: إن قتلني إنسان طلبت بدمي كما تطلب دم وليك وأخيك.
و"الهدم" (بسكون الدال وتحريكها) ، فإذا سكنت الدال ، فمعناه: من هدم لي عزًا وشرفًا فقد هدمه منك ، أو: من أهدر دمي فقد أهدر دمك = أو: ما عفوت أنا عنه من الدم ، فعليك أن تعفو عنه.
وأما "الهدم" (بفتح الدال): فأصله: الشيء الذي انهدم ، وهو قريب المعنى من الأول ، ويقال: هو القبر ، أي: أقبر حيث تقبر.
يريدون: لا تفارقني ولا أفارقك في الحياة والممات.
وقولهم: "تطلب بي وأطلب بك" ، أي: تطلب الثأر بي ، إذا أصابني مكروه ، وأفعل ذلك بك.
و"الباء" هنا بمعنى: السبب ، أي بسببي ومن جراء ما أصابني.
وهذه الكلمات كلها توثيق في العهد ، وعقد لازم يوجب على الرجلين أن يتعاونا في الخير والشر ، لا يفارق أحدهما صاحبه في المحنة والبلاء.
(131) انظر التعليق السالف.
(132) انظر التعليق السالف.
(133) "العقل" (بفتح فسكون): الدية.
"عقل القتيل عقلا": أدى ديته.
و"عقل عنه": أدى جنايته ، وذلك إذا لزمته دية فأعطاها عنه.
(134) في المطبوعة: "عبيد بن سلمان" ، وهو خطأ كثر في هذه المطبوعة ، نبهت عليه مرارًا ، والصواب من المخطوطة ، وهو إسناد دائر في التفسير ، وسأصححه منذ اليوم ثم لا أشير إليه ثانية.
(135) الأثر: 9275 - أخرجه البخاري في صحيحه (الفتح 8: 186) مطولا ، وفرقه الطبري ، فروى بعضه هنا ، وروى سائره برقم: 9277 ، قال الحافظ ابن حجر: "إدريس ، هو ابن يزيد الأودي (بفتح الألف وسكون الواو) والد عبد الله بن إدريس الفقيه الكوفي ، ثقة عندهم ، وما له في البخاري سوى هذا الحديث.
ووقع في رواية الطبري عن أبي كريب ، عن أبي أسامة: حدثنا إدريس بن يزيد" ، وقد وقع في رواية البخاري نقص ، سقط منه"فآتوهم نصيبهم" مع أن قوله: "من النصر" متعلق بقوله: "فآتوهم نصيبهم" لا بقوله: "عاقدت" ، وهو وجه الكلام ، واستدركه الحافظ في الفتح من رواية الطبري هذه.
(136) الأثر: 9277 - هو تمام الأثر السالف رقم: 9275 ، وقد سلف التعليق عليه.
وقد كان في المخطوطة: "وقد الميراث" بينهما بياض ، أتمته المطبوعة على الصواب من رواية البخاري.
وفي البخاري زيادة: "وقد ذهب الميراث ، ويوصى له".
و"الرفادة" (بكسر الراء): الإعانة بالعطية والصلة ، ومنه"الرفادة" التي كانت قريش تترافد بها في الجاهلية ، يخرج كل إنسان مالا بقدر طاقته ، فيجمعون من ذلك مالا عظيما أيام الموسم ، فيشترون به للحاج الجزر والطعام والزبيب ، فلا يزالون يطعمون الناس حتى تنقضي أيام الحج.
وكانت الرفادة والسقاية لبني هاشم.
(137) "كان" هنا تامة ، لا اسم لها ولا خبر.
(138) في المطبوعة والمخطوطة: "من العقل والنصرة والمشورة" ، ولكن المخطوطة وضعت حرف"م" على كل من"النصرة والمشورة" بمعنى تقديم الثاني على الأول.
ففعلت ذلك.
و"العقل": الدية ، كما سلف شرحها قريبًا ص: 276 ، تعليق: 2.
(139) الأثر: 9283 - في المطبوعة: "محمد بن محمد بن عمرو" ، وهو خطأ محض ، صوابه من المخطوطة ، ومع ذلك فهو إسناد كثير الدوران في التفسير ، أقربه: 9239.
وانظر تفسير"العقل" ، و"الرفادة" فيما سلف قريبًا من التعليقات.
(140) "آساه بنفسه وواساه بنفسه" ، جعله"أسوة له".
أي: مثلا له.
ومنها"المواساة" ، وهي المشاركة والمساهمة في المعاش والرزق.
(141) في المطبوعة: "فأمروا بالإسلام" وهي سقيمة ، صوابها من المخطوطة.
(142) في المطبوعة: "في ذوي الرحم" ، وهي صواب ، والذي أثبته من المخطوطة صواب أيضًا.
(143) في المخطوطة والمطبوعة: "دون من لم يعقد عقد ما بينهم أيمانهم" ، وصواب قراءتها ما أثبت.
ثم قوله بعد: "وكانت مؤاخاة النبي.
.
.
" معطوف على قوله: "فإذ كان الله.
.
.
".
(144) قوله: "كان معلومًا" ، جواب قوله: "فإذ كان الله.
.
.
" وما عطف عليه.
(145) الحديث: 9289 - إسناده صحيح.
ورواه أحمد في المسند: 2911 ، 3046 ، من طريق شريك ، بهذا الإسناد مختصرًا ، ليس فيه قوله"لا حلف في الإسلام".
وهذه الزيادة ثابتة فيه في رواية أبي يعلى.
فقد ذكر الهيثمي في مجمع الزوائد 8: 173.
كاملا وقال: "رواه أبو يعلى ، وأحمد باختصار.
ورجالهما رجال الصحيح".
وذكره ابن كثير 2: 431-432 ، عن هذا الموضع من الطبري.
وذكره السيوطي 2: 151 ، مختصرًا كرواية المسند.
وقصر في تخريجه جدًا ، إذ لم ينسبه لغير عبد بن حميد.
(146) الحديث: 9290 - وهذا إسناد آخر ، من وجه آخر - لحديث ابن عباس ، بلفظ أطول من الذي قبله.
وهو إسناد صحيح.
محمد بن عبد الرحمن بن عبيد ، مولى آل طلحة: ثقة ، وثقه ابن معين وغيره.
مترجم في التهذيب.
والكبير للبخاري 1 / 1 / 146 ، وابن أبي حاتم 3 / 2 / 318.
والزيادة التي هنا -"وما يسرني أن لي حمر النعم"- ذكرها الهيثمي في مجمع الزوائد ، حديثًا مستقلا ، 8: 172 ، وقال: "رواه الطبراني.
وفيه مرزوق بن المرزبان ، ولم أعرفه ، وبقية رجاله رجال الصحيح".
وليس إسناد الطبراني أمامي ، حتى أستطيع أن أقول فيه.
ولكن إسناد الطبري هنا خلا من ذاك الرجل ، فصح الحديث من هذا الوجه.
وذكره ابن كثير 2: 432 ، عن هذا الموضع ، ولم يزد.
"حمر النعم" انظر تفسيرها فيما سلف رقم: 9185.
(147) الحديثان: 9291 ، 9292 - مغيرة: هو ابن مقسم الضبي ، مضى في: 3349.
أبوه: "مقسم الضبي": مترجم في التعجيل ، ص: 409 ترجمة موجزة ، وأنه ذكره ابن حبان في الثقات.
وهو تابعي ، روى عن النعمان بن بشير.
وترجمه البخاري في الكبير 4 / 2 / 33.
وابن أبي حاتم 4 / 1 / 414-415.
ولم يذاكرا فيه جرحًا.
شعبة بن التوأم الضبي ، ويقال"التميمي": تابعي ثقة.
مترجم في التعجيل ، ص: 177-178 ، والإصابة 3: 230 ، والكبير 2 / 2 / 244 ، وابن أبي حاتم 2 / 1 / 368.
والحديث رواه الطيالسي: 1084 ، عن جرير بن عبد الحميد ، عن مغيرة ، أي بأول الإسنادين هنا.
ورواه أحمد في المسند 5: 61 (حلبي) عن هشيم ، عن مغيرة.
أي بثانيهما.
ونقله ابن كثير 2: 432 ، عن ثانيهما.
ثم أشار إلى رواية أحمد.
ثم نقله ثانيًا ، ص 433 ، من رواية المسند.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 8: 172.
وقال: "رواه أحمد".
ثم لم يزد!وأشار إليه ابن أبي حاتم في ترجمة"شعبة بن التوأم" ، فقال: "روى عن قيس بن عاصم ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال: لا حلف في الإسلام".
(148) الحديث: 9293 - داود بن أبي عبد الله ، مولى بني هاشم: ثقة ، ذكره ابن حبان في الثقات ، كما في التهذيب.
وترجمه ابن أبي حاتم 1 / 2 / 417 ، فلم يذكر فيه جرحًا.
ابن جدعان: المشهور بذلك عند أهل هذا الشأن ، هو"علي بن زيد بن جدعان".
وقد روى الترمذي 4: 25 ، بهذا الإسناد: "أبو كريب.
.
.
" - حديث"المستشار مؤتمن".
فظن الحافظ ابن عساكر - في كتاب الأطراف - أنه هو"علي بن زيد".
وتعقبه الحافظ المزي في تهذيب الكمال ، ص: 817-818 (مخطوط مصور) ، فقال: "وذلك وهم منه.
والصواب: جده عبد الرحمن بن محمد بن زيد بن جدعان" - يعني لقوله في الإسناد: "عن ابن جدعان ، عن جدته".
وفي تهذيب الكمال ، وتهذيب التهذيب ، في ترجمة داود ، وفي ترجمة"عبد الرحمن" (3: 191 ، و6: 267 من تهذيب التهذيب) أن البخاري روى في الأدب المفرد حديث"المستشار مؤتمن" - من طريق داود"عن عبد الرحمن بن محمد" هذا.
وأن ذاك هو الدليل على أن المراد ب"ابن جدعان" هو"عبد الرحمن بن محمد".
والذي رأيته في الأدب المفرد (ص: 29) بهذا الإسناد حديث مطول ، ولكن ليس فيه كلمة"المستشار مؤتمن".
فالظاهر أنهما يريدان أصل الحديث.
ولكن رواية البخاري هي التي كشفت عن الصواب في اسم"ابن جدعان".
وجدة ابن جدعان - هذه - مجهولة ، لم يعرف اسمها.
وعندي أن جهالتها لا تضر.
فالغالب - فيما أرى - أنها صحابية.
لأن عبد الرحمن بن محمد تابعي ، روى عن عائشة ، وعن ابن عمر.
فجدته يكلد العارف أن يوقن أنها صحابية ، أو مخضرمة على الأقل.
والنساء في تلك العصور لم يعرفن باصطناع الروايات.
ولذلك قال الذهبي في الميزان (3: 395): "فصل في النسوة المجهولات.
وما علمت في النساء من اتهمت ، ولا من تركوها".
وقوله هنا"عن جدته" - في المطبوعة"عمن حدثه"! وهو تحريف.
وفي مطبوعة ابن كثير 2: 432- حين نقل هذا الحديث عن الطبري -"عن ابن جدعان ، حدثه"! وهو تحريف أيضًا.
وصوابه ، كما أثبتنا"عن جدته".
وقد ثبت على الصواب في مخطوطة الأزهر من تفسير ابن كثير (2: 273 نسخة مصورة عندي).
والحديث ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 8: 173.
وقال: "رواه أبو يعلى ، والطبراني.
وفيه جدة ابن أبي مليكة ، ولم أعرفها.
وبقية رجاله ثقات".
و"جدة ابن أبي مليكة": هي"جدة ابن جدعان" ، لأن ابن جدعان - هنا -: هو"عبد الرحمن بن محمد بن زيد بن جدعان".
فهو ابن أخي"علي بن زيد بن جدعان" ، وقد نسبوا إلى جدهم الأعلى.
إذ"علي بن زيد": هو"علي بن زيد بن عبد الله بن أبي مليكة زهير بن عبد الله بن جدعان".
وإنما الذي اشتهر عند المحدثين باسم"ابن أبي مليكة" - فهو"عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله بن أبي مليكة زهير.
.
.
".
وهو ابن عم"علي بن زيد".
(149) الحديث: 9294 - حاتم بن بكر الضبي - شيخ الطبري: هكذا ثبت هنا اسم أبيه"بكر".
وقد مضى في: 3222 بالتصغير"بكير".
وبينا هناك أنه ثبت في التقريب والتهذيب"بكر" ، وفي الخلاصة"بكير".
وها هو ذا الاختلاف وقع في موضعين من الطبري.
ثم رجعت إلى النسخة المخطوطة المصورة من تهذيب الكمال ، ص: 214 ، فظهر أن ناسخها أسقط كلمة"بكر" فأثبته"حاتم بن غيلان" ، ممنسوبًا إلى جده.
وهو سهو من الناسخ يقينًا ، لأنه أثبته قبل ترجمة"حاتم بن حريث".
ولو كان أصله"حاتم بن غيلان" لأخره إلى موضعه في حرف الغين في آباء من اسمه"حاتم" ، فيكون موضعه بعد"حاتم بن العلاء".
فبقي الإشكال في اسم أبيه كما هو؟وهذا الحديث رواه الطبري هنا ، مختصرًا ، بثلاثة أسانيد: عن"حميد بن مسعدة ، عن حسين المعلم".
ثم عن"مجاهد بن موسى ، عن يزيد بن هارون ، عن حسين المعلم".
ثم عن"حاتم بن بكر الضبي ، عن عبد الأعلى ، عن حسين المعلم".
ثم يقول حسين المعلم"حدثنا أبي ، عن عمرو بن شعيب".
وفي هذه الأسانيد إشكالان:أولهما: أن"حميد بن مسعدة" مات سنة 244 ، فمن المحال أن يروى عن"حسين المعلم" ، ويقول -كما هنا -"حدثنا حسين المعلم".
لأن حسينًا مات سنة 145 ، فبين وفاتيهما 99 سنة!! والراجح عندي أن يكون الناسخون أسقطوا شيخًا بين حميد وحسين.
وثانيهما: أن"حسينًا المعلم": هو"حسين بن ذكوان".
وهو يروي عن عمرو بن شعيب مباشرة.
ولو كان هذا وحده لكان هناك احتمال أن يروي عنه أيضًا بواسطة أبيه.
ولكن الإشكال في أن"ذكوان" والد"حسين المعلم" ليس له ذكر في دوواين الرجال بشيء من الرواية ، ولا ذكر أحد أن ابنه يروي عنه.
فأنا أرجح أيضًا أن يكون قوله هنا"حدثنا أبي" زيادة خطأ من الناسخين.
ويؤيد أن زيادة"حدثنا أبي" تخليط من الناسخين - أن ابن كثير حين أشار إلى هذا الإسناد 2: 432 ، قال: "ثم رواه - يعني الطبري - من حديث حسين المعلم ، وعبد الرحمن بن الحارث ، عن عمرو بن شعيب ، به".
فذكر أن حسينًا رواه عن عمرو بن شعيب.
ولم يذكر أنه"عن حسين عن أبيه".
وأما الحديث نفسه ، فإنه سيأتي معناه ، من رواية محمد بن إسحاق ، عن عمرو بن شعيب: 9297 ، 9298 ، ومن رواية عبد الرحمن بن الحارث ، عن عمرو: 9299.
ويأتي تخريجه هناك ، إن شاء الله.
(150) الحديث: 9295 - زكريا بن أبي زائدة الهمداني الوادعي: ثقة معروف ، من شيوخ شعبة والثوري.
أخرج له الجماعة.
سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، قاضي المدينة: ثقة كثير الحديث ، وهو ثبت لا شك فيه.
أخرج له الجماعة.
أبوه"إبراهيم بن عبد الرحمن": تابعي ثقة ، من كبار التابعين.
مترجم في التهذيب.
والكبير 1 / 1 / 295 ، وابن سعد 5: 39-40 ، وابن أبي حاتم 1 / 1 / 111.
"جبير بن مطعم": صحابي معروف ، من قريش ، من بني نوفل.
قدم المدينة في فداء أسارى بدر.
ثم أسلم بعد ذلك.
والحديث رواه أحمد في المسند: 16832ج4 ص83 حلبي ، من طريق زكريا ، وهو ابن أبي زائدة - بهذا الإسناد.
وكذلك رواه مسلم 2: 270 ، والبيهقي 6: 262- كلاهما من طريق زكريا.
وذكره ابن كثير 2: 432-433 ، من رواية المسند.
ثم أشار إلى أنه رواه مسلم ، وأبو داود ، وابن جرير ، والنسائي.
(151) الحديث: 9296 - بشر بن المفضل بن لاحق البصري: ثقة من شيوخ أحمد وإسحاق وابن المديني.
أخرج له الجماعة.
مترجم في التهذيب ، والكبير للبخاري 1 / 2 / 84 ، وابن أبي حاتم 1 / 1 / 366.
وهذا الحديث رواه الطبري بإسنادين من طريق عبد الرحمن بن إسحاق.
وهو: "عبد الرحمن بن إسحاق بن عبد الله العامري".
وهو ثقة ، وثقه ابن معين وغيره ، وأخرج له مسلم.
مترجم في التهذيب ، والكبير للبخاري 1 / 1 / 52 ، وابن سعد 5: 151-152 ، وابن أبي حاتم 3 / 2 / 218.
والحديث رواه أحمد: 1655 ، عن بشر بن المفضل ، عن عبد الرحمن بن إسحاق - بهذا الإسناد.
ثم روى له أوله: 1676 ، عن إسماعيل ، وهو ابن علية ، عن عبد الرحمن بن إسحاق.
وكذلك روى البخاري أوله ، في الأدب المفرد ، ص: 83 ، من طريق ابن علية.
ووقع فيه هناك خطأ مطبعي ، يصحح من هذا الموضع.
وهذا الحديث في حقيقته حديثان:أولهما: حديث متصل ، من حديث عبد الرحمن بن عوف.
وثانيهما: حديث مرسل.
وهو قول الزهري: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
.
.
" - إلى آخره.
وقد فصلنا القول في ذلك في المسند: 1655.
(152) الأحاديث: 9297-9299 ، هي ثلاثة أسانيد لحديث واحد.
وقد مضى بنحوه: 9294.
يزيد - في الإسناد الأول: هو يزيد بن هارون.
عبد الرحمن - في الإسناد الثالث: هو عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة.
والحديث رواه أحمد في المسند - ضمن حديث مطول: 6692 ، عن يزيد بن هارون ، عن محمد بن إسحاق.
وأشرنا إلى كثير من أسانيده هناك ، وفي الاستدراك: 2832.
ورواه البخاري في الأدب المفرد ، ص: 83-84 ، مختصرًا كما هنا ، عن خالد بن مخلد ، بالإسناد الأخير هنا.
وذكره ابن كثير 2: 432 ، عن الرواية: 9298 هنا.
ثم أشار إلى الروايتين: 9294 ، 9299.
(153) في المخطوطة والمطبوعة: "منسوخ هي" ، خطأ ، صوابه ما أثبت.
(154) سياق العبارة: "غير جائز القضاء عليه بأنه منسوخ.
.
.
إلا بحجة يجب التسليم لها" ، والذي بينهما قيد اعترض به بين طرفي الكلام.
(155) انظر مقالته في: "الناسخ والمنسوخ" فيما سلف: 131 ، والتعليق 1 ، والمراجع هناك.
(156) قوله: "فالواجب.
.
.
" ، جواب قوله آنفًا: "فإذ كان ما ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صحيحًصا".
(157) السياق: "فالواجب أن يكون الصحيح من القول.
.
.
هو ما ذكرنا من التأويل.
.
.
دون قول من قال".
(158) في المطبوعة والمخطوطة: "دون ما سوى القول" بلا واو عاطفة ، والصواب إثبات"واو العطف" ، عطفًا على قوله آنفًا: "دون قول من قال".
(159) أشكل على ابن كثير هذا الموضع من كلام الطبري فرواه عنه ثم قال: "وفيه نظر ، فإن من الحلف ما كان على المناصرة والمعاونة ، ومنه ما كان على الإرث ، كما حكاه غير واحد من السلف وكما قال ابن عباس: كان المهاجري يرث الأنصاري دون قراباته وذوي رحمه ، حتى نسخ ذلك.
فكيف يقول: إن هذه الآية محكمة غير منسوخة ، والله أعلم".
وهذا الذي تعجب منه ابن كثير ، قد بينه الطبري ، وأقام عليه كل مذهبه ، في كل ناسخ ومنسوخ ، وقد كرره مرات كثيرة في تفسيره ، وقد أعاده هنا عند ذكر الناسخ والمنسوخ فقال: إن الآية إذا اختلف في حكمها منسوخ هو أم غير منسوخ ، واختلف المختلفون في حكمها ، وكان لنفي النسخ عنها وإثبات أنها محكمة وجه صحيح ، لم يجز لأحد أن يقضي بأن حكمها منسوخ ، إلا بحجة يجب التسليم لها.
وقد بين أبو جعفر مرارًا أن الحجة التي يجب التسليم لها هي: ظاهر القرآن ، والخبر الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما تأويل ابن عباس أو غيره من الأئمة ، فليس حجة في إثبات النسخ في آية ، لتأويلها على أنها محكمة وجه صحيح.
فالعجب لابن كثير ، حين عجب من أبي جعفر في تأويله وبيانه.
ولو أنصف لنقض حجة الطبري في مقالته من الناسخ والمنسوخ ، لا أن يحتج عليه ويتعجب منه ، لحجة هي منقوضة عند الطبري ، قد أفاض في نقضها مرارًا في كتابه هذا ، وفي غيرها من كتبه كما قال ، رحم الله أبا جعفر ، وغفر الله لابن كثير.
(160) انظر تفسير"الشهيد" فيما سلف 1: 376-378 / 3: 97.
145 / 6: 60 ، 75 / 7: 243

﴿ ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شيء شهيدا ﴾

قراءة سورة النساء

المصدر : تفسير : ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون