قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ أي: الرؤساء الأغنياء المتبوعون الذين قد جرت العادة باستكبارهم على الحق، وعدم انقيادهم للرسل، إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ فلم يكفهم - قبحهم اللّه - أنهم لم ينقادوا له، بل استكبروا عن الانقياد له، وقدحوا فيه أعظم قدح، ونسبوه إلى الضلال، ولم يكتفوا بمجرد الضلال حتى جعلوه ضلالا مبينا واضحا لكل أحد.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( قال الملأ من قومه إنا لنراك في ضلال ) خطأ وزوال عن الحق ، ( مبين ) بين .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
لقد ردوا عليه ردا سقيما حكاه القرآن في قوله: قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ.الملأ: الأشراف والسادة من القوم. سموا بذلك لأنهم يملؤون العيون مهابة. وقيل: هم الرجال ليس فيهم نساء. والملأ: اسم جمع لا واحد له من لفظه: كرهط.والجملة الكريمة مستأنفة، كأنه قيل فماذا قالوا له؟ فقيل: قال الملأ ... إلخ والرؤية هنا قلبية ومفعولاها الضمير والظرف، وقيل: بصرية فيكون الظرف في موضع الحال. أى: قال الأشراف من قوم نوح له عند ما دعاهم إلى وحدانية الله: إنا لنراك بأمرك لنا بعبادة الله وحده وترك آلهتنا في انحراف بين عن طريق الحق والرشاد.يقال: ضل الطريق يضل وضل عنه ضلالا وضلالة، أى زل عنه فلم يهتد إليه، وجعلوا الضلال ظرفا له فِي ضَلالٍ مُبِينٍ مبالغة في وصفهم له بذلك وزادوا في المبالغة بأن أكدوا ذلك بالجملة المصدرة بإن ولام التأكيد.ورحم الله ابن كثير فقد قال عند تفسيره لهذه الآية. وهكذا حال الفجار، إنما يرون الأبرار في ضلالة، كقوله- تعالى-: وَإِذا رَأَوْهُمْ قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ .وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ، وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ إلى غير ذلك من الآيات .
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
( قال الملأ من قومه ) أي : الجمهور والسادة والقادة والكبراء منهم : ( إنا لنراك في ضلال مبين ) أي : في دعوتك إيانا إلى ترك عبادة هذه الأصنام التي وجدنا عليها آباءنا . وهكذا حال الفجار إنما يرون الأبرار في ضلالة ، كما قال تعالى : ( وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون ) [ المطففين : 32 ] ، ( وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم ) [ الأحقاف : 11 ] إلى غير ذلك من الآيات .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى قال الملأ من قومه إنا لنراك في ضلال مبينالملأ أشراف القوم ورؤساؤهم . وقد تقدم في " البقرة "
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله : قَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (60)قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله جل ثناؤه، عن جواب مشركي قوم نوح لنوح، وهم " الملأ " = و " الملأ "، الجماعة من الرجال، لا امرأة فيهم (10) = أنهم قالوا له حين دعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له: " إنا لنراك " ، يا نوح =" في ضلال مبين " ، (11) يعنون في أمر زائل عن الحق، مبين زوالهُ عن قصد الحقّ لمن تأمله. (12)------------------الهوامش :(10) انظر تفسير"الملأ" فيما سلف 5: 291 ، وقد فسره هناك بما فسرته كتب اللغة ، أنهم وجوه القوم ورؤساؤهم وأشرافهم. وأما التفسير الذي هنا ، فلم يرد فيها ، وهو شيء ينبغي أن يقيد. وهذا نص الفراء في معاني القرآن 1: 383.(11) انظر تفسير"الضلال" و"مبين" فيما سلف من فهارس اللغة (ضلل) و (بين).(12) في المطبوعة: "عن قصد الحد" ، وهو لا معنى له ، وهي في المخطوطة سيئة الكتابة ، وهذا صواب قراءتها. وانظر تفسير الآية التالية.