فما لهؤلاء المشركين عن القرآن وما فيه من المواعظ منصرفين؟ كأنهم حمر وحشية شديدة النِّفار، فرَّت من أسد كاسر.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«كأنهم حمر مستنفرة» وحشية.
﴿ تفسير السعدي ﴾
كَأَنَّهُمْ في نفرتهم الشديدة منها حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ أي: كأنهم حمر وحش نفرت فنفر بعضها بعضا، فزاد عدوها،
﴿ تفسير البغوي ﴾
"كأنهم حمر"، جمع حمار، "مستنفرة"، قرأ أهل المدينة والشام بفتح الفاء، وقرأ الباقون بكسرها، فمن قرأ بالفتح فمعناها منفرة مذعورة، ومن قرأ بالكسر فمعناها نافرة، يقال: نفر واستنفر بمعنى واحد، كما يقال عجب واستعجب.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
والحمر: جمع حمار، والمراد به الحمار الوحشي المعروف بشدة نفوره وهروبه إذا ما أحس بحركة المقتنص له.وقوله: مُسْتَنْفِرَةٌ أى: شديدة النفور والهرب فالسين والتاء للمبالغة.والقسورة: الأسد، سمى بذلك لأنه يقسر غيره من السباع ويقهرها، وقيل: القسورة اسم لجماعة الرماة الذين يطاردون الحمر الوحشية، ولا واحد له من لفظه، ويطلق هذا اللفظ عند العرب على كل من كان بالغ النهاية في الضخامة والقوة. من القسر بمعنى القهر. أى:ما الذي حدث لهؤلاء الجاحدين المجرمين، فجعلهم يصرون إصرارا تاما على الإعراض عن مواعظ القرآن الكريم، وعن هداياته وإرشاداته، وأوامره ونواهيه.. حتى لكأنهم- في شدة إعراضهم عنه، ونفورهم منه- حمر وحشية قد نفرت بسرعة وشدة من أسد يريد أن يفترسها، أو من جماعة من الرماة أعدوا العدة لاصطيادها؟.قال صاحب الكشاف: شبههم- سبحانه- في إعراضهم عن القرآن، واستماع الذكر والموعظة، وشرادهم عنه- بحمر جدت في نفارها مما أفزعها.وفي تشبيههم بالحمر: مذمة ظاهرة، وتهجين لحالهم بين، كما في قوله- تعالى-:كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً، وشهادة عليهم بالبله وقلة العقل، ولا ترى مثل نفار حمير الوحش، واطرادها في العدو، إذا رابها رائب ولذلك كان أكثر تشبيهات العرب، في وصف الإبل، وشدة سيرها، بالحمر، وعدوها إذا وردت ماء فأحست عليه بقانص...والتعبير بقوله: فَما لَهُمْ ... وما يشبهه قد كثر استعماله في القرآن الكريم، كما في قوله- تعالى-: فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ... والمقصود منه التعجيب من إصرار المخاطبين على باطلهم، أو على معتقد من معتقداتهم.. مع أن الشواهد والبينات تدل على خلاف ذلك.وقال- سبحانه- عَنِ التَّذْكِرَةِ بالتعميم، ليشمل إعراضهم كل شيء يذكرهم بالحق، ويصرفهم عن الباطل.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
أي كأنهم في نفارهم عن الحق وإعراضهم عنه حمر من حمر الوحش.
﴿ تفسير القرطبي ﴾
كأنهم أي كأن هؤلاء الكفار في فرارهم من محمد - صلى الله عليه وسلم - حمر مستنفرة قال ابن عباس : أراد الحمر الوحشية .وقرأ نافع وابن عامر بفتح الفاء ، أي منفرة مذعورة ; واختاره أبو عبيد وأبو حاتم . الباقون بالكسر ، أي نافرة . يقال : نفرت واستنفرت بمعنى ; مثل عجبت واستعجبت ، وسخرت واستسخرت ، وأنشد الفراء :أمسك حمارك إنه مستنفر في إثر أحمرة عمدن لغرب
﴿ تفسير الطبري ﴾
يقول تعالى ذكره: فما لهؤلاء المشركين بالله عن التذكرة معرِضين، مولِّين عنها تولية الحُمُر المستنفرة ( فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ ) .واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( مُسْتَنْفِرَةٌ ) ، فقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة والبصرة بكسر الفاء، وفي قراءة بعض المكيين أيضا بمعنى نافرة (1) .والصواب من القول في ذلك عندنا، أنهما قراءتان معروفتان، صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، وكان الفرّاء يقول: الفتح والكسر في ذلك كثيران في كلام العرب ؛ وأنشد:أمْسِكْ حِمَارَكَ إنَّهُ مُسْتَنْفِرٌفِي إثْرِ أحْمِرَةٍ عَمَدْن لِغُرَّب (2)