القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 47 سورة الأنبياء - ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم

سورة الأنبياء الآية رقم 47 : سبع تفاسير معتمدة

سورة ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم - عدد الآيات 112 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 47 من سورة الأنبياء عدة تفاسير - سورة الأنبياء : عدد الآيات 112 - - الصفحة 326 - الجزء 17.

سورة الأنبياء الآية رقم 47


﴿ وَنَضَعُ ٱلۡمَوَٰزِينَ ٱلۡقِسۡطَ لِيَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ فَلَا تُظۡلَمُ نَفۡسٞ شَيۡـٔٗاۖ وَإِن كَانَ مِثۡقَالَ حَبَّةٖ مِّنۡ خَرۡدَلٍ أَتَيۡنَا بِهَاۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَٰسِبِينَ ﴾
[ الأنبياء: 47]

﴿ التفسير الميسر ﴾

ويضع الله تعالى الميزان العادل للحساب في يوم القيامة، ولا يظلم هؤلاء ولا غيرهم شيئًا، وإن كان هذا العمل قدْرَ ذرة مِن خير أو شر اعتبرت في حساب صاحبها. وكفى بالله محصيًا أعمال عباده، ومجازيًا لهم عليها.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

«ونضع الموازين القسط» ذوات العدل «ليوم القيامة» أي فيه «فلا تظلم نفس شيئاً» من نقص حسنة أو زيادة سيئة «وإن كان» العمل «مثقال» زنة «حبة من خردل أتينا بها» بموزونها «وكفى بنا حاسبين» مُحْصين كل شيء.

﴿ تفسير السعدي ﴾

يخبر تعالى عن حكمه العدل، وقضائه القسط بين عباده إذا جمعهم في يوم القيامة، وأنه يضع لهم الموازين العادلة، التي يبين فيها مثاقيل الذر، الذي توزن بها الحسنات والسيئات، فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ ْ مسلمة أو كافرة شَيْئًا ْ بأن تنقص من حسناتها، أو يزاد في سيئاتها.
وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ ْ التي هي أصغر الأشياء وأحقرها، من خير أو شر أَتَيْنَا بِهَا ْ وأحضرناها، ليجازى بها صاحبها، كقوله: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ْوقالوا يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ْ وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ْ يعني بذلك نفسه الكريمة، فكفى به حاسبا، أي: عالما بأعمال العباد، حافظا لها، مثبتا لها في الكتاب، عالما بمقاديرها ومقادير ثوابها وعقابها واستحقاقها، موصلا للعمال جزاءها.


﴿ تفسير البغوي ﴾

( ونضع الموازين القسط ) أي : ذوات القسط ، والقسط : العدل ، ( ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا ) لا ينقص من ثواب حسناته ولا يزاد على سيئاته ، وفي الأخبار : إن الميزان له لسان وكفتان .
روي أن داود عليه السلام سأل ربه أن يريه الميزان فأراه كل كفة ما بين المشرق والمغرب ، فغشي عليه ، ثم أفاق فقال : يا إلهي من الذي يقدر أن يملأ كفته حسنات؟ فقال : يا داود إني [ إذا ] رضيت على عبدي ملأتها بتمرة .
( وإن كان مثقال حبة من خردل ) قرأ أهل المدينة ( مثقال ) برفع اللام هاهنا وفي سورة لقمان ، أي وإن وقع مثقال حبة ، ونصبها الآخرون على معنى : وإن كان ذلك الشيء مثقال حبة أي : زنة حبة من خردل ، ( أتينا بها ) أحضرناها لنجازي بها .
( وكفى بنا حاسبين ) قال السدي : محصين ، والحسب معناه : العد ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : عالمين حافظين ، لأن من حسب شيئا علمه وحفظه .

﴿ تفسير الوسيط ﴾

ثم بين- سبحانه- مظهرا من مظاهر عدله مع عباده يوم القيامة فقال: وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً .
.
.
أى: ونحضر الموازين العادلة لمحاسبة الناس على أعمالهم يوم القيامة ولإعطاء كل واحد منهم ما يستحقه من ثواب أو عقاب، دون أن يظلم ربك أحدا من خلقه.
وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ أى: وإن كانت الأعمال التي عملها الإنسان في الدنيا في نهاية الحقارة والقلة، أتينا بها في صحيفة عمله لتوزن، وكفى بنا عادّين ومحصين على الناس أعمالهم، إذ لا يخفى علينا شيء منها سواء أكان قليلا أم كثيرا.
قال ابن كثير: قوله: وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الأكثر على أنه ميزان واحد، وإنما جمع باعتبار تعدد الأعمال الموزونة فيه .
وقال القرطبي: «الموازين: جمع ميزان، فقيل: إنه يدل بظاهره على أن لكل مكلف ميزانا توزن به أعماله، فتوضع الحسنات في كفة، والسيئات في كفة.
وقيل: يجوز أن يكون هناك موازين للعامل الواحد، يوزن بكل ميزان منها صنف من أعماله.
.
وقيل: ذكر الميزان مثل وليس ثمّ ميزان وإنما هو العدل، والذي وردت به الأخبار، وعليه السواد الأعظم القول الأول.
و «القسط» صفة الموازين ووحد لأنه مصدر.
.
.
واللام في قوله لِيَوْمِ الْقِيامَةِ قيل للتوقيت.
أى للدلالة على الوقت، كقولهم: جاء فلان لخمس ليال بقين من الشهر.
وقيل هي لام كي، أى: لأجل يوم القيامة، أو بمعنى في أى: في يوم القيامة.
وقوله- سبحانه- فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً بيان للعدل الإلهى، وأنه- سبحانه- لا يظلم أحدا شيئا مما له أو عليه، أى: فلا تظلم نفس شيئا من الظلم لا قليلا ولا كثيرا.
وقوله وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها تصوير لدقة الحساب، وعدم مغادرته لشيء من أعمال الناس، إذ الخردل حب في غاية الصغر والدقة.
ومثقال الشيء: وزنه.
وأنث الضمير في قوله «بها» وهو راجع إلى المضاف الذي هو «مثقال» وهو مذكر.
لاكتسابه التأنيث من المضاف إليه الذي هو «حبة من خردل» .
وقوله- سبحانه-: وَكَفى بِنا حاسِبِينَ بيان لإحاطة الله- تعالى-: بعلم كل شيء.
كما قال- تعالى- إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ .
وفي معنى هذه الآية وردت آيات كثيرة منها قوله- تعالى-: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ، وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً .
وقوله- سبحانه-: يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ .
وبذلك نرى أن هذه الآيات الكريمة قد ذكرت أولئك المشركين بجانب من نعم الله- تعالى- عليهم، وحضهم على التدبر والاتعاظ، وأنذرتهم بسوء العاقبة إذا ما استمروا في كفرهم وشركهم، وصورت لهم دقة الحساب يوم القيامة، وأن كل إنسان سيحاسب على عمله سواء أكان صغيرا أم كبيرا، ولا يظلم ربك أحدا.
وبعد أن فصل- سبحانه- الحديث عن دلائل التوحيد والنبوة والمعاد، ورد على المشركين ردا يفحمهم، أتبع ذلك بالحديث عن قصص بعض الأنبياء تسلية للرسول صلّى الله عليه وسلّم وتثبيتا لقلبه، فقال- تعالى-:

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

وقوله : ( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا ) أي : ونضع الموازين العدل ليوم القيامة . الأكثر على أنه إنما هو ميزان واحد ، وإنما جمع باعتبار تعدد الأعمال الموزونة فيه .وقوله : ( فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ) كما قال تعالى : ( ولا يظلم ربك أحدا ) [ الكهف : 49 ] ، وقال : ( إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما ) [ النساء : 40 ] ، وقال لقمان : ( يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير ) [ لقمان : 16 ] .وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " كلمتان خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان ، حبيبتان إلى الرحمن : سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم " .وقال الإمام أحمد : حدثنا إبراهيم بن إسحاق الطالقاني ، حدثنا ابن المبارك ، عن ليث بن سعد ، حدثني عامر بن يحيى ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، قال : سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله عز وجل يستخلص رجلا من أمتي على رءوس الخلائق يوم القيامة ، فينشر عليه تسعة وتسعين سجلا ، كل سجل مد البصر ، ثم يقول أتنكر من هذا شيئا؟ أظلمتك كتبتي الحافظون؟ قال : لا يا رب ، قال : أفلك عذر ، أو حسنة؟ " قال : فيبهت الرجل فيقول : لا يا رب . فيقول : بلى ، إن لك عندنا حسنة واحدة ، لا ظلم اليوم عليك . فيخرج له بطاقة فيها : " أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله " فيقول : أحضروه ، فيقول : يا رب ، ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقول : إنك لا تظلم ، قال : " فتوضع السجلات في كفة [ والبطاقة في كفة ] " ، قال : " فطاشت السجلات وثقلت البطاقة " قال : " ولا يثقل شيء بسم الله الرحمن الرحيم " .ورواه الترمذي وابن ماجه ، من حديث الليث بن سعد ، به ، وقال الترمذي : حسن غريب .وقال الإمام أحمد : حدثنا قتيبة ، حدثنا ابن لهيعة ، عن عمرو بن يحيى ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " توضع الموازين يوم القيامة ، فيؤتى بالرجل ، فيوضع في كفة ، فيوضع ما أحصي عليه ، فتمايل به الميزان " قال : " فيبعث به إلى النار " قال : فإذا أدبر به إذا صائح من عند الرحمن عز وجل يقول : [ لا تعجلوا ] ، فإنه قد بقي له ، فيؤتى ببطاقة فيها " لا إله إلا الله " فتوضع مع الرجل في كفة حتى يميل به الميزان " .وقال الإمام أحمد أيضا : حدثنا أبو نوح قراد أنبأنا ليث بن سعد ، عن مالك بن أنس ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة; أن رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، جلس بين يديه ، فقال : يا رسول الله ، إن لي مملوكين ، يكذبونني ، ويخونونني ، ويعصونني ، وأضربهم وأشتمهم ، فكيف أنا منهم؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يحسب ما خانوك وعصوك وكذبوك وعقابك إياهم ، إن كان عقابك إياهم دون ذنوبهم ، كان فضلا لك [ عليهم ] وإن كان عقابك إياهم بقدر ذنوبهم ، كان كفافا لا لك ولا عليك ، وإن كان عقابك إياهم فوق ذنوبهم ، اقتص لهم منك الفضل الذي يبقى قبلك " . فجعل الرجل يبكي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ويهتف ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما له أما يقرأ كتاب الله؟ : ( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ) فقال الرجل : يا رسول الله ، ما أجد شيئا خيرا من فراق هؤلاء - يعني عبيده - إني أشهدك أنهم أحرار كلهم .

﴿ تفسير القرطبي ﴾

قوله تعالى : ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا الموازين جمع ميزان .
فقيل : إنه يدل بظاهره على أن لكل مكلف ميزانا توزن به أعماله ، فتوضع الحسنات في كفة ، والسيئات في كفة .
وقيل : يجوز أن يكون هناك موازين للعامل الواحد ، يوزن بكل ميزان منها صنف من أعماله ؛ كما قال :ملك تقوم الحادثات لعدله فلكل حادثة لها ميزانويمكن أن يكون ميزانا واحدا عبر عنه بلفظ الجمع .
وخرج اللالكائي الحافظ أبو القاسم في سننه عن أنس يرفعه : إن ملكا موكلا بالميزان فيؤتى بابن آدم فيوقف بين كفتي الميزان فإن رجح نادى الملك بصوت يسمع الخلائق : سعد فلان سعادة لا يشقى بعدها أبدا وإن خف نادى الملك : شقي فلان شقاوة لا يسعد بعدها أبدا .
وخرج عن حذيفة - رضي الله عنه - قال : صاحب الميزان يوم القيامة جبريل - عليه السلام - وقيل : للميزان كفتان وخيوط ولسان والشاهين ؛ فالجمع يرجع إليها .
وقال مجاهد وقتادة والضحاك : ذكر الميزان مثل وليس ثم ميزان وإنما هو العدل .
والذي وردت به الأخبار وعليه السواد الأعظم القول الأول .
وقد مضى في ( الأعراف ) بيان هذا ، وفي ( الكهف ) أيضا .
وقد ذكرناه في كتاب ( التذكرة ) مستوفى والحمد لله .
والقسط العدل أي ليس فيها بخس ولا ظلم كما يكون في وزن الدنيا .
والقسط صفة الموازين ووحد لأنه مصدر ؛ يقال : ميزان قسط ، وميزانان قسط ، وموازين قسط .
مثل رجال عدل ورضا .
وقرأت فرقة ( القصط ) بالصاد .
ليوم القيامة أي لأهل يوم القيامة .
وقيل : المعنى في يوم القيامة .
فلا تظلم نفس شيئا أي لا ينقص من إحسان محسن ولا يزاد في إساءة مسيء .
وإن كان مثقال حبة من خردل قرأ نافع وشيبة وأبو جعفر ( مثقال حبة ) بالرفع هنا ؛ وفي ( لقمان ) على معنى إن وقع أو حضر ؛ فتكون كان تامة ولا تحتاج إلى خبر .
الباقون مثقال بالنصب على معنى وإن كان العمل أو ذلك الشيء مثقال .
ومثقال الشيء ميزانه من مثله .
أتينا بها مقصورة الألف قراءة الجمهور أي أحضرناها وجئنا بها للمجازاة عليها ولها .
يجاء بها أي بالحجة ولو قال به أي بالمثقال لجاز .
وقيل : مثقال الحبة ليس شيئا غير الحبة فلهذا قال : أتينا بها .
وقرأ مجاهد وعكرمة ( آتينا ) بالمد على معنى جازينا بها .
يقال آتى يؤاتي مؤاتاة .
وكفى بنا حاسبين أي محاسبين على ما قدموه من خير وشر .
وقيل : حاسبين إذ لا أحد أسرع حسابا منا .
والحساب العد .
روى الترمذي عن عائشة - رضي الله عنها - : أن رجلا قعد بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله إن لي مملوكين يكذبونني ويخونونني ويعصونني وأشتمهم وأضربهم فكيف أنا منهم ؟ قال : يحسب ما خانوك وعصوك وكذبوك وعقابك إياهم فإن كان عقابك إياهم بقدر ذنوبهم كان كفافا لا لك ولا عليك ، وإن كان عقابك إياهم دون ذنوبهم كان فضلا لك ، وإن كان عقابك فوق ذنوبهم اقتص لهم منك الفضل ، قال : فتنحى الرجل فجعل يبكي ويهتف .
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أما تقرأ كتاب الله تعالى : ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا فقال الرجل : والله يا رسول الله ما أجد لي ولهؤلاء شيئا خيرا من مفارقتهم ، أشهدك أنهم أحرار كلهم .
قال حديث غريب .

﴿ تفسير الطبري ﴾

يقول تعالى ذكره ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ ) العدل وهو (القِسْطَ) وجعل القسط وهو موحد من نعت الموازين، وهو جمع لأنه في مذهب عدل ورضا ونظر.
وقوله ( لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ) يقول: لأهل يوم القيامة، ومن ورد على الله في ذلك اليوم من خلقه، وقد كان بعض أهل العربية يوجه معنى ذلك إلى " في" كأن معناه عنده: ونضع الموازين القسط في يوم القيامة، وقوله ( فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ) يقول: فلا يظلم الله نفسا ممن ورد عليه منهم شيئا بأن يعاقبه بذنب لم يعمله أو يبخسه ثواب عمل عمله، وطاعة أطاعه بها، ولكن يجازي المحسن بإحسانه، ولا يعاقب مسيئا إلا بإساءته.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ).
.
.
إلى آخر الآية، وهو كقوله وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ يعني بالوزن: القسط بينهم بالحقّ في الأعمال الحسنات والسيئات، فمن أحاطت حسناته بسيئاته ثقلت موازينه، يقول: أذهبت حسناته سيئاته، ومن أحاطت سيئاته بحسناته فقد خفَّت موازينه وأمه هاوية، يقول: أذهبت سيئاته حسناته.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ) قال: إنما هو مثل، كما يجوز الوزن كذلك يجوز الحقّ، قال الثوري: قال ليث عن مجاهد ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ ) قال: العدل.
وقوله ( وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ) يقول: وإن كان الذي من عمل الحسنات، أو عليه من السيئات وزن حبة من خردل أتينا بها: يقول: جئنا بها فأحضرناها إياه.
كما حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ابن زيد، في قوله ( وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ) قال: كتبناها وأحصيناها له وعليه.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله ( وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ) قال: يؤتي بها لك وعليك، ثم يعفو إن شاء أو يأخذ، ويجزي بما عمل له من طاعة ، وكان مجاهد يقول في ذلك ما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله ( وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ) قال: جازينا بها.
حدثنا عمرو بن عبد الحميد، قال: ثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد أنه كان يقول ( وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ) قال: جازينا بها ، وقال أتينا بها، فأخرج قوله بها مخرج كناية المؤنث، وإن كان الذي تقدم ذلك قوله مثقال حبة، لأنه عني بقوله بها الحبة دون المثقال، ولو عني به المثقال لقيل به، وقد ذكر أن مجاهدا إنما تأوّل قوله ( أَتَيْنَا بِهَا ) على ما ذكرنا عنه، لأنه كان يقرأ ذلك ( آتَيْنا بها) بمدّ الألف.
وقوله: ( وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ) يقول: وحسب من شهد ذلك الموقف بنا حاسبين، لأنه لا أحد أعلم بأعمالهم وما سلف في الدنا من صالح أو سيئ منا.

﴿ ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ﴾

قراءة سورة الأنبياء

المصدر : تفسير : ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم