القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 57 سورة الزخرف - ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك

سورة الزخرف الآية رقم 57 : سبع تفاسير معتمدة

سورة ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك - عدد الآيات 89 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 57 من سورة الزخرف عدة تفاسير - سورة الزخرف : عدد الآيات 89 - - الصفحة 493 - الجزء 25.

سورة الزخرف الآية رقم 57


﴿ ۞ وَلَمَّا ضُرِبَ ٱبۡنُ مَرۡيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوۡمُكَ مِنۡهُ يَصِدُّونَ ﴾
[ الزخرف: 57]

﴿ التفسير الميسر ﴾

ولما ضرب المشركون عيسى ابن مريم مثلا حين خاصموا محمدا صلى الله عليه وسلم، وحاجُّوه بعبادة النصارى إياه، إذا قومك من ذلك ولأجله يرتفع لهم جَلَبة وضجيج فرحًا وسرورًا، وذلك عندما نزل قوله تعالى {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (21:98)}، وقال المشركون: رضينا أن تكون آلهتنا بمنزلة عيسى، فأنزل الله قوله: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (21:101)}، فالذي يُلْقى في النار من آلهة المشركين من رضي بعبادتهم إياه.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

(ولما ضرب) جعل (ابن مريم مثلا) حين نزل قوله تعالى "" إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم "" فقال المشركون: رضينا أن تكون آلهتنا مع عيسى لأنه عبد من دون الله (إذا قومك) أي المشركون (منه) من المثل (يصدون) يضحكون فرحاً بما سمعوا.

﴿ تفسير السعدي ﴾

يقول تعالى: وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا أي: نهي عن عبادته، وجعلت عبادته بمنزلة عبادة الأصنام والأنداد.
إِذَا قَوْمُكَ المكذبون لك مِنْهُ أي: من أجل هذا المثل المضروب، يَصِدُّونَ أي: يستلجون في خصومتهم لك، ويصيحون، ويزعمون أنهم قد غلبوا في حجتهم، وأفلجوا.


﴿ تفسير البغوي ﴾

( ولما ضرب ابن مريم مثلا ) قال ابن عباس وأكثر المفسرين : إن الآية نزلت في مجادلة عبد الله بن الزبعري مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في شأن عيسى عليه السلام ، لما نزل قوله - عز وجل - : " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم " ( الأنبياء - 98 ) ، وقد ذكرناه في سورة الأنبياء عليهم السلام .
( إذا قومك منه يصدون ) قرأ أهل المدينة والشام والكسائي : " يصدون " بضم الصاد ، أي يعرضون ، نظيره قوله تعالى : " يصدون عنك صدودا " ، ( النساء - 61 ) وقرأ الآخرون بكسر الصاد .
واختلفوا في معناه ، قال الكسائي : هما لغتان مثل يعرشون ويعرشون ، وشد عليه يشد ويشد ، ونم بالحديث ينم وينم .
وقال ابن عباس : معناه يضجون .
وقال سعيد بن المسيب : يصيحون .
وقال الضحاك : يعجون .
وقال قتادة : يجزعون .
وقال القرظي : يضجرون .
ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون يقولون ما يريد محمد منا إلا أن نعبده ونتخذه إلها كما عبدت النصارى عيسى .

﴿ تفسير الوسيط ﴾

ذكر المفسرون في سبب نزول قوله- تعالى-: وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا .
.
.
روايات منها: أنه لما نزل قوله- تعالى-: وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا .
.
.
تعلق المشركون بأمر عيسى وقالوا: ما يريد محمد صلّى الله عليه وسلّم إلا أن نتخذه إلها، كما اتخذت النصارى عيسى ابن مريم فأنزل الله- تعالى- وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا.
.
.
.
وقال الواحدي: أكثر المفسرين على أن هذه الآية، نزلت في مجادلة ابن الزبعرى- قبل أن يسلم- مع النبي صلّى الله عليه وسلّم فإنه لما نزل قوله- تعالى-: إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ.
.
.
.
قال ابن الزبعرى خصمتك- يا محمد- ورب الكعبة.
أليست النصارى يعبدون المسيح، واليهود يعبدون عزيرا، وبنو مليح يعبدون الملائكة؟ فإن كان هؤلاء في النار، فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا في النار؟.
فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ما أجهلك بلغة قومك؟ أما فهمت أن ما لما لا يعقل» ؟.
وفي رواية أنه صلّى الله عليه وسلّم قال له: «إنهم يعبدون الشيطان» وأنزل الله- تعالى-: وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ.
.
.
وكلمة يَصِدُّونَ قرأها الجمهور بكسر الصاد.
وقرأها ابن عامر والكسائي بضم الصاد.
وهما بمعنى واحد.
ومعناهما: يضجون ويصيحون فرحا.
يقال: صد يصد- بكسر الصاد وضمها- بمعنى ضج- كعكف- بضم الكاف وكسرها.
ويرى بعضهم أن يَصِدُّونَ- بكسر الصاد- بمعنى: يضجون ويصيحون ويضحكون .
.
.
وأن يَصِدُّونَ- بضم الصاد- بمعنى يعرضون.
من الصد بمعنى الإعراض عن الحق.
والمعنى: وحين ضرب ابن الزبعرى، عيسى ابن مريم مثلا، وحاجك بعبادة النصارى له، فاجأك قومك- كفار قريش- بسبب هذه المحاجة، بالصياح والضجيج والضحك، فرحا منهم بما قاله ابن الزبعرى، وظنا منهم أنه قد انتصر عليك في الخصومة والمجادلة.
فمن في قوله مِنْهُ الظاهر أنها للسببية، كما في قوله- تعالى-: مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً.
.
.
.
والمراد بالمثل هنا: الحجة والبرهان.
قال الآلوسى: والحجة لما كانت تسير مسير الأمثال شهرة، قيل لها مثل.
أو المثل بمعنى المثال.
أى: جعله مقياسا وشاهدا على إبطال قوله صلّى الله عليه وسلّم: إن آلهتهم من حصب جهنم، وجعل عيسى- عليه السلام- نفسه مثلا من باب: الحج عرفة .

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

يقول تعالى مخبرا عن تعنت قريش في كفرهم وتعمدهم العناد والجدل : ( ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون ) قال غير واحد ، عن ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، والضحاك ، والسدي : يضحكون ، أي : أعجبوا بذلك .وقال قتادة : يجزعون ويضحكون . وقال إبراهيم النخعي : يعرضون .وكان السبب في ذلك ما ذكره محمد بن إسحاق في السيرة حيث قال : وجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - فيما بلغني - يوما مع الوليد بن المغيرة في المسجد ، فجاء النضر بن الحارث حتى جلس معهم ، وفي المجلس غير واحد من رجال قريش ، فتكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعرض له النضر بن الحارث ، فكلمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أفحمه ، ثم تلا عليه وعليهم : ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ) الآيات [ الأنبياء : 98 ] . ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأقبل عبد الله بن الزبعرى التميمي حتى جلس ، فقال الوليد بن المغيرة له : والله ما قام النضر بن الحارث لابن عبد المطلب وما قعد ، وقد زعم محمد أنا وما نعبد من آلهتنا هذه حصب جهنم ، فقال عبد الله بن الزبعرى : أما والله لو وجدته لخصمته ، سلوا محمدا : أكل ما يعبد من دون الله في جهنم مع من عبده ، فنحن نعبد الملائكة ، واليهود تعبد عزيرا ، والنصارى تعبد المسيح [ عيسى ] ابن مريم ؟ فعجب الوليد ومن كان معه في المجلس من قول عبد الله بن الزبعرى ، ورأوا أنه قد احتج وخاصم ، فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " كل من أحب أن يعبد من دون الله ، فهو مع من عبده ، فإنهم إنما يعبدون الشيطان ومن أمرهم بعبادته " فأنزل الله عز وجل : ( إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ) [ الأنبياء : 101 ] أي : عيسى وعزير ومن عبد معهما من الأحبار والرهبان الذين مضوا على طاعة الله ، عز وجل ، فاتخذهم من يعبدهم من أهل الضلالة أربابا من دون الله . ونزل فيما يذكرون أنهم يعبدون الملائكة وأنهم بنات الله : ( وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون ) الآيات [ الأنبياء : 26 ] ، ونزل فيما يذكر من أمر عيسى وأنه يعبد من دون الله . وعجب الوليد ومن حضره من حجته وخصومته : ( ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون ) أي : يصدون عن أمرك بذلك من قوله . ثم ذكر عيسى فقال : ( إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون وإنه لعلم للساعة ) أي : ما وضعت على يديه من الآيات من إحياء الموتى وإبراء الأسقام ، فكفى به دليلا على علم الساعة ، يقول : ( فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم ) .وذكر ابن جرير من رواية العوفي ، عن ابن عباس قوله : ( ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون ) قال : يعني قريشا ، لما قيل لهم : ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ) [ الأنبياء : 98 ] إلى آخر الآيات ، فقالت له قريش : فما ابن مريم ؟ قال : " ذاك عبد الله ورسوله " . فقالوا : والله ما يريد هذا إلا أن نتخذه ربا ، كما اتخذت النصارى عيسى ابن مريم ربا ، فقال الله تعالى ( ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون ) .وقال الإمام أحمد : حدثنا هاشم بن القاسم ، حدثنا شيبان ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن أبي رزين ، عن أبي يحيى - مولى ابن عقيل الأنصاري - قال : قال ابن عباس : لقد علمت آية من القرآن ما سألني عنها رجل قط ، فما أدري أعلمها الناس فلم يسألوا عنها ، أم لم يفطنوا لها فيسألوا عنها . قال : ثم طفق يحدثنا ، فلما قام تلاومنا ألا نكون سألناه عنها . فقلت : أنا لها إذا راح غدا . فلما راح الغد قلت : يا ابن عباس ، ذكرت أمس أن آية من القرآن لم يسألك عنها رجل قط ، فلا تدري أعلمها الناس أم لم يفطنوا لها ؟ فقلت : أخبرني عنها وعن اللاتي قرأت قبلها . قال : نعم ، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لقريش : " يا معشر قريش ، إنه ليس أحد يعبد من دون الله فيه خير " ، وقد علمت قريش أن النصارى تعبد عيسى ابن مريم ، وما تقول في محمد ، فقالوا : يا محمد ، ألست تزعم أن عيسى كان نبيا وعبدا من عباد الله صالحا ، فإن كنت صادقا ، كان آلهتهم كما تقولون ؟ ! قال : فأنزل الله : ( ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون ) . قلت : ما يصدون ؟ قال : يضحكون ، ( وإنه لعلم للساعة ) قال : هو خروج عيسى ابن مريم قبل القيامة .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن يعقوب الدمشقي ، حدثنا آدم ، حدثنا شيبان ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن أبي أحمد مولى الأنصار ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا معشر قريش ، إنه ليس أحد يعبد من دون الله فيه خير " . فقالوا له : ألست تزعم أن عيسى كان نبيا وعبدا من عباد الله صالحا ، فقد كان يعبد من دون الله ؟ فأنزل الله عز وجل : ( ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون ) .وقال مجاهد في قوله : ( ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون ) : قالت قريش : إنما يريد محمد أن نعبده كما عبد قوم عيسى عيسى . ونحو هذا قال قتادة .

﴿ تفسير القرطبي ﴾

قوله تعالى : ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون .
لما قال تعالى : واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون تعلق المشركون بأمر عيسى وقالوا : ما يريد محمد إلا أن نتخذه إلها كما اتخذت النصارى عيسى ابن مريم إلها ، قال قتادة .
ونحوه عن مجاهد قال : إن قريشا قالت : إن محمدا يريد أن نعبده كما عبد قوم عيسى عيسى ، فأنزل الله هذه الآية .
وقال ابن عباس : أراد به مناظرة عبد الله بن الزبعرى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في شأن عيسى ، وأن الضارب لهذا المثل هو عبد الله بن الزبعرى السهمي حالة كفره لما قالت له قريش إن محمدا يتلو : إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم الآية ، فقال : لو حضرته لرددت عليه ، قالوا : وما كنت تقول له ؟ قال : كنت أقول له هذا المسيح تعبده النصارى ، واليهود تعبد عزيرا ، أفهما من حصب جهنم ؟ فعجبت قريش من مقالته ورأوا أنه قد خصم ، وذلك معنى قوله : يصدون فأنزل الله تعالى : إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون .
ولو تأمل ابن الزبعرى الآية ما اعترض عليها ; لأنه قال : وما تعبدون ولم يقل ومن تعبدون وإنما أراد الأصنام ونحوها مما لا يعقل ، ولم يرد المسيح ولا الملائكة وإن كانوا معبودين .
وقد مضى هذا في آخر سورة ( الأنبياء ) وروى ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لقريش : يا معشر قريش لا خير في أحد يعبد من دون الله .
قالوا : أليس تزعم أن عيسى كان عبدا نبيا وعبدا صالحا ، فإن كان كما تزعم فقد كان يعبد من دون الله! .
فأنزل الله تعالى : ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون أي : يضجون كضجيج الإبل عند حمل الأثقال .
وقرأ نافع وابن عامر والكسائي ( يصدون ) ( بضم الصاد ) ومعناه يعرضون ، قاله النخعي ، وكسر الباقون .
قال الكسائي : هما لغتان ، مثل يعرشون ويعرشون وينمون وينمون ، ومعناه يضجون .
قال الجوهري : وصد يصد صديدا ، أي : ضج .
وقيل : إنه بالضم من الصدود وهو الإعراض ، وبالكسر من الضجيج ، قاله قطرب .
قال أبو عبيد : لو كانت من الصدود عن الحق لكانت : إذا قومك عنه يصدون .
الفراء : هما سواء ، منه وعنه .
ابن المسيب : يصدون يضجون .
الضحاك يعجون .
ابن عباس : يضحكون .
أبو عبيدة : من ضم فمعناه يعدلون ، فيكون المعنى : من أجل الميل يعدلون .
ولا يعدى ( يصدون ) بمن ، ومن كسر فمعناه يضجون ، ف ( من ) متصلة ب ( يصدون ) والمعنى يضجون منه .

﴿ تفسير الطبري ﴾

وقوله: ( وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلا ) يقول تعالى ذكره: ولما شبه الله عيسى في إحداثه وإنشائه إياه من غير فحل بآدم, فمثله به بأنه خلقه من تراب من غير فحل, إذا قومك يا محمد من ذلك يضجون ويقولون: ما يريد محمد منا إلا أن نتخذه إلها نعبده, كما عبدت النصارى المسيح.
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك, فقال بعضهم بنحو الذي قلنا فيه.
* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو, قال ثنا أبو عاصم, قال ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله عزّ وجلّ: ( إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) قال: يضجون; قال: قالت قريش: إنما يريد محمد أن نعبده كما عبد قوم عيسى عيسى.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, قال: لما ذُكر عيسى ابن مريم جزعت قريش من ذلك, وقالوا: يا محمد ما ذكرت عيسى ابن مريم (1) وقالوا: ما يريد محمد إلا أن نصنع به كما صنعت النصارى بعيسى ابن مريم, فقال الله عزّ وجلّ: مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلا جَدَلا .
حدثنا بشر, قال ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قال: لما ذكر عيسى في القرآن قال مشركو قريش: يا محمد ما أردت إلى ذكر عيسى؟ قال: وقالوا: إنما يريد أن نحبه كما أحبَّت النصارى عيسى.
وقال آخرون: بل عنى بذلك قول الله عزّ وجلّ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ قيل المشركين عند نزولها: قد رضينا بأن تكون آلهتنا مع عيسى وعُزَير والملائكة, لأن كل هؤلاء مما يعبد من دون الله, قال الله عزّ وجلّ: ( وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) وقالوا: أآلهتنا خير أم هو؟.
* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد, ثنا أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: ( وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) قال: يعني قريشا لما قيل لهم إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ فقالت له قريش: فما ابن مريم؟ قال: ذاك عبد الله ورسوله, فقالوا: والله ما يريد هذا إلا أن نتخذه ربا كما اتخذت النصارى عيسى ابن مريم ربا, فقال الله عزّ وجلّ: مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلا جَدَلا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ .
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( يَصُدُّونَ ) فقرأته عامة قرّاء المدينة, وجماعة من قرّاء الكوفة: " يصُدُّونَ" بضم الصاد.
وقرأ ذلك بعض قرّاء الكوفة والبصرة ( يَصُدُّونَ ) بكسر الصاد.
واختلف أهل العلم بكلام العرب في فرق ما بين ذلك إذا قُرئ بضم الصاد, وإذا قُرئ بكسرها, فقال بعض نحوييّ البصرة, ووافقه عليه بعض الكوفيين: هما لغتان بمعنى واحد, مثل يشُدّ ويشِدّ, ويَنُمُّ ويَنِمّ من النميمة.
وقال آخر: منهم من كسر الصاد فمجازها يضجون, ومن ضمها فمجازها يعدلون.
وقال بعض من كسرها: فإنه أراد يضجون, ومن ضمها فإنه أراد الصدود عن الحقّ.
وحُدثت عن الفرّاء قال: ثني أبو بكر بن عياش, أن عاصما ترك يصدّون من قراءة أبي عبد الرحمن, وقرأ يصدّون, قال: قال أبو بكر.
حدثني عاصم, عن أبي رزين, عن أبي يحيى, أن ابن عباس لقي ابن أخي عبيد بن عمير, فقال: إن عمك لعربيّ, فما له يُلحن في قوله: " إذَا قُومُكَ مِنْهُ يَصُدُّونَ", وإنما هي ( يَصُدُّونَ ).
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان, ولغتان مشهورتان بمعنى واحد, ولم نجد أهل التأويل فرقوا بين معنى ذلك إذا قرئ بالضم والكسر, ولو كان مختلفا معناه, لقد كان الاختلاف في تأويله بين أهله موجودا وجود اختلاف القراءة فيه باختلاف اللغتين, ولكن لما لم يكن مختلف المعنى لم يختلفوا في أن تأويله: يضجون ويجزعون, فبأي القراءتين قرأ القارئ فمصيب.
* ذكر ما قلنا في تأويل ذلك:حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: ( إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) قال: يضجون.
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس ( إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) يقول: يضجون.
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا يحيى بن واضح, قال: ثنا أبو حمزة, عن المُغيرة الضبيّ, عن الصعب بن عثمان قال: كان ابن عباس يقرأ ( إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ), وكان يفسرها يقول: يضجون.
ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن عاصم, عن أبي رزين, عن ابن عباس ( إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) قال: يضجون.
حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا ابن أبي عدي, عن شعبة عن عاصم عن أبي رزين, عن ابن عباس بمثله.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح عن مجاهد, في قول الله عزّ وجلّ: ( إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) قال: يضجون.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) : أي يجزعون ويضجون.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن عاصم بن أبي النجود, عن أبي صالح, عن ابن عباس أنه قرأها( يَصُدُّونَ ) : أي يضجون, وقرأ عليّ رضي الله عنه ( يَصُدُّونَ ).
حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول, في قوله: ( إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) قال: يضجون.
حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) قال: يضجون.
------------------------الهوامش:(1) كذا في الأصل ، ولم يتم الكلام ؛ ولعله اكتفى بدلالة ما بعده عليه .

﴿ ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون ﴾

قراءة سورة الزخرف

المصدر : تفسير : ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك