القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 44 سورة الأنعام - فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم

سورة الأنعام الآية رقم 44 : سبع تفاسير معتمدة

سورة فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم - عدد الآيات 165 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 44 من سورة الأنعام عدة تفاسير - سورة الأنعام : عدد الآيات 165 - - الصفحة 132 - الجزء 7.

سورة الأنعام الآية رقم 44


﴿ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِۦ فَتَحۡنَا عَلَيۡهِمۡ أَبۡوَٰبَ كُلِّ شَيۡءٍ حَتَّىٰٓ إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوٓاْ أَخَذۡنَٰهُم بَغۡتَةٗ فَإِذَا هُم مُّبۡلِسُونَ ﴾
[ الأنعام: 44]

﴿ التفسير الميسر ﴾

فلما تركوا العمل بأوامر الله تعالى معرضين عنها، فتحنا عليهم أبواب كل شيء من الرزق فأبدلناهم بالبأساء رخاءً في العيش، وبالضراء صحة في الأجسام؛ استدراجا منا لهم، حتى إذا بطروا، وأعجبوا بما أعطيناهم من الخير والنعمة أخذناهم بالعذاب فجأة، فإذا هم آيسون منقطعون من كل خير.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

«فلما نسوا» تركوا «ما ذكروا» وُعظوا وخوفوا «به» من البأساء والضراء فلم يتعظوا «فتحنا» بالتخفيف والتشديد «عليهم أبواب كلِّ شيء» من النعم استدراجا لهم «حتى إذا فرحوا بما أوتوا» فرح بطر «أخذناهم» بالعذاب «بغتة» فجأة «فإذا هم مبلسون» آيسون من كل خير.

﴿ تفسير السعدي ﴾

فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ من الدنيا ولذاتها وغفلاتها.
حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ أي: آيسون من كل خير، وهذا أشد ما يكون من العذاب، أن يؤخذوا على غرة، وغفلة وطمأنينة، ليكون أشد لعقوبتهم، وأعظم لمصيبتهم.


﴿ تفسير البغوي ﴾

( فلما نسوا ما ذكروا به ) تركوا ما وعظوا وأمروا به ، ( فتحنا عليهم أبواب كل شيء ) قرأ أبو جعفر ، " فتحنا " بالتشديد ، في كل القرآن ، وقرأ ابن عامر ، كذلك ، إذا كان عقيبه جمع والباقون بالتخفيف ، وهذا فتح استدراج ومكر ، أي : بدلنا مكان البلاء والشدة الرخاء والصحة ، ( حتى إذا فرحوا بما أوتوا ) وهذا فرح بطر مثل فرح قارون بما أصاب من الدنيا ، ( أخذناهم بغتة ) فجأة آمن ما كانوا ، وأعجب ما كانت الدنيا إليهم ، ( فإذا هم مبلسون ) آيسون من كل خير ، وقال أبو عبيدة : المبلس النادم الحزين ، وأصل الإبلاس : الإطراق من الحزن والندم ، وروى عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا رأيت الله يعطي العبد ما يحب وهو مقيم على معصيته ، فإنما ذلك استدراج ) ، ثم تلا " فلما نسوا ما ذكروا به " الآية .

﴿ تفسير الوسيط ﴾

ثم بين- سبحانه- أنه قد ابتلاهم بالنعم بعد أن عالجهم بالشدائد فلم يرتدعوا فقال- تعالى-:فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ، حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ.
والمعنى: فلما أعرضوا عن النذر والعظات التي وجهها إليهم الرسل، فتحنا عليهم أبواب كل شيء من الرزق وأسباب القوة والجاه.
حتى إذا اغتروا وبطروا بما أوتوا من ذلك أخذناهم بغتة فإذا هم متحسرون يائسون من النجاة.
والفاء في قوله- تعالى- فَلَمَّا نَسُوا لتفصيل ما كان منهم.
وبيان ما ترتب على كفرهم من عواقب قريبة وأخرى بعيدة.
والمراد بالنسيان هنا: الإعراض والترك.
أى: تركوا الاهتداء بما جاء به الرسل حتى نسوه أو جعلوه كالمنسي في عدم الاعتبار والاتعاظ به لإصرارهم على كفرهم، وجمودهم على تقليد من قبلهم.
والتعبير بقوله- تعالى- فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ يرسم صورة بليغة لإقبال الدنيا عليهم من جميع أقطارها بجميع ألوان نعمها، وبكل قوتها وإغرائها، فهو اختبار لهم بالنعمة بعد أن ابتلاهم بالبأساء والضراء.
وعبر- سبحانه- عن إعطائهم النعمة بقوله: بِما أُوتُوا بالبناء للمجهول لأنهم يحسبون أن ذلك بعلمهم وقدرتهم وحدهم، كما قال قارون من قبل إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي.
وأضاف- سبحانه- الأخذ إلى ذاته في قوله فَأَخَذْناهُمْ لأنهم كانوا لا ينكرون ذلك، بل كانوا ينسبون الخلق والإيجاد إلى الله- تعالى-.
وكان الأخذ بغتة ليكون أشد عليهم وأفظع هولا، أى أخذناهم بعذاب الاستئصال حال كوننا مباغتين لهم.
أو حال كونهم مبغوتين، فقد فجأهم العذاب على غرة بدون إمهال.
وإذا في قوله فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ فجائية، والمبلس: الباهت الحزين البائس من الخير، الذي لا يحير جوابا لشدة ما نزل به من سوء الحال.
روى الإمام أحمد بسنده عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وإذا رأيت الله يعطى العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج» ، ثم تلا قوله- تعالى- فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ.
الآية.

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

( فلما نسوا ما ذكروا به ) أي : أعرضوا عنه وتناسوه وجعلوه وراء ظهورهم ( فتحنا عليهم أبواب كل شيء ) أي : فتحنا عليهم أبواب الرزق من كل ما يختارون ، وهذا استدراج منه تعالى وإملاء لهم ، عياذا بالله من مكره ; ولهذا قال : ( حتى إذا فرحوا بما أوتوا ) أي : من الأموال والأولاد والأرزاق ( أخذناهم بغتة ) أي : على غفلة ( فإذا هم مبلسون ) أي : آيسون من كل خير .قال الوالبي ، عن ابن عباس : المبلس : الآيس .وقال الحسن البصري : من وسع الله عليه فلم ير أنه يمكر به ، فلا رأي له . ومن قتر عليه فلم ير أنه ينظر له ، فلا رأي له ، ثم قرأ : ( فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون ) قال الحسن : مكر بالقوم ورب الكعبة ; أعطوا حاجتهم ثم أخذوا . رواه ابن أبي حاتم .وقال قتادة : بغت القوم أمر الله ، وما أخذ الله قوما قط إلا عند سكرتهم وغرتهم ونعيمهم فلا تغتروا بالله ، إنه لا يغتر بالله إلا القوم الفاسقون . رواه ابن أبي حاتم أيضا .وقال مالك ، عن الزهري : ( فتحنا عليهم أبواب كل شيء ) قال : إرخاء الدنيا وسترها .وقد قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن غيلان ، حدثنا رشدين - يعني ابن سعد أبا الحجاج المهري - عن حرملة بن عمران التجيبي ، عن عقبة بن مسلم ، عن عقبة بن عامر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب ، فإنما هو استدراج " . ثم تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون )ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم ، من حديث حرملة وابن لهيعة ، عن عقبة بن مسلم ، عن عقبة بن عامر ، بهوقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا عراك بن خالد بن يزيد ، حدثني أبي ، عن إبراهيم بن أبي عبلة ، عن عبادة بن الصامت [ رضي الله عنه ] أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول : " إن الله [ تبارك وتعالى ] إذا أراد بقوم بقاء - أو : نماء - رزقهم القصد والعفاف ، وإذا أراد الله بقوم اقتطاعا فتح لهم - أو فتح عليهم - باب خيانة "( حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون ) كما قال : ( فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين )

﴿ تفسير القرطبي ﴾

قوله تعالى : فلما نسوا ما ذكروا به يقال : لم ذموا على النسيان وليس من فعلهم ؟ فالجواب : أن نسوا بمعنى تركوا ما ذكروا به ، عن ابن عباس وابن جريج ، وهو قول أبي علي ; وذلك لأن التارك للشيء إعراضا عنه قد صيره بمنزلة ما قد نسي ، كما يقال : تركه .
في النسي .
جواب آخر : وهو أنهم تعرضوا للنسيان فجاز الذم لذلك ; كما جاز الذم على التعرض لسخط الله عز وجل وعقابه .
فتحنا عليهم أبواب كل شيء أي : من النعم والخيرات ، أي : كثرنا لهم ذلك .
والتقدير عند أهل العربية : فتحنا عليهم أبواب كل شيء كان مغلقا عنهم .
حتى إذا فرحوا بما أوتوا معناه بطروا وأشروا وأعجبوا وظنوا أن ذلك العطاء لا يبيد ، وأنه دال على رضاء الله عز وجل عنهم أخذناهم بغتة أي استأصلناهم وسطونا بهم .
و ( بغتة ) معناه فجأة ، وهي الأخذ على غرة ومن غير تقدم أمارة ; فإذا أخذ الإنسان وهو غار غافل فقد أخذ بغتة ، وأنكى شيء ما يفجأ من البغت .
وقد قيل : إن التذكير الذي سلف - فأعرضوا عنه - قام مقام الإمارة .
والله أعلم .
و ( بغتة ) مصدر في موضع الحال لا يقاس عليه عند سيبويه كما تقدم ; فكان ذلك استدراجا من الله تعالى كما قال : وأملي لهم إن كيدي متين نعوذ بالله من سخطه ومكره .
قال بعض العلماء : رحم الله عبدا تدبر هذه الآية حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة .
وقال محمد بن النضر الحارثي : أمهل هؤلاء القوم عشرين سنة .
وروى عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا رأيتم الله تعالى يعطي العباد ما يشاءون على معاصيهم فإنما ذلك استدراج منه لهم ثم تلا ( فلما نسوا ما ذكروا به ) الآية كلها .
وقال الحسن : والله ما أحد من الناس بسط الله له في الدنيا فلم يخف أن يكون قد مكر له فيها إلا كان قد نقص عمله ، وعجز رأيه .
وما أمسكها الله عن عبد فلم يظن أنه خير له فيها إلا كان قد نقص عمله ، وعجز رأيه .
وفي الخبر أن الله تعالى أوحى إلى موسى صلى الله عليه وسلم : إذا رأيت الفقر مقبلا إليك فقل مرحبا بشعار الصالحين وإذا رأيت الغنى مقبلا إليك فقل : ذنب عجلت عقوبته .
قوله تعالى : فإذا هم مبلسون المبلس الباهت الحزين الآيس من الخير الذي لا يحير جوابا لشدة ما نزل به من سوء الحال ; قال العجاج :يا صاح هل تعرف رسما مكرسا قال نعم أعرفه وأبلساأي : تحير لهول ما رأى ، ومن ذلك اشتق اسم إبليس ; أبلس الرجل سكت ، وأبلست الناقة وهي مبلاس إذا لم ترغ من شدة الضبعة ; ضبعت الناقة تضبع ضبعة وضبعا إذا أرادت الفحل .

﴿ تفسير الطبري ﴾

القول في تأويل قوله : فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44)قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " فلما نسوا ما ذكروا به "، فلما تركوا العمل بما أمرناهم به على ألسن رسلنا، (40) كالذي:-13226 - حدثنا المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قوله: " فلما نسوا ما ذكروا به "، يعني: تركوا ما ذكروا به.
13227 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قوله: " نسوا ما ذكروا به "، قال: ما دعاهم الله إليه ورسله, أبوْه وردُّوه عليهم.
* * *=" فتحنا عليهم أبوابَ كل شيء "، يقول: بدلنا مكان البأساء الرخاء والسعة في العيش، ومكان الضراء الصحة والسلامة في الأبدان والأجسام، استدراجًا منَّا لهم، كالذي:-13228 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثني عيسى = وحدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل = ، عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره: " فتحنا عليهم أبواب كل شيء " ، قال: رخاء الدنيا ويُسْرها، على القرون الأولى.
13229 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: " فتحنا عليهم أبواب كل شيء "، قال: يعني الرخاء وسعة الرزق .
13230 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط .
عن السدي قوله: " فتحنا عليهم أبواب كل شيء "، يقول: من الرزق.
* * *فإن قال لنا قائل: وكيف قيل: " فتحنا عليهم أبوابَ كل شيء " ، وقد علمت أن بابَ الرحمة وباب التوبة [لم يفتحا لهم], لم تفتح لهم أبواب أخر غيرهما كثيرة؟ (41)قيل: إن معنى ذلك على غير الوجه الذي ظننتَ من معناه, وإنما معنى ذلك: فتحنا عليهم، استدراجًا منا لهم، أبوابَ كل ما كنا سددنا عليهم بابه، عند أخذنا إياهم بالبأساء والضراء ليتضرعوا, إذ لم يتضرعوا وتركوا أمر الله تعالى ذكره، لأنّ آخر هذا الكلام مردودٌ على أوله.
وذلك كما قال تعالى ذكره في موضع آخر من كتابه: وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ * ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ، [سورة الأعراف: 94-95] ، ففتح الله على القوم الذين ذكر في هذه الآية [أنهم نسوا ما] ذكرهم، (42) بقوله: " فلما نسوا ما ذكّروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء " ، هو تبديله لهم مكانَ السيئة التي كانوا فيها في حال امتحانه إياهم، من ضيق العيش إلى الرخاء والسعة, ومن الضر في الأجسام إلى الصحة والعافية, وهو " فتح أبواب كل شيء " كان أغلق بابه عليهم، مما جرى ذكره قبل قوله: " فتحنا عليهم أبواب كل شيء "، فردّ قوله: " فتحنا عليهم أبواب كل شيء "، عليه.
* * *ويعني تعالى بقوله: " حتى إذا فرحوا بما أوتوا " ، يقول: حتى إذا فرح هؤلاء المكذّبون رسلهم بفتحنا عليهم أبوابَ السَّعة في المعيشة، والصحة في الأجسام، كالذي:-13231 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " حتى إذا فرحوا بما أوتوا " ، من الرزق .
13232 - حدثنا الحارث قال، حدثنا القاسم بن سلام قال، سمعت عبد الرحمن بن مهدي يحدّث، عن حماد بن زيد قال: كان رجل يقول: رَحم الله رجلا تلا هذه الآية، ثم فكر فيها ماذا أريد بها: " حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة ".
13233 - حدثني الحارث قال، حدثنا القاسم قال، حدثنا ابن أبي رجاء رجل من أهل الشعر, عن عبد الله بن المبارك, عن محمد بن النضر الحارثي في قوله : " أخذناهم بغتة "، قال: أُمهلوا عشرين سنة.
(43)* * *ويعني تعالى ذكره بقوله: " أخذناهم بغتة " ، أتيناهم بالعذاب فجأة، وهم غارُّون لا يشعرون أن ذلك كائن، ولا هو بهم حالٌّ، (44) كما:-13234 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج , عن ابن جريج: " حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة " ، قال: أعجبَ ما كانت إليهم، وأغَرَّها لهم.
(45)13235 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي" أخذناهم بغتة " ، يقول: أخذهم العذابُ بغتةً .
13236 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " أخذناهم بغتة " ، قال: فجأة آمنين.
* * *وأما قوله: " فإذا هم مبلسون "، فإنهم هالكون, منقطعة حججهم, نادمون على ما سلف منهم من تكذيبهم رسلَهم، كالذي:-13237- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط, عن السدي: " فإذا هم مبلسون "، قال: فإذا هم مهلكون، متغيِّر حالهم.
13238 - حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا شيخ, عن مجاهد: " فإذا هم مبلسون "، قال: الاكتئاب.
(46)13239 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد, في قوله: " فإذا هم مبلسون " ، قال: " المبلس " الذي قد نزل به الشرّ الذي لا يدفعه.
والمبلس أشد من المستكين, وقرأ: فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ، [سورة المؤمنون: 76] .
وكان أول مرة فيه معاتبة وبقيّة.
(47) وقرأ قول الله: " أخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون " = فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا ، حتى بلغ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ، ثم جاء أمرٌ ليس فيه بقية.
(48) وقرأ: " حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون "، فجاء أمر ليس فيه بقية.
وكان الأوّل، لو أنهم تضرعوا كُشف عنهم .
13240 - حدثني سعيد بن عمرو السكوني قال، حدثنا بقية بن الوليد, عن أبي شريح ضبارة بن مالك, عن أبي الصلت, عن حرملة أبي عبد الرحمن, عن عقبة بن مسلم، عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأيت الله يعطي عبدَه في دنياه, إنما هو استدراج.
ثم تلا هذه الآية: " فلما نسوا ما ذكِّروا به " إلى قوله: وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
(49)13241- وحدثت بهذا الحديث عن محمد بن حرب, عن ابن لهيعة, عن عقبة بن مسلم, عن عقبة بن عامر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وإذا رأيت الله تعالى ذكره يعطي العبادَ ما يسألون على معاصيهم إياه, فإنما ذلك استدراج منه لهم! ثم تلا " فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء " الآية.
* * *وأصل " الإبلاس " في كلام العرب، عند بعضهم: الحزن على الشيء والندم عليه = وعند بعضهم: انقطاع الحجة، والسكوت عند انقطاع الحجة = وعند بعضهم: الخشوع = وقالوا: هو المخذول المتروك, ومنه قول العجاج:يَا صَاحِ هَلْ تَعْرِفُ رَسْمًا مُكْرَسَا ?قَالَ: نَعَمْ! أَعْرِفُه! وَأَبْلَسَا (50)فتأويل قوله: " وأبلسا "، عند الذين زعموا أن " الإبلاس "، انقطاع الحجة والسكوت عنده, بمعنى: أنه لم يُحِرْ جوابًا.
(51)وتأوَّله الآخرون بمعنى الخشوع, وترك أهله إياه مقيمًا بمكانه.
والآخرون بمعنى الحزن والندم.
يقال منه: " أبلس الرجل إبلاسًا ", ومنه قيل: لإبليس " إبليس ".
(52)* * *---------------(40) انظر تفسير"النسيان" فيما سلف 2: 9 ، 473 - 480/5 : 164/6 : 132 ، 133 - 135/10 : 129.
= وانظر تفسير"التذكير" فيما سلف 10: 130 ، تعليق 2 ، والمراجع هناك.
(41) في المطبوعة والمخطوطة: "أن باب الرحمة وباب التوبة لم يفتح لهم وأبواب أخر غيره كثيرة" إلا أن المخطوطة ليس فيها إلا"أبواب أخر" بغير واو ، ورجحت أنه سقط من الكلام ما أثبته ، وأن صوابه ما صححت من ضمائره.
(42) هذه الزيادة بين القوسين ، يقتضيها السياق.
(43) الأثر: 13233 -"ابن أبي رجاء" ، لم أعرفه ، وكان في المطبوعة: "من أهل الثغر" ، وحذف"رجل" ، وأثبت ما في المخطوطة.
و"محمد بن النضر الحارثي" ، أبو عبد الرحمن العابد ، مترجم في الكبير1/1/252 ، وابن أبي حاتم 4/1/110 ، وحلية الأولياء 8: 217 ، وصفة الصفوة 3: 93.
وهذا الخبر رواه أبو نعيم في الحلية 8: 220 من طريق أبي بكر بن مالك ، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن أحمد بن إبراهيم ، عن محمد بن منبه ، ابن أخت ابن المبارك ، عن عبد الله بن المبارك.
فأخشى أن يكون"ابن أبي رجاء" هو"محمد بن منبه" ابن أخت بن المبارك.
وعسى أن توجد ترجمته"محمد بن منبه" ، فيعرف منها ما نجهل ، ويصحح ما في المخطوطة أهو"رجل من أهل الشعر" ، أم"من أهل الثغر" ، كما في المطبوعة.
(44) انظر تفسير"بغتة" فيما سلف ص: 325.
(45) في المطبوعة: "وأعزها لهم" (بالعين والزاي) والصواب"أغرها" ، من"الغرور" و"الغرة" (بالغين والراء المهملة).
(46) في المطبوعة: "فإذا هم مبلسون قال: فإذا هم مهلكون" ، لا أدري من أين جاء بهذا.
والذي في المخطوطة هو ما أثبت ، إلا أنه غير منقوط ، فرجحت قراءته كما أثبته.
وسيأتي أن معنى"الإبلاس" ، الحزن والندم.
(47) في المطبوعة: "معاتبة وتقية" ، ولا معنى لذلك هنا ، وفي المخطوطة: "ولقية" وصواب قراءتها ما أثبت.
و"البقية" ، الإبقاء عليهم.
(48) في المخطوطة والمطبوعة هنا في الموضعين : تقية" ، وهو خطأ ، انظر التعليق السالف.
(49) الأثران: 13240 ، 13241 -"سعيد بن عمرو السكوني" ، مضى برقم: 5563 ، 6521.
و"بقية بن الوليد الحمصي" ، مضى مرارًا ، أولها رقم: 152 ، وآخرها: 9224.
وهو ثقة ، ولكنهم نعوا عليه التدليس.
و"ضبارة بن مالك" نسب إلى جده هو"ضبارة بن عبد الله بن مالك بن أبي السليك الحضري الألهاني" ، "أبو شريح الحمصي" ، ويقال أيضًا"ضبارة بن أبي السليك" ، ذكره ابن حبان في الثقات وقال: "يعتبر حديثه من رواية الثقات عنه".
وذكره ابن عدي في الكامل وساق له ستة أحاديث مناكير.
مترجم في التهذيب ، والكبير 2/2/343 ، وابن أبي حاتم 2/1/471.
و"أبو الصلت" ، مذكور في ترجمة"ضبارة" في التهذيب ، وموصوف بأنه"الشامي" ، ولم أجد له ذكرًا فيما بين يدي من كتب التراجم.
وأما "حرملة ، أبو عبد الرحمن" ، فهذا مشكل ، فإن"حرملة بن عمران بن قراد التجيبي المصري" ، كنيته"أبو حفص" ، لم أجد له كنية غيرها.
ولا أستخير أن يكون ذلك خطأ من ناسخ ، فأخشى أن تكون"أبو عبد الرحمن" ، كنية أخرى له.
وهو ثقة ، كان من أولى الألباب.
مترجم في التهذيب ، والكبير 2/1/64 ، وابن أبي حاتم 1/2/273.
و"عقبة بن مسلم التجيبي المصري" ، إمام المسجد العتيق ، مصري تابعي ثقة.
مترجم في التهذيب.
و"عقبة بن عامر الجهني" ، قديم الهجرة والسابقة والصحبة.
وكان عالمًا فقهيًا فصيح اللسان ، شاعرًا ، كاتبًا ، وهو أحد من جمع القرآن.
وهذا الخبر سيرويه أبو جعفر بعد من طريق ابن لهيعة ، عن عقبة بن مسلم ، ورواه أحمد في مسنده 4: 145 ، من طريق يحيى بن غيلان ، عن رشدين بن سعد ، عن حرملة بن عمران ، عن عقبة بن مسلم ، عن عقبة بن عامر ، بمثله.
وخرجه الهيثمي في مجمع الزاوئد 7: 20 ، ونسبه لأحمد والطبراني ، ولم يذكر في إسناده شيئًا من صحة أو ضعف.
وذكره ابن كثير في تفسيره 3: 311 من رواية أحمد ، وأشار إلى طريق ابن جرير ، وابن أبي حاتم.
وخرجه السيوطي في الدر المنثور 3: 12 ، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم ، وابن المنذر ، وأبي الشيخ ، وابن مردويه ، والبيهقي في الشعب.
(50) مضى البيت وتخريجه وتفسيره فيما سلف 1: 509 ، ولم أشر هناك إلى مجيئه في التفسير في هذا الموضع ثم في 21: 18 (بولاق) ، وأزيد أنه في مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 192 ، ومعاني القرآن للفراء 1: 335.
(51) هو الفراء في معاني القرآن 1: 335 .
(52) انظر ما قاله أبو جعفر في تفسير"إبليس" فيما سلف 1: 509 ، 510.

﴿ فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون ﴾

قراءة سورة الأنعام

المصدر : تفسير : فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم